رسالة سنوية تسطع من أضواء مسرحنا عراقياً بهياً بيوم العالمي للمسرح 2020.. إنها رسالة مسرحي عراقي عايش ظروفاً كانت يوما تجابه مشكلات وباتت اليوم تجابه مركب تعقيدات أخرى فضلا عن سابقاتها لكن العزيمة والإصرار وتمسك المسرح العراقي بعمومه وكلية حاملي رسائله، تمسكه بمنظومة قيمه الجمالية الفكرية، حيث تمدين معاني الولادة وحيث نبعه الآتي من حضارة هي مهد التراث الإنساني قد خلق فرص توكيد النجاح ونجاعة البديل في خطاب ثقافته تنويراً وفعل مهامه تغييرا وبناء للإنسان ومنجزه تعبيراً .. إنها أنسنة الوجود وإبداع أسس الخلود.. تحايا لمسرحيينا نسوة ورجالا ولرسائلهنّ ورسائلهم طريق حرية وتقدم وسلام
كلمتي السنوية تحمل تحايا وتهانٍ متفائلة بالغد الآتي لعموم شعبنا ولمسرحيينا يساهمون بقدرات إبداعهم في مسيرة التنوير والتغيير.. إن كل الهموم وباتساع الغمة التي تحاول فرضها لن تثني العزائم ولن تعرقل مسار الانتصار للتمدن ولخطاب التقدم والسلام لنصل لكرنفالات الفرح والمسرة وفتح بوابات مسارحنا في القرى والمدن والقصبات وتسطع الأضواء بهية في عالمنا الجديد الآتي ومهما ادلهمت فإن الآتي أجمل وسنحتفل قريبا بانتصار الإنسانية على ما يجابهها اليوم من أوبئة وكوارث وعلى ما يجابه شعبنا من قوى التخلف والظلام ومنطق الخرافة إذ سيعلو صوت الإنسان حرا أبيا كريما فمرحى وإليكم كلمتي بعيدنا عيد المتمدنين هم فقراء الشعب وقد ثاروا اليوم وسطعت شموس ثورتهم حرية وانعتاقا من سطوة البلطجية وقمعهم |
يبقى مسرحنا بجمالياته منجز ثقافة وطنية الهوى إنسانية الهوية. وأياً كانت التحديات المستجدة، فالشعب متمسك بمبدعاته ومبدعيه وبمنصته البهية… لقد أدرك المسرح العراقي معاني أن تحمل رسالتُهُ العراقة والانتماء للحضارة السومرية ومنجز المدنية فيها؛ حيث سطعت إبداعات السومري وحضارته بأولى تباشير أكيتو وبناء مسرحه الخالد، فحمل الرسالة ومعانيها في التمدن الذي استهدف أنسنة وجودنا بممرات تحقق السلام والتضامن الأممي أرضية للإبداع…
وإذ يجمع المسرحي العراقي بين علامات رسالته وشواهدها الحضارية البعيدة والقريبة فإنّه يؤكد غنى تجاريبه جمالياً مضمونياً.. مثلما يؤكد استمرار عطائه على الرغم من محاولات قطعه عن الجذور بالاستناد إلى اجترار ظلاميات التخلف ومنطق الخرافة وتهديدها المباشر للعقل البشري ومنظومة قيمه التنويرية! لكن بالمقابل يصر مسرحنا عراقيا وعالمياً على التمسك بتلك المنظومة الحضارية وتمدينها سبباً وسراً خالداً لأنسنة وجودنا واحتفاله بجماليات الفرح والمسرة ومعطياتها الإبداعية المتجددة في عصرنا..
وإذ نستذكر سنوياً حجم المعاناة بمساريها، من تحديات هي من طبيعة الإبداع نفسه وتلك الأخرى التي تعرقل وتحاول قمعه من خارجها تلك المتأتية من قوى ظلامية معادية للمسرح، فإننا نجدد في كل عام الاحتفال بمنجز مسرحيينا ونحتفي بنجاحات بالتحدي والعزيمة وألق الإنجاز المنبعث سطوع شموس لمبدعاتنا ومبدعينا..
اليوم، نعيش حقيقة ثورة شعبية للتجديد في عراق سطت عليه كراديس ظلامية وبلطجة ميليشياتها القمعية، تلك التي هاجمت منتديات الإبداع وأغلقت دور العرض المسرحي طوال الـسبع عشرة سنة عجافاً.. وهي ثورة أثبتت بالفعل والمنجز أنها تأتي بالتنوير بقصد التغيير فوظفَّت من بين ما وظفته عروضاً مسرحية جسدت اشتغال العقل العراقي بروح خلاق مبدع في منظومة قيمه وفيما يسعى إليه من استعادة وطن هو بيت العراقيات والعراقيين ومنصة مسرحه وفضائه البهي الواعد بالتمدن ومنطق العقل العلمي ومنهجه يدحر جرائم القمع ومحاولات الحجر على حركة التنوير العلمانية الديموقراطية..
إننا نسجل بالعرفان تضحيات فنانينا مبدعينا في المسرح ومعالجاته عراقيا عالميا ونؤكد تضامننا الأعمق والأشمل مع جهود تصر على الاستمرار والتقدم والعمل المثابر لإزالة ما يعرقل ويثبّط ونرى أن مساهمات بهية كانت وتبقى وإن كانت مجرد ومضات سببا لإدامة الحيوية والحياة في مسرحنا..
وعلى الرغم من الغمة الكارثية التي تصيب عالمنا اليوم وتمر به مرور عاصفة أو إعصار خطير إلا أن مبدعات المسرح ومبدعيه يقدمون مساهمات تمتلك كل الأثر الروحي المميز عند المتلقي عالميا وعراقيا…
لقد برهنت الوقائع أن المسرح يبقى ميدان الفعل الأبهى في بناء الإنسان الجديد وفي الاحتفال به جمعيا بالمعنى الذي يحمل رسالتي الحضارة والتمدين ومن ثم أنوار العقل العلمي ليسطع مزيحا دياجير الظلمة والتخلف…
إن قوى تريد تمكين الخرافة وطقوسها من الوجود البشري تعرف كيف كان المسرح منطلقا لثورات شعبية مستنيرة ساطعة ولهذا تصر بعجرفة على إدامة إغلاق دور المسرح، هروبا من أية فرصة للقاء المسرح وجمهوره العريض ومنعا لولادة المتفرج بمعنى المتمدن المتحضر الذي يرى في المسرح لا إطلالة نزهة وتزجية وقت عابرة بل حاجة روحية بنيوية مكينة تزيح عنه غبار زمنه وأحماله لتحل طاقة بنَّاءة للعطاء والأنسنة والقيم السامية الفاعلة خيراً …
من هنا، فإن انتصار الثورة الشعبية العراقية سيكون انتصاراً للمسرح العراقي، وانتشاراً بهياً لرسائله المركبة التي تجمع ملامح مهد التراث الإنساني وسومر في منجزها الحضاري مع طاقات التجدد العراقي الحديث في زمن العمل المثابر لتأسيس دولة عراقية ووجود مدني يقوم على علمنة النهج ودمقرطة الحياة والتقدم بهما إلى حيث الإنسان المبدع الخلاق..
ومن أجل ذلك فإنّ مسرحيي العراق سعون اليوم بالتضافر مع جهود العراقيات والعراقيين جميعا وكافة إلى الآتي:
- استعادة الحريات العامة وجوهرها حرية الإبداع بوقف مجازر التصفية والاغتيال وعقبات الإقصاء والاستلاب الكأداء…
- تعزيز الجهود المنظمة لمسرحيينا بإستعادة مكان المركز العراقي للمسرح ومكانته وإعادة صلاته عالميا وإقليميا وتفعيلهما.. وتمكين اتحاد مسرحي فاعل وروابط تخصصية للممثل ولنقاد المسرح ولكل بُناة العملية المسرحية من الاشتغال الإبداعي الجمالي الفعلي الحقيقي…
- استعادة إقامة الاحتفاليات ومهرجانات الإبداع ومناسباته، احتفاء وتكريما وعناية برائداتنا وروادنا وحركة التجديد عندهما.. ونحن بالمناسبة نؤكد أن أوسمة وكرنفالات المسرح العراقي ستحيي أسماء زينب والشبلي وجلال والعبودي والعاني وعبدالحميد لتطوق رقاب مبدعي المسرح قريبا..
- كما يواصل المسرحيون العراقيون سعيهم من أجل تحقيق المبادرة الفعلية بكتابة مشاريع قوانين تعالج أوضاع المسرحيين وعرضها على (سلطات التشريع) الآتية لسنِّها ودفعها إلى سلطات تنفيذية هي جميعها من صنع الشعب لتطبيقها استجابة لإرادة التنوير والتغيير الأشمل والأعمق..
- ولابد لنا في هذا العيد الذي يمرّ وهو يئن من التوتر المحلي الوطني والعالمي للظرف التي أشرنا إليها، أن نؤكد على توجهنا لتأسيس صحافة ورقية وألكترونية مسرحية ودوريات بحثية علمية متخصصة في الجامعات والمعاهد العلمية مع تعزيز أعمال التوثيق والنشر بسلاسل لمسرحياتنا التراثية والحديثة..
- ونضع العهد بأننا سنثابر من أجل إنشاء هيآت أكاديمية وطنية ومحلية مختصة فضلا عن العمل المشترك للدفع باتجاه تلك المؤسسات الإقليمية والعالمية.
- ونحن على العهد في مساعينا الثابتة، من أجل توفير فرص العيش الكريم لمسرحيينا..
- نتابع بإصرار أيضاً، مهامنا في العناية بمسرحيينا في المهجر وتخصيص يوم للمسرح العراقي المهجري حيث يدعى إليه مسرحيونا للاحتفال في أروقة مسرحنا ببغداد وأربيل وبقية محافظات الوطن البهية..
- إننا نؤكد هذا العام مجدداً على أهمية وجدية العناية بمسرحنا بلغات الوطن وشعبه: العربية والكوردية والكلدانية الآشورية السريانية والتركمانية والأرمنية وبجوهر خطاب مسرحي تنويري معرّف لدى جمهوره المتنوع.
نحيي مبدعاتنا ومبدعينا في مسرح عراقي أصيل متمسك بخطى التنوير ومسيرة التغيير التي تشيع برحابة وسطوع منظومة قيمية سامية نبيلة في ظل نظام دولة علمانية ديموقراطية يهمها بالمقام الأول بناء الإنسان حيث أدوار الثقافة وخطابها وجوهر فعل مسرحي إبداعي يتقدم صفوف إبداع رسائل جمالية مضمونية بهية..
هنيئاً لكُنَّ ولكم العيد وتحايا باسمم مسرحنا لا يكلّ ولا يملّ من متابعة الخطى تنتصر للتنوير والتغيير ومعا وسويا في طريق الإبداع والجمال وتوكيد خطى التسامح والسلام ومنظومتها الجمالية الفكرية الأنجع والأقرب للانتصار مزيحة آثار أعاصير الهمجية لتأتي فضاءات ربيع إنساني ومنصات مسرح كرنفالي من صنع الإنسان متحررا مشرق الثقافة غنيّها وبهيها…
الرسالة السنوية لمسرحيي العراق في اليوم العالمي للمسرح2017 وفيها إطلالة على رسائل سنوية سابقة
الانتقال إلى صفحة كتابات مسرحية لأستاذ الأدب المسرحي الدكتور تيسير الآلوسي
*****************************************************************************
اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/
للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي
https://www.somerian-slates.com/2016/10/19/3752/