كتبت الناشطة الحقوقية الشاعرة راهبة الخميسي بحرقة قلب وصوت ضمير حي هذه الكلمات في فاجعة عبارة الموت العراقية في الموصل… فلنقرأ عسى تصحو ضمائر نائمة أو تلك التي تمرر الجريمة بدم بارد وكأنها قضاء وقدر أولئك الأبرياء! إن المجرم هو (نظام طافي كليبتوقراطي) مفسد وفساده وما يقع على الناس هو الجريمة الإرهابية التي تطحن بالناس الأبرياء.. والصحيح أن نقول: كفى ونحققها بإرادة الشعب… فلنقرأ مع العزيزة الخميسي صوت الثكالى لا بكاء بل تفاعلا قويا يتحدى الاستسلام للطحن والتقتيل.. كفى عالية الصوت والأثر والفعل
الاستهتار بأرواح الناس هو قمة الارهاب
يأتي حادث العبارة المأساوي المفجع، بعد يوم واحد من تنبيه وزارة الموارد المائية للمواطنين الى ضرورة الانتباه، إثر فتح بوابات سد الموصل (شمال المدينة) بسبب زيادة الخزين.
اين هو تطبيق التعليمات الصادرة بشأن تنفيذ قانون استغلال الشواطئ رقم 59 لسنة 1987؟
ان مسببات الموت الرخيص اصبحت بالمئات في عراق الظلم والجريمة.
1700 بريء في كارثة سبايكر، قتل الاف الابرياء بالتفجيرات اللئيمة المستمرة، قتل الالاف على ايادي الارهابيين والدواعش، مئات الضحايا بفاجعة الكرادة التي صبغت فيها الدماء ملابس العيد، الف شهيد بكارثة جسر الأئمة التي شاع انها حدثت بسبب التدافع بالسير من اجل الزيارة، ضحايا المرقدين العسكريين، قتل المئات في مجزرة كنيسة النجاة، مسلسل قتل مئات الايزيديين بشتى الوسائل، حوادث الحرائق بذرائع التماس الكهربائي، ضحايا العنف المستمرة، الابادات الجماعية، وغيرها من الكوارث الموجعة التي لاتعد.
عشرات ومئات الحوادث واغلبها يمر ويطوى ملفه!
واليوم تأتي هذه الجريمة البشعة الاضافية التي راح ضحيتها وحسب ما وصل عددهم الى الان 100 من الرجال والنساء والاطفال، انتزعت ارواحهم بهذا الحادث المريع، قرابيناً لنوروز الذي تجمعوا بفرح من اجل الاحتفال به!
فهل سيتم كشف السواد عن وجوه المجرمين؟
ومن هو المتعهد والمستثمر لهذه الجزيرة؟
فمنذ صباح يوم الحادث، يقال ان مدير سد الموصل قد اتصل به، واخبره ان كميات المياه تسببت بضغط كبير فوق المستوى الطبيعي، والوضع بتزايد طردي، (وممنوع لزورق او عبارة او بلم او شخص سابح)، ممنوع ان يدخل المياه بهذه المنطقة لانه سيتعرض لكارثة…إذن لماذا سارت العبارة بالمساكين؟
يوجد في العراق اكثر من عشرين جهاز رقابة، ماذا كان دورها؟
الم يكن الواجب تبليغ كل المرافق، وحتى الصيادين بالحذر والاحتياط؟
ان المشرف على العبارة يعرف مدى تحملها ويعرف مدى استيعابها، ولخطورة الموقف،كان يجب عليه ان يمنع بيع تذاكر اكثر من العدد المقرر حتى لو كانت مناسيب المياه معتدلة وبدون تحذير،
.انه الاستهتار بحياة العراقيين، حتى وان كان العدد شخص واحد فقط.
ثم هل يعقل ان بلداً غنياً مثل العراق يستخدم مايسمى بالعبارة، وهي الوسيلة القديمة التي عفا عليها الزمن؟
وأي حبل هذا الذي انقطع وتسبب بالكارثة؟ الم يكن من الواجب فحص كل ذلك مسبقاً( شروط الصيانة والامان)؟
وهل سينتظر العراق بالايام المقبلة خبراً جديداً ان الطيارة الفلانية قد وقعت بركابها لان حمولتها كانت اكثر من طاقة تحملها؟
من هو المتعهد والمستثمر لهذه الجزيرة؟من اي قيادة هو؟ من اي جنسية هو؟
ومن هو المسؤول عن هذه العبارة الذي يعلم ان حمولتها القصوى هي 48 شخصاً فقط؛ وهذا يؤشر ان حوالي 150 ضحية لقت حتفها بالحادث، من مجموع 200 مواطن.
فهل يكفي ان يقال عنه انه مستهتر ابن مستهتر؟
اين كانت فرق الانقاذ خلال وقت الحادث؟ اين ادوات الانقاذ؟ اين زوارق الانقاذ الملحقة للطوارئ؟ اين الحراسة؟
واين الاجراءات الموجبة ؟
هل يكفي ان تصل طائرة الهيليكوبتر بعد ان تحل الفاجعة؟
وماهو عقاب المهملين بسبب استهتارهم بارواح العراقيين، وهل ان حيوات العراقيين لاتساوي شيئاً لهذه الدرجة؟
هل هي طريقة خبيثة لتبييض اموال الحرام المسروقة من اجل الارباح وواردات الجزيرة للحرامية؟
ان لم يكن عملاً ارهابياً مقصوداً لاغراق هذا العدد من الناس، فهو اهمال وفساد!
فهل سيُحكَم المهملون المسؤولون عن هذه الكارثة بالاعدام؟
لقد انقلبت الفضائيات وتسخرت الاخبار اسابيعاً طويلة لحادث قتل شخص واحد من احدى الدول قبل اسابيع.
فماذا عن جريمة موت 100 عراقي بريء ؟؟
واخيراً ماذا تعمل الحكومات اكثر حتى يخرج ابناء الشعب كله في الشوارع ليرفع لافتات لاسقاطها؟
يا عديمو الضمائر، إن الاستهتار بحياة الناس هو قمة الارهاب.
راهبة الخميسي
22/3/2019