تصريح باسم المرصد السومري يؤكد ثقافة التنوع ووحدة المجتمع ضد محاولات التخندقات التي تقع بها بعض التفاعلات ويؤكد على أهمية تكاتف الجهود وتعاضدها ضد منطق العنف والكراهية وإعلاء منطق التمسك باحترام الآخر وحرياته وحقوقه بروح المساواة ومبادئ الأنسنة والتعايش السلمي… إن اللحظات الملتهبة ليست للتسويق السياسي وإن وجدها أصحاب الخطاب الشعبوي أو اليميني المتشدد ، فرصة لذاك التسويق حيث التخندقات الانقاسمية القائمة على التمييز والعنصرية والكراهية وإثارة نعرات العداءإن تلك اللحظات هي التي عبر ويعبر التنويريون بأنها لحظات تلاحم ووحدة لدعم الضحايا ومساندتهم ضد المصائب وهولها وصدماتها.. هنا علا ويعلو صوت وحدة المجتمعات القائمة على احترام التنوع.. نجدون نص التصريح في أدناه الذي تناول وعالج فيه رئيس المرصد د. الآلوسي الجريمة الإرهابية المروعة التي حدثت في نيوزيلندا
في استهداف جديد، للإنسان وتطلعاته في العيش الحر الكريم، ارتكب متشددٌ آخر جريمة إرهابية بكل مقاييسها؛ ونحن في إطار مهامنا الحقوقية نرى أنّ جريمة كرايست تشيرش بنيوزيلندا قد أكدت، كما كل جرائم الإرهاب، أنها لم تأتِ من فراغٍ أو من معتوه عابر سبيل! بل وقف وراءها ظاهرة انتشار (خطاب الكراهية) وتعقيداته بين الفعل ورد الفعل التي يريد اختلاقها من يقسم البشرية ويمارس خطاب التمييز العنصري من جهة وازدراء الآخر بدل مبادلته الاحترام والتمسك بثقافة التنوع..
إن تلك الجريمة وجميع جرائم الإرهاب باختلاف مرتكبيها إنما تظل محاصرة بدائرة ضيقة من عناصر التشدد والتطرف من حاملي خطاب فاشي عنصري متضخم بمنطق العنف وفلسفته بخلاف الموقف الشعبي الواسع للمتمسكين بالتعايش واحترام الآخر وثقافة التنوع التي أثبتتها الشعوب واليوم أكدها موقف عريض لشعب نيوزيلندا بتفاعله مع الجريمة على أنها عدوان عليه وهي ليست حصراً بهوية من هويات مواطني البلاد..
ونحن إذ نحمل مهام الدفاع عن الحقوق والحريات نحيي كل المواقف الإنسانية السامية في التضامن مع ضحايا الجريمة الإرهابية وعوائلهم على أنهم جزءٌ حي من المجتمع وإن تنوعت الخلفيات الدينية على أساس ضمان حرية الاعتقاد وممارسة الطقوس باختلافها في إطار احترام القانون والخضوع له بالتساوي والعدل..
إننا نشارك شعب نيوزيلندا وشعوب العالم وقواه التنويرية في رفض محاولات توصيف الجريمة بإطار الإسلاموفوبيا بـ(صيغة) تساهم في فصل أتباع الديانة المسلمة وعزلهم عن مجتمعاتهم أو تشوّه العلاقة الوطيدة والانتماء للمجتمعات، انتماءً بصورة تقوم على احترام التنوع من جهة واحترام القانون ولوائح حقوق الإنسان وحماية الحريات..
إنّ العنصريةَ والتشدد والتطرف هي عدوة المجتمع الإنساني برمته وهي عدوة السلم الأهلي بمختلف المجتمعات وإن تمظهرت مرة ضد هذه الفئة وأخرى ضد فئة ثانية. إنها فلسفة تقوم على توجيه سهام العنف ومتفجراته ضد الوجود الإنساني وتنوع هوياته..
وفي ضوء هذا التوجه الفكري الإنساني السامي، نجد أن إشاعة خطاب التسامح والإخاء وقبول التعددية والتنوع واحترام الآخر بإطار يكفل المساواة والعدل هو الرد الأنجع على تلك الجرائم من جهة وهو المقدمة لمعالجة ظواهر الاتجاهات الشعبوية المعادية لوحدة مصائر المجتمع الإنساني بتنوعات وجوده..
كما أن ذلك يفرض علينا الابتعاد عن الانزلاق نحو تقسيم المجتمعات والشعوب بخلفية الانتماء الديني، المذهبي، الفكري السياسي و\أو بأي لون أو سبب جاء التنوع؛ وفرق كبير بين التنوع الذي يدعو للوحدة والتعاضد والتكافل التضامني وبين التقسيمات الخلافية وتمترساتها خلف تخندقات دينية أو قومية متشددة تدعو للاحتراب ولخطاب العنف، إنه فرق تناقضي يتأسس على التضاد في مسارات العيش وخياراتنا، بخاصة في الحركة الحقوقية، هي خيارات تعزيز السلام والتعايش داخل المجتمعات وبين الشعوب جميعاً..
لتندحر ثقافة العنف والتمييز والعنصرية بوصفها قاعدة الإرهاب ولتنتصر إرادة السلام والتعايش القائم على احترام الاخر ومبدأ الوحدة في التنوع.
أما في الجريمة الإرهابية الأخيرة في نيوزيلندا فإننا لا نراها الأولى بل هي حلقة أخرى من مسلسل جرائم الإرهاب القائمة على الكراهية والعداء والعنف وهي ليست الأخيرة إلا عندما نتمسك، مثلما فعل شعب نيوزيلندا، بقيم التمدن والسلام وسلطة القانون الذي سيكشف تفاصيل الجريمة ومن وقف خلفها جنائيا مثلما فكريا سياسيا؛ بما يعيد الحقوق إلى أهلها حيث تطلعات شعب نيوزيلندا بأكمله لإنهاء بذور الكراهية والعنف بمهدها ومعه تضامن شعوب العالم وقوى الحرية والحقوق كافة..
المرصد السومري لحقوق الإنسان عضو المنتدى العراقي لمنظمات حقوق الإنسان
***********اضغط على الرابط للانتقال للصفحة**********
صفحة المرصد السومري لحقوق الإنسان
Sumerian Observatory for Human Rights
Stichting Sumerische Observatorium voor Mensenrechten In Nederland
*********************
اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/