مقتبس من المعالجة: “إنّ التكامل بين سلامة المنهج ومضامين المقررات وأدوات الإيصال فيها، يمثل ركناً جوهرياً في نجاح العملية التعليمية وتفعيل دورها التنويري مجتمعياً؛ فكيف نتعامل مع الأدوات بسياقات التحديث؟”.
لستُ أدري بدقة كم من المهمومين بقضايا حسية ومطالب وحاجات مباشرة يمكن أن يكون مهتماً بموضوعات قيمية لا تتصل بالمباشر اليومي إلا بصورة عير مباشرة كما (يظن) بعضهم. ولكنني أدري أن قضية التعليم وتنوعات مفرداتها تظل أولوية لوجودنا ولأنسنته إذ لا إنسان من دون عقله ومنجزه ومن ثمّ نت دون اشتغاله بتكامل وشمولية وسلامة.. من هنا أتابع محور التنوير في إطار العملية التعليمية واستكمال مفرداتها، عسى أجد مزيد تفاعلات متخصصة أو عامة بما تقتضيه الحوارات إنضاجاً لمعالجة جدية مسؤولة.. فشكرا لكل التفاعلات |
لا يختلف التعليم الألكتروني عن المنتظم الشائع حتى يومنا إلا في درجة تةظيف أحدث وسائل الاتصال لنقل المعلومة من جهة والتجربة وقدرات ممارستها من جهة أخرى بما يفيد في بناء شخصية المتعلم على أساس تمكينها من الأداء الخلاق المبدع.. ولهذا فإنَّ القوانين الناظمة ستبقى من حيث الجوهر هي هي في الأداتين المستخدمتين في العملية التعليمية..
إن أدوات نقل الخبرة تضيق بتكرار منظومة التعليم التقليدي؛ فهي إذ تحاول نقل المقرر (الجديد) إن افترضنا وجود تجديد (واجب) لا يمكنها ذلك بسبب محدودية الأداء في التقليدي من وسائل الاتصال بين الأستاذ والتلميذ.. وحتى وسائل الإيضاح تلك الموظفة بنهج متحرك تظل غير قادرة على ملاحقة المتغيرات من جهة وتتطلب وقتاً وكلفة مضافة…
لقد باتت المتغيرات العاصفة اليوم قادرة على اختزال عرض التجربة ونقل محاورها بكلفة زمنية أقل وبإمكانات عطاء أكبر.. ولهذا فإنّ إضاعة وقت التدريسي والطالب ما عادت موضوعية سليمة بتمسكها بل بتحنطها على ذات الأدوات التقليدية محدودة الإمكانات.. ما يتطلب موقفا قويا وقراراً حاسماً في التوجه نحو توظيف الأدوات الأحدث في تشغيل العملية التعليمية..
إنّ أهم الأدوات هي تلك المنجزات القائمة على منظومة التعليم الألكتروني؛ أو التعليم عن بُعد. ففيه استخدام أحدث تكنولوجيا وصلت إليها البشرية اليوم. ومن باب أولى أن ننظر إلى أ، من شروط ضم الجامعات في قوائم المناقشة بجودة التعليم وسلامة مخرجاته هي نسبة توظيف التكنولوجيا وتحديداً التعليم الألكتروني في عملياتها كافة وأولها العمليات التعليمية والبحثية..
وهكذا أصبحت أدوات التعليم (الألكترونية) ذات نسب متقدمة في مجمل منظومة التعليم المنتظمة القديمة وارتقت إلى مستويات تجاوزت نسبة الثلث؛ الأهم هنا أن دول العالم المتقدمة وأخرى بين دول تتطلع لملاحقة التقدم التكتولوجي العاصف باتت تشغل كثيراً من مؤسسات التعليم فيها بمنظومة التعليم الألكتروني بعد أن وضعت الشتريعات والقوانين المناسبة مثلما تلك الناظمة لمجمل التعليم القديم وأدواته..
وفي واقع الحال تجاوز عالمنا المعاصر منطقة الأمية (التكنولوجية) وصار وجود أجهزة الكومبيوتر وملحقاته ورديفاته من أجهزة ذكية ظاهرة طبيعية بخاصة بين النشء أطفالا وتلامذة وشبيبة.. وبهذا زالت عقبة كأداء أمام وجود التعليم الألكتروني.. وهو الذي تجري العملية التعليمية فيه بالضرورة بعيداً عن الملائية والكتاتيب التي انقرض زمنها منذ أكثر من قرن ولكنها لم تنقرض من الممارسة في بلدان كثيرة منها بلداننا التي يراد لها من بعض قوى أن تتقولب وتتحجر على تلك المنظومة وكأنها محمية بحصانة القدسية الزائفة التي يسبغونها عليها!
وبهذا فإنّ نظام التعليم الذي يستخدم نسبة أدوات تكنولوجية متقدمة ذات أثر سيكون أغنى وأكثر فعالية وتأثيراً في بناء قيم المعاصرة بذهنية علمية متطورة ومن ثمَّ الشخصية التنويرية التي تحترم الأنسنة وحركة التقدم بلا حواجز وعراقيل كما يجري ببلداننا اليوم…
والأبعد نضجاً وأثراً تنويرياً في بناء الشخصية الإنسانية اليوم، هي أدوات التعليم الألكتروني في نظام التعليم عن بُعد. إذ أنه يخلق معايشة أحدث متغيرات العصر في الأجهزة الذكية من جهة وأبعد برامج شبكة الإنترنت تركيباً… وهي أدوات بهذه الصيغة يمكنها أن تضخ معلوماتياً أموراً جد معقدة تؤسس لعقل قادر على التحليل من جهة والاستنتاج من جهة أخرى وبالتأكيد في قدرات الخلق والإبداع بعد استيعاب المقررات بأدوات مختلفة نوعياً…
وقبل إشكالية المعارف والعلوم والطابع الغني معلوماتياً هناك موضوعة الاتصال بمنظومة معاصرة هي الأحدث تقنياً والأكثر تحريكا وتفعيلا لاشتغال العقل العلمي ومن ثمّ لتنوير ذاك العقل بمنطق جديد يعبر منطقة السلبية والاستسهال القائمة على حشو أدمغة التلامذة بمعلومات بالية تبرر للخرافة وخطابها المتخلف المتبلد…
والمعنى القيمي لتوجهنا إلى أدوات العصر الأحدث في منظومة التعليم تتجسد أولاً في القيمة التربوية لبناء الشخصية المعاصرة بناءً تنويرياً يُنهي مرحلة الخضوع للظلاميات ومنطق الخرافة والتخلف. هذه الممارسة التنويرية تتأتى من محو الأمية لا الأبجدية المتعارف عليها حسب بل وتلك المتعلقة بامتلاك أدوات التحليل والتركيب بقصد إنتاج خطاب عقلاني بديل للماضوي الذي انتهى زمنه ولم يعد يجدي نفعاً اجتراره بقدر ما يوقع ذاك الاجترار في مطبات الركود والجمود…
إنّ مجتمعاتنا التي وقعت بمصيدة التجهيل في ظل نظم الإسلام السياسي وظلامياته بما أفضى إلى نشر خطاب التخلف ومنطق خرافته تظل بحاجة إلى جهود التنوير بتنوعات مصادرها ومنها العملية التعليمية المحدَّثة. يمكننا التمعن بأوضاع ليبيا والسودان وصنعاء اليمن ومناطق سطوة العصابات المسلحة التي تسمي نفسها معارضة في سوريا وأيضا في العراق تحت سلطة أحزاب إسلاموية هي سلطة ميليشياوية ظلامية بامتياز..
هذه النماذج تفرض عملية تعليمية تتكاثر وتتناسل فيها الزوايا والتكايا وتلك المدارس الدينية التي يُزعم كونها بديلا للمدارس العامة والأنكى عندما يجري ترتيب أو برمجة المقررات بطريقة تستجيب للكتاتيبية الملائية وطريقة الحشو السلبي الذي لا ينتج إلا بلادة تجتر تخلفاً وخرافة ولا تولد أو تنتج سوى بلادة من نسلها. وبعد أن كانت حتى البلدان التي أشرنا إليها كنماذج، بعد أن كانت تسودها منظومة تعليمية مقبولة تردّت وتراجعت لتتفشى فيها منظومة تعليم يحكمها المجلببون المعممون من ترهات زمننا ممن لا يتجاوز أحدهم جلبابه مظهرا تزويقيا بلا جوهر، يربأ حتى الماضي الممثل لذاك الرداء القبول بهذا الاجترار السطحي الفارغ ورداءاته…
وعليه اقتضى التنوير موقفاً نوعياً يكافح تفشي ظاهرة اجترار التقليدي الماضوي وسلبيات الأخطر والاتساع بعملية تعليمية جديدة تنتمي للتحديث بجميع جوانبها ومنها (الأدوات). حيث تصبح قضية تبني التعليم الأكتروني أكثر من إشكالية أدوات عابرة الأثر فهي تكنولوجيا تحتاج تحريك العقل والتزام اتجاهه العلمي في الاشتغال…
إذ لا يمكن لعقل يقوم على آلية التلقي السلبي وحشوه بمعلومات مجترة أن يحلل ويركب ويرتب ليخلق و\أو يبدع أو حتى يتعامل مع الأجهزة الذكية ومع الكومبيوتر.. ولكن أنوار التعامل مع هذه الأدوات سمنح فرصا واسعة لتشغيل إنتاجي يستثمر المعلومة في إعادة الخلق والتحديث ومن ثم فإننا هنا بمجابهة توظيف الأدوات ونظام اشتغالها مرفقا بالتنوير العقلي؛ لأنَّ التنوير يتلازم بالضرورة مع أية حركة تمثل العقل العلمي واشتغاله..
وبناء على هذه الحقيقة يجب خوض النضال اليومي الدائب المثابر من أجل تحقيق التنوير عبر تحديث أدوات العملية التعليمية.. ولا يجوز التردد أو التلكؤ للحظة في هذه المهمة فمثلما النضال السياسي يدخل بإطره المجتمعية الكلية بمسيرة التغيير فإن النضال التنويري بميادينه المختلفة يشكل محوراً آخر بتلك المسيرة (مسيرة التغيير) وأبرز ما في محور التنوير هو ما يدخل في تحديث أدوات العملية التعليمية بدءا بمراحلها الأساس وليس انتهاء بمراحلها الجامعية والعليا لأن التعليم المستمر يؤشر ديمومة التعلّم طوال حياة الإنسان…
ها أنا ذا آخذ معالجتي للتعليم الألكتروني من زاوية كونه أداة تعليمية غير كونه نموذجا \ نمطاً ونظاماً من أنظمة العمل وتشغيل العملية التعليمية وبجميع الأحوال القصد مناقشة الإشكالية من بوابة التنوير بخلاف التمترس الكتاتيبي أو التقليدي الماضوي الذي تجاوزته رحلة الحياة.. كيف نقرأ الأمر ونعالجه أمر يتم بوجودكم وفاعلية حوار واسئلة تفضي إلى التالي وإلى الأنضج فتحية وأهلا وسهلا |
وبقصد مزيد إيضاح نجد أن التعليم الألكتروني يشترك في التنوير عبر الآتي من الخصائص التي يتسم بها:
- وجود الأجهزة التكنولوجية الأحدث ما يتطلب في سياق التعامل معها قدرات علمية تحليلية تركيبية بمعنى بفعل الإيجاب فيها.. وهو الأمر المتعارض مع الاستسهال والاستسلام والسلبية في منظومة التعليم التقليدية المرضية في أدائها كما التعليم (الديني).
- طريقة اشتغال تلك ألأجهزة بمنطق التعليم عن بعد (الألكتروني) تتطلب آليات مختلفة في التعامل والأداء من جهة ثنائية الحصول على المعلومة من جهة وتحليلها ثم الوصول إلى مرحلة الاستنتاج وإعادة خلق مواد جديدة من جهة أخرى..
- نوعياً تقتضي حال التعامل مع الاتصالات عن بعد بمنطق مختلف يحتاج لدور الشخصية الفاعلة المنتجة لا المتلقية كي تستطيع التعامل أو توظيف الأجهزة وما توصله من معلومة أو تجربة وممارسة التمرين العملي من خلالها…
- حجم الربط مع مصادر غنية التنوع تفتح حواراً موضوعياً أكثر ثراءً بل هي بديل عن منظومة محدودة مصدرها أحادي التشكيل يفرض أوهامه بوصفها حقائق نهائية غير قابلة للجدل…
- تربط منظومة التعليم عن بعد بصورة أنجع وأوسع بين العقول البخثية للطلبة واساتذتهم وميادين البحث وموضوعاته بحيث يمكن عقد الصلات مع أشمل تلك الإشكالات المبحوثة والكشف عن الثغرات قبل ممارسة المشروعات فعليا ميدانيا..
إن كل تلك المعالم والمسارات تثير التنوير بمدياته الأنجع بخلفية اشتغال العقل علمياً وبمنطق يكافح الخرافة والجهل والتخلف.. وتلكم هي مسألة رئيسة تحتاجها المجتمعات التي أشرت إليها نموذجا ما زال يتطلع للتحديث في الأدوات وبالتالي في منظومة التفكير العلمي وخطابه التنويري…
غير أن هذه الإشكالية تظل بحاجة لمزيد توسع وتعمق في معالجتها بما يقترح مشروعا تحديثيا شاملا بخلاف ظواهر التشبث بالتقليدي خشية بضع مظاهر سلبية أو ثغرات هي أقل بكثير من المتفشي وسط النظام التقليدي البائس في ارتخاء العقل وقدرات تفعيله ومنحه سمة الإيجاب..
فهلا دعمنا حملات التحديث في الأدوات وفي نظام التعليم الأكثر حداثة وجدة وجدية؟ وهلا تفاعلنا بملاحظاتنا بقصد التنضيج والوصول إلى الأنجع؟؟؟
Tayseer A. Al-Alousi Dr-Samir Alshamiri AtHir HaDdad حسن متعبرائد الهاشمي Husham Kamil Adham Ibraheem DrAmer Salih ابوعلي ابوتنك المطيري Sabah AL-Akkam
إنعام كمونة Muna Shabo
******
زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية 3 – 14 الروابط في أدناه
للانتقال إلى ((زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية)) يرجى الضغط هنا على هذا الرابط \ د. تيسير عبدالجبار الآلوسي
موقع الصدى.نت
توطئة: اخترتُ تسمية نوافذ، لأنّ كل معالجة تتجسد بموضوع بعينه يمثل (نافذة) من النوافذ ليمر إلى جمهوره عبر تلك النافذة؛ في حلقات.. وتمثل كل حلقة (إطلالة) من الإطلالات التنويرية. ومن هنا جاء اختيار اسم الزاوية كونها (نوافذ) تمر عبرها (إطلالات) تنويرية الدلالة والقصد. بمعنى أنّها تجسد محاولة لـ تلخيص التجاريب الإنسانية بجهد لمحرر الزاوية؛ متطلعاً لتفاعلات تجسد إطلالات المتلقين بتداخلات ورؤى ومعالجات مقابلة، يمكنها تنضيج المشترك بين مقترح النوافذ وإطلالاتها التنويرية وبين توصيات المتخصصين والجمهور وما يروه حاسماً في تقديم المعالجة الأنجع.
مرحبا بكنّ، مرحباً بكم في زاوية ((نوافذ وإطلالات تنويرية))، إنها محاولة لتفتيح النوافذ ومن ثمّ تفتيح البوابات وجعلها مشرعة للحوار الأنجع والأكثر تنضيجاً لمعطيات تجاريبنا الخاصة والعامة، تجاريبنا الجمعية التي نتبادل فيها الخبرات ونستقطب منها وبوساطتها المتاح من القيم السامية لمنجزنا المشترك
إطلالات جديدة في نافذة (4) بعنوان: التنوير بين جماليات الأدب ومضامينه
سلسلة إطلالات تنويرية للنافذة الرابعة؛ تقدم حركة التنوير عبر اشتغالات الأدب وجمالياته ومعالجاته موضوعاته واقتراحات مضامين المعالجة تلك.. إنَّ سلسلة الكتابات التنويرية تتطلع إلى تحولها لكتيبات تكون قناديل وسط ظلمة مفروضة قسرا على العقل الفردي والجمعي في العراق بقصد إدامة استعباد الناس وإخضاعهم لنير التخلف ومنطق الخرافة وإفرازات نفاياتها.. فهلا تفاعلنا لمزيد تنضيج وتفعيل لأدوار التنوير تلك !؟؟؟؟
نافذة (1) بعنوان: منطق العقل العلمي ومنهجه
نافذة (2) بعنوان: المسرح والحياة
إطلالات جديدة في نافذة (3) بعنوان: التعليم وآفاق متغيراته
سلسلة إطلالات تنويرية للنافذة الثالثة؛ كل إطلالة هي حلقة من سلسلة حلقات المعالجة التي تصب بتناول العمق الفلسفي الفكري لخطاب التعليم وعلاقته بالواقع ومتغيراته في حركة التقدم اللولبية بإطار يتحدد بمنطق العقل العلمي ومنهجه:
*** ***** ***
إلى إطلالات النوافذ التنويرية السابقة
*** ***** ***
إطلالات النافذة (2) وكانت بعنوان: المسرح والحياة
زاوية: نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة 02: المسرح والحياة \\ إطلالة 20: المسرح المدرسي ونظام التعليم
يمكنكنّ ويمكنكم الاطلاع على حلقات النافذة الثانية في أسفل الحلقة الأخيرة الموجودة في الرابط أعلاه
*** ***** ***
إطلالات النافذة (1) وكانت بعنوان: منطق العقل العلمي ومنهجه
نوافذ وإطلالات تنويرية منهج العقل العلمي \\ نافذة 1ج منهج العقل العلمي وقدرات الفعل \\ إطلالة 30: منهج العقل العلمي وجوهر التجربة التاريخية لحركة التنوير
يمكنكنّ ويمكنكم الاطلاع على حلقات النافذة الأولى في أسفل الحلقة الأخيرة الموجودة في الرابط أعلاه
****************************************************************************
اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/
للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي
https://www.somerian-slates.com/2016/10/19/3752/