مقتبس من المعالجة المقترحة:”في ظل همجية الآلة الجهنمية، تنطلق بين شهر وآخر تظاهرات مطلبية؛ لكنها بعد 15 سنة عجافاً، قررت وقف عبثية السجال مع سلطة الفساد الظلامية، واتجهت إلى مطلب سياسي يمثل طريق الحسم الوحيد بـتغيير النظام ورفض الترقيعات التي باتت مجرد بيع أوهام مسكِّنة لا طائل من ورائها“.
ماذا يجري في العراق بهذا الصيف الحارق؟ ماهي الدوافع المباشرة وغير المباشرة لما انطلق من تظاهرات؟ ومن يقف وراءها؟ وأي الأصابع تتدخل وتحاول التجيير؟ ولماذا؟ وما الأجندات الخارجية الإقليمية وغيرها التي يجري تمريرها؟ وما مشكلة السلطات المحلية والاتحادية في الموضوع؟ أسئلة تحتاج إلى مراجعة ما تمّ تقديمه من إجابات وإلى تقديم البديل في التشخيص بطريقة تنهي تكرار تلك التظاهرات سواء منها المطلبية السلمية أم الاحتجاجية العارمة التي اكتنغتها حالات عنفية وضحايا بلا حدود…
هوية النظام في العراق ونتائج سياسات السلطة المغتصبة
مبدئياً أدرك الشعب طابع السلطة الحاكمة منذ 2003 حتى يومنا. ولقد شخَّصت القوى التنويرية هوية النظام بكونه ((نظاماً طائفياً كليبتوقراطياً)) بامتياز. حيث وثَّقت المعايير الدولية كونه الأعلى فساداً عالميا واحتل المراكز الأربعة الأولى طوال تمترس سلطة الإسلام السياسي على كرسي الحكم، ووضع ذلك العراق بين البلدان الأكثر فشلاً ومن ثمّ على حافة الانهيار؛ أما منظومته الطائفية وأبرز تمظهراتها في التعامل مع كرسي السلطة على أنَّه ((غنيمة)) أطلقت شهية الطبقة الكربتوقراطية في صراع على اقتسام الغنيمة حصصاً بتناسبات تعكس التوازنات بين تخندقاتها المحتربة.
ومع إيغال تلك القوى بخطاها باشرت بمهمة هدم أسس الدولة واستبدال دولة الطائفية بالدولة الحديثة، حتى استطاعوا إنهاء كلّ شكل للحداثة وقوانينها وهياكلها الاقتصا اجتماعية، واستولدوا أدوات دويلة الطائفية التي اِجترُّوها من مجاهل الزمن الأغبر المنقرض ومن عفن ظلمات كهوف ذاك الزمن. وأخطر أدوات ما قبل الدولة كان تشويه البنى المجتمعية من طبقات وفئات بنيوية سليمة والإتيان بأشباه منظومة القبيلة والطائفة مقابل سحقٍ طاول الطبقة الوسطى والتعتيم على أيّ شكل للبرجوازية الوطنية وتخريبها باستيلاد طبقة مستفيدة، هي طبقة كربتوقراطية أي طبقة طفيلية مُفسدة تعتاش على الاقتصاد الريعي المافيوي؛ ناهِبة الثروة الوطنية بأكبر وأخطر سرقة في عصرنا وصلت الترليونات من الدولارات.. وبديلا لطبقة العمال والفلاحين فإنه تم بوساطة تعطيل الصناعة والزراعة، (تم) نشر البطالة ومفاقمة ظاهرة الفقر، ليتحولوا إلى قوى هامشية خرج منها (بحجم محسوب) ما يشبه المتسولين والحثالات الرعاع ممن يمكن توجيههم وتدجينهم، وسوقهم عناصر ميليشياوية عنفية وبلطجية يتبعون أوامر الدجالين النصابين ويمارسون مختلف الجرائم التي تمحق القيم السامية من جهة وتشوه الحياة وتصادر الحقوق والحريات وتُذل المجتمع برمّته بل أنّ تلك الحفنة مستعدة للانتحار والموت لأجل أوهام وأضاليل مما تم إسقاط القدسية والجلال عليه..
ما الأسباب المباشرة للانتفاضة العراقية الجديدة؟
إذا كان ما قدمنا له في أعلاه قد مثَّلَ الأرضية المرضية البائسة التي تسببت بخلق الاحتقان والتفجر بحركة احتجاجية شعبية واسعة؛ أدركت أنَّ دجالي السلطة هم سبب البلاء فما هي السباب المباشرة. بلى، ما الأسباب المباشرة لأي انفجار جرى منذ 2003 حتى يومنا؟
في الحقيقة لم تكن الكهرباء وبعض المطالب الخدمية المادية هي السبب الكلي، أو القشة التي تقصم ظهر بعير. بدليل ظهور شعارات وأهداف أبعد من المطلبيات الخدمية، عندما كانت تتوّج تلك الانتفاضات بمطالب وطنية عميقة وصلت حد تبني (التغيير) ورفض (الإصلاح) وسيلة لتحقيق المطالب وتعديل الأوضاع. وأشير هنا إلى ثلاث انتفاضات كبرى 25شباط فبراير2011 و31تموز يوليو2015 ثم الانتفاضة الأخيرة الجارية حتى يومنا.
ربما كانت مجمل الخدمات من صحة وتعليم ومواصلات واتصالات هي سبب التظاهرات المطلبية في مختلف القطاعات والبيئات.. ولعل كلَّاً من الماء والكهرباء في ظروف قسوة تفاصيل اليوم العادي بحرارة القيض والصيف اللاهب هي واحدة من أمثال القشة التي ألهبت النيران في الهشيم وأطلقت الحرائق بهبَّات الجماهير المنتفضة إلا أن ذلك انطلق أيضا من وعي بما افتضح من تلاعب بإرادة الشعب وصوته.. وهو ما عبر عنه الشعب بمقاطعة تجاوزت نسبة الـ80% لتمثيلية ما أسموه الانتخابات فضلا عن الموقف المهم لنسبة كبيرة ممن شارك مستهدفاً قاصِداً التغيير…
من هنا جاءت الانتفاضة الأخيرة، مركَّبة من جموع تنوعت مطالبها وغاياتها.. وللتعرّف إلى تركيبة تلك التظاهرات ومن وقف ويقف وراء توجيهها نقترح هنا هذه المتابعة من وسط التظاهر، مؤكدين هنا على أن الشعب بات قاب قوسين أو أدنى من ثورة تغيير فعلية شاملة وليس كل الأمر بيد رؤوس تحرك (لعبة) بقصد الوصول لتكريس أو تمديد آخر، لسطوتها على النظام الذي يصورونه بصورة الغنيمة..
ما تركيبة الانتفاضة ومن يحركها ويقف وراءها؟
إنّ (الغالبية) المنتفضة هي تلك التي تفجرت بفعل الغليان والاحتقان والنقمة على ظروفها الرديئة التي تسببت بها سلطات النهب المفسدة، وهي تنتفض لا بعفوية اعتباطية بل بوعي للمجريات والعفوية لا تتسم بها إلا من زاوية عدم وجود قيادة وطنية موحدة وخبيرة محنكة لإدارة الفعالية الجماهيرية الشعبية الكبرى…
والقسم الآخر وهو (أقلية) من عناصر تابعة لقوى الطائفية من الواجهات السياسية (الحزبية شكلياً) التي تمثل القناع للميليشيات وقوى المافيا وعصاباتها المنظمة ولـ(ربما) دُفِعت تلك الأقلية بقصد استغلال الهبة ومحاولة توجيهها بما يخدم الصراع بين رؤوس القوى المتنفذة لفرض نتائج (انتخابية) بحصص تتناسب وطابع تلك القوى.. بمعنى أنّ اقتراب إعلانهم نتيجة تمثيلية الانتخابات المزورة حد النخاع دفع إلى استغلال الظرف لحصد نسب أعلى على وفق إرادة من يفرض قوته عبر اللعبة الجديدة التي تحاول تجيير الهبة الشعبية…
ولا استبعاد هنا وجود عناصر أخرى وإن كانت أقل بكثير، تابعة مباشرة لقوى خارجية بخاصة إيران دعماً لموقف طرف تابع لها ومحاولة ترجيح كفته بميزان الصراع الميداني وأبعد من ذلك ترحيلا لصراعات دولية بما يتعلق بتصدير النفط وقضايا أخرى تهز الاستقرار الشكلي لتضغط لصالح لعبتها وتحديداً بظروف تحديد إمكانات ضخ العملة الصعبة من البوابة العراقية وضيق إمكانات نهب البترول وتصديرها بطريقة ملتوية؛ لكن كل ذلك يبقى بمساحة جد ضيقة عبر عناصر محدودة ويبقى الأمر افتراضياً حتى يجري كشفه بدقة؛ الأمر الذي قد لا يحدث بظروف محكومة بطابع السلطة اليوم في العراق…
وبهذا يلزمنا أن نؤكد أنّ جسم التظاهر يمثل حركة احتجاجية شعبية تطالب بالخدمات وتحسين ظروف حياة المواطن والتأسيس للعيش الكريم مثلما ترفع اليوم شعار ((الشعب يريد تغيير النظام)) بعد تيقنه من السبب الكامن خلف سوء أوضاعه.. أما سبب عدم تمكنه من إعلاء هذا الصوت وشعاره في هتافات أو لافتات فيكمن في استهداف كل عنصر في التظاهرات يتقدم الصفوف ويلف حوله المجموعات الأكثر وعياً وإدراكا ونضجا…
خلل بمواقف بعض قوى التنوير
لكن الأنكى في المجريات الراهنةـ مما يجب الإقرار به وإشهار أشد اشكال النقد له، هو وقوف (بعض) قيادات قوى وطنية ديموقراطية متنورة بمنطقة الحياد السلبي.. فهي تتحدث عن سماحها لأعضائها بالمشاركة المباشرة ولكنها تحظر عليهم المشاركة باسمها! أي أنها تكتفي بإعلان أنها (متعاطفةً) وأكثر ما يمكن أن تقدمه هو بيانات (تضامنية) لا ترقى لمستوى الفعل وطابعه النوعي وطنياً، ما يلزمها بضرورة المشاركة والعمل على توجيه الحراك نحو هدفه الأنجع..
إن تلك (القيادات) بموقفها السلبي ذاك باتت تساهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالتسويق للنظام بخاصة عندما تتخلى عنى مقررات مؤتمراتها في تبني ((التغيير)) وتنادي وتسوّق لمصطلح ضبابي حمّال أوجه يخدم السلطة الطائفية المفسدة بإعادة تكريس سلطتها بآلية ((الإصلاح)) التي لم تعد تفي حتى لترقيع الوجه القبيح للنظام.. وسؤال الجماهير والمؤازرين دع عنك الرفاق: كيف يمكن تشخيص النظام بأنه ((طائفي كليبتوقراطي\مافيوي مفسِد)) ويتم التحدث عن إمكان ((إصلاحه))؟ وإذا كان ذلك ممكنا فلماذا لم يتحقق طوال الـ15 سنة العجاف؟ ولماذا اتخذت مؤاتمرات تلك القوى قرار تبني ((التغيير)) ورفض الشعار التضليلي ((الإصلاح))؟ هل كانت غير ناضجة وغير مدركة وأن بضع عناصر ممن يسوق للإصلاح هي أنضج من إرادة المؤتمرات؟؟؟
إن هذه الإشارة ليست عابرة ولكنها ضرورة بسبب الطعنة الكارثية التي مزقت تحالف التنويريين وتركتهم مزقا وتشظيات بلا أثر كان يُرتجى بوحدتهم واستقلاليتهم
رأس الحراك وضرورة وجود قيادة وطنية موحدة مستقلة
هنا نتأكد من سرّ افتقاد الانتفاضات الشعبية القيادة الوطنية الخبيرة في التنوير وفي توجيه المسار باتجاه ما يخدم الشعب ويقلل خسائره في صراعه مع القوى المتسلطة عليه… وهنا تبرز حال شيوع ظاهرة عدم تمكن الانتفاضات من خط اللافتات وإعلاء الهتافات المناسبة، واضطرارها لترديد بعض ما يُنثر وسطها من تعابير (للتفريغ) فقط لا غير؛ كما يشخصها علم النفس وعلم الاجتماع حيث مهمة التفريغ إياه أن يمتص الشحن والاحتقان والتوتر ويحوله إلى مجرد ظاهرة صوتية سلبية سرعان ما تنطفئ كما سرعة انطفاء الهشيم المشتعل وليس كما صلابة الفحم الحجري الذي يقابل معادن الناس القوية المقاومة لمنطق الهشاشة. ولطالما ساعدت هشاشة المستوى الفكري وقدرات التعبير على مثل تلك الثغرات الخطيرة لا تكتيكيا بل استراتيجياً…
بين خبرات الطائفيين في الحرب الظلامية وافتقاد الرد بسبب سلبية بعض قيادات التنوير وعدم جاهزيتها للمبادرة
إنّ إخماد انتفاضة 2011 بالحديد والنار والرصاص الحي أعقبه خبرة أعتى لقوى الطائفية وأجنحتها ومن يقف وراءها ويخطط لها من خلف الحدود حيث توزيع الأدوار وما جرى من اختراق الهبة الجماهيرية بملايين من شارك فيها وتجييرها للطائفيين وخطابهم وسطوتهم على السلطة عندما دخلوا في التظاهرات عام 2015 وسرقوها بذريعة أنهم ضد السلطة الطائفية ولكنهم بالحقيقة وبجوهر مهمتهم، كرسوها لنظام الطائفية عبر تبريد سخونتها والعمل على تقليص حجمها وانفضاض المشاركين؛ عندما أدركوا أنهم يلهثون للاشيء و لوهمٍ يجري إعادة تكريسه وساهم الفهم القاصر (فكريا) والتكتيكات الرديئة لقيادات أو بدقة لشخصيات يسارية في خدمة اللعبة فضلا عن أسباب أخرى..
وانتهت ألأمور إلى تحويل التظاهرات الشعبية غلى وقفات كمالية لإبراء الذمة ومشاهد تسوق لديموقراطية النظام الذي واصل بالمقابل اغتيالاته وتقتيله وجرائمه الأبشع بمستوى إرهاب دولة وجرائم ضد الإنسانية وحتى جرائم حرب بلعبة صراعه مع الإرهاب الذي جاء به على ظهور المقهورين..
الأصابع الخارجية ومآربها
إذن، لعبة الصراعات وموضوع العملة الصعبة والنفط الإيراني وما تجابه سلطة ولاية الفقيه وخشيتها من فقدان السطوة على بلدان المنطقة التي انتشرت فيها كسرطان وجنودها في السطو هم من أبناء هذه الشعوب يُسخَّرون ضد شعوبهم ومصائرها مثلما اُرْتُكِب ويُرتكب في لبنان وسوريا بوساطة حزب الله وميليشيات الدجل المضللة ومثلما في اليمن والبحرين وقشمريات محاولة شق المجتمع بين خنادق طائفية محتربة وبالتأكيد مثلما في العراق حيث تمثيلية مخادِعة لتضليلٍ افتضح أمره ووعى الشعب العراقي وادرك الحقيقة مجسداً موقفه ووعيه بشعاره إيران برة برة بغداد تبقى حرة والقصد بإيران نظام الملالي وفلسفته المعادية للأمن والسلام والتقدم…
ماذا تسمح به السلطات وماذا تصفي من ينهض به من الناشطين؟؟
فلنتحدث بصراحة وبمنطق العقل العلمي وما يؤكده البحث الدقيق في الأوضاع حيث معاناة الشعب وآلامه وفجائعه الكارثية.. لنتحدث بما يعيد بناء الدولة ديموقراطيةً تخدم الشعب وتطلعاته وحقوقه المادية والروحية وحرياته المقموعة… لنتحدث عن السر في استخدام القتل والغيلة تصفيةً للأحرار واختطافهم وإنهاء وجودهم بدم بارد كما يعرف الشعب العراقي ما وقع على المئات من أبنائه المتظاهرين..
إن من يخرج مرددا شعارات التدين السياسي، يسكتون عنه لأنه سيعيد الدجالين اللصوص إلى الكرسي وإن بوجوه أخرى ويستمر التزييف والدجل أما من يخرج بهدف التغيير وبناء الدولة التي تستجيب للحقوق والحريات فيتم تصفيته ولا وجود لدعم من القوى الديموقراطية العالمية ومنها الاتحاد الأوروبي وفي الحقيقة لا لوم على هذه الدول يوم لا تجد قيادة موحدة مستقلة ويوم تجد بعض أطراف (شخصيات) وطنية تنحرف حتى بأحزاب التحرر والديموقراطية لتتحالف مع جناح طائفي أو آخر بحجة أنه جناح أخف وطاة و لديه مشاركة في ميادين الاحتجاج ولكن تلك القيادة التي انحرفت، تعتّم على حقيقة أن ذاك الجناح هو جزء من منظومة الطائفية وجرائمها… ومن انحرف أو ابتعد عن المبدئية إنما يدعم بهذا تمزيق الحراك الوطني وبدائله الشعبية ويُلغي أية فرصة لتضامن أممي أو دولي فيعطلون فرص التغيير كافة..
اليوم وقد انطلقت التظاهرات الشعبية بحجمها الجماهيري؛ أما يدخل التنويريون بقوة موحدة ويشاركون فعليا لا لفظيا وأما ستنتهي تلك الانتفاضة ويتم اغتيالها باغتيال أشرف عناصرها من شبيبة الوطن وهم أغلى من كل قادة الفساد والجريمة.. والجماهير ليست بحاجة لمن يعرب لها عن قلقه وليست بحاجة لمن يتعطف عليها ببيان شكلي لفظي كما فعل قادة يسار متحالف بل مأسور بطريقة تجيره لزعران سياسة يتسيَّدون الأوضاع في ظل أوهام الطائفية وما تشيعه ويتفشى بظلال سطوتها وبلطجتها؛ فيما القادة الوطنيون بحق أما تحت الحصار والتصفية أو يقع بعضهم كما يشهد اليوم وكما أشرنا للتو، بأوهام لا علاقة لها بالتفكير العلمي وسلامة الخيار الذي ينتمي للشعب..
الموقف السلبي لعناصر تنويرية
وموقف المتفرج هذا والوقوف على الأرصفة تعاطفا مع من في الشارع هو ما سيدفع للتسويق لوعود حكومة الطائفية وما ينثره قادة تلك الحكومة التي تستجدي دوليا باسم الشعب وهو ما سيحجر على الانتفاضة بإطار شعارات مطلبية سيجري تصفيتها هي الأخرى على مذبح الأضاليل الأباطيل وادعاء بأن الأمور سيجري حلها كما تنثر الوعود المجانية القوى المسيطرة على السلطة وأيضا بأن لقمة عيش سيجري التعطف بها على الجياع وبأن خرقة يتلفح بها عراة الفقر سيوفرونها ليجري سترهم بها وكل ذلك سيُدفع من جيوب السارقين اللصوص ومن يمثلهم من سلطة الطائفية وكربتوقراط النهب والسلب والمصادرة إنها زكاتهم عن اللصوصية وهي أموال حلال، طبعا الجميع يعرف أنه حتى لو جرى تلبية فتات من تلك الوعود فهي من ثروات الشعب وليس من جيوب اللصوص ولا مما ينهبون..
خطاب الاستجداء وخطاب الانتفاضة
إنَّ الشعبَ المدمى بمن سقطَ مُضرجاً بدمائِهِ، لا يستجدي ثمنا ماليا ماديا رخيصا مقابل أي قطرة دم ولا يقبل بمساومة على ضحاياه، ولا يمكن له أن يرتضي بكل مرة أن يصمت على ما جرى ولكنه يطالب بالثمن الأغلى حيث المطلوب هو استجابة لإرادته بالتغيير وبحكومة إنقاذ يمكنها ضمان أمنه وسلامة أبنائه وفرض إرادته بوصفها قانونا يكفل السمو الدستوري لصوته ويمنحه الحقوق والحريات بلا توسلات لقوى النهب التي تتمظهر وكأنها تسعى لضبط الأوضاع لمصلحة الشعب في حين أنها تبحث عن فرض أمنها وأمانها على حساب التقتيل والتجويع ونشر التبطل والعطالة ونواتج ظاهرة الفقر والفقر المدقع…
إصرار على المواصلة رغم التحديات
هذه المرة ستمضي الحركة الاحتجاجية وستلد قيادتها الواعية وطنية تنويرية تستند لمنطق العقل العلمي وترفض التبعية لا المباشرة ولا غير المباشرة بأدوات الكهنوت الديني المزيف من دجالي السياسة الخانعة لمنطق البيع والشراء وسوق نخاسة يقع بأعبائه على كاهل الشعب..
ويستمر اليوم الصراع بين مطلبية محدودة لا تنهي المشكلة التراجيدية للعراقيين وبين إرادة تستهدف التغيير وتحقيق الانعتاق والتحرر ودمقرطة الحياة. وإنهاء فذلكة التدرج الترقيعي والمرور عبر جناح أو آخر وإن هي إلا ثورة الشعب التي تنادي بالدعم الأممي الدولي المتناسب مع طابع الثورة وطنية ديموقراطية تنويرية تكنس الظلام والتخلف ومنطق الخرافة والدجل..
والكرة اليوم بملعب العراقيات والعراقيين فلينزل الجميع بشعار الشعب يريد تغيير النظام من طائفي كليبتوقراطي مفسد إلى نظام تنويري فوق مستوى شبهات التخلف ودجله المدّعي إسلاميته والملتحف عباءة القدسية المزيفة وليس فكره سوى الظلاميات ومنطقها..
الكرة بملعب الشعب فلا تكرروا القبول بمعسول الكلام وما يخدر الحراك وكأن كل شيء استتب وسيتحقق كما يزعم رأس الحكومة وكما يدعي أنه يحمي المتظاهرين ويطارد من يقلق الأمن.. إنه بالحقيقة، رأس حكومة بنظام جلب لكم كل ما أنتم فيه من أوضاع بائسة ومستنقع جريمة وليس بالتكبير وبشعارات الثارات ولا بتخندقات الطائفية ولا بمنطق الخرافة تتغير أوضاعكم؛ فثوروا من الموصل وصلاح الدين والأنبار وديالى حتى العمارة والمثني والبصرة ويوم تحققون التغيير وتقيمون حكومة الإنقاذ الوطنية ستبدأ مرحلة جديدة وسيعتز العالم بكم شعبا وأنتم تستحقون وأنتم لمنتصرون… توحدوا والتفوا حول شعار واحد شعار الشعب يريد تغيير النظام ولا تفرطوا بثرواتكم ممتلكاتكم لكن ذلك لا يمنع من أن الثورات قد يكتنفها بعض خسائر وتضحيات لكن لا تحيلوها إلى قرابين بمذابح الطائفية بل ابنوا وجودكم الحر الكريم المستقل بثورةٍ لمرة واحدة وإلى الأبد…
أما بعد وقد اختتمت معالجتي المقترحة التي أؤمن بصوابها فإنني أقول: إني لا أدعي مطلق الصواب ولكنني لا أستطيع أن أصل الخاتمة من دون مشاعر تقدس الدماء الزكية التي سُفِكت ما يجعلني أختتم بصيغة تعبر عن نداء الجموع في الانعتاق وأكتفي بالقول أن لا تحليل يُقبل ولا تمنطق سفسطائي يرتجى ويفيد ولا تصريحات مسؤولين من جسم الظالمين فوق منطق استرجاع الكرامة والحقوق والحريات ودماء فلذات أكباد الضحايا المظلومين وهم يتظاهرون للحق والإنصاف والعدل.
الصور التوضيحية الملحقة من تصميم موقع الصدى نت
التعليقات
Tayseer A. Al-Alousi أيتها الصديقات، ايها الأصدقاء يامن تقرأن ويامن تقرأ بقصد حوار شفاف واجب ومؤمل منتظر فينا فينا ومنا، لنتمعن حيث تنوعنا يمثل أنهار محبة إنسانية وجداول ونهيرات إخاء بهوية الوطن مرة وبهويات التضامن الإنساني ولنترك بعض ما قد يظهر مختلفا بزاوية معالجة ونركز على مشتركاتنا ليكون منها شط العرب يتأتى من رافديه ويعود نقيا يمنح الحياة تلكم ثورة البصرة ثورة العراقيين وتضامن الشعوب والأمم فلنجد وسائل الدعم بلا خشية لأن عراقا قويا حرا كريما هو قوة لشعوب العالم والمنطقة… أيها الأحبة تفاعلوا ولنخرج بنتيجة من دون لأأن يعيقنا بعض مفردات نختلف في صياغتها أو تقويمها وشكرا لكل التفاعلات هي ما ينضّج ويستكمل ومودتي للجميع
حسن متعب ربما تكون تجربة الحراك الان تكرارا لما جرى سابقا في الاعوام 2011- 2015-2016، مع بقاء الثوابت الشاذة ذاتها، نظام اوغل في الفساد وجماهير موغلة في الفقر والبطالة والجوع وهدر الكرامة ، في الاعوام السابقة كانت هناك نواة مدنية لقيادة الحراك وكانت ايضا قناة البغدادية تقوم بواجب التنسيق، واختطف حينها الناشط جلال الشحماني ورفاقه الاخرون ولم يعرف مصيره ومصيرهم للان، وقبل ان يصل الحراك لهدفه وتحقيق غايته وبعد ان بث الرعب في الزمرة الفاسدة اختطف مقتدى الصدر قيادة التظاهرات واصبح هو من يوجهها فانحرفت عن طريقها وانتهت، المشكلة اليوم ان قيادة الحراك المدني السابق اصبحوا حلفاء للصدر في تحالف سائرون ولم يعد بامكانهم الخروج عن توجيهاته فبقيت الجماهير الغاضبة تموج وتفور ولكن دون وعي ودون هدف واضح بل مطالب خدمية لن تؤثر على الشكل العام ولن تهدد النظام وبسرعة تحولت الى نزهة اسبوعية وكانها مثل فريضة الصلاة او نزهة اسبوعية دون حساب للدماء والارواح التي ازهقت غدرا وظلما.. توقعاتي ان كل شيء سينتهي مع مرور الوقت الا اذا قامت احدى الجهات، ميليشيات او احزاب بلعبة تصفية حسابات فستتحول القضية الى صراعات بينية وهناك ادلة على ذلك منها دخول مطار النجف وحرق مقار بعض الاحزاب دون غيرها..من الصعب جدا استشراف التحركات القادمة.. تحياتي
Khairia Al-Mansour الكاتب د. تيسير الآلوسي يكتب … التظاهرات السلمية بين المطلبية والتغيير المنشود ..
Tayseer A. Al-Alousi عبد الحفيظ محبوب Imad Abbass Dr-Samir Alshamiri Sajad Berqdar Mohanad Sabah حسن متعب Ali KhanTameem Amjad Tawfiq رائد الهاشمي …عرض المزيد
عبد الحفيظ محبوب مقال في غاية الأهمية اخي الاستاذ الدكتور تيسير رغم ان الأحزاب تحولت الى احزاب مليشاوية بلطجية الا انها بدات تخشى من تلك المظاهرات وهي بين مطلبية محدودة لكنها تدرك الأهداف الحقيقية وهو رحيلها بالكامل ولم تعد تنطلي المراوغات التي فشل فيها الصدر والعبادي في تشكيل حكومة عابرة للطائفية مقالك اخي الدكتور مقال احتجاجي متمرد على قوى تيارات الاسلام السياسي التي دمرت ما تبقى من حضارة العراق وحولته من دولة ريعية الى دولة إقطاعية التي تستخدم الشعب العراقي كعبيد لكن الدولة الريعية تكتفي بتقسيم الدخول الريعية
مواد ذات صلة
ما الديموقراطية وهل العراق ديموقراطي أم نظام آخر يجب تغييره
أضاليل وأباطيل وأحابيل الإيهام بالديموقراطية في العراق
ما معنى عملية سياسية وهل هي سليمة في عراق اليوم أم تتطلب تطهيرا وتغييرا؟
عراقيون وسط عبث عملية 2003 السياسية؟
*****************************************
اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته
*********************************************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/
للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي
https://www.somerian-slates.com/2016/10/19/3752/