أسس اشتغال المثقف العراقي ومهامه تجاه تحديات الوضع العراقي الراهن
د. تيسيرعبد الجبار الآلوسي
تداخل في الخطاب الثقافي خاص بمؤتمر القمة الثقافي العراقي بنسخته الثالثة في محافظة ميسان مدينة العمارة بجنوب العراق، التداخل يُنشر كاملا بوقت لاحق.. هذا موجز فيه والتصور الذي يستكمل الاشتغال يفصِّل في المحاور والنقاط التي وردت بنيويا في المعالجة وما تستهدفه من توصيات يُفترض التركيز عليها وعلى مطالب التثقيف بها…
باستمرار ومنذ 2003 جابه المثقف العراقي ظروفا عصية إذ كان مستهدفا في وجوده بالتكامل مع الهجمة الظلامية سواء الطائفية وبلطجتها أم الإرهابية ودمويتها تلك العدوانية الظلامية ضد الثقافة وخطابها.. لقد كان الانحدار بالتعليم سواء منه ما يتعلق بالأبجديات المعرفية أم بتحريك منطق العقل العلمي قد تم اسنهدافهما بالضد من أي شكل لوجودهما المؤمل في عراق جديد وتطلعات أبنائه.. وبين تصفية المثقفين وأداءاتهم وبين استهداف المنجز وخطاب الثقافة بتركيبته المعرفية والقيمية السلوكية كان هناك تدهور شامل صنعته حالات وأدٍ خطيرة ومحاصرة وابتزاز بحجم إبادة جماعية شاملة بالمستويين المادي الإنساني الملموس والمعنوي الثقافي روحيا..
أما ماذا جاء بديلا غن التطلعات فإن تمظهرات الظلامي لم تكن عتمة ودكنة هلامية عابرة بلا ملموسية بل كانت وجودا ملموسا لكل أشكال الزيف وأضاليل العبث التي افتضحت وتكشَّفت ولكنها تمتعت بسطوة استثنائية خطيرة على حساب المنظومة القيمية الشاملة للمجتمع وسط أعتى وجود مافيوي عنفي وأوسع أشكال التفشي لوباء الانحطاط بتلك المنظومة القيمية السامية التي حملها المجتمع العراقي طوال مراحل مسيرته التاريخية القديمة والمعاصرة الحديثة.. وأبرزها ما سطعت بفضل العقول العلمية المثقفة وعطائها بعصرنا الحديث..
إن مستجدات الوضع العراقي باتت أكثر احتقانا وتفجرا مع احتدام التخندق بين الظلامي والتنويري؛ بين المجتمع المصادَر المسلوب حقوقاً وحرياتٍ وبين عناصر الفساد بكل مفردات خطابها المعبر عن التجهيل وإشاعة التخلف ونشر الأميتين الأبجدية والروحية الثقافية.. ولكن على الرغم من الاحتقان والتفجر فإننا ينبغي أن نواصل السير بثقافتنا إلى أمام حيث رسالة التقدم والتنوير بظل واجبا رئيسا لوجودنا ولمحاولات الفعل فينا…
لقد قلناها معا وسويا هنا بأنّ ذاك الخطاب السياسي المرضي وفرضه قسريا أسبقية السياسي على الثقافي، قد أودى بآخر ما كان يمكن الاستناد إليه في منجز الثقافة. فشهدنا خراباً ممنهجاً بدءاً بمنجز الثقافة في ينابيعه الشعبية حيث الثقافة منجز شعبي بامتياز وخلاصة لقيم وسلوكيات الناس، بسبب من سيادة التجهيل وبلطجة قسرية فرضت التخلف ومنهجه السوداوي المرضي أوجدت فسحة تضليلية لتلك الميول الطقسية التي شغلت العقل وفرَّغته من منجزه مُحيلةً المضامين لمآرب التسطيح والخواء المبتغى بقصد السطو على الإنسان وإخضاعه بـِ(تدجين) يُلغي إنسانيته! وخرابا نخبويا بسبب إشاعة مفاهيم الاتجار بيعا وشراءً للإنسان ولكل منجزاته.. بمعنى ولوجنا مرحلة بات الفساد فيها شاملا مناحي الحياة!
اليوم صار الأوفياء لحركة الثقافة لا يشاهدون ثراء عطاء صار من أمسٍ بلا اثر.. وصار بعضنا يكتفي باسترجاع واستذكار سلبي يوم كان مسرح بغداد عامراً فيما هو الأن خرابةٌ مهجورةٌ! فهل يمكن الاكتفاء بإطلالة على عشرات دور السينما في بغداد ولا نقول المحافظات تلك التي كانت ملأى مزدحمة بعروضها الصباحية والمسائية حتى أن الزحام كان يشكل تظاهرات بشرية ضخمة أمام الأفلام المميزة بمضامينها، وكيف صارت اليوم خواء في خواء!
هل نسينا أن عقدا ونصف العقد تضخم بالاعتداءات الهمجية على الثقافة والمثقف؟ أذكِّر بالاعتداءات الظلامية على مباني اتحاد الأدباء والصحافيين والفنانين وغيرهم بذرائع واهية رخيصة وبلطجة سافرة فيما ترتكب من جرائم! أذكِّر بجرائم الاغتيال بشكل شبه يومي للتنويريين من الكتّاب، الأدباء، الشعراء، الصحفيات والصحفيين، والفنانات والفنانين وإن لم يكن بالتصفية الجسدية فبالابتزاز والإكراه على ترك إنتاج الثقافة!
فما هو بديلنا؟ وما صيغ اشتغالاتنا للانتصار لثقافة التنوير والتقدم؟ إن ذلكم يكمن في قبول الآخر واستعادته لفضاء الحلم الإنساني، فضاء المحبة والتآخي والتفاعل إيجابا لبناء عالمنا الجديد.. إننا لا نستهدف محو أو إزالة إنسان حتى لو اختلف معنا جوهريا وحمل مختلف الأمراض؛ ولكننا نستهدف معالجته من تلك الأمراض ببدائل نراها الأنجع والأنضج ومعها إيمان مكين بالانفتاح والتفاعل مع الآخر لنصل معه إلى ما هو أفضل.. لأن حوار التنوع والاختلاف هو اشتغالنا الرئيس وهو منهجنا للتقدم ولتصحيح الرؤى بخلاف نهج الأحادية وإلغاء التعددية، بصيغة تكفير الآخر؛ أو إلغاء الآخر وقهره واستلابه وقمعه كما يحصل من قوى متشددة تستغل نهج تكفير الآخر وتقيم عليه الحد فتكون هي بمقام ممثل القدسية الإلهية على الأرض فيما كل من هم غيرها عبيد يخضعون لنهجها وعدوانيتها…!
وبهذا التمهيد أحاول تلخيص اشتغالي لأضعه بموجز قد يثير حوارا مناسبا في حضرة مؤتمر قمة ثقافي يسمو بالتعاضد والتفاعل بما يُعلي حركة الثقافة جمعيا لا فرديا ولا شلليا… ولربما تلخصت الاشتغالات المؤملة منا جميعا بوحدة حركتنا الثقافية التنويرية وبعضها مما سبق اعتماده لكنه يبقى مهما تسجيله مجددا ومتابعة تلبيته وتحقيقه لا إهماله أو إغفاله فلنتابع الآتي من الاشتغالات بعين الاهتمام، وأقترح أيضا اعتمادها في التوصيات:
- يوم أحرقوا ( المكتبات ودور التوثيق الوطنية) ويوم أشاعوا ظواهر التسرب من المدرسةس وأغلقوا مكتبات المؤسسات التعليمية أو أفقروها قصدوا ايضا ليس مجرد حجب مصادر المعرفة وإنما القضاء على ظاهرة القراءة بوصفها الناشط الأعمق للاتصال المعرفي بين الأجيال ولنقلها من عالم التقدم إلى الوطن وأهله.. لهذا وجب أن ينهض مثقفونا بمخاطبة مبرمجة بـ(حملة منظمة) تعقد الصلات مع المكتبات العالمية المعروفة وكذلك أية مساهمة كانت بالتبرع لمكتبات العراق الأساس ومكتبات الجامعات والكليات وبالاتصال بالدوريات العلمية في الجامعات التي نحن على صلة بها لكي تنظّم دعما عينيا وماليا سنويا على أقل تقدير على مدى خطة خمسية مناسبة.. وطبعا بالخصوص كذلك، لابد من النهوض بمهمة خطيرة الشأن تتجسد في تحديث المكتبة واستعادة مكانتها وإدخال التكنولوجيا الأحدث والاتصال الأهم مع مثيلاتها عالميا… مثل مشروع ((المكتية الوطنية)) التي نريد لها أنْ تضم المعارف منذ سومر الحضارة ومروراً بدار الحكمة البغدادية وحتى آخر عمل مكتبي متخصص عالميا مما نأمل أن يتاح لنا وضعه بين أيدي جمهور المعرفة والخبرة والثقافة.. ستكون هوية العمارة وهندستها وحجمها وتقنياتها جد مهمة لتشجيع القراءة ونشر المعارف والعلوم…
- وبدلا من محاولات عبثية لإلغاء مؤسسات الثقافة الرسمية الحكومية نحن بحاجة بدلا من ذلك إلى إعادة تنشيط وزارة الثقافة ومحتواها البرامجي وتبني (المجلس الوطني للثقافة والعلوم والآداب والفنون) بشكل مباشر عاجل بتفعيل اشتغالاتهما بشكل ممنهج. ويأتي هذا من استجابة واجبة لمذكرة بمطلب المجلس الوطني للثقافة تم توجيهها أكثر من مرة إلى الرئاسات والجهات التنفيذية والتشريعية المعنية.. وهي عمليا موجودة على أن توقع عليها الشخصيات والمنظمات الثقافية كما يجري التنسيق معا وسويا ببرمجة تنظيم وقفات مطلبية دورية مستمرة لحين تلبية المطلب..ولابد هنا بالخصوص، من معالجة الخروقات في تولي مسؤوليات الثقافة في مؤسسات الدولة من شخوص كثيراً ما كانوا بلا كفاءة أو بلا قناعة إيجابية بالجوهر الإنساني التنويري للثقافة أو حتى كونهم في حقيقة وجودهم دخلاء بقصد التخريب المتعمد؛ وهو ما يحيلنا أيضا إلى مسألة مكافحة تسلل الفساد إلى هذا الميدان الأهم في حياة الشعب والوطن..
- ثم النهوض بمهمة دعم النتاجات المسرحية والسينمائية والتشكيلية وكل الأعمال الإبداعية حسب برنامج عمل يُتفَق عليه بإطار خطة خمسية شاملة. وأنْ يتم تنفيذه بالتعاون مع المؤسسات الدولية المعنية بمثل هكذا مهمات.. على سبيل المثال أنْ تقيم بعض المؤسسات مهرجاناتها أو عروضها في بغداد ومدن العراق الأخرى وفي الإطار تقدّم الدعم الممكن لنشاط عراقي مماثل، ويمكن للجمعيات والمنتديات الثقافية العراقية في الخارج تأدية مثل هذا الدور بشكل منسق..
- القيام بمهرجانات الثقافة العراقية في بلدان المهجر ومدنه مع دعوة فرق أو جماعات الثقافة من الداخل لتقديم العروض أو للمشاركة في المهرجانات الدولية وذلك عبر عقد الصلات المناسبة لتنفيذ هذا النشاط، وبشكل ممنهج عني التنوع وبظاهرة الشمول للأداء العراقي بمختلف محافظاته وتنوعات هوياته الفرعية المتمسكة بقيم الوطن وهويته الحضارية المدنية..
- العمل الجدي المسؤول على تفعيل وجود الروابط والاتحادات الثقافية وتنسيق العلائق فيما بينها وتطهيرها من أمراض الفردنة والشللية ودعم تلك المؤسسات الجمعوية تنظيميا وماديا بما يتيح فرص الأداء الأنجع والنظر للمتاح وعدم الركون للسكون واليأس من حال المراوحة والتراجع أحيانا..
- إيجاد آليات تشجيعية تحفيزية في ظروف سيادة السلبية والانكفاء والاحباط، من قبيل تنظيم المسابقات والمنافسات والجوائز التشجيعية الوطنية والمحلية على مستوى الانتاج، بإطار هويات الطيف العراقي من المنتَج في لغات حية إلى جانب العربية، الكوردية والسريانية والتركمانية وغيرها ولابد اليوم لنا من جائزة وطنية بمستوى دولي ربما بمسمى جائزة سومر للآداب والفنون والثقافة…
- وبهذا لابد من العناية بثقافة تعددية وخطاباتها التي تعنى بالتنوع الإنساني بمختلف مستوياته، وتعزيز مساحة الدعم لمؤسسات الثقافة المحلية في المحافظات والأقاليم العراقية وكذلك تحديدا في اللغات العراقية المتعددة في إطار خصوصيات الهوية للمجموعات القومية والدينية كافة وبلا استثناءات أو تهميش أو تجيير ومتاجرة فارغة.. مع العمل على انعقاد مؤتمرات بحثية دورية بالخصوص…
- تحديث مؤسسات التعليم الأولي والعالي وإدخال أنماط التعليم الأحدث من مثل التعليم الألكتروني.. ومن الطبيعي الإشارة بالخصوص إلى إشكالية المناهج والخطاب التنويري فيها بما يمكننا من النهوض بمهمة إزالة تشويه خطاب التعليم ومعالجته من ظواهر الحزبنة والتسييس أو من أي تدخلات مرضية وإطلاق مجالات البحث والأنشطة الثقافية في إطارها. وطبعا هنا ينبغي لنا أن نفعِّل الأنشطة الثقافية في المدارس والمدن ومؤسساتها الموجهة للطفولة.
- العناية الجدية المسؤولة بمستوى نوعي جديد بالتراث وبالآثار واستحداث استراتيجيات في إطار شامل للثقافة العراقية، على أن قضية الآثار المنهوبة تبقى قضية جوهرية ويبقى أيضا أمر إحياء المواقع الأثرية منعتقا من النواهي والمحظورات الطارئة وغير الموضوعية كما هو الحال مع العوامل المتسترة بالديني زوراً وبهتاناً والمواقف المسبقة التي يراد تمريرها بوساطة ذاك الدجل.
- التنسيق مع المنظمات الدولية والإقليمية المختصة بالتربية والثقافة والآداب والفنون وتوظيفها في حملات وطنية واسعة ومهمة، ضمن الخطة الخمسية المشار إليها…
- مفاعلة جهدنا بالآخر عبر مهرجانات محلية ومشاركات إقليمية ودولية…
- العناية بثقافة عراقية (مهجرية) وبمؤسساتها مما باتت لها بناها ووجودها وشخصيتها وربطها بالمنتج المحلي الوطني وعدم التخلي عن منظمات الثقافة وجمعياتها وتجمعات الإبداع أينما كانت ومن دون مسبقات وشروط بيروقراطية أو حكومية أو أجندات حزبية أو فئوية تمثل عارضا مانعا للعناية المؤملة…
- تفعيل أدوار الفضائيات ووسائل الإعلام وتعزيز القدرات الانتاجية والاتجاه للتلفزة والسينما في مشروعات عملية لانتاج إبداعي ثقافي بدل التصريحات والكلام الذي لا يغني ولا يسمن….
- أن يجري اعتماد اليوم الوطني للثقافة العراقية وأن يكون موعدا شعبيا وحكوميا رسميا للانعقاد الجمعي لأنشطة وطنية الهوية..
- استمرار جهود اللقاء والتنسيق مع المحيط الأوروبي والأممي لكي نؤمِّن تضامنا مناسبا نتمكن عبره من مد يد العون لوقف حمامات الدم في بلادنا بخاصة منها تلك التي طاولت وتطاول المثقف والثقافة قبل غيرهم.. وربما تمكنا من ذلك مع مد جسور مشروعات الإبداع الأدبي الفني باتجاه بلادنا ولدينا ذخيرة نوعية كبرى يمكنها أن ترسل بموضوعات الإبداع ما يؤثر في أوضاع الداخل ثقافيا..
- وضمناً لابد من توجيه النداء الرسمي: إلى الدول التي لم توقع على المعاهدة الدولية لمنع الاتجّار بالآثار المسروقة، لكي توقع عليها، وهي حاليا حوالي 87 دولة (ومنها هولندا) وذلك بحملة ضغط جدية وفاعلة بهذا الشأن.. ومن ذلك تطوير حملة جمع التواقيع لهذا الغرض..
- تشكيل لجنة من المثقفين العراقيين الاختصاص في كلّ أنحاء العالم حيثما أمكن ذلك تكون مهمتها دعم المؤسسات العراقية المختصة داخل بلادنا بخصوص استرجاع تلك الجواهر الثمينة المسروقة من تاج الرافدين ومتابعة حملات الدفاع عن آثارنا تحديدا الحملات الدولية المعروفة.. وتلتزم تلك اللجان بالاتصال بالمؤسسات المعنية في البلد ـ من متاحف ومزادات متخصصة ـ وتتباحث معها في السبل الكفيلة بالكشف عن آثارنا المنهوبة وتوفير المعلومات الضرورية بالخصوص, مع إدخال مسألة قراءة سجلات القطع الموجودة بالفعل في عدد من المتاحف العالمية.. كما تنسّق تلك اللجان جهودها مع الخطط الموضوعة لهذا الهدف من قبل متاحفنا العراقية ومؤسسات الثقافة العراقية في الداخل والخارجعلى أن يجري وضع خطة لا تزيد على الخمسية كي يُعاد بناء أكبر متاحفنا الطبيعية بمدن التراث الإنساني من جهة وبمباني المتاحف المعاصرة التي تستوجب التطوير….
- إيجاد أرضية لنشر ثقافة تنويرية بمجالات الإخاء والتآلف والتسامح وتعزيز الثقافة القانونية ومنع الانفلاتات ووسائل معالجة لغة العنف وثقافته المرضية…
- دحر محاولات الهدم والتخريب الواقعة بآثارها على منظومة القيم السامية النبيلة واتخاذ وسائل تسجيعية لكل ما هو إيجابي قيميا واستعادة مكانة علاقات نبيلة بين الجميع ونشر النموذجي من القيم بفضل التشجيع والتكريم والتعاضد بتلك الاشتغالات ذات السمو بمقابل دحر ما يراد تفشيه من منطق الخرافة والخزعبلات وقشمريات الدجل ومحاسبة و\أو مقاضاة تلك الجرائم ومن ينشرها وباء خطيرا…
- اعتماد الدوريات العلمية والصحف والمجلات ودعمها بجدية تتناسب وأهمية تلك المنافذ لنقل منطق العقل العلمي وتفعيل الإرادة الجمعية للمجتمع المدني وسلطاته..
- ومع كل مهام الثقافة بتنوعاتها واشتغالاتنا فلعلنا نساهم جديا بقوة في نشر ثقافة الخضرة غرسا لكل ما ينمو مزهرا مثمرا لنسقي أرضا حيوات مجد وتجدد بدل ما أرادوه من محاولات قتل ليتركونا أرضا يبابا سواء في أرض الوطن التي ينشرون التصحر فيها أم في أرواحنا التي يريدون أن يحيلوها قاحلة من كل قيمة سلوكية أو معلومة ومعرفة.. فلنتخذ القرار ونمضي وحتما سيحالفنا النجاح..
إن مهامنا هذه تقبل إعادة القراءة سواء في جوهرها أم في تسلسلاتها والأولويات المنتظرة فضلا عن آليات التنفيذ وثقتي بمؤتمر للثقافة أنه الأقدر والأنجع على تحويل هذي المهام إلى نداء وبرنامج عمل لمواجهة التحديات ولإزلة العقبات ومعالجة الثغرات والمثالب والانتقال غلى دور مؤثر مجددا في مسيرة الثقافة العراقية وخطابها..
إن حركة المجتمع المدني تتطلب ضغطا مطلبيا بكل ما ورد في أعلاه وبالقدر الذي تستطيع تلبيته وتحقيقه فذلكم يمثل التراكم تدريجا من أجل وصول إلى متغير نوعي نثق بتحقيقه وإنجازه..
ومثلما دوما أجدد التوكيد على تجربتنا التاريخية التي تؤكد على أنه مع كل الانكسارات العسكرية العنفية التي جابتها حضارة سومر وبلادنا وادي الرافدين فإن الثقافة السومرية وتحضرها وطابعها وهويتها ((المدنية)) كانت دوما سببا الانتصار ومعاودة السير في طريقنا لاستباب الأوضاع ومسيرة السلام وإعادة الإعمار والبناء في الروح العراقي وفي الوجود البنيوي الوطني العراقي… فهلا تمسكنا بهذه العلامة الجوهرية المحورية لاستعادة دورنا ثقافيا وانتصارنا للعراقي وهويته الإنسانية بدلا من إغفال وإهمال قسى على أهلنا وبات يرتكب أبشع الجرائم بحقهم ووجودهم!؟
ثقتي وطيدة فتحية لكنّ ولكم ونلتقي مجددا ودائما وقريبا أحتفل بوجودي وسطكم أنتم الأصل وانتم الهوية.. وأنتن وأنتم العنوان عراقيا إنسانيا ساميا شامخا كنخيلنا الباقي أبدأً مثمراً معطاءً وكشمسنا السومرية الساطعة دفءا وحياة
فإلى ذياك اللقاء أنحني لكم وتحية وانتصار للتسامح والسلام في وطننا بيتنا وطن السلام وشعبنا بمنطق العقل العلمي لا بمنطق الخرافة الذي وفر فرص استعبادنا وها نحن نتحرر أليس مؤتمركن ومؤتمركم بدليل على التحدي والتمسك بشعار التغيير وكنس نفايات التخلف؟
أنتن وأنتم من يجيب وقلبي معكم