مقتبس من المعالجة: “أدرك العراقيون أن تطلعاتهم لن تأتي إلا بالتغيير الجوهري لا بترقيعات إصلاحية.. فلقد خضعوا طويلاً لخديعة نظام الطائفية الكليبتوقراطي؛ مرةً بالتضليل، وفي أخرى ببلطجة ميليشياوية.. فكيف يتحقق التغيير المنشود؟“.
وقبل أن نجيب، علينا أن نتذكر أن الأمور لا تنحصر بين خيار الشرعنة للطائفية والفساد من جهة أو تلقي الضربات القاسية من جهة أخرى كما يبدو في الوهلة الأولى لقراءة المقتبس في أعلاه بل تنفتح الخيارات وأمورها كذلك على الخيار البديل ولهذا نحيل القارئة والقارئ الكريمين إلى أن التساؤل عن كيفية التغيير هو بوجهه الأعمق، وضع ذياك البديل موضع الخيار الآخر الذي ينبغي الانتباه عليه بلا تردد ولا خشية… وها أنا ذا أقترح متابعة المعالجة هنا متطلعا لتفاعلاتكنّ وتفاعلاتكم الكريمة.. فمرحبا وأهلا وسهلا
تسعى الشعوب بكفاحها لمزيد خطى تتقدم بها إلى أمام.. إنها طبيعة قوانين التطور الإنساني. وقواها التقدمية التحررية ترسم برامج التغيير والتقدم على وفق الظرف المخصوص للبلد وما يتحكم بمساره داخلياً وخارجياً دولياً في زمن العولمة وضغوط متداخلة من شتى الاتجاهات. ومثل تلك البرامج النضالية على سبيل المثال تتخذ طابع العمل البرلماني حصراً مثلما في بلدان أوروبا، حيث مستويات التقدم والنمو المتقدمة ودرجة الاستقرار المجتمعي وفرص التقدم بإطار تلك البلدان، وطابع الهوية وما تتيحه ضمانات الحقوق والحريات من أسقف التغيير سلمياً ديموقراطياً…
لكن، هل تنطبق فكرة التعويل على الاستراتيجيات التي تمارسها القوى السياسية التقدمية بدول أوروبا على ما ينبغي أن تتخذه قوى التنوير والتحرر في بلدان التخلف بآسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية؟ هل ستسمح القوى المافيوية، بما تمتلكه من بلطجة ميليشياوية واستغلال للسلطة، أن تُمارس مهام التغيير السياسي وتلبية تطلعات الشعوب بذات الأساليب التي تجري بالديموقراطيات الغربية؟
مبدئياً وللوهلة الأولى تأتي الإجابة بالرفض؛ وبأنه من الدجل والضحك على الذقون أن يجري تمرير أساليب العمل السياسي بذات النهج الجاري في بلاد ترسخت فيها قيم الديموقراطية عبر قرون…
فكيف بنا ونحن نتحدث عن نُظم ببنى اقتصا سياسية متخلفة ونهج ظلامي، لا ينتمي لعصرنا بل إلى ما قبل الدولة الحديثة حيث اجترار الطائفي بأدرانه والاحتكام لسلطة مافيوية ميليشياوية تنتهك الحرمات وقيم الإنسانية حد إحياء منطق العبودية واسواق النخاسة!؟
وفي النموذج العراقي، نقرأ أوضاع نظام وُلِد غب تغيير راديكالي خارجي وقع بظروف غير مؤاتية لإشادة بديل يتلاءم وتطلعات الشعب.. فما تحكّم بالمشهد تمثَّل في فرض شخوص بلا دراية تفي لممارسة إدارة دولة ذات خلفية معقدة التركيبة؛ فضلا عن هوية تلك الشخوص وعجالة تشكيلها أحزاب تجتر أسوأ ما تركه الزمن الغابر من تشكيلات وأردأ ما أفرزته مرحلة تشكيل الدولة الحديثة يوم كان تنشط بين الفينة والأخرى قوى هامشية، مُعتاشة على منطق الجهل والتخلف والأميتين الأبجدية والحضارية…
فنشأت سلطة استغلالية طفيلية، نهجها يقوم على تمرير خطاب طائفي متخلف، دفع بكل منطق الخرافة ليلف أوسع جمهور حوله ويشاغلهم بعيداً عما أودت سياساته الاقتاصدية والاجتماعية من مآسٍ وكوارث..
فقد تعطلت الصناعة وتمّ تخريب الزراعة وبارت الأرض وجفَّت الأمواه من من كثير من مجاريها وحتى رافدي البلاد انهار فيهما منسوب المياه إلى أدنى نسبة تاريخياً وبات التصحر سيد المشهد بعد نضوب المياه وزوال أشكال الغابات من الأشجار المثمرة كالنخيل ومن كل أشكال الخضرة والنماء…
وصار العراق أحادي الاقتصاد (الريعي) فتفشَّت جرائم النهب والسرقة؛ بمستويات عدّتها مؤسسات المقاييس الدولية الأعلى عالمياً حد وصول درجة الدولة الأكثر فشلا بمعنى وصول حافة الانهيار والتفكك حيث إلغاء هوية شعب وشرذمته لا على فضاءات التشرد واللجوء بل على كانتونات فتحت أسواق نخاسة واتجار بالإنسان في ظروف من الابتزاز سحقت إنسانية الإنسان!
ذلكم هو نظام ((الطائفية الكليبتوقراطي)) وسماته وطابع جوهره وآليات اشتغاله.. ولقد ساهم في اللعبة العبثية الأخطر في التاريخ الإنساني تحالف يتبادل الأدوار من قوة سياسية جرى تنظيمها في حركات وتيارات التشويه السياسي وبمأسسة ما يُسمى الكهنوت الديني بما بثه من سموم التضليل الذي ما أنزل الله به من سلطان لأنه مجرد اجترار خرافة ومنطقها وطروحات الزيف فيه، لا استدعاء دين مما لا غلو فيه ولا تأويلات وتحريفات تشرعن قشمريات الكهنوت المصطنع ودجله…
ولقد وصل الشعب إلى حال من التشظي بانقسام مفتعل مصطنع بين معتقني الدين الواحد حيث تخندقات شيعة سنّة ومسلمين وغير مسلمين؛ جرى بظلالها ارتكاب أوسع الجرائم وأكثرها خطورة تصفوية من بشاعات لم تكتفِ بالاغتيالات التي طاولت العلماء والعقل الوطني التنويري بالتوازي مع سحق الطبقة الوسطى، فاندفعت أكثر حيث جرائم إبادة جماعية بحق المجموعات الدينية والقومية من المسيحيين والمندائيين والأيزيدية وكثير غيرهم! فضلا عن جرائم التغير الديموغرافي من تقسيم المناطق والمدن والضواحي وارتكاب التطهير العرقي القومي الديني المذهبي فكان جريمة جديدة أخرى من جرائم التهجير القسري والنزوح..
فتوصل المافيويون لتكريس نظام هذه المرة ما عادوا بحاجة لتشغيل من يسمونه مرجعيات دينية وهي مجرد رجالات كهنوت مزيف يستكتبونهم فتاوى مارسوها طوال 15 سنة عجافا من التجهيل واستغلال الخرافة ونهجها.. هذه المرة مع تنامي الوعي وعودة الروح الوطني شمّروا عن سواعدهم لتشكيل واجهات جديدة تتسمى بالمدنية وحتى أنها تحمل برامج منسوخة من العلمانيين الديموقراطيين لتقديمها بديلا لوجوه السنوات العجاف السابقة وادعاء اتعاظهم واتخاذهم طريق (الإصلاح)!
وكي يستمر النظام الذي تمّ تكريسه، أعلنوا أنهم يستجيبون لمطالب الشعب في ممارسة الانتخابات (الديموقراطية)! وبالحقيقة يستطيع أي متمعن ذو بصيرة أن يكتشف اللعبة العبثية كيف يديمونها لمواصلة سطوتهم وتربعهم على كرسي السلطة (الغنيمة)…
أما شكل اللعبة (الديموقراطية) فهي على طريقة مخاطبة الشعب تريد أرنب خذ أرنباً، تريد غزال لن تأخذ سوى الأرنب إياه.. إنهم يديرونها بشكل سافر فتصريحاتهم ليل نهار إنها غنيمة أخذوها وبعد ما ينطوها ولهذا فهم لا يستحون من تشريع قوانين مفصلة على مقاسهم لإعادة إنتاج وجودهم..
فقانون الانتخاب لا يسمح سوى بتمرير بضع كراس هي موالح التنويع بقصد الشرعنة من جهة ومزيد إذلال حيث يقولون هؤلاء أصحاب الأيادي النزيهة لم يحصدوا سوى الفتات وما لا يسمح لهم برسم النهج أو التأثير في سلطتهم وتوجهاتها…
والهيأة (المفوضة) المشرفة على الانتخابات هي حصص لهم وتدار بالطريقة التي تلبي ما يوجه مخرجات العملية الانتخابية إذا ما جاءت بنتائج غير مرغوبة لهم، إنها إدارة شكلية تطبق القوانين المصاغة على المقاس…
الهيأة التشريعية مقصورة على مجلس النواب والنصف الآخر ممثلا بمجلس الاتحاد عليه حكم وقف التنفيذ حتى يتفرغوا به بصياغة تستجيب لتمكينهم من اللعبة…
وتطبيقات الأداء الانتخابي اختاروا دائما ولكل ممارسة ما يعينهم على الأداء بصورة تتلاءم والمخرجات التي يرغبون فيها… سواء بطريقة الأداء أم بما يتيحونه للشعب من خيارات…
لاحظوا معي: أحزاب دفعت بوجوه جديدة وبمسميات (أحزاب) مدنية، وهي بالعشرات، يعرفون أنها لن تحقق شيئا سوى تشتيت الصوت المدني الديموقراطي وتصيّده بالمخادعة وبالنهاية يكون رصيد هؤلاء سواء من مقاعد أم أصوات مقترعين بخدمة توجيهات ىمراجعهم السياسية الطائفية ذاتها.
الأنكى وأبعد من ذلك أن مرجعاً طائفيا آخر احتفظ لنفسه بمسافة عن التشكيل (المدعي) مدنيته فهو صاحب القدسية والعصمة ومهمته الدعم من خارج الأداء الحزبي.. فحزبه كما يصورونه للناخب وُلِد مستقلا عنه وهو لا يمارس سوى المباركة والدعم بجمع السلطتين (الدينية) و (السياسية) وإمعاناً في ادعاء الطابع (الوطني والمدني) مرَّروا اللعبة بالتحالف مع العلمانيين الديموقراطيين!
وبجميع الأحوال فلعبة الطائفية تقول لقوى البديل العلماني الديموقراطي أما تخضون لقوانين نظام الطائفية الكليبتوقراطي وتأتون زاحفين راكعين أو تتعرضون للبلطجة والتصفيات، وأنتم من سيوصل رسالتنا هذه إلى الجمهور وهم بهذا التحالف القهري مع قوى البديل يكسبون شرعية لأضاليلهم ولإيهام الناس واستراتيجيا لإعادة إنتاج نظام الاستغلال الظلامي ومن جهة أخرى يُبعدون الجمهور عن البديل لأن الجمهور يبقى متردداً تجاه بديل دخل بتحالف خلط الأوراق فساهم في إرباك خريطة التغيير من جهة ووقع بقيود تجاه نقاء الصوت حتى أضعف قوته وفرصته في التصدي للنظام من داخله في ظل خطاب المهادنة..
لقد أدرك العراقيون من تجربة الـ15 سنة العجاف، أن تطلعاتهم لن تأتي إلا بالتغيير الجوهري وليس بترقيعات إصلاحية جوفاء في حقيقة ما تقدمه.. فلقد خضعوا طويلاً لخديعة نظام الطائفية الكليبتوقراطي، ولجرائمه من نسبة الفقر والبطالة إلى التهجير والنزوح والتغيير الديموغرافي وحتى إفساد وجودهم الإنساني؛ وهذا وغيره من جرائم جرى ارتكابه مرةً بالتضليل ومنهج الخرافة وغسقاط القدسية المزيفة عليها، وفي مرات أخرى بالبلطجة الميليشياوية.. فكيف يتحقق التغيير المنشود إذن؟
إنّ اللعبة الانتخابية المشوهة والمفرغة من معانيها وهي البعيدة عما يجري في بلدان التقدم يمكن استثمارها منصة احتجاجية من داخل النظام، شريطة ألا يجري تشويه قوى البديل الديموقراطي بتحالفات تضع الناخب في حيص بيص خلط الأوراق وتشويه البديل وشريطة إدراك متطلبات المرحلة من وحدة قوى الديموقراطية كافة ومن حركة احتجاج تُمارَس بصواب خطتيها الاستراتيجية والتكتيكية وتتنامى في خطاها بعيداً عما تجابهه من ألاعيب احتواء مثلما جرى يوم نزل جناح طائفي كان أثره البعيد فصم الجمهور عن الالتحاق بقوى التنوير والإبقاء عليه مأسورا محجورا بين فكي الظلاميين الطائفيين ونشر الاحباط والتيئيس ….
الأمر الآخر يكمن في كسب التضامن الدولي الأممي لتغيير التشريعات واستكمالها بسلامة وضمان الأداء بما يتقدم خطى نحو نزاهة العملية، أي بما يحمي أصوات الناخبين من السرقة أو التجيير لمآرب قوى الطائفية…
لكن بجميع الأحوال تبقى الحركة الاحتجاجية ونضالاتها هي المعول الأساس في الوصول لتلك المكاسب التي لن تُمنح هدية من قوى الاستغلال الطائفية المافيوية..
وهذا يتطلب:
- كسر صنمية المرجعيات المزيفة من الكهنوت الديني السياسي..
- فضح لا منطق الخرافة ودجلها وتحرير العقل الجمعي من أسرها.
- الامتناع عن إيهام الشعب بأن اللعبة الانتخابية الراهنة المشوهة يمكن أن تكون طريق التغيير في ظل تشوهاتها.
- اختيار تحالف قوى التنوير بعناية ودقة وسلامة وتجنب أي شكل للتنسيق والتحالف مع أجنحة الطائفية كافة بلا استثناء.
- تعريف الجمهور بقوى التنوير عبر وحدتها وبرنامجها وشعاراتها.
- إيصال رسالة قوى التنوير واضحة بأنّ الانتخابات الراهنة ليست سوى منصة لا يُخشى من عدم صعود حجم مناسب لقوى التنوير، فهي قوى تدرك أسس رسم اللعبة وتزييفها…
- إن لم تأخذ قوى التنوير من الجمهور المضلَّل فليس صحيحا توريط الجمهور الذي أدرك طابع اللعبة بتجربة السنوات العجاف.. وليس سليماً أبداً، ابتزاز هذا الجمهور وتخويفه من أي قرار يتخذه من قبيل المقاطعة على سبيل المثال.
دعونا نشير إلى حجم إنفاق البلاد على التسلح [صرف العراق حوالي 7.4 مليار دولار: أين مخرجاتها!؟] وعلى عسكرة المجتمع بتركيبة ميليشياوية مازال يُبرَّر لها بمختلف الأضاليل.. مقابل حاجة الوطن والناس للتفرغ لبناء قوى (حقيقية) تؤمّن الحدود والاستقرار بطريقة سليمة صائبة، مع تفرّغ أوسع وأشمل لمهام البناء والإعمار وإطلاق حركة الاستثمار في بناء الإنسان عبر التعليم وعبر توظيفه في حقول التطور والتنمية الأنجع.
ولكن كيف يمكننا تلبية شروط التغيير مع تفاقم أزمة الباحثين عن العمل من مستوى وصل في العامين الأخيرين فقط إلى حوالي 572 ألف حالة وزاد في الربع الأول من هذا العام عن حوالي 53 ألف حالة ولا أمل يرتجى في ظل تراجع الأوضاع…!؟
وأمنيا سياسيا سجل العراق منذ 2003 حجماً قارب خُمْس ضحايا الصحافة عالميا في أعلى نسبة يسجلها بلد لوحده من بين 2500 ضحية بأنحاء العالم.. ومازالت الجريمة تمر بلا وقفة جدية مسؤولة؛ هذا عدا عن أشكال الابتزاز الأخرى المرتكبة سواء بالسجن والتعذيب والاعتداء بالضرب والفصل التعسفي وغيره، كل ذلك لحجب فرص مساهمة السلطة الرابعة في مسيرة التغيير!
أما التمييز الجنسي [الجندر] فيقع على المرأة بشكل سافر فعطّل نصف المجتمع وشلّ قدرات التغيير الذي يعتمد وعيا حداثيا ينبغي التنوير بشأنه وسط ظلاميات وأشكال ظلم بلا منتهى.. إذ عدا عن الحرمان من التعليم وعدا عن حجب وسائل التنوير الثقافي وعدا عن النسبة المضاعفة لمرات بخصوص العمل وعدا عن التمييز بالأجور، عدا هذا وغيره، هناك جرائم التحرش المتفشية والاعتداءات الجنسية التي تتحمل المرأة المغتصبة وحدها آثار الجريمة التي يعقبها تصفيتها وإعدامها بدم بارد وبصورة مقننة مشرعنة تحت مسمى جرائم الشرف، فهل بعد ذلك ما يصح الحديث عنه بشأن تحرر المرأة ومستوى مساهمتها في التغيير وهي التابعة بعبودية معلنة لذكورية المجتمع وما يُفرض من أشكال استغلالية!؟
لكن بالعودة إلى الموضوع الأبرز الذي يشاغلون العراقيات والعراقيين به اليوم، ويقطعون به طريق التغيير الحقيقي، أقصد بالعودة إلى الانتخابات الشكلية التي ستجرى بين 10 – 12 آيار مايس؛ ماذا سيكون الخيار: المشاركة أم المقاطعة؟ ولمن سيشارك في الانتخابات، مَن سيختار ولمن سيصوّت ويقترع؟
لقد أكدت التجاريب الإنسانية أنّ التغيير ((الحقيقي)) يأتي بفضل حركة وطنية ديموقراطية قوية بوحدتها، حيوية مثمرة ببرامجها الصائبة النقية قادرة على التأثير بفضل صلابة موقفها واستقلاليته ببعده عن خلط الأوراق والتضبيب أو التشويه وضمناً البعد عن الوقوع بورطة التضليل..
لكن ذلك التغيير الحقيقي وبعده عن زيف الإصلاح الترقيعي التضليلي، لا يعني بالضرورة العزوف عن ممارسة حق الاختيار بالاستناد إلى قراءة موضوعية وقرار دقيق سواء، خيار المقاطعة أم خيار المشاركة. ولكل حقه في الخيار الذي يراه في اللحظة القائمة.
إن المقاطعة تعني اليوم بجوهرها، مقاطعة قوى الاستغلال الطائفية واتخاذ قرار حازم ونهائي بألا يجري انتخاب تلك القوى التي حكمت عقدا ونصف العقد فارتكبت كل أشكال الجرائم المحكومة بقوانين العقوبات المحلية والدولية. وتتحقق المقاطعة بـ: عدم المشاركة بالتصويت أو المشاركة ووضع الورقة الاحتجاجية التي تلغي الورقة الانتخابية بشطبها. وبالمحصلة يكون هذا الخيار إعلان موقف لا يقبل تزكية لطرف ويرفض مجمل العملية الانتخابية المفصلة سلفا بمخرجات مقررة لصالح إعادة إنتاج النظام وشرعنته أي أنها ليست عملية انتخابية ولكنها شكل للبيعة وإعلان الخنوع لنظام التخلف الظلامي…
لكن لمن سيكون خياره المشاركة في الانتخابات لأي سبب يراه، نرى ضرورة أن يتذكر عسف التجربة التي مرّت بها العراقيات والعراقيون وما آل إليه وضع العراق حيث تهديد انهيار الدولة بكليتها.. ومن ثمَّ ينبغي أن يتوجه بالتصويت بدقة إلى قوى ((تنويرية)) رئيسة معروفة لدى الشعب بأنها قوى نظافة اليد ونزاهة الضمير وسلامة البرامج..
هنا لابد من الانتباه على الخيار الأنجع أقصد أولا (التحالف المدني الديموقراطي106) تحديداً أعضاء التحالف الديموقراطي الاجتماعي.. وهناك شخصيات تتوزع بين قوائم مختلفة مثل: تمدن136\2+ واتحاد بيت نهرين الوطني 115\7 وكذلك حصرياً اختيار أصحاب الأيادي النظيفة والضمائر النقية النزيهة البيضاء من القائمة 156…
إن القضية العراقية باتت اليوم، أكبر من لعبة انتخابية مفبركة شكليا؛ فقد عادت لتشكل مهمة إشكالية عميقة تتضمن تغيير نظام جرى تكريسه بتفصيل الأمور على مقاس شرعنة نظام استبدادي مافيوي ميليشياوي وإخضاع كل عناصر وجود الشعب وقواه وتجييرها لإعادة إنتاج الطائفية الكليبتوقراطية..
لكن الوصول للتغيير الأشمل والأعمق بما يلبي تطلعات الشعب والوطن لا يلغي إمكانات توظيف جميع منصات النضال من داخل النظام وخارجه لتلبية مطالب الشعب ولعل بعض الخيارات اليوم من قبيل من يرى المشاركة يمكن للقوى الجذرية أن توظفه تاليا في خطى التغيير الحقيقية..
فلنتنبه على الخيار ونستثمر كل الفرص المتاحة بسلامة وإن كان الصحيح يمر عبر خيار التغيير (الحقيقي) لا الإصلاح (المزيف) بترقيعاته الإيهامية المضلِّلة… لنتنبّه على مخاطر شيطنة الأمور ومنها لعبة المتمظهرين بالمدني من الواجهات وبالدجل بأشكاله حتى في أوساط بعد قوانا..
وتبقى قضية التغيير بحاجة لجدل معمق يستند للعقل العلمي ولقوى التنوير الحقة ولما تمثله كل الرؤى والأصوات.. وطبعا لصوتكم الحر المستقل الحاسم والحازم، أما شخصيا فما اقترحه من بديل لا يقبل الدعوة لما قد يُضيع الأصوات ويشرعن قوى الطائفية والفساد بما تم تفصيله وفرضه قسراً بأحابيل شتى.. فهلا وصلت الرسالة؟