هذا نداء لتلبية إجراءات تحقيق السلام وللتصدي لمشعلي الحرائق والحروب في ضوء اندفاع العسكرتارية التركية وقوات أردوغان العدوانية الأخيرة التي أوقعت أفدح الخسائر البشرية والمادية وهددت المنطقة بمزيد أسباب إشعال فتيل حروب أكثر تعقيدا ومخاطر.. ونحن بندائنا هذا نعول على تلاحم وطيد بين القوى المحبة للسلام والديموقراطية والحرية في تركيا والعراق وفي صفوف شعوب المنطقة بكل مكوناتها وأطيافها ليتخذوا أعلى الإجراءات التي يمكنها أن تتصدى لخطاب الحرب ومنطق العنف في العلاقات بين دول الجوار وأن توقف أردوغان عن مزيد إيغاال في قمع أصوات الحرية والسلام وعن إيقاع المنطقة وتركيا في دوامة حروب مأساوية ليس فيها أي مصلحة لأي طرف..
تصريح باسم المرصد السومري لحقوق الإنسان \ د. تيسير عبدالجبار الآلوسي
كشفت الأنباء المتواترة من الميدان، أنّ الجيش التركي بات يتحرك في رقعة أوسع وأكثر عمقاُ في الأراضي العراقية، انطلاقاً من حوالي تسع عشرة ثكنة عسكرية جديدة أضافها لقواته الموجودة من قبل في بعشيقة وغيرها. وتنوعت صنوف تلك القوات الغازية، بين الدروع والمشاة مع كامل الأسلحة الثقيلة من دبابات ومدافع مما يمكنها الوصول إلى العمق الكوردستاني بل إلى ما بعد الموصل في داخل التراب العراقي. وباتت تلك القوات تستقر في قرى كوردية وأخرى آشورية وقد نصبت الحواجز فيها وحواليها، مواصِلةً التوغل وانتهاك السيادة وتهديد المدنيين الآمنين.
وعلى الرغم من أنّ قوات حزب العمال الكوردستاني التي يمثل وجودها الذريعة لذاك التدخل، قد انسحبت من قضاء سنجار وأنّ قوات الجيش العراقي، قد بدأت اليوم الاثنين، تسلّم القضاء بنشر الفوج الثاني لواء 92 إلا أن القيادة التركية مصرّة على التدخل المتعارض مع كل القوانين المرعية دولياً.
إنّ أنقرة تحاول استغلال الظروف المعقدة لصراعات المنطقة، بغاية مد ذراعها على حساب دول الجوار وتطبيق أجندة سياسية تتقاطع وتطلعات الشعوب في الانعتاق والعيش بسلام.. ومن هنا فهي تمعن في هذا الضغط والابتزاز، علّها تكسب من واشنطن موقفاً يدعم تدخلها في منبج (السورية)؛ لتتابع مآربها تجاه قواتٍ انتصرت على إرهاب الدواعش واستطاعت حماية الأمن وتسيير الإدارة المحلية في المناطق المنعتقة والمحررة من الإرهاب.
ومن نافلة القول أن نؤكد على أنَّ مثل هذا التدخل يهزّ الأوضاع ويزعزع الاستقرار ما يسمح لها بمزيد تدخلات ويطلق يدها لتصفية حسابات مع أطراف بعينها، تصفها بالإرهاب بالتقاطع مع موقف كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي تجاه تلك الأطراف الكوردستانية وتجاه قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من التحالف الدولي.
إن قوات أنقرة تتقدم اليوم في عملية عدوانية جديدة باسم درع دجلة باستهدافها قوات حماية الأمن والسلم الأهلي بالمنطقة بذرائع وحجج واهية؛ فيما غايتها تكمن في مد سطوتها باتجاه الحدود التركية العراقية لتطوق مناطق في إطار السيادة العراقية من شمال الموصل مروراً بكوردستان في دهوك وزاخو وغيرهما، لتستبدل معبر فيشخابور بتفعيل معبرأوفا كوي مندفعة بعملها العسكري باتجاه تأمين خط أوفا كوي وطريقه لغاية الموصل نفسها!
وفي هذه الظروف المتشابكة تعالت وتتعالى الأصوات الوطنية العراقية ضاغطة على الحكومة ببغداد كي تمارس دورها الرسمي المكلفة به في حماية رعاياها وتقديم مشروعات جدية مسؤولة وقوية الأثر في إطار مجلس الأمن والمنظمة الأممية لإيقاف ذاك التوغل وتهديداته الأمن الهش في سنجار ومجمل المنطقة. وهو الأمر الذي حظي بتأييد ممثل الأمين العام للمنظمة الدولية السيد يان كوبيتش بتوكيده: “على عدم السماح لأي طرف الاخلال بالوضع الأمني والإنساني لأهالي تلك المنطقة بما فيهم أكثر من 10 آلاف عائلة أيزيدية تتعرض لتهديدات وهجمات مضاعفة”.
ونحن نؤكد من جعتنا أن إخلاء المنطقة من أشكال الحماية والفراغ الأمني المختلق وهزّ الاستقرار الهش هو اصطناع أوضاع تبيّت، مزيد تدخل وإعادة إنتاج فرص أخرى لاستيلاد القوى الإرهابية التي شهد العالم كيف مرت عبر منافذ الجوار التركي وغيره بدعم لوجستي مفضوح يجب إيقافه والتصدي لمخاطر تجدده..
إن المطلوب اليوم، يتجسد في خطط جدية مسؤولة يمكنها من توفير دعم الاستقرار وإعادة تهيئة الأوضاع والبنى الأساس للمنطقة وكل أشكال الرعاية الإغاثية الإنسانية لعشرات آلاف المواطنين المدنيين الأبرياء في منطقة لا تحتمل مزيد صراعات دموية بشعة..
وسيكون التدخل التركي الجديد فعلا يعرقل محاولات إعادة أولئك الذين شردتهم جرائم الحرب وجرائم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها شراذم الإرهاب التي وجدت لها تسويقا ودعما لوجستيا مفضوحاً عبر حدود دول في المنطقة…
إننا نطالب الحكومة العراقية والمجتمع الدولي بخاصة هنا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والمنظمة الدولية للعب أدوارهم ومسؤولياتهم بشأن:
- وقف فوري للتدخل التركي السافر في الأراضي العراقية والكوردستانية.
- وقف أشكال القصف العشوائي بالطيران والمدفعية بمختلف الأسلحة الثقيلة..
- إنقاذ المدنيين الأبرياء من عدوان استباح المدن والقرى الكوردستانية والعراقية بصورة أشمل بما تجاوز مرحلة التهديد حيث بات يوقع أفدح الخسائر البشرية والمادية.
- توجيه الإدانة للأعمال العسكرية التركية بوصفها انتهاكاً سافراً لسيادة دولة مؤسسة للأمم المتحدة، ومن ثم تحميلها كل الخسائر الناجمة بشرياً ومادياً.
- ينبغي على الحكومة العراقية اتخاذ كل الاجراءات العاجلة لوقف العدوان والتصدي له بكل الأشكال التي يكفلها القانون الدولي مع تجسير المواقف مع المنظمات الاقليمية والدولية بهذا الشأن.
إنّ الواجب المؤمل لا يقر حال التلكؤ الذي وقعت به الحكومة العراقية وبطء إجراءاتها الميدانية وهزالها من جهة واتصالاتها الضعيفة وتركها الأمور تجري بمسار آخر صار يتضمن فعلياً وميدانياً بشكل سافر، خطى تتقاطع ومصالح العراق وشعبه وتتعارض وحماية المدنيين الآمنين وسيادة العراق…
ومن هنا، فإنَّنا وبخلاصة لحوارات مباشرة وعاجلة مع ممثلي منظمات مجتمع مدني حقوقية وباسم المدنيين الأبرياء وحقوقهم الثابتة المكفولة في القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني، نطالب كل القوى الوطنية المخلصة لاتخاذ مواقف أكثر جرأة وشجاعة في التصدي لمهامها ولممارسة الضغط الفعلي دفاعا عن الروح الوطني ومصالح الشعب العراقي بكل مكوناته وأطيافه. ومثل هذا الموقف يقطع الطريق على قوى تضع يدها بأيدي أطراف إقليمية ودولية لا تتلاءم والمصالح الوطنية العليا للعراق.