هذا توضيح يؤكد التمسك بموضوعية الحوارات وسمو القيم النقدية وسلامة نهجها القائم على منهج العقل العلمي ومن ثم على رفض أسلوب التهجم والتسقيط والتخوين لأي طرف أو شخصية ولأن الغاية تكمن في إعادة المسار إلى اتجاهه الأنجع والأكثر صوابا فإن التعرض لأحد بالإساءة أو التسقيط كما أؤكده بهذا التوضيح هو أمر غير سليم لأن الحوارات والجهود النقدية تبقى تركز على النهج وعلى أسلوب العمل وأدواته وشعاراته وخطاه لا على الشخصيات والأطراف فهي جهات تمتلك نزاهتها وقيمها وعمقها النظري السامي في تمسكه بمصالح الشعب سوى أن خطأً ما وقع في النهج فاستدار في الاتجاه وهو ما يُنتظر من مخرجات الحوار أن يقومه ويعيده إلى صحيح المسار وصائبه .. فهلا تبينا الأمر بأسسه تلك؟ هلا أكدنا عمق مشتركاتنا وحافظنا على إبقاء جسور الصلات مكينة متينة بيننا؟ إنه توضيح يبحث في الأنجع لإدامة وحدة قوانا واستقلاليتها ولعله يُنضَّج بتفاعلاتكنّ وتفاعلاتكم
منذ اتخذت بعض الشخصيات في قيادة أطراف علمانية ديموقراطية يسارية الاتجاه بالتحديد قرار التحالف مع أجنحة معروفة بتاريخها ونهجها الطائفي، جرت حوارات نقدية معمقة بين أطراف قوى التغيير أي قوى البديل العلماني الديموقراطي لتصحيح المسار ومراجعة القرار إياه..
وقد اكتنف بعض الحوارات لبسٌ، قام على اندفاع أحياناً أو انفعال من (بعض) الشخصيات العلمانية بأحيان أخرى؛ يوم استخدمت لغة تنتمي للسجال لا للحوار والنقد الموضوعي؛ وتوهم بعضهم بخاصة من القوى المعادية، أن الفرصة باتت مؤاتية لتشويه نزاهة أطراف بعينها ومصداقيتها وسلامة مناهجها النظرية ودفاعها الثابت عن الحقوق والحريات فضلا عن ثبات تبنيها لبرامج بناء الدولة العلمانية الديموقراطية..
فبتنا نشهد تصيّداً في الماء العكر للإيقاع بين أطراف الحراك العلماني الديموقراطي ومحاولة إشعال نيران الفتنة والتشتت والتمزق والتشظي.. وإذا كان قرار التحالف إياه قد أوقع، حقيقةً، طعنة نجلاء في مسيرة وحدة الحراك وقوى التغيير وأوجد شرخاً في استقلالية بعض تلك القوى عندما استدارت بعيداً بخضوعها لموقف بعض القيادات؛ فإن الحقيقة لا تلغي جوهر تلك القوى وأعضائها ولا تلغي كذلك، سلامة تطلعاتهم ولا تتعارض مع خلفيات النظرية السياسية التي يتبنونها وفلسفة برامجهم الملتحمة دوماً مع حقوق الفقراء وحريات أبناء الشعب وتلبية مطالبهم في الحياة الحرة الكريمة..
عليه فإن ظاهرة الحوارات وجوهرها النقدي وسلامة خطابها التنويري مازالت حيوية صائبة في متبنياتها وفي معطيات اشتغالاتها بما لا يخوّن طرفاً ولا يتهمه في فساد يده ومقاصده ولكن تلك الحوارات تقف عند أعتاب النقد الموضوعي البنَّاء الذي يسعى لإعادة وحدة المسار وبرامج الاشتغال وتعزيز استقلالية جميع أطراف الحراك العلماني الديموقراطي بما يقرب البديل الوحيد من أصحاب المصلحة الحقيقية أي من الشعب وفئاته المغلوبة على أمرها ويعيد اللحمة بينهما ليحقق التغيير المنشود..
إن أي حالات شاذة قد ظهرت أو تظهر للشتيمة وللانحدار بمستوى الحوار نحو سجالات اتهام وتخوين أو تشويه ونزع حصانة النزاهة والوفاء لمسيرة نضالية سليمة الهدف، ليست من صالح هذا الحراك وهي بالفعل حال شاذة، لا تنتمي لفلسفة الحراك العلماني الديموقراطي ومنهجه العلمي..
وهنا لابد من التوكيد على أن مهمتنا القائمة الراهنة، تكمن وتتجسد في إعادة جميع قوانا إلى مسارها الأول وإلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من (وحدة) و (استقلالية) فعلية لا في وهْمِ بعض من صاغ رؤية التحالف الخاطئ مع قوى نقيضة..
إننا قوى التقدم والسلام والتنوير ممن صاغ شعار (التغيير لا الإصلاح وترقيعاته) لن نضحي بأي طرف من أطراف قوانا بل سندافع عن نزاهتها ومصداقيتها وسنستعيد صواب مسيرتها بفضل تفعيل النقد ومراجعة القرارات بروح موضوعي معروف في نهجنا..
وتوكيدا فإن النقد وما يصاغ به من حوار لم يتهم ولم يخوِّن وهو لا يقبل بتشويه لأي من أطرافه ولكنه بالتأكيد وبوعي تام يركز على الرؤى والمعالجات ليكشف مثالب بعضها ويعلي شأن أغلب قوى التغيير تلك التي حافظت وتمسكت بمنهج العقل العلمي ومنطقه وسليم برامجه ومتبنياته، كون برامج قوى التغيير هي البديل الوحيد القادر على تخليص الشعب وإنقاذه من الطائفية ونظامها وحروبها…
عليه وبناء على تلك الحقيقة وفي وقت لن يصوت أبناء الشعب لصالح الطائفيين المفسدين وبرامجهم وفي وقت تستمر مهام فضح التلاعب والتقية والتستر المضلِّل لقوى الطائفية وزيف ما تضعه من أقنعة فإننا نسعى لإعادة قوى ما خرج من أطراف ديموقراطية نزيهة إلى رصيد ينتهج وحدة الجهد واستقلاليته…
نتطلع إلى إدراك مبكر للحقيقة وللمطلوب منا جميعا اليوم كي ننتصر للفقراء والمسحوقين بدل إيقاع بعضهم بوهم تغير هذا الجناح الطائفي أو ذاك وبإمكان التعكز على نهج كسب مقاعد من بوابة الصدقات عبر عتبة تلبيها تحالفات مرضية بوقت يمكن لتحالف قوى الديموقراطية أن يأتي بمقاعد الصوت الحر المجلجل المؤثر لا مقاعد الصدى التي لن يمكنها الخروج من شباك بل فخاخ التحالفات المضللة..
وهذا توكيد جديد آخر أن النقد لا يستهدف نزاهة نويه هو من صميم حراكنا الديموقراطي ولكن النقد ينصب على رؤية او نهج انحرف بالمسار ولابد من تصويبه.
ويبقى الجميع بنقاء مقاصدهم كافة، في إدامة حوارهم الموضوعي الرصين وبالتأكيد ستكون مخرجات ذياك الحوار، أفضل أشكال الوعي والتنوير للشعب؛ ليصوت لبرنامج إنقاذه ممثلا بمن حمل بحق برامج الانعتاق والتحرر وبناء دولة علمانية ديموقراطية لا يشوبها زيف المفسدين الطائفيين وأضاليلهم..
إنني أتطلع لبقاء جسور العلاقات ثابتة مكينة بين جميع قوانا وشخصياتنا وأن ينتبهوا لحالات التربص وللمثالب التي قد يقع بها بعضهم نتيجة التشنجات ومجابهة الحوار بالقطيعة بدل التفاعل إيجابا ومراجعة القرارات بما يكفل تعزيز التلاحم بينهم.. وليكن ذلك بيِّناً في ميادين الظهور العلني سواء في مختلف محافل العمل أم بميادين مواقع التواصل الاجتماعي وغيره.. لا تفترقوا بعد مفارقة طعنت وحدتم بل كونوا الأقرب ما يكون بعضكم لبعض وعززوا الحوار وسبل العودة لوحدة الجهد والمنجز.. ولا يستسهلن أحد السماح لعدو أن يمزق جسور صلات أو لانفعال أن يطعن عمق علاقة ولا تقبلوا تشويها يمس نزاهة أو يخون طرفا بل ابحثوا عن المراجعة والإنقاذ بقرار شجاع جريء مؤمل منتظر بمن راح بعيدا ليغرد خارج السرب الديموقراطي خطأً.. والسليم أن يعاود الالتحاق بالسرب..
أما وعي الشعب وإرادته وقراره فقد يكون متجسدا بالتصويت والمشاركة إيجابا أو ربما بمقاطعة الانتخاب والانسحاب من تمثيلية قد تتبدى وتتكشف خطى جديدة أخرى ضد أي شكل يرتجى في استجابة لإرادة الشعب وذلك ما سيكون، إذن، على وفق ما ستكشفه الأيام من أوليات شروط الشعب للمشاركة بقدر التطابق مع شعار قوى التنوير والتقدم والسلام ممثلا بـ: “التغيير من أجل بناء دولة علمانية ديموقراطية تحقق العدالة الاجتماعية”.