الموصل بمخاطر وجبة إرهاب جديدة بأشكال ومسميات أخرى!؟
بحدود الجانب الأمني وظروفه وما يتحكم به اليوم أضع جملة اسئلة تخص الحال في الموصل ما بعد داعش، آملا أن تجد الإجابة الشافية بما تثيره من لفت نظر إلى المجريات وبما تعرضه من نداء إلى الجهات المعنية كي تتخذ الإجراءات الكفيلة بالحل الجوهري الحاسم.. وبدءاً اتساءل:
كيف هي الحال في الموصل؟ ما الذي يجري فيها منذ دخول القوات العراقية مجدداً إليها؟ هل تمّ تأهيل الأحياء لعودة النازحين والمهجّرين؟ هل تم انتشال الجثث من تحت الأنقاض؟ ما طابع العلاقة مع السكان المحليين؟ ما هي أبرز الجرائم التي باتت تنتشر اليوم؟ ماذا يعني ذلك؟ هل كانت القضية استعادة الموصل ولو تمّ تصفية أهلها؟ هل كانت القضية استعادتها عسكرياً أمنياً وتركها للتداعيات بلا مهام تالية؟؟؟
للإجابة عن هذه الأسئلة ينبغي الاقتراب من السكان المحليين وطبعا مع فروق بين أيسر الموصل وأيمنها. وعلى الرغم من أن الجهد الهندسي المدني موجود من جهة تنظيف الشوارع ومحاولة إعادة التأهيل ورفع المتاريس او الأنقاض إلا أن الجهد في أيمن الموصل، مازال ادنى من النسب المتواضعة المتوقعة…
فالبيوت التي تهدمت على رؤوس ساكنيها مازالت كما هي، وربما كثير من الجثث مازالت بموضعها حتى أن الزائر للمنطقة يشم رائحة الجثث بوضوح! إن المدينة من هذه الناحية مازالت وكأنها خرجت للتو من كارثة طبيعية مهولة، ولم يتم رفع الجثث!!
الجديد اليوم، أن المدينة ينتشر فيها عناصر الميليشيات سواء منها الحشد (العشائري) أم (الشعبي) وفي وجودهم ما أثار فعليا ويثير تجاوزات وخروقات تتراكم مع الأيام وبجوهرها إذا ما استمرت ستكون سبباً خطيراً لالتهاب الأوضاع..
هناك إشارات إلى وجود فساد خطير في نوعه وما ينجم عنه، إذ تتداول الألسن حالات فساد تمرر عناصر داعشية لتظهر مجدداً في المدينة.. وبين ما يُحتمل أن يكون جرائم انتقام وثأر من طرف العناصر الميليشياوية وبين نشاط لعناصر داعشية تُرتكب جرائم اختطاف في المدينة لا تنتهي من دون دفع فدية، عادة ما تكون كبيرة باهضة وأفادت جريدة المدى وصحف أخرى أن: عائلة معروفة دفعت 150 ألف دولار مقابل تحرير المختطف من أفراد العائلة. والسؤال لمن تذهب تلك الفدى؟ وكيف يجري استغلالها؟؟
والفساد متنوع بتمظهراته، على سبيل المثال استغلال منصات التحقيق للمجيء بأبرياء واعتقالهم بصور غير قانونية وبتهم كيدية يجري ابتزازهم مالياً فيما يجري بالمقابل إطلاق عناصر داعشية إجرامية. والمؤشر على مثل ذلك ظاهرة تصاعد التهديدات التي ترد المواطنين بقصد الابتزاز..
إنّ تلكم الظواهر تسرّع من تدهور العلاقة بين المواطن والسلطات الأمنية وتضع الأمور على حافة هاوية خطيرة. غذ كيف يضمن المواطن سلامته وهو يرى بوضوح أن عناصر في السلطات الأمنية تهرب الإرهابيين بخلفيات دفع رشى تأتي من الفدية والسرقة ومما لدى الإرهابيين من أحابيل؟
لقد بدأت الأمور إيجابية مع إطلالة وجود الجيش والشرطة الفديرالية، الأمر الذي دفع المواطنين غلى التبليغ عن الإرهابيين، ولكن باهتزاز الثقة وتصاعد التهديدات واشكال الابتزاز بدأت القلاقل تظهر مع تفاقم لجرائم الخطف!
لقد أحيل الإرهابيون إلى بغداد لكنهم عاودوا الظهور بالمدينة!؟ فكيف يجري تفسير ذلك؟ لنتمعن في الاختلاف بين تقدير حجم عناصر الإرهاب بـ5 آلاف وتقدير آخر يراهم أكثر من 20 ألف! وهناك من يتحدث عن 40 و\أو 80ألف! وبهذه الحال الأخيرة يمكننا التساؤل: أين ذهبت عشرات الألوف تلك؟
إنّ معالجتنا تشير إلى الثغرات الأمنية الآتية:
- تعدد مراكز السلطة الأمنية في المدينة.
- وجود ظاهرة الفساد وخروقات فيها.
- وجود عناصر تنتمي للحشدين العشائري والشعبي تتحين فرص الثأر والانتقام أو الابتزاز واستغلال الظرف للحصول على أموال بطرق غير مشروعة.
- اهتزاز الثقة بين المواطن والجهات الأمنية على خلفية عدم وجود حماية له.
- اختراق جهات التحقيق خارج نطاق الموصل، ووجود فرص إفلات إرهابيين وعودتهم.
- عدم تأمين المدينة من تسرب السلاح.
- عدم تأهيل المدينة خدميا وهزال قدرات السيطرة عليها وإدارتها بمرحلة خروجها من ظروف تفرض كونها مدينة منكوبة.
إن الموصل تنتظر ما يقارب المليون من سكانها ليعودوا، ولكن كيف ذلك والبنى التحتية والبيوت بهذا الخراب؟ كما لابد من التساؤل: في ظروف تقدر انتشال 4 آلاف جثة يجري تقدير ما لم يتم انتشاله بعشرات الأضعاف! فكيف يتم ترتيب الإعادة وبطء عملية تأهيل المدينة تشي به روائح الجثث نفسها؟
بالعودة إلى أسئلة هذا النداء أرى أنه يجب اتخاذ قرار فوري بوجود مركز موحد للسلطة الأمنية يرتبط بأعلى سلطة تنفيذية بوالقائد العام لكون المدينة منكوبة.. ويجب تفعيل الأحكام المشددة على الجرائم الجارية ومنها جرائم الرشى التي تهرب المجرمين والابتزاز القائم على الكيديات وعلى استغلال الظرف والانتقام وما شابه..
ومن المهم طلب المعونة الأممية العاجلة لتأهيل المدينة بظرف الشهرين القابلين بسبب من دخول الشتاء ونتائجه البيئية السيئة.. فضلا عن الحاجة لضبط الأمور بالمدينة…
ولابد من كبح جماح انتشار السلاح ووجوده بأيدي غير ايدي السلطات الرسمية المعنية… فضلا عن نشر وعي جديد مختلف نوعيا عبر مهام تنويرية لإعلام لا يخضع لمنطق طائفي ايا كان جناحه..
بخلاف هذا وبخلاف الإجراء العاجل المؤمل، فإن الموصل على حافة هاوية سحيقة وسقطة أخرى لا تقوم لها قائمة.. حيث تختلط الأوراق ونضيع رأس الشليلة!!!
فهلا تحركنا عاجلاً وأنقذنا الأوضاع؟ أم أننا سنترك الأمور تتفجر بتراكمات وتداعيات ما يجري من ظروف شاذة!؟
هذا نداء لكل غيور على حسم المعركة مع قوى الإرهاب والطائفية وما تتستر به من صراعات تختلقها لتفلت من عقاب حتمي لما ارتكبته من جرائم..
تعليق وتداخل من محرر النداء كي لا يُفهم الأمر بمنطلقات محدودة ضيقة:
نداء إلى أهلنا جميعا كي يكونوا على قدر الانتباه والمسؤولية!
سكان الموصل ليسوا من القمر بل من أهلنا العراقيين، وهم ليسوا من الآلات التي يجري تناقلها بلا غطاء إنساني يلبي طابع الحاجات ومتطلباته الضرورية.. وكي يعودوا بشكل آمن وكيما يُمنحوا فرص إعادة بناء مدينتهم ويتجاوزوا اختلاقات الاحتراب بين مكوناتهم لابد من نقلة نوعيةي وتغيير في المنهج الذي أودى بأوضاعهم إلى ما وصلت إليه… فهلا تحركنا بشكل حازم وحاسم بالضد من تسلل قوى الإرهاب وعناصر التخريب والإجرام؟؟؟
لنتحول بالنداء إلى حملة وطنية تزيح عن الكواهل احتمالات السوء التي تُنذِر باجترار الجريمة بأشكال جديدة أخرى.. ليكن بناء الموصل قائما على:
1. بناء الإنسان والمجتمع نوعيا بمنهجية تنويرية لا جدال في اتجاهها الديموقراطي الإنساني الأنجع ومن ذلك عمق التنوع بتركيبة المجتمع الموصلي بالتعددية القومية والدينية والمذهبية وحمايتها بأعلى مستوياتها مجتمعيا شعبيا ورسميا.
2. بناء المدينة ببناها التحتية وركائز الخدمات الأحدث مع استعادة الأحياء والطرقات والمستشفيات والمدارس والمؤسسات بطريقة منظمة تفي بالاستجابة لمتطلبات حياة تليق بمدينة تنتمي لعراق القرن الحادي والعشرين.