نداء إلى اصحاب الضمائر الحية في اليوم العالمي للاجئ، أي ظرف للاجئ العراقي ومعاناته ومن يتابعه وحقوقه؟
أين كل المنظمات الحقوقية العاملة بالمهجر بخاصة تجاه اللاجئ العراقي ومشكلاته الفعلية المختفية عن الأنظار والطافية على السطح؟ أين من ينادي بحقوق المسيحي، الأيزيدي، المندائي وكل الأطياف التي تعاني بشكل مضاعف وهي بين مطرقة الجريمة وسندان اللجوء؟ أينكم بشان النساء والأطفال؟ اينكم بشكل كل تفاصيل العيش اليومي والاحباط بعد سنوات طلب اللجوء والإقامة بلا أمل؟ تفضلوا ليس لنتحاور سفسطائيا بل لنباشر مهامنا تجاه أهلنا وإلا فاتركوا العمل لمن ينهض بالمسؤولية من وسط أولئك اللاجئين
عملت المنظمة الدولية وكل المنظمات التخصصية على الارتقاء بالجهد من أجل قراءة أفضل لظروف اللاجئين والمطالبة بحقوقهم على وفق اللوائح والقوانين.. ولربما انجزت تلك المنظمات جانبا مقبولا من تغطية المطالب والظروف واستطاعت إتقاذ ما أمكنها من براثن الموت المحقق ومن شدائد الاستغلال والابتزاز.. إلا أننا ينبغي ان نعترف أنه مع تفاقم الظروف واشتعال الحروب والأزمات في مختلف بلدان العالم بات حجم اللجوء أكبر من القدرات الاستيعابية للمنظمات وللدول المضيفة…
في مثل هذه الأجواء انطلقت الحملات العديدة للتصدي للمطالب والاحتياجات التي نجمت عن لحظات الكوارث واندفاع ملايين اللاجئين عبر الحدود بحثا عن الأمان.. والقضية جد معقدة متشعبة.. إلا أننا وبعيدا عن التمييز بين لاجئ وآخر نبقى بحاجة لدراسة كل حالة بجدية تتناسب وخصوصيتها وظرفها تحقيقا لأنسنة التعامل وسلامته…
ومن أجل ذلك نقرأ بظاهرة اللاجئ العراقي وظروفه بشكل موجز يلخص أبرز العلامات والمتطلبات المؤملة لحل مشكلاته.. لقد انطلقت ظاهرة اللجوء العراقية في العصر الحديث أول مرة بعد تشكيل الدولة العراقية عقب جريمة الجينوسايد بحق المسيحيين في سوميل 1933 ومن ثمّ بعد جرائم الفرهود وما طاول اليهود ثم أعقبتهما حالات لجوء سياسي معدودة في ضوء المعاناة والمطاردات القمعية بمختلف النظم التي حكمت.. وظلت الحال محدودة ولم تتسع ظاهرة اللجوء فهي ظاهرة لم يعتدها المجتمع العراقي المتمسك بأرضه وبيئته…
حتى نصل إلى جرائم إبادة جديدة وجرائم ضد الإنسانية حيث البلطجة القمعية (الأمنية) لنظام الطاغية ضد اليسار الديموقراطي عام 1978 وحيث جينوسايد وقع بحق الكورد 1988 وتعاقب الحروب العبثية الدموية للنظام الدكتاتوري ثم حروب الطائفية وصراعاتها الدموية وأزماتها التي أعقبت 2003.. فلجأ ملايين العراقيين للفرار من تلك المحارق والمعارك التي لا يملكون فيها لا ناقة ولا جمل…
اليوم يوجد ملايين المهاجرين من أصول عراقية وقد استقروا بعيدا عن الوطن لكن حجماً خطيراً كبيراً من طالبي اللجوء مازالوا يئنون تحت أوصاب التشرد في مخيمات وبلدان بلا تفاعل جدي مسؤول من اي طرف.. وتلك المعاناة ناجمة عن ظروف بلدان الاستقبال من جهة وإمكاناتها أو طابع التزامها بلوائح حقوق الإنسان ودرجة التملص من المسؤولية التي تتبعها بعض الأطراف تجاه اللاجئين بسبب اختلاف التفسيرات للظاهرة من جهة ولظروف العراق الراهنة من جهة أخرى…
إنّ ادعاء بعض الجهات الدولية بأن العراق بلد آمن دعا حكومات بلدان بعينها للاتجاه نحو ترحيل عشرات آلاف طالبي اللجوء وهؤلاء بين حيص بيص الضغوط والمعاملة وظروف البلاد التي مازالت تشتعل بصراعات لا توفر حيوات الناس فيما تلتهمه من بين ما نجم وينجم عنها من مآس وكوارث…
إن مما يضاعف مشكلات اللاجئين:
- ضعف القدرات الاستيعابية للدول المستقبلة.
- عدم التزامها بالقوانين واللوائح.
- مشكلات ناجمة عن تفاصيل العيش في مخيمات اللجوء.
- الانكسارات النفسية والإصابات المختلفة التي يعاني منها اللاجئ نفسه ولا مجال للسيطرة عليها.
- المعاناة التي مر بها اللاجئ بطريق الوصول ومازال آلاف منهم منقطعين في تلك الدروب والطرقات النائية.
- أشكال الاستغلال من طرف المهربين ومن يسطو على الطرقات للابتزاز والمتاجرة.
- المعاناة من الوقوع ببراثن الاتجار بالبشر سواء الاتجار الجنسي ام الاتجار بالأعضاء وغيرها.
- الوقوع ببراثن مافيات الجريمة بتنوعات قطاعات اشتغالها وما ترتكبه من جرائم والضحية هو اللاجئ.
- خسائر معنوية روحية وقيمية بانقطاع العلاقات الطبيعية مع مجتمعهم وبيئتهم الأصل.
- خسارات أملاكهم في موطنهم من بيوت واية أملاك منقولة وغير منقولة..
اليوم هناك ظواهر عديدة تتطلب الدراسة والتفهم حيث أن الجاليات المتشكلة حديثا تحتاج لخطاب تنويري يساعدها على سلامة الاندماج بأسس صحية لا تنتهك البنى والهويات فتمزقهم كرها وتوقعهم بأحابيل مزيفة من أشكال الاندماج أو بالعيش منقطعين بغيتوات ويلحق هذا عدم قدرة الجالية ومنظماتها على التعامل مع ظاهرة اللجوء والاستجابة لأية مساعدة واجبة..
مطلوب هنا إيجاد الدراسات المناسبة ورصد الاحتياجات الفعلية والمساعدة على تقديم التصورات الأنسب والأنجع للاجئ إلى الجهات المسؤولة بما يستجيب من جهة لقراءة الظاهرة والأوضاع بسلامة ومن جهة للتعاطي معها بصحة وبما لا يؤذي اللاجئين
لابد بهذه المناسبة الأممية أن نتوقف عند معاني متاجرة حكومة بغداد باللاجئين طلبا لمقايضة مقابلة بإقرارها إعادة قسرية للاجئين المبعدين من أمريكا على سبيل المثال وسابقا النموذج حصل مع بلد اوروبي ..
الآن هناك بلدان تقيم أن العراق بلد آمن وإذا قبلنا هذا التقييم غير الصحيح فهل يستطيع العراق استقبال ملايين طالبي اللجوء في ظروفه القائمة؟
إن على الخارجية العراقية التعامل مع القضية ومعها طبعا السفارات العراقية بطريقة ترفض منح أوراق الإعادة القسرية.. فضلا عن ذلك يتطلب الأمر تعامل المنظمات الحقوقية بما يتلاءم والمشكلة وحجمها حيث يُنتظر أن تنهض بكتابة مذكرات توضيحية عن ظروف البلاد وعجزها عن استقبال تلك الأعداد من طالبي اللجوء فضلا عن الدفاع عن حقوق أولئك في طلباتهم على وفق القوانين الدولية ولوائح حقوق افنسان…
إنني بهذه المعالجة أدعو إلى
ضرورة إعداد مذكرات بكل بلد بشان موضوع الترحيلات..
أن يوجد مذكرة مشتركة تقرأ الأمور بدقة قانونية وإنسانية سليمة
أن يجري الاتصال بكل الجهات ذات العلاقة بالخصوص.
بالمقابل أن يتم العمل مع الجهات الأممية لتهيئة الإمكانات لتطبيع الأوضاع في البلاد ووضعها بطريق تطبيعها وطمانة بناء مؤسسات دولة بأسس صحية صحيحة.. استعدادا لإنهاء القضية من جهورها..
بخلاف تلك النظرة الشاملة سيبقى اللاجئ العراقي تحت وطاة الابتزاز والطحن من جميع الأطراف بلا استثناء وتلكم جريمة ووصمة عار بجبين الجميع ممن ينظر وينشغل أو يتشاغل بقضايا واولويات أخرى على حساب أولوية هذه الملايين..