هولنديا، هذا اليوم الأحد الثالث من حزيران يونيو هو يوم الأب الذي يُحتفل به بأغلب بلدان العالم بوصفه اليوم العالمي لـ(((الأب))) الرمز لاحتفالية التمسك بالقيم السامية.. هذي كلمات أرسلها لكل الأجيال، الآباء والأبناء؛ مقترِحاً معانٍ ودلالات بهية للاحتفال ومذكِّراً بأن فخر الآباء أن يروا الأبناء بشخصيات قوية باستقلاليتها، تتمسك بقيم سامية وتنضِّج هويتها بالبناء على التجاريب السابقة لا بتكرار تلك التجاريب، سلبيا أو استنساخها سلبا.. إنه يوم يفخر الآباء بأبنائهم وصلوا مرحلة النضج وإمكان أن يرعوا من رعاهم بتفاعل نديّ إيجابي بناء.. تلكم هي احتفاليتنا اليوم
كل أعيادنا بدأت هكذا من مبادرة قرأ المجتمع أهميتها فمنحها المكانة التي تستحق.. طبعا من اجل غايات سامية نبيلة.. وبشأن (يوم الأب) كانت تلك الفتاة الأمريكية التي أرادت التعبير لأبيها عن اهتمام مقابل رعايته إياها حتى نضجت، كانت سبباً لهذا الاختيار الإيجابي البناء…
الآباء لا يحتفلون بأنفسهم ولكنهم يحتفلوت باليوم إكراماً لقيم ينبغي أن تستمر ويجري تنضيجها جيلا بعد جيل… ويحتفلون والمجتمع الإنساني ليس بقصد أن يجاملوا الأبناء والأجيال الجديدة بوصفها نسخة مكرورة منهم؛ بل لأنهم يفخرون بدخول الأجيال الجديدة مرحلة نضجها ومن ثمّ استقلالها وقرارها الاحتفال التكريمي للجيل الذي سبقها بحمل رسالة إنسانية ولخصها بجهد وكد حتى كانت تلك الأجيال وكانت القيم التي وصلتها..
لا ولادة من فراغ، ولا انطلاقة من الصفر؛ دائما هناك مراحل التأسيس لمراحل التتابع والسير باتجاه الأنضج والأنجع,,
من هنا كان الاحتفال بيوم الأحب هو توكيد للاحتفال بالتقدم خطوات إلى أمام وللاحتفال بمنجزه الجيل الذي يحمل إخلاصا للمبدأ مبدأ الأنسنة وجوداً وقيمة عليا.. فالاحتفال بيوم الأب موقف يلغي النهلستية العدمية وينفي الانقطاع والانفصام بين الأجيال مؤكِّداً العلاقة البنيوية الوطيدة بينها..
مرة أخرى، الفخر في هذا اليوم الإنساني الكرنفالي في أنه يؤكد رفض الاستنساخ بين جيل وآخر وبأنه يؤكد فخر الآباء بولادة جيل منتج لـ(الخصائص والقيم) بالاستناد إلى جيل التأسيس وتصحيح ما تعثر واستكمال ما لم يكتمل، وتلكم لا تأتي إلا بالشخصية المستقلة القوية لكنها التي لا تنفصم وتتناقض مع مبدأ استمرارية الأجيال وصدقية الانتماء وصواب العلاقة لا التبعية ولا الإلغائية أي ليست القائمة على الاستنساخ والمطابقة الإجبارية!
فخر للآباء ولادة جيل يمكنه ممارسة مهامه الإنسانية مثلما تمت رعايته وبناء شخصيته من طرف الآباء والنجاح يكمن فقط يوم لا نرى نسخاً مشوهة اتجتر تكرار شخوصنا بدل امتياح تجاريب شخصياتنا بتفتح وإيجاب.
هنا عيد الآباء ويومهم العالمي يتم تداوله بين الأمم والشعوب وغدا سيكون يوما موحدا بجميع الدول موحدا بموعده و\أو بدلالته تلك التي تحمل سمات البهاء الإنساني..
القضية قد تكون بدأت محدودة وتركز على العائلي المخصوص وعلى ثيمة بعينها، وهي ثيمة مهمة وكبيرة إلا أن المعاني الثرة الغنية تبقى شامخة مع التقدم بهذه الاحتفالية ومع التمعن بغقل علمي وثقافة تنويرية في المقاصد الاحتفالية بكونها كرنفالا للتمسك بسمو وجودنا وأنسنته بالضد من بعض نكسات تعترض تركيبتنا ووجودنا بعلاقات مكينة بوصفنا العائلة الإنسانية الأسمى صغيرة وكبيرة…
بهذه المناسبة أعبر عن تحياتي لآباء المدح والنضال من أجل أن نكون وتحايا أخرى للأبناء بالعوائل الصغيرة والأبناء بالتكوين العلمي والقيمي العام وإن هي إلا حلقات متسلسلة تؤكد بهاء التقدم بـ(سلّم) ودرجات التقدم صعوداً نحو آفاق الحياة الإنسانية المشرقة…
أيتها الأجيال المحتفلة بعيد الأب يوماً عالميا لاستمرار النوع البشري وقيمه السامية، كونوا بروعة النضج والاستقلالية وعدم التناسخ السلبي، كونوا بتعاقب تصاعدي بدرجات التقدم وسلّمه الشامخ إلى الأنجع والأنضج.. وذلكم احتفالنا البهي بعضنا ببعض، واحترامنا وفخرنا..
لا تخشوا تكسير قيود من أدران من سبقكم فتلك (القيود) هي من إفرازات أمراض المراحل كلها. إن تكسير قيود ماضوية مبعث فخر للآباء المتنورين وهو انتصار للآباء ولطموحاتهم وكدهم ونضالهم من أجل حياة أفضل..
ألا يكون أبنائي طلبتي تلاميذي نسخة سلبية مكرورة هو مصدر فخري وفرحي واحتفالي، ووجود الأبناء والتلامذة المستقلين بشخصياتهم المخصوصة الهوية، وحده يفي لأن أحتفي بيوم كهذا وبمضامين صائبة له.. دمتم
وكل عام والجميع بخير وسلام