بمناسبة (اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال) أجدد النداء من أجل معالجات بحثية متخصصة تضع نهاية لكل شكل من أشكال (عمل الأطفال وما تعنيه من مخالمجتمع) إن علماء النفس والاجتماع والسياسة والاقتصاد وكل متنوري البلاد مدعوون إلى اتخاذ استراتيجية ترقى لحجم الكارثة المحيقة وبخلافه فإننا نهيئ لانهيار أشمل بلا منتهى وبلا أمل لحل يتناسب ووجودنا الإنساني وتطلعات أنسنة وجودنا واستقراره!!! فهلا تنبهنا وابتعدنا عن ترهات تبادل الاتهامات ورخيص القول وسفاسف التمترسات الضيقة بالضد من وجودنا!؟ معالجة بمحاور عامة تنتظركم سواء بتوكيد الاتفاق أم بوضع رسائلكم وملاحظاتكم وتلكم مسؤولية لا يمكن لأحد التنصلمنها فأينكنّ أيتها الأمهات ونسوة الوعي وإدراك المجريات؟ اينكم يا رجال الأنسنة؟؟؟اطر استيلاد جيل مشوه وحرث أرضية تهدد استقرار
عمل الأطفال ومخاطر استيلاد جيل مشوه وأرضية تهدد استقرار المجتمع
منذ 1919 والمجتمع الدولي يتابع قضية عمل الأطفال ويدرس التطورات في ضوء الإحصاءات والوقائع.. ولقد بلغت الأرقام حجماً مهولا تجاوز على وفق تقارير الأمم المتحدة (317 مليون طفل نشط اقتصادياً) من أعمار 5 – 17 سنة وذلك في عام 2004، منهم (218 مليون) أطفال عمال، يعمل (126) مليون طفل في أعمال خطرة. وبأعمار (5-14)سنة، فإن 191 مليون هم نشطون اقتصاديا، فيما 166 مليون هم أطفال عمال، منهم 74 مليون يعملون في أعمال خطرة. ولقد لاحظت الأمم المتحدة انخفاضا بنسب 11% و26% للأطفال العمال وللعاملين منهم في الأعمال الخطرة على التوالي. وبلغ الإحصاء في 2016 168 مليون، منهم 60% يعملون في الزراعة.. وكان حجم الأطفال العمال تجاه أقرانهم يصل إلى حوالي16% عام 200 وانخفض إلى 14% عام 2004…(راجع مصادر الأمم المتحدة منها ما ورد في الرابط: http://www.un.org/ar/events/childlabourday/background.shtml).
عراقياً تفاقمت الإحصاءات (التقديرية) لنسبة عمالة الأطفال في ضوء الانهيارات الاقتصا-سياسية في البلاد منذ نهايات الحروب العبثية للنظام السابق وانحداراً أكثر كارثية ما بعد 2003 حيث أشكال الصراعات المأساوية الطائفية الخلفية… وانهيار منظومة الدولة ومؤسساتها الوطنية، وضمنا منظومة التعليم حيث تسرب أكثر من 3.5 مليون طفل من التعليم الإلزامي.. وحيث تفاقم نسب الفقر والفقر المدقع بما وصل بعدد من المحافظات إلى أكثر من الثلثين وإلى نسب فلكية خطرة سجلت 89% في ريف السماوة منذ سنوات قريبة… أضف إلى ذلك أكثر من أربعة ملايين نازح وحجماً آخر من حالات التهجير القسري والتطهير الطائفي والفصل العنصري في الأحياء والمدن والمحافظات…
لكن ما هي الأرقام الحقيقية الدقيقة؟ وما هي الوقائع الرسمية التي يمكن اعتمادها؟ ومن يمكنه فعلياً واقعياً إصدارها؟ لا يمكننا أن نجيب بشكل نهائي بشان الأرقام والحسابات الرياضية الدقيقة، في ظل ظروف بنى مؤسسية شبه مشلولة أو مشوهة أو مخترقة بمنظومة الفساد حيث تشكلت طبقة الكربتوقراط وساد نظام كليبتوقراطي شامل في أغلب أنحاء البلاد (عدا كوردستان)…
لكننا نستطيع أن نؤشر الآتي في شأن قضية عمالة الأطفال. ونذكر أولا بأن الأمم المتحدة وضعت تصنيفا بتاريخ مبكر من اهتمام المجتمع الدولي يؤكد على أن عمر التشغيل لا يجب أن يقل عن عمر التخرج من التعليم الإلزامي اي حوالي 15 سنة مبدئياً. كما أن اي تشغيل حتى الخفيف منه يجب ألا يتعارض ودراسة الأطفال واستكمالهم مراحل التعليم الأساس.
ومن المفترض أن نرصد هنا عمل الأطفال بفئاتهم الثلاث أقصد: الأطفال النشطون اقتصادياً؛ الأطفال العمال؛ الأطفال في نطاق الأعمال المصنفة بالخطرة.. وعلى وفق مصادر الأمم المتحدة، لنتعرف إلى ما يحظره القانون الدولي في عمل الأطفال وواقع الأمر عراقياً:
- العمل الذي يمثل استعباداً واتجاراً بالبشر وما يدخل في إطار تسديد الديون وكل أشكال العمل القسري \ الجبري ومنه تشغيل الأطفال إجبارياً في النزاعات المسلحة وفي أعمال الدعارة والأنشطة الإباحية وكل الأنشطة غير المشروعة.
- عمل الأطفال تحت العمر المخول لنوع العمل على وفق المعايير القانونية المعتمدة، وأي عمل من شأنه عرقلة تعليم الطفل ونموه الطبيعي المكفول…
- أي عمل يمكن أنْ يهدد الصحة الجسدية والعقلية والمعنوية – النفسية للطفل لأي سبب يخص طبيعة العمل أو ظروف أدائه المحيطة، مما يُدعى بالاصطلاح القانوني:العمل الخطر.
إن ملايين الأطفال العراقيين الذين باتوا في ميادين منفلتة خارج مؤسسات التربية والتعليم وحتى كثير ممن يوجد داخلها يتعرضون لأساليب تدريس ومناهج وسياسات تربوية تشكل خطراً فادحا على توجهاتهم بسبب طابع منطق الخرافة والخطاب الطائفي المُختلِق للتخندقات والاحترابات والاحتقانات وأشكال الأمراض النفسية ما دفع نحو تشكيل أرضية خطرة على طابع عيش الأطفال وظروف تشغيلهم تشغيلا استغلالياً فادح الخطر..
- فمن جهة وقع الأطفال فريسة العمل بالسخرة بلا مقابل، و\أو بأجور جد متدنية فضلا عن ظروف تشغيلهم باستغلال بدني نفسي اجتماعي مريع!
- ومن جهة أخرى بات حجم ونسبة خطيرة منهم واقعين تحت ما يُسمى قانوناً، العمل المحظور؛ لكونه استعبادا واتجاراً بالبشر بطابع الاتجار الجنسي بالأطفال؛ مما لا توجد إحصاءات دقيقة له.. حتى أن بعضه بات يجري خلف جدران مؤسسات رعاية تتحدث بعض الأخبار عن بعض تلك التي تعود للدولة، من دون من ينفي أو يؤكد تلك التسريبات والأقاويل بشكل موضوعي سليم.
- وصار بعض القادة لا يخشون التصريح علنا بتجنيد الأطفال في الميليشيات وممارسة التدريبات العنفية العسكرية بمسميات مختلفة تسوَّق بذرائع وتغطيات دينية مذهبية مزعومة مدَّعاة؛ هذا غير التجنيد في أعمال انتحارية من قوى التطرف والإرهاب بمدى انتشارها وجرائمها القذرة.
- ومما خضع للفقرة االأولى التي أشارت إليها وثائق الأمم المتحدة أو العمل لتسديد دين ما يخص إسكان الأرامل والعوائل الفقيرة غير القادرة على سداد أجور السكن المتدني حتى بتوصيفاته، تضطر تلك العوائل بلا معيل أو معيل (معوق) بسبب الحروب وغيرها لتشغيل الأطفال عند مستغليهم بستار إنسانيتهم وشفقتهم…
- وتتحول أشكال التشغيل الاستغلالية إلى الاتجار الجنسي عندما يقع أطفال من أولئك لعصابات تنتشر بأستار مختلفة، وليس معقداً رصد تلك الحالات ولكن لا توجد إحصاءات لعدم وجود التفات وللموانع وأشكال الحظر الاجتماعي (مفهوم العيب والفضيحة) ولعقبات مجابهة سطوة البلطجة التي تتمترس خلفها تلك العصابات وبعضها مافيات منظمة..
- إن عمل أبناء النازحات والنازحين صار إكراها إجبارياً لا مفر منه بسبب طابع الشلل الاقتصادي وعدم توافر فرص التشغيل وطابع الأزمة الاقتصادية العامة والتمييز الطائفي في التشغيل ومفاهيم الانتقام في التعامل مع فئات مجتمعية على خلفية الصراع السياسي والتعامل بأسس التمترس المناطقي وتخندقات مختلفة أخرى..
- إن حال الدراسة غير المنتظمة وانهيار قضية المتابعة والعلاقة بين المدرسة والعائلة المنكوبة قد أفضى إلى اشكال عمل أعاقت وتعيق انتظام الدراسة والتعليم بأسسه الصحيحة الصائبة، ولهذا يمكننا الإشارة إلى أعمال كثيرة تعيق الأطفال عن دراستهم بشكل مباشر أو غير مباشر ما يتطلب الوقوف عند الظاهرة بدقة…
- كما أن عمل الأطفال تحت سن التخرج من التعليم الإلزامي بات يعيق نموهم البدني والنفسي والعقلي بأسس سليمة، من دون وجود من يقرأ الظاهرة جدياً وبروح مسؤول وبدواقع معالجة حاسمة وحازمة.
- كما أن مخاطر العمل أو العمل الخطر بتوصيفه قانونياً فعلياً هدد مجمل ظروف الطفل العراقي الذي انخرط مكرها مجبراً في تلك الأعمال تحت عطاء لقمة مقابل العمل الشريف وبمحاولة أخيرة للهروب من الابتزاز والوقوع ببراثن التشغيل لصالح مافيات الاتجار الجنسي وغيرها..
إنني هنا أتحدى الحكومة والجهات المسؤولة في دولة الطائفية الكليبتوقراطية أن تنفي وجود اي مما أشرت غليه هنا بوصفها جرائم عار بجبين السلطات التي لا يوجد ما تستحي منه أو تخشاه لتستقيل وتعتزل العمل بعد فشل برامجها بل بعد أن أودت سياساتها المتقصدة إلى هذا المنحدر الكارثي وما يُنذر به من مخاطر أكثر كارثية في الأفق القريب غير البعيد!
وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة تشغيل الأطفال بالمخالفة مع القوانين ومع القيم الإنسانية السامية فإن العراق يمثل اليوم واحداً من أخطر البلدان كارثية على الطفل والطفولة وعلى حقوق الإنساسن برمتها ومن ثم يمثل اليوم حقلا من الألغام الموقوتة التي تهدد البشرية في الغد القريب بمتفجرات من المعقد معالجتها إن لم يجرِ الالتفات إليها بشكل فوري عاجل وبمستوى معالجة مجتمع منكوب.. وتحديدا هنا ملايين الأطفال وكارثة كونهم في وضع النكبة الأخطر إنسانيا في التاريخ المعاصر…
إنّ كل المجتمع العراقي يتحمل المسؤولية من منظمات حقوقية ومنظمات مجتمع مدني ومن أحزاب وحركات سياسية وكل طرف يتعامل بآليات وكأن الأمور تنحصر بقول كلمة تبرئة للنفس يساهمون في الجريمة النكراء التي ستكون نتائجها قريبة غير بعيدة بتفجر أوضاع البلاد والمنطقة وتهديد المجتمع الإنساني!
لابد من (استراتيجيات) تتعامل مع ظروف (طفولة منكوبة) للخلاص النهائي الجذري الحاسم.. فهلا تنبهنا!؟