تنشط مجلة الغد البصرية في ميادين اجتماعية ومدنية حقوقية متنوعة وبمستوى وطني شامل.. ومن بين ما أدارته توجهت المجلة باستطلاع رأي بشأن المختطفات الأيزيديات وحالات التزويج القسري والولادات الناجمة؟ حيث وضعت تساؤلات بصيغة مطروحة في مدن البلاد ذات الأكثرية المسلمة وكيف يفكر كثير منهم وماذا يسأل وحاولت بذلك أن يكون استطلاعها فرصة تنويرية وتعريفية بالمشكلة وطابعها وهوية الحل وهو ما جاء توجهي وتفاعلي مستجيبا له بغرض دفع المجتمع نحو مواقف موضوعية سليمة تضمن الحقوق ووضع أفضل الحلول وأنجعها وتبعد شبح استغلال آخر قد يقع على تلك الضحايا
استطلاع مجلة الغد البصرية وسؤاله الرئيس: ما هو رأيكم في الآتي؟
تزوجت بناتنا الأيزيديات كرهاً من الدواعش الذين هم من مختلف الجنسيات. والدواعش اليوم على رحيل، فمصيرهم القتل أو الهرب. والفتيات الآن إما حوامل أو أنجبن أطفالاً. ما هو
- حكم الشرع في المولود ؟
- ما هو حكم القانون , هل يسجل كطفل عراقي نسبة لأمه ؟ وعلى أية ديانة ؟
- ما هو رأيكم في أحكام المجتمع فيه لاحقاً ؟
إجابتي بالخصوص وبشكل موجز يتناسب وطابع الاستطلاع
بدءاً هذي تحية لمجلتكم الغراء التي باتت تتسع في دائرة عملها وتغطياتها موضوعات بمستوى وطني وهو أداء صحفي مميز ينسجم والعلاقات المكينة المتينة بالمستوى الوطني بين مكونات الشعب.
وبشأن استطلاعكم الجديد؛ أجد أن الأيزيديين يبقون جزءا مكوناً للشعب العراقي بفسيفساء تركيبته وتنوعها. فمنذ وحدة الشعوب السومرية مضى العراقيون القدامى لآلاف السنوات معاً وسوياً.. وكذلك مع ولادة الدولة العراقية الحديثة مطلع القرن الماضي استمروا بوحدتهم وبتآخيهم وتعاضد جهودهم الحياتية مع كامل الاحترام والقدسية لاستقلالية كل مكون في هويته وفي طقوسه وممارساته.
ولم يطعن تلك الوحدة والعلاقات البناءة فيها إلا غدر قوى الإرهاب وفلسفة الطائفية وأمراضهما، سواء مع تكريس فكر الطائفية الظلامي وتكريس نظامه أم مع انتشار وباء الدواعش وإرهابهم.. وهنا وتأسيساً على هذه الحال نؤكد الحقائق الآتية:
- ظاهرة وقوع البلاد برمتها تحت نظام لا يحتكم لا لقانون دستوري ولا لشرع مستقيم سواء بسلطة الطائفية أم بسلطة الإرهابيين.
- كل ما يُبنى على هذا الباطل وسلطته فهو باطل، وأشكال التزويج التي تمت، جرت بالتضليل المستند زعما وادعاءً إلى الدين والشريعة.
- إن القانون العراقي يحمي زواج أتباع الديانات والمذاهب وما يثمره من مواليد.. والزواج الذي تمَّ، اخترق أمرين، من بين جملة أمور أخرى، والأمران هما:
- فرض ديانة على مواطنة عراقية بالإكراه بالمخالفة مع الدستور وما يتضمنه من حرية الاعتقاد وكفالته، وهو ما وقع على الأيزيديات.
- إجبارها على الزواج كرهاً وقسراً من شخص\أشخاص على وفق آلية لا تخضع لا لدين وشريعة ولا لقانون ومن ثمّ فذلك يمثل اغتصاباً واستعبادا لا زواجا.
- ومن الحقائق الأخرى التي نود الإشارة إليها، هي ظاهرة عدم وجود اعتراف رسمي حكومي بما تمّ من طرف الإرهابيين. ووثائقهم غير معتمدة ولا تقرها السلطات.
لهذا السبب وفي ضوء كون القضية التي نحن بصددها هي قضية مجتمعية عامة وإنسانية حقوقية بالدرجة الأساس، فيجب تحقيق الآتي:
- تحرير المختطفات من براثن الإرهابيين وإنهاء استعبادهنّ.
- تطبيع أوضاعهنّ مجدداً ومساعدتهنّ على استعادة الاستقرار نفسياً اجتماعياً في إطار وحضن العائلة التي تنتمي إليها أصلا.
- إعادة حقوق الفتيات (المزوّجات) بتثبيت ذلك بوثائق رسمية معتمدة تتيح تسجيل ثمرة الواقعة.
- منح المرأة حق تسجيل الابن\البنت باسمها وبجنسيته العراقية على وفق سجل الأم.
- منع إكراه الفتاة و\أو المرأة وطفلها\أطفالها على اعتناق دين أو مذهب ويبقى الأمر محصوراً باختيارها.
- يكون التسجيل على وفق خيار الأم لدينٍ ومذهب بعينه وما يفرضه ذلك من تفاصيل أقرها القانون المدني العراقي.
- يجري تعديل القوانين على وفق الضرورات بعد دراسات متخصصة من جانب الهيأتين التشريعية والقضائية بالمستوى الوطني والمستوى الكوردستاني والاستجابة لما يتقدم به الأيزيديون أنفسهم عن رؤيتهم للحل وعلى وفق ما كفله لهم الدستور.
- تسوية الأمور مجتمعيا بإطلاق حملات ثقافية قيمية سواء في الإطار الأيزيدي أم الوطني العراقي بعامة.
- تشكيل هيأة متخصصة بمستوى وطني وكوردستاني تعنى بالقضايا النفسية وبتفاصيل الصحة بعامة بما يعيد الأوضاع إلى نصابها.
- دعم فكرة إعادة تزويج البنات على وفق خياراتهن بتشريعات وأنشطة تشجيعية.
- محاسبة أية أطراف يمكن أن تتعرض للفتيات بسلوك عدائي أو مستفز أو مهين على وفق مبدأ حماية كرامة الإنسان وصونها ومعاقبة أي سلوك يحط من كرامة العراقيات الأيزيديات.
وقبل أن أختم موجز تفاعلي فباعتقادي إن الموضوع لا يخضع لسؤالكم عن حكم الشرع ((بالإشارة إلى الشرع الإسلامي ودينه ومذاهبه)) بل هو قضية محلولة قانونيا منذ الدساتير العراقية الأولى عام 1925 وما بعده وما صدر من قوانين مختصة.. والأصل في القضية يتعلق بفتيات لهن دينهن وجرى استعبادهن وإكراههن على دين الأسلمة بمنطق الإرهاب وليس حتى بمنطق الدين الإسلامي واعتداله.. وذلكم أمر مدان دينيا قانونيا. ولكنه بالخلاصة، يبقى بحاجة لتأسيس مراكز دراسات ومؤسسات وطنية تتبعها لجان تخصصية مختلفة كيما يكون الحل شاملا عميقا محيطا بتفاصيل الظاهرة..
أحيي جهدكم وأتمنى لكم كل الموفقية في توجهكم.