بمناسبة الأول من آيار مايو أكتب بعض رسائل موجزة عاجلة إلى شغيلتنا بمسيرة كسر قيود الظلم والظلام.. لا أقصد خروجهم اليوم عراقيا بمسيرة بل بتظاهرة تعشقها فضاءات ميادين الحرية بمختلف أرجاء الوطن.. لا تأخذ شرعيتها ولا إجازتها من مفسد مضلِّل بل من حقها في التعبير عن هويتها ووجودها هي طبقة منتجي الحياة والخيرات.. أكتبها بأمل أن تضيفوا ما ترون من هتافات وشعارات من اليوم حتى يوم الأول من آيار لتكون مظاهرة في العالم الافتراضي تجسد ما في الأنفس التي لم ولن تتشوه على الرغم من كل محالات قوى الدجل الظلامية وأضاليلها.. دمتم وكل عام وأنتم الأروع والأبهى وبانتظار كل كلمة تسجلونها
العمال اليوم ليسوا بنظام يلبي مطالبهم ويمثل تطلعاتهم، بل في ضيم وظلم واستلاب حقوق ومصادرة وجود.. ولهذا فإن خروجهم بيومهم لا تجسده فكرة المسيرات الاحتفالية التي تعني تناغم حركة العمال والسلطة ووحدتهما.. بينما التظاهر هنا هو المعبر الاحتفالي للعمال بيومهم لأنه يجسد رفض الأوضاع المرضية الاستغلالية المفروضة قسراً؛ ورغض النهب لما ينتجونه من خيرات.. ومن الدجل والتضليل التحدث عن مسيرة لمجرد الرخصة أو الإجازة التي يحصل عليها هذا الطرف أو ذاك من سلطة يديرها ناهبو قوت الناس وخيراتهم…
في العراق اليوم، تناقضات بلا منتهى. والكن الأبرز يتجسد في حقيقة وصول نسبة الفقر ثلثي الشعب وكثير من المحافظات (العربية) الجنوبية والغربية باتت عند مستويات فقر خطيرة وفجوة الفقر ازدادت، بشكل مريع! تعطيل مقصود للصناعة والزراعة وتوجيه للاقتصاد نحو الريعي من نماذجه تسهيلا لفادح النهب وجرائم الفساد وطبعاً إطلاق العنان للبطالة ظاهرة أغرقت قوة العمل بتعقيديات بلا حدود! قوانين العمل والضمان الاجتماعي متجمدة لا تحمي عاملا والتمييز بين الجنسين في أفدح مظاهره.. ومازال قانون إلغاء هوية (الطبقة العاملة) يُمارس كبحاً لأي حراك نقابي…
أما فلسفة الحكم ونظامه فهي بمهمة تشويه وتضليل وإشاعة منطق الظلام أو لامنطقه إرهابا لكل محاولة تنويرية وأي فعل نضالي لاستعادة حق من الحقوق!
في مثل هذه الأجواء، أود إرسال بعض عبارات بصيغة هتافات تصرخ في دواخلنا وضمائرنا، لعلها تعبر عما يجري وعن تفاعل يتناسب وواقعنا المأساوي الكارثي، بأمل وصول الرسالة لمن يعنيه الأمر من شغيلتنا وشعبنا وقواه التنويرية.
افتراضياً نتصور أنفسنسا بمظاهرة عمالية، بلا تزييف وبلا مساومة ولا مجاملات على حساب حقوق الشغيلة. ولتكن هذه المظاهرة مبدئياً هنا في العالم الافتراضي الأزرق ارتداءً لبدلة العمل ولونها بلون أمواه الحياة وسماوات الإنسانية وصفاء زرقتها… ما هي شعارات تلك التظاهرة؟ أقترح بعضها واثقاً أن ما تقترحونه سيكون أبعد وأغنى وأعمق تجسيداً لوجودكم أهلي شغيلة اليد والفكر..
ندائي أن تقترحوا ما تريدون من شعارات وهتافات والمساهمة حرة مفتوحة. أما ما اقترحه فمثلا هنا هتاف:
“لا تضليل بل تغيير .. العمال شعلة تنوير“
هناك دجل وقشمريات يضللون بها أن عراق اليوم يمتلك الحريات والاستجابة للحقوق! ولكن اسأل أي مواطن وأي عاملة وعامل.. ماذا حصلت عليه من حريات وحقوق؟ ما هو وضعك الفعلي؟ بأي سلّم من درجات الفقر أنت؟ أفي سلم تحت خط الفقر أم في الفقر المدقع؟
بلى لا تضليل ونحن نريد التغيير الحقيقي الذي لن يتحقق من دون العمال فهم شعلة التنوير الحق التنوير بلا دجل وعبث ولا أي شكل للتضليل…
وإليكم هتاف يتمسك ببغداد المجد والحضارة ودار الحكمة ومجد تموز السومري البابلي وتموز خمسينات القرن المنصرم.. لقد كانت كل تلك العلامات بفضل الإرادة الحرة لأهلها.. ومثالي الذي أقترحه للهتاف والشعار:
“بغداد تبقى الدرة.. ديموا الإرادة حرة“
بلى بغداد درة العراق والعراقيين وهي درة التنوير.
أما سلطة الدجل الطائفية المفسدة وقشمريات ما يتفشى في ظلابها من عبث تخدير الناس فبوجهها أقترح عليكم هذين الهتافين:
“اليوم إلكم بالتخدير.. باجر لقوى التغيير“
و
“مو باصطناع الطقوس، تقدر تشوّه النفوس“
أكيد اليوم غلبتم ونهبتم وسطوتم على السلطة وعلى مسيرة التغيير، طبعا بتخدير كثير من الناس بألاعيبكم لكن في الغد آتٍ التغيير لا محال، وإن الغد لناظره لقريب…
فليس باصطناع الطقوس التي ما أنزل الله بها من لسطان وما تضمنتها ديانة فئة من أهلنا؛ ولكنها بالضبط قيود اصطنعتموها للتخدير وللتضليل وللسيطرة على عقول الناس.. لكن ليس بتلك الاختلاقات وما تصطنعون يمكنكم تقييد أو تكبيل عقول الناس وأنفسهم أبداً.. كلا لن تشوِّهوا الأنفس الحرة الأبية وستنتفض قريبا لتستعييد حرياتها وحقوقها…
إلى شغيلتنا، إلى عمالنا نساءً ورجالا
تحايا تتجدد وأنتم تصنعون الحياية وتنتجون خيراتها
إليكم أنتم الأباة عليكم يعول الشعب برمته أن تستعيدوا منطق العقل العلمي والتنوير وألا يدوم ضيم وظلم
أنتم لستم فقراء وما تنتجون يكفي للعيش الكريم لولا النهب وجرائم الفساد
لا يمكن لأحد أن يرسلكم إلى مصاطب العطالة والتبطل، وستعاود المصانع والمعامل دوران آلاتها بفضلكم وإرادتكم
أنتم الأحرار الأباة لا تستكينوا لمن يريد تمريغكم بوحل الخنوع وتشويه هويتكم عمالا منتجين رمز الكرامة
وبعيدكم سنحتفل في الآتي من الأعوام ويكون احتفال انتصار لإرادتكم
أما اليوم فنضال بلا هوادة ضد
الطائفية وما تصطنع
الفساد وما يعبث ويعيث به
ضد إرهابهم وبلطجتهم
وإرادة العمال أبقى وأعلى راية ستظل ترفرف
راياتكم الحمراء عالية.. لون بدلاتكم الزقاء صافية نقية
وكل عام وأنتم الأكثر وعيا والأكثر عزيمة بلا احباط ولا انكسار
وتلك ساحة التحرير.. ذاك ميدان التغيير
نلتقي
ولكم قرائي بخاصة من شغيلة اليد والفكر أن تقدموا صياغات من ذهب لما ترونه الأنجع مما يليق بقاماتكم الشامخة وسواعدكم السمر مشمرة عاليا تتمسك بالراية والغاية..
هذه تحية لنشاط آيار الذي سينطلق ببغداد وللرايات والشعارات والهتافات كونها واحدة من معالم بصيص أمل… نشد على الأيادي ولتكن الأبهى حضورا.. ولا تعارض بين هذه التظاهرة في عالمنا الافتراضي وبين تلك؛ إنما تتكاملان… فكونوا بالمظاهرتين وعبروا عما ترون وتطالبون