كنّا بوقت سابق أعلنا عن حملة لجمع الكتب والدوريات العلمية لجامعة الموصل وهو الإعلان الذي آزرنا به الفكرة والذي أردنا فيه أن تكون الحملة منظمة مؤسسياً محمية من أي احتمال للتجيير والتشويه أو لخروقات غير محسوبة.. ولم نستعجل الجهد كي ينطلق منظماً وكي يتزامن لاحقا مع استتباب الظروف بالجامعة وعودة الأمن والأمان إليها والاشتغال الرسمي المكفول. وها هي الأخبار تؤكد ما دعونا إليه من واجب تأمين المباني العامة ومنها مباني جامعة الموصل ومحتوياتها.. إننا نضع تصوراتنا هنا لمزيد دقة ووضوح في صورة النداء الذي أطلقناه متمنين لمن يريد العمل بموضوعية النجاح في التمسك بآليات سليمة نعيد توكيد بعض مفرداتها، واثقين من وعي المعنيين بالحملة اليوم.
أوردت الأخبار أن محتويات جامعة الموصل التي تعرضت مبانيها للإحراق من طرف الإرهابيين وفي خضم المعارك الدائرة لطردهم، قد تعرضت للسرقة والنهب! وعلى الرغم من أنّ حوادث مماثلة قد جرت ايام التغيير الراديكالي الذي جرى في العام 2003 وأنَّ ظاهرة السطو والسلب والنهب تمثل ظاهرة عادية ترافق الانهيار والانفلات الأمني؛ إلا أنّ الدول عادة ما تتحسب لمثل هذه الأمور وتضع الخطط المناسبة للتصدي لها…
لا ندري حجم الاحتياطات المتخذة تجاه تأمين سلامة المباني ومحتوياتها بخاصة المباني العامة بما تتضمنه من محتويات وأملاك ذات أهمية استثنائية تشمل أهميتها انعكاسات على حياة الإنسان والمجتمع بأسره؛ فنحن لا نلمس فعليا الثر المباشر للاحتياطات المتخذة لحماية أرواح المدنيين، إلى درجة وقوع الضحايا عشوائيا وسط المدنيين الأبرياء العزّل بضربات لم يجر التنسيق لها كما تورد الأخبار وينقله شهود العيان ومن الخطورة أن يكون علماء وأساتذة جامعات وباحثين بعوائلهم ممن يقعون ضحية ضربات تطارد إرهابيا مجرماً قذراً لا يساوي فردة حذاء لمدني بريء..
ولكن المشكلة أن التخطيط وطرق الرصد الاستخباري تبقى أما غير مفعَّلة أو غير مأخوذ بها ما يضاعف المسؤولية مما يجب التحقيق بشأنه.. وطبعا بالعودة إلى موضوع استعادة السلطة الحكومية على الضواحي والأحياء المحررة وما تضمه من مبانٍ ووثائق فإنّ القضية تأخذ بعدها في ضوء وجود الانفلات حتى في الأطر الرسمية حيث ضعف الخطط وعدم الالتزام بها ربما أحيانا لضعف الوعي وأحيانا أخرى لوجود اختراقات من عناصر مرضية فضلا عن وجود تشكيلات مسلحة (ميليشياوية) يؤمن ويعمل كثير من أعضائها بمنطق الثأر والانتقام!!!
ولأن ما ورد من أخبار مؤخرا اشار بوضوح ودقة إلى نهب الأجهزة والآلات ومواد مهمة في الجامعة؛ فإننا وقد كنا آزرنا حملة تدعو إلى جمع الكتب والتبرع بها لمكتبة جامعة الموصل كنا قد أكدنا فيها على الآتي:
- عدم إرسال التبرعات حاليا ولكن حتى يجري تطمين الأوضاع أمنيا وتنطلق أعمال الجامعة في مبانٍ مكفولة الحماية وتستوعب ما يردها بشكل سليم وعلى وفق ظروف محمية قانونيا..
- أن توضع آليات عمل تكفل حماية التبرعات وجمعها بأساليب قانونية سليمة بوجود لجان عمل والاشتغال بطريقة مؤسسية لا فردية صغيرة.
- أن تنهض مؤسسات المجتمع المدني بخاصة منها الثقافية والعلمية بالمهمة وأن توجد وسيبة نقل مكفولة تشترك بها جهة من جامعة الموصل نفسها ووزارة التعليم العالي بكل من بغداد وكوردستان فيما مهام القنصليات يبقى محددا مؤطَّرا بعيدا عن فرض تنسيق لأية غايات غير إيصال ما يفترض نقله من تبرعات إلى الجامعة حصراً.
عليه فإننا في جامعة ابن رشد والبرلمان الثقافي العراقي في المهجر بعد أن أعلنا عن الفكرة الإيجابية للحملة مؤازرين من تقدم بها؛ نعيد توكيد تلكم المحددات التي نجدها ضرورية لتنقية أية حالات اشتغال للحملة من احتمالات التجيير لأطراف حكومية وممثليها في ظل مشهدية سلبية للحكومة وانشغالاتها بدرجة فساد حلت فيها بترتيب الأوائل دولياً وبخطاب ثقافي ظلامي مرَّر ويمرر كتيبات التخلف لا الكتب المنهجية العلمية هذا من جهة رفض احتمالات التجيير ومن جهة ضبط نزاهة الإجراءات نؤكد على المسارات التي كنا اقترحناها ونضعها مرة أخرى هنا كالآتي:
- جمع التبرعات من الكتب والدوريات أولا عبر المنظمات والجمعيات بوجود ممثل ينقل تلك التبرعات إلى اللجنة الثلاثية الموحدة الموجودة بكل دولة أوروبية.
- تنهض اللجنة بتصنيف الكتب وحزمها وحفظها وإعدادها للإرسال، مع سجل وثبت بالتبرعات يجري التوقيع الثلاثي عليها.
- الاتفاق على العنوان المحدد في داخل الوطن سواء وزارة التعليم بأربيل كونها الأقرب إلى الموصل أم بوقت لاحق الموصل نفسها وجامعتها بعد تأمينها تماما ونهائيا، لاستقبال تلك الرزم من الكتب.
- تنظيم مذكرات ورسائل بالحملة تناشد الجامعات والمؤسسات المعنية في الدول الأوروبية للنهوض بمهمة دعم الحملة بمختلف الوسائل المتاحة. حيث تصبح لدينا أكثر من قناة منها: الحملة الشعبية المخصوصة مع وجود حملة رسمية من جهات ذات إمكانات اشمل وأوسع.
إننا بظروف المجريات الأخيرة نؤكد على ضرورة العمل بدقة وبآليات تحفظ التبرعات وتضمن النتائج وسلامتها.. ومن دون ذلك نترك للجميع تحمل مسؤولياتهم تجاه أي إجراء قد يخل بالنتيجة المرجوة أو يسمح بالاختراق والسلبية مع وجود مثل هذه الظروف غير الموضوعية..
وفي وقت نثق بمنظمات المجتمع المدني العراقية في الوطن والمهجر وبممثليها، فإن وجود الضوابط والمحددات هي مما يكفل توكيد صواب وعينا القانوني وعملنا المؤسسي بالضد من إشاعة الفوضى مما تبتغيه قوى الفساد والطائفية ومحاولاتها ومآربها الدنيئة.. فلا تتركوا للعبث فرصة للاختراق لهذه المهمة الإنسانية السامية النبيلة..
نحن لسنا في سباق مع زملائنا بل مع من يتعرض لنا ولزملائنا معنا أيضضا ولمبادئنا التنويرية التي نتمسك بها بالضد مما حل بنا واهلنا ومؤسسات دولتنا وما أصاب شعبنا ومسيرته.. ولهذا فإننا نضع المقترحات إن وجدها الزملاء مصيبة سليمة وأخذوا بها فبها وإن وجدوا ما هو أفضل فذلكم هو ما ننشده.. ونحن إذ نترك للزملاء الذين تصدوا لهذه الحملة أن ينهضوا بالمهمة في ضوء إعلانهم حصر المهمة بجهة بعينها؛ نتمنى لهم النجاح ولجهودهم تحقيق النتائج الأسمى والأروع، بخاصة عندما تأتي وفق أفضل الأسس وأنجعها وأكثرها سلامة وتخطيطا…