بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان أصدر رئيس المرصد السومري لحقوق الإنسان تصريحا بالمناسبة تحت عنوان”حقوق العراقيات والعراقيين في اليوم العالمي لحقوق الإنسان” وهو إذ يرصد الوقائع التراجيدية الجارية فإنه يبقى على احتفاظه بتوكيد قيم الإخاء والتسامح بين الجميع والانمتناع عن ممارسة جرائم الثأر والانتقام والالتفات إلى وسائل رعاية حقوق العراقيات والعراقيين ومنع أي شكل للتجاوز عليها بعيدا عن شعارات يسقط يعيش وعن الحلول الراديكالية العنفية ويبقى التوجه السلمي طريقا وحيدا لتلبية الحقوق وكفالة الحريات في ظل توجه لبناء الدولة المدنية الديموقراطية الاتحادية والعدالة الاجتماعية .. نأمل مفاعلة ندائنا مع كل الرؤى والمعالجات لنصل معا وسويا إلى أفضل الحلول
على الرغم من نضالات الحركة الحقوقية العراقية، وعلى الرغم من كل أشكال التضامن مع بلادنا سواء منها جهود التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب أم الحركة الأممية لتلبية حقوق العراقيات والعراقيين، إلا أن الوضع برمته يُنذر بكوارث إنسانية تتكرر بين معركة وأخرى في حرب مستمرة تديرها قوى الطائفية والفساد وأذرعها المافيوية المسلحة…
إن ظواهر ناجمة عن توقف الدورة الاقتصادية وشللها، وارتفاع نسب الميزانيات التشغيلية في اقتصاد أحادي ريعي الطابع ومنظومة فساد مهولة، باتت بالوعة تتفاقم آثارها حيث اتساع نسبة الفقر أفقيا عموديا وتضخم البطالة بأشكالها فضلا عن انهيار تراجيدي للتعليم والصحة في البلاد.. إذ بات مئات ألوف الطلبة خارج الدراسة والقدرات الاستيعابية لأبنية مؤسسات التعليم الأولي والعالي غير وافية مع تخلف منظومة الصحة وتفشي أمراض مختلفة ليس السرطان وآثارها كالولادات المشوهة الناجمة عنه منفردا بين الأمراض الخطيرة التي يتعرض لها العراقيون..
وكذلك فإن الخراب الذي حل بمدن تشكل ثلث مساحة البلاد ليس هو الوحيد في تدمير المساكن وخلق أزمة السكن بل أيضا تهالك وتقادم الموجود بمختلف المحافظات تحديدا في الوسط والجنوب وطبعا في بغداد كذلك ما دفع لمزيد من تفاقمها هو حالات النزوح لملايين المهجرين قسريا الفارين من ميادين المعارك مع قوى الإرهاب وضغوط الميليشيات لإحداث التغييرات الديموغرافية كما في ديالى على سبيل المثال لا الحصر..
ضف إلى ذلك مئات آلاف من أتباع الديانات غير المسلمة من المندائيين والمسيحيين والأيزيديين وغيرهم ممن جرى إخراجهم من بيوتهم تحت التهديد والابتزاز وجرائم تضمنت الاختطاف والاغتصاب والتصفية الجسدية.. ولنلاحظ الالتزامات لصندوق النقد الدولي التي تأتي على كواهل الفقراء فوق مشكلاتهم القائمة وتسهيل دخول سلع دول الجوار على حساب منتج الفلاح العراقي ومنتج الصناعة العراقية المنكفئة أصلا ما دفع ويدفع غلى مزيد خراب واستلاب للحقوق.. ونذكّر هنا بالخراب البيئي الذي يستلب حقوق العراقيين في المياه الصالحة للشرب وفي شؤون أخرى ليس أقلها شؤون الصرف الصحي..
إن التستر على مجمل هذه الوقائع هو الآخر مما يقع بجريمة الاعتداء على الحقوق والحريات، لعل الأمر بات يقع في إطارات استغلت الهيأة التشريعية والقضائية فضلا عن التنفيذية وما اخترقها من عناصر مرضية…
إن الحركة الحقوقية نفسها ومن جهة تنظيمية تعاني من التفكك في بناها وربما تبعية بعض هياكلها للضغوط وللتصنيفات الحزبية وأحيانا لحالات من الانحياز غير المقبول بأسبابه وعوامله.. الأمر الذي يتطلب اشتغالا مضنيا من أجل توحيد المنظمات أو على أقل تقدير تفعيل حال التنسيق والوصول إلى مستويات عمل تتناسب وما يجابهها من واجبات ومهام…
إن الظرف الحالي يمتاز بأولوية قضايا النازحين وعودتهم إلى بيوتهم مع استعادة سلطة الدولة واستتباب الأمن والاستقرار وتهيئة الظروف المناسبة بإعمار البنى التحتية وتأمينها لتلك العودة بخاصة في مجابهة احتمالات اية ضغوط من اطراف شتى لمصلحة التغييرات الديموغرافية!
وعليه فإننا بهذه المناسبة الأممية، نوجه النداء إلى المنظمات الإنسانية الدولية وإلى الجهات الأممية الرسمية والشعبية كيما تساند العراقيات والعراقيين فيما يجابهون من معضلات التقتيل واستغلالهم دروعا بشرية أو تفخيخ البيوت والشوارع والمؤسسات ما يتطلب جهدا استثنائيا لنزع تلك المتفجرات مع الانتباه على أهمية ألا يقتصر الدعم على الميدان العسكري المحض بل لابد من الالتفات للقضايا الإنسانية حيث أخطر التهديدات التي يواجهها الفقراء في ظروف شتاء يحل بمشكلاته الكثيرة…
إن حقوق العراقيين تتطلب دعما لهم في معركة إعادة الإعمار والبناء وتعزيز دعم مؤسسات التعليم الخربة والانهيار في المجال الصحي ورعايته الأمر الذي يتطلب نقلا مباشرا لكثير من اشكال العون الملموس.
ونختتم بياننا بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان بالتوجه إلى جميع منظماتنا ونشطاء الحركة الحقوقية بأن يكونوا يدا واحدة وأن يتجاوزوا عقبات التعددية في بنى منظماتهم ليجابهوا مسؤولياتهم معا وسويا ببوتقة واحدة مستقلة حرة عن الجهد المؤسسي الحكومي والحزبي وليكونوا النصير القوي للحقوق والحريات في ظروف تتفعل فيها جرائم الفتل الطائفية والاغتيالات للعلماء والمتخصصين والإعلاميين والصحافيين واشكال التمييز والقهر الواقع على المرأة لدرجة تتجاوز التهديد إلى كل أشكال التعذيب والاختطاف والاغتصاب ومن ثم التصفية الجسدية.. أما في السجون فيقبع تحت تهمة 4 إرهاب عشرات آلاف الأبرياء بانتظار محاكمة لا تأتي على خلفية انتقام المخبر وثأره والتمييز الطائفي…
فهلا بدأت البلاد مرحلة استعادة الثقة والمصالحة بمبدأ التسامح والوحدة الوطنية وجوهرها الإنساني وبالتخلي عن الخطاب الطائفي والانسحاب منه وتفكيك مؤسساته التي شرعنوها في ظروف استثنائية بما يلبي التغيير المنتظر لتُحفظ كرامة الناس ويجري تلبية حقوقهم وكفالة حرياتهم؟ ذلكم ما يمكن لأبناء الشعب وبناته أن يتكاتفوا لتحقيقه.. وارتقوا بوعيهم الحقوقي وامسكوا بمتطلباته وخطاه
وتحية لأهلنا في الوطن والمهجر ولترفع عن كواهلهم تراجيا الطاعون الأسود المنتشر آلاما وفواجع بينهم وليتحقق عهد السلم الأهلي ومسيرة الاستقرار والتنمية واحترام إنسانية كل عراقية وعراقي
تيسير عبدالجبار الآلوسي
المرصد السومري لحقوق الإنسان
لاهاي هولندا 09 كانون أول ديسمبر 2016