بمناسبة اليوم الدولي للمتطوعين، أكتب عن أهمية ((اليوم الدولي للمتطوعين ونشر فكرة التطوع وغايتها السامية في تفعيل أدوار المجتمع بمسيرة التنمية)) لعله يكون نقطة في بحر يجمع رؤاكنّ ورؤاكم جميعا وكافة من أجل التعرف إلى أهمية التطوع في خلق التفاعل الإيجابي مع الآخر وفي تبني فكرة وجودنا المشترك ومسؤوليتنا المشتركة عن بناء وجودنا وبيئتنا المحلية والإنسانية العالمية وكسر السلبية التي تحكمت بنا بروح الفردنة والانعزال والنظر إلى الآخر انتظارا ليبدأ وغلا لن نبدأ.. لنبدأ ونبادر ونكون أصحاء في أنفسنا ورؤانا وأسلوب عيشنا وغلا فلن يبادر أحد ولن نبني بيتنا ولا عالمنا بل سنمضي من خراب إلى آخر يتهددنا معا وسويا .. فهلا ساهمنا بصياغة خطاب العمل التطوعي الخاص بنا مثلما كل الواعين المدركين لمعاني هذا الخطاب؟؟؟
لقد تم اتخاذ عدد من القرارات الأممية والوطنية المحلية بشأن تبني فكرة التطوع والعمل به، كان أبرزها اعتماد الأمم المتحدة ((اليوم الدولي للمتطوعين؛ الوارد في القرار A/RES/40/212 في17كانون الأول ديسمبر 1985)) ليكون أداة مكينة ومهمة في نشر ثقافة العمل التعاوني التطوعي؛ ومن ثمّ منح مضافة أخرى للمتطوعين سواء منهم الأفراد و\أو الجمعيات والمنظمات كيما يعززوا أدوارهم في خطى التنمية الإنسانية بمستوياتها المحلية-الوطنية والأممية-الدولية.
إنّ العمل التعاوني التطوعيي، لم يعد ترفاً أو عملاً خيرياً هامشي الأثر في وجودنا.. ولم يعد حبيس حالة إطعام جائع لقمة لا تسد رمقه، بل صار جهداً بنيوياً رئيساً يدخل في مسار التنمية البشرية بكل مفاصلها الهيكلية؛ وهو أحد أركان دمج أشكال الدعم الوطني والأممي بجهود المجتمع المدني، حيث جذب دعم الأمم المتحدة وصبّه في خطى إعادة الإعمار والبناء ومسيرة التقدم والتنمية بعموم محاورها..
إننا ربما مازلنا لم نعِ بشكل وافٍ معنى العمل التطوعي، وربما عديدي من أوساطنا مازال لا يعترف بالعمل التطوعي لأسباب شتى منها حالات قصور الوعي وإدراك معطيات هذا الجهد النوعي في قدراته على تقديم فرص مهمة لنا بوصفنا أفراداً أو منظمات للتعرف إلى ما يعنيه ((العمل التطوعي)) وإمكانات جذبه طاقات عمل مع الوكالات الحكومية والمنظمات غير الربحية، وتركيز قدرات الجماعات المحلية ومنها تحديداً القطاع الخاص لكي يدخل في الجهد البنيوي العام…
ولابد لنا من أخذ التفاتة جدية واهتمام مخصوص لمعاني العمل التطوعي فهو جوهرياً يؤكد غيماناً بالعمل الجمعي وبمعاني التعاون والتركيز على الشراكة المجتمعية وعلى أهمية أدوارنا كافة في بناء بيئتنا وفي تحقيق التنمية التي يمكنها أن ترتقي بعالمنا وتصل به إلى صورة الحلم المستدف ومن دونه لا يمكننا إلا أن نبقى اأسرى التشرذم والفردنة وأمراضهما التي لن يحيا بعدهما وبجوارهما الإنسان مرتاحا مستجاب الحقوق والحريات…
ومن أجل ذلك يأتي هذا اليوم العالمي ((اليوم الدولي للمتطوعين)) ليوضح عمق اهتمام الدول والجماعات والمنظمة الأممية في استخدامه استراتيجياً في تعميد دور العمل التطوعي وثقافته في تعزيز مساهمات المتطوعين بمجال تلبية الأهداف التنموية وطابعها البنيوي الشامل على مدى العقود التالية. وعلى سبيل المثال نشخص تلك المساهمات بمجال: مكافحة الفقر وظواهر المجاعة والأمراض والحد من تفشي الأمية حتى القضاء عليها نهائياً، والمساهمة الجدية في نشر الوعي البيئي ومكافحة التدهور البيئي الذي يتهدد وجودنا برمته، كذلك المساهمة الفاعلة فيي مكافحة ظواهر قيمية مثل مكافحة التمييز بأشكاله ومنه على سبيل المثال التمييز ضد المرأة.
إنّ شعوبنا وجالياتنا التي تحيا في كنف بلدان التقدم والتطور، نبقى بحاجة لمزيد توعية واهتمام بالعمل التطوعي ودوره في بناء الشخصية الإنسانية الأكثر صحة وسلامة ونجاعة في الفاعلية المجتمعية.. وفي تبني قيم العمل الجمعي المشترك بأسس تعاونية تطوعية تكبح جماح النزعات الفردية وأمراضها..
ويبقى تنظيم اليوم الدولي للمتطوعين منصةً جدية مؤثرة في تشكيل ذياك الوعي المثمر في إنتاج شراكة سامية بين منظومة الأمم المتحدة والحكومات والمنظمات والجمعيات ذات العمل التعاوني التطوعي غير الربحي بجهود نوعية تطوعية نبيلة. ولربما كانت مشاركة أجهزة الإعلام و\أو الجهات الأكاديمية والمؤسسات العامة والخاصة ومعهم وممثلو الجماعات الروحية والثقافية ومجمل منظمات المجتمع المدني وأنشطتها، لعل ذلكم هو الركن الأبرز كيما تستطيع بلادنا إشراك كل الطاقات المتاحة لمهمة إعادة الإعمار وإنهاء زمن التخريب والعبث الذي لم يكتف بفعله الهمجي بل نشر معه حال من الانفصام والعزلة واللامسؤولية تجاه بناء البيئة المحيطة الأمر الذي أشاع مزيد خراب ودمار فيما المنتظر المتطلع إليه هو جذب مزيد القوى نحو مهام المسؤولية المجتمعية ولعب الأدوار الفاعلة عبر العمل التطوعي..
فلنستثمر هذا اليوم لنداء جدي مسؤول نغير فيه مواقفنا (الشخصية) و (الجمعية العامة) من حضور فعلي يبني العمل التعاوني التطوعي ومنظماته وإلا فإن أي استسلام لثقافة الفردنة اللامسؤولة على طريقة (الشعلينة لازم) هي استسلام للاستغلال والتخريب ولاستعبادنا دهرا آخر. دعونا نتذكر معاني العمل التطوعي في نشر قيم نبيلة للعمل وللتعاون والتعاضد والتآخي وتكاتف الجهود وتوحيدها وصبها فيما يخدم استعادة احترام الآخر والتاسبق معه في تبادل المساعدة وتبني مهام البناء.. أليس ذلك أدخل في بناء علاقات إنسانية أخوية أممية بين مكونات مجتمعنا في يزمن تلتهمنا التناحرات وافتعال الصراعات والعداوات؟ أليس سليما أن نربي الأبناء منذ مرحلة الدراسة الابتدائية على العمل التعاوني التطوعي كي يكون النشئ أكثر تحملا لمسؤوليته في هذا الجهد التطوعي وفي تبني خطاه المميزة إنسانيا قيميا؟؟
فهلا تنبهنا على خطورة الموضوع وتوجهنا لتبني ما يفرضه علينا من واجبات!؟ ذلكم ما تجيبون عنه بتفاعلاتكم أنتنّ وأنتم جميعاً وكافة