رسالتي إلى أبناء وادي ازغدان بنواحي آلوس في محافظة الأنبار حيث ندائي من أجل استعادة حرية الإنسان مثلما حرية الوادي \ الأرض وذلك بالتنوير الفكري والابتعاد عن كل خطاب الطائفية والإرهاب وفساد المسار وأوبئته التي جاءت بها قوى الغزو المريضة من شراذم الجريمة الإرهابية.. رسالتي نداء وحملة يجب أن نسمع الصداء في انعتاق الجميع واستعادة زمن قيم المعارف والعلوم وحكمة العقل ووسطية القيم والبعد عن الغلو والتشدد وكل ذرائع العنف.. فتحية لـ ازغدان وأهله الوادي ونداء للشروع بحملات البناء المادي والمعنوي الروحي الأنجع والأروع بالاتحاد مع حراك عراقي شامل بهويته الوطنية وطابعه الإنساني المتمدن
منذ أكثر من 45 سنة كنتُ تحدثتُ عن فرص الاستثمار في قصبة آلوس بنواحي قضاء حديثة. فكثرة الجزر المتناثرة في حوض نهر الفرات وطابع البساتين والآثار التاريخية القديمة وبعضها ربما يرجع لمراحل الحضارة السومرية وآخر يعود إلى مرحلة السلطنة العثمانية وطابع حكمها والأبرز والذي ربما مازال شاخصاً مما يعرفه أهل المنطقة تلك الطبيعة الجغرافية وما تحويه من كهوف فيها ينابيع كبريتية وأمواه طبيعية قد تدخل في علاج الأمراض الجلدية…
وادي ازغدان واحد من بين عدد من الوديان الكبيرة التي تصب في الفرات عندما ينزل المطر ويدوم جريانه لأيام وربما أسابيع في بعض الأحيان فيما تجتاحه مياه الفرات عند فيضانه، لتترك الطين الغرين الأروع للزراعة… ذلك الوادي فيه كهوف عديدة مختلفة الأحجام.. يسكن عند مصبه عدد محدود من العوائل والأسر…
اليوم أوردت الأنباء استعادته لحضن الدولة بعد انسحاب شراذم الإرهاب وفلوله منه بفضل تقدم قوى الحرية من أبناء المنطقة بمختلف انتماءاتهم. لم يرد في بالي هذا الاسم مثلما وردت كل الأماكن المشتعلة الملتهبة مكتوية بنيران الجريمة والمجرمين.. لكنه اليوم يرد بصوت عال يجسد صوت الحرية واستعادة كرامة الناس وحقوقهم في العودة إلى بيوتهم آمنين…
اليوم أعود لأؤكد أن الدولة العراقية من دون الأبناء ليست دولة.. إنها منذ 2003 مجرد مسلسل مافيوي لقوى الفساد وطبقة الكربتوقراط ونظامها الكليبتوقراطي تحرسهم سطوة البلطجة الدموية التصوفوية للميليشيات بمختلف توجهاتها ومشاربها ومن يقف وراءها… الدولة ممزقة مهترئة لأنها بأيدي المفسدين وكل الخطابات المثارة هي ضجيج وعجيج لتعمية الأبصار.. وإلا كيف يمكن لشلل وشراذم محدودة أن تنتصر على جيش عرمرم بافتراض صحة خطابات المفسدين المتحكمين بسلطة اليوم!؟
يعود وادي ازغدان لأهله بطاقات وقدرات محدودة وبظروف غير مبررة بالمرة.. لكن ما ينبغي توكيده هنا: أن يدرك أهالي ذاك الوادي بأنهم سيبقون بتهديد دائم ما لم يتحدوا مع الانتماء الأوسع والأعمق ألا وهو الانتماء إلى الوطن هوية جامعة وإلى دولة يساهمون هم في صنعها وفي بناء مؤسساتها المدنية وسلطة القانون فيها…
ومثلما قبل حوالي نصف القرن؛ وزمن العيش الهادئ الوديع الآمن، ينبغي أن تعود تلك القرى وواديها.. وأن يعيدوا طرح مطالبهم وتطلعاتهم وأن يصنعوها حيث السياحة والزراعة والصناعات التي يمكن تبنيها على وفق طابع المنطقة وظروفها…
كونوا يابنات وأبناء المنطقة ذاتكم الذين عرفتكم يوما تتمسكون بالدرس والمدرسة وبالتوجه إلى جامعات البلاد ومراكزها البحثية.. كونوا أصحاب التنوير كما اسلافكم الذين امتاحت المنطقة أسماء التنوير والعلوم والمعارف وتفتح الثقافة ومنطق العقل العلم.. كونوا أنتم اليوم الأبعد عن التبلد والانفصام عن منطق العقل والأكثر تمسكا بحكمته وبسداد التوجهات…
يومها سيتحرر واديكم حقاً من رجس التضليل المتستر بالدين وستتحرر الأنفس والنوازع من قشمريات الغلو في الدين تطرفا وتشددا وتمترسا مع مجرمي العصر ممن لم تمالئوهم يوما على الرغم من وجودهم بغزوات جراد العصر وهمجية وبائه وما جاء به من مرض قاتل..
إلى وادي ازغدان الإنسان الطيب، كريم النفس، عفيفها؛ إلى أهلنا النجباء ممن يفكر بحكمة العقل وأنوار علميته كما الأجداد بمختلف العصور.. تذكروا أن تاريخكم يعود لآلاف السنوات التي بدأت بآلوس السومري وما دبجته الأسطورة لبطولاته في فرض الطمأنينة ومنع الاحتراب وتوحيد الناس بمبادئ المحبة والتآخي والتسامح وبقيم البحث بمنطق العقل وأنواره والعلوم التي جاء بها الأجداد في التراث القديم لوادي الرافدين وحضارة سومر وفي التاريخين الوسيط والحديث وما أنتجت مكتبة أبناء المنطقة من منجز…
لا يخدعنكم أحد بهلاوس التدين التضليلية ومغالاتها وتشددها وأنتم أصلا من الصوفية التي تحمل شعار البساطة والزهد ورفض الاحتراب والاقتتال ومنطق العنف.. ولتكن فرصتكم اليوم في دواوين بيوتكم ومزاراتكم وكل مناحي جغرافيا وجودكم وتفاصيلها الأكثر تمسكا بقيم العيش الإنساني الكريم الحر الأبي الذي لن يكون كذلك ما لم يؤكد سمو القيم ونبلها..
تحايا لكل أبناء وبنات المنطقة يتمسكون بالتحرر من أدران ما غزاهم ومن اعتدى على وجودهم الآمن.. ولتعد المنطقة منشغلة بزرعها وضرعها وحديثا بسياحة واستثمار وتصنيع ينعش الحياة وتطلعات الأبناء في الخير..
انسوا قشمريات مشاغلتكم بتعاليم ديانة لا علاقة لها بمعتقداتكم صحيحة سليمة معتدلة تنصف دنياكم ووجودكم.. واتجهوا إلى تغيير ما حل بكم وأنفس بعضكم لتعودوا إلى رائع العيش الطيب.. دمتم أيتها الرائعات و أيها الرائعون…
أتطلع إلى أن تخطوا بأيديكم إعمار ما تخرب كونوا كما أعرفكم أصحاب العونة وشد الأزر وحزام الجار ولتبدأ حملات الخير معا وسويا.. كلكم في هذه اللحظة عائلة واحدة تتعاون، تتكاتف تتآلف وتتآزر لينمو زرعكم عاليا ولتثمر نخيلاتكم وليأتي صيفكم وفير الحصاد ولتكون بيوتكم زاهية باهية عالية الأسوار لا تعود إليها كلاب الغرباء الوحشية، بل ذئاب الإرهاب ونتانتها…
الحرية للعقل الذي يحيا في وادي الزرع والخيرات، واديكم كما وديان المنطقة أنتم الأحق بها وبثمارها وليس فيها من نور إلا نور عقولكم المتفتحة برائع فكر الحداثة والتقدم والتنمية..
ثقتي وطيدة بكم أيتها الرائعات أيها الرائعون ومثلما كل أهلي في وادي الرافدين وعراق الحضارة والتمدن أنتم أهلي وعائلتي التي أتشرف بها حيثما شع نور المعارف والعلوم ومنطق الحكمة والعقل العلمي..
وبشراكم الحرية والانعتاق وإعمار الذوات والأرواح بسليم الرؤى والأفكار.