تصريح بشأن إصدار مجلس النواب العراقي ما يفضي إلى فرض فلسفة أحادية تطعن في وحدة النسيج الوطني واحترام الحقوق والحريات وتمتهن أتباع الديانات والمذاهب بل وتفرض رؤية أحادية للتعبير حتى تجاه المسلمين الذين تدعي تمثيلهم والتحدث باسم دينهم.. إن ما يجري هو محاولة تمرير فروض قانونية وشرعنتها في وقت ينشعل الشعب وقواته في المعركة مع الإرهابيين.. وعليه فإن التساهل مع كرة الثلج الطائفية الظلامية الجارية وقائعها على قدم وساق، ستفضي إلى صناعة دولة دينية على طراز القرون الوسطى وظلامياتها وتخلف منطقها وإلى استعباد الناس وطعنهم في حقوقهم وحرياتهم .. لذا وجب التنبيه
تيسير عبدالجبار الآلوسي \ المرصد السومري لحقوق الإنسان
أصدر مجلس النواب العراقي تشريعا جديدا يضاف إلى جملة قرارات سابقة في تأكيده التوجه نحو فرض آليات ما يسمى (الدولة الدينية) بذريعة العودة إلى احترام الدين كما يدعي ورود ذلك في الدستور على وفق تأويله… وتناسى أعضاء المجلس أن العراق دولة تعددية، غنية التنوع بأطياف مجتمعها من المسيحيين والأزيديين والمندائيين ومن مجموعة غير قليلة من أتباع ديانات ومذاهب مختلفة أخرى، فضلا عن توجه إلى منطق فرض تصور أحادي يوغل في التشدد والتطرف للفقه الإسلامي وفرضه على بنى مؤسسات الدولة التي يُفترض أن تُينى على أسس قوانين مدنية تحترم التعددية والتنوع…
إنّ هذه التوجهات والقرارات التي تخضع اليوم لزعامات حركات طائفية سياسية لا تمثل الدين بقدر ما تجسد وتمثل المفسدين ممن باتوا يتحكمون بمؤسسات الدولة ويستشري وجودهم في جسم المجتمع بوصفه وباءً خطيراً، ومن ثمّ فإن قراراً كهذا يتراجع بمسيرة الخيار الشعبي من خيار الدولة المدنية والانتماء إلى العصر وقيمه إلى فرض الأحادية والتشدد وآليات دولة طائفية يجترونها من الجهل والتخلف في القرون المظلمة…
إنّ هذا يدعونا جميعاً في الحركة الحقوقية الوطنية العراقية والأممية إلى أنْ ندين هذا التوجه المرضي الكارثي، الذي نعده تطاولا واستباحة للمواطن وحقوقه الأساس وحرياته العامة والخاصة.. ويدعونا إلى أنْ نطالب المحكمة الاتحادية بتحمل مسؤولياتها وذلك بردّ (التشريع) لتعديله على وفق ما تنص عليه قوانين حقوق الإنسان العالمية والمحلية، وبما يحترم التعددية والتنوع في العراق وبما يعود ليؤكد سلامة التوجهات الاستراتيجية ومنها أيضا، طابع كفالة الاستثمارات الاقتصادية وتحديداً هنا الاستثمار الأجنبي واستقرار القوانين المرعية التي تمنح الثقة بالاقتصاد وكفالة الحقوق مؤكدين مجدداً على أولوية الحقوق والحريات للمواطنات والمواطنين سواء منها العامة أم الخاصة، تلك التي تتطلب ثقافة متفتحة تنويرية تمنح جميع الأطياف ما يدعم ثقتها بوجودها في وطنها وليس وجودها بحال استضافة على موائد المتشددين الظلاميين وفلسفتهم القمعية العدوانية لكل قيم الأنسنة والسلوك في وجودنا المعاصر..
كما ينبغي التذكير بسلامة الأداء، فمجلس النواب مازال يصدر قرارات في قضايا ينبغي وجود مجلس الاتحاد فيها إذ مجلس النواب ليس سوى أحد ركني الهيأة التشريعية التي منعوا إكمال تركيبتها طوال الدورات الماضية كما أنهم يمارسون العمل حتى من دون النظر لآليات من قبيل اكتمال النصاب القانوني أو سلامة مطابقة ما يصدر مع خيار الشعب ودستوره..
ونحن اليوم نخوض معركة مع قوى العنف والإرهاب بكل تنويعاتها فإننا نخوض معركة جمع الكلمة وتوحيدها حول خطاب التنوير بقوة يمكنها أن تتصدى لقوى الظلام والتخلف وخطابها الطائفي السياسي المرضي..
إن عدم الاكتفاء بالإدانة تتطلب نشاطا عمليا ملموسا لقوى الحركة الحقوقية والديموقراطية كي تفرض على مسار البلاد بما يخدم الشعب وتطلعاته وخياراته الحرة في الانتماء للعصر ومنطقه ومنع العودة بنا إلى حضائر القرون الوسطى وظلاميتها.