تظهر بين الفينة والأخرى محاولات لمعالجة ثغرات من قبيل التعتيم على نشطائنا ومبدعاتنا ومبدعينا وعلى قامات فكرية وعلى المشاركات والمشاركين في أنشطة مهمة متنوع، ولكننا بسبب من حالات تقطيع الأوصال والمصدات التي تُتختلق نقع بمطبات غير محسوبة.. فمثلا تظهر حالات خلط بين شهادات مشاركة بورشات العمل وبمؤتمرات واجتماعات وبين تكريم التميز الإبداعي بشأن ما فيغيِّب (التخصص) بعض المسؤولين على فعالية أو أخرى ويلغي مستويات ودرجات مطلوبة في أحجام أو مستويات الفعل بين الريادي وذي العمق البعيد تاريخا وبين الواعد الجديد وصاحب الحيوية الوليد حديثا.. هنا تختلط الأمور وتقع النيات الطيبة بمطب عثرات تشوّش على المتلقي من جهة وربما تلغي الثر الإيجابي المراد من وراء تقويم أو تقييم لفعل أو نشاط ومن نهض به..
إذ كيف يمكننا أن نساوي بين الأمي والعالم في الحجم المعرفي الثقافي وفي التجاريب الفكرية المختزنة ومستوى التعبير عنها؟ وفي وسط يساوي العالم والجاهل بذريعة ما يدعيه موقف ديموقراطي ومنع التمييز بين الناس، سيخسر المجتمع سلامة المسيرة وصواب القرار فهناك خلط بين معنى المساواة بين الناس وبين الاهتمام بالتخصص وبتشغيل العلوم واستثمار العقول في مهام البناء والتقدم والتنمية..
إن احترام العقل العلمي وتميزه قضية لا تتعارض والمساواة ولكن الموضوعين كل منهما بواد ولا مقارنة ولا مناظرة بينهما ولا يلغي أحدهما الآخر فمع مزيد احترام للعقل العلمي ومنجزه تتعمق ظاهرة المساواة والالتزام بها ببيئة ديموقراطية تحترم حقوق الإنسان.. ولكن التجاوز على العقل العلمي يخلط الأوراق ويفضي إلى تمييز من نوع يستلب الإنسان قيمته الحقيقية يوم يتعامل مع الإنسان الفارغ السطحي بما يملك من (جاه يضفيه عليه ما يملكه من مال وسلطة) وليس من منجز علمي ثقافي فكري! هكذا هي عبثية خلط الأوراق ومحاولة تحقير العلم وتهميش العلماء مقابل إعلاء شأن مزاعم المساواة المفرغة من معانيها المتجاوزة على عمق أنسنة وجودنا عندما نهتم بالإنسان من خلال ثقافته ومعارفه وما يشير إليه العقل العلمي…
بهذه الوقائع، كتبتُ بضعة تغريدات وجدت تفاعلا إيجابيا ممن يدرك ما وراء تلك العبارات ومقولاتها ودلالاتها.. راجيا هنا أن تنتشر تلك المقولات بين أهلنا لنعيد للثقافة والعلم والمعرفة موقعها الأثير وسط الشعب ونعزز تطلعه نحو مزيد نشر لثقافة التنوير وأضواء العلوم وأدوارها البنيوية في حاضرنا ومستقبلنا..
التغريدات بوصفها محاور تنتظر التفاعلات والإغناء:
-
سلامة اختيار التكريم والمكرمين يعزز من سلامة المقاصد النبيلة. كما أن قراءة كل حالة بظرفها مطلوب للتخفيف من رد فعل حاد غير سليم للتقويم الإيجابي.
-
تكريم العلم بشخص العالم لا يدعم سمة التكبر والاستعلاء بل يدعم اهتماما ساميا بالتنوير وبتعزيز نبل المساواة الإنسانية وسلامة العلاقات لا مرضيتها.
-
إكرام عالِمٍ متنور لا يسيء للآخرين بل ينبغي أن يحفزهم على اكتناز المعارف وإزاحة ظلمة الجهل والتخلف بدل توزيع الاتهامات المجانية بالتمييز ضدهم!
-
المساواة بين الناس لا تلغي التمايز في الغنى المعرفي الثقافي بين عالم وجاهل أو نصف متعلم والمساواة لا تعني محو التناقض بين التنوير والتخلف.
مطلوب منا، أنْ نعتني بآليات احترام مفكرينا لفكرهم، وتقديمهم حيث أماكن المسؤولية المقتضاة في الجهد الفلسفي القيمي، وما ينثره وينشره من رؤى ومعالجات ورسمٍ لخطى التقدم والتنمية. فاعتماد الخبرات المستقاة من القامات الريادية قضية جد سليمة في تلبية مطالب الإجابة عن اسئلة الواقع بالاستناد إلى الخبرات المتراكمة. ويخسر من يبدأ من الصفر ويقيم البناء بلا أساس! لابد لنا من الاستقاء والاستفادة من التجاريب…
إنّ الجمع بين الخبرات ورياديتها والتجاريب وعمقها من جهة وبين الحيوية للشبيبة المبادرة الناشطة هي أفضل الآليات التي نوظفها في مسيرتنا نحو روعة الإنجاز وسلامته ودقة خطاه… بينما سيكون تكرار الخذلان وزيادة الاحباط نتيجة قلب الأمور بتهميش أصحاب العقل ومنطق المعارف والعلوم والتجاريب الريادية الغنية…
هذا ما ينبغي الالتفات إليه.. في عملنا المجتمعي وتنظيم مؤسساتنا المدنية وسلامة البنى فيها ومواضع المسؤوليات ودقة الاختيار. فهلا تنبهنا إلى موضوعات باتت تؤورق مسارنا وتُثقِل كواهل المسيرة بخطايا لها أول وليس لها آخر بسبب من عدم الاعتبار واتخاذ التجاريب الماثلة دروسا مفيدة!؟
ثقتي وطيدة بوصول الرسالة واضحة وباستكمال تفاصيلها في ضوء المحاور المقترحة هنا وبالتأكيد في عرض البدائل الأنجع لأي رؤية قد لا تكون اصابت في التعبير عن قضية أرادت معالجتها. وفيكم الدرس والنتيجة.