نداء يتطلع إليكم بخاصة هنا النشطاء الحقوقيين ممن يعنيهم أمر تلبية قضايا حقوق الإنسان، وهنا بهذه المناسبة (اليوم العالمي للمسنين) كيما ينشطوا في المطالبة الجدية بحقوقهم نساء ورجالا وأشير هنا إلى الحالة العراقية كونها تطحن الإنسان بآلتها الجهنمية بلا رحمة.. ولربما كان الاحتفال هذا العام مع جميع الأمم والدول فرصة لتلبية جانب من حقوق المسنات والمسنين في العراق.. لا نملك هنا أرقاما وإحصاءات دقيقة ما تطلب وضع الأرقام الافتراضية الأقرب للحقيقة في ضء تعدد القراءات السابقة والأمل لمن يمتلك أرقاما أدق بخاصة في المنظمات المعنية أن يضع لمساته تحقيقا للمعالجة الأدق والأضمن.. وكل عام والمسنات والمسنين في العراق والمنطقة والعالم بخير وبأمان وسلامة وإنها لمناسبة كريمة جليلة كي نشرع معا في قراءة القضية نوعيا وبشكل أشمل
يمثل الأول من أكتوبر يوماً عالمياً اختارته الأمم المتحدة للاحتفال بكبار السنّ والاهتمام بهم ورعاية وجودهم بوصف ذلك موقفاً جوهريا يعزز تمسكنا بالقيم الإنسانية لوجودنا ويساعد على حل إشكالات عديدة. لقد جاء هذا الاحتفال في ضوء مراحل مختلفة وتطور باعتماد أوراق عمل عديدة منها: خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة التي اعتمدتها الجمعية العالمية الأولى للشيخوخة في عام 1982 و أيدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد ذلك. ثم اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب القرار 46/91 مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن وذلك بتاريخ 16 ديسمبر كانون أول 1991. فيما كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد حددت بموجب القرار 106/45 في 14 ديسمبركانون أول 1990، الأول من أكتوبر تشرين الأول يوما دولياً لكبار السن. واعتمدت المنظمة الدولية عام 2002، الورقة الثانية للشيخوخة التي تضمنتها خطة عمل مدريد الدولية المتعلقة بالشيخوخة، استجابة للفرص والتحديات في القرن الحادي والعشرين، وتعزيز تنمية المجتمع لكل الفئات العمرية.، تحديداً هنا مرحلة الشيخوخة..
مادة اليوم العالمي للمسنين في ويكيبديا تجدونها بهذا الرابط وهي مصدر لبعض المعلومات التاريخية الرقمية في معالجتي
إنَّ المجتمع الإنساني برمته معني برعاية كبار السن وتحديد سياسة مجتمعية متكاملة بشأنهم. وتبدأ الجهات المعنية بكبار السن أنفسهم والمؤسسات الحكومية والخاصة المعنية برعايتهم وفيها وخارجها كل الأفراد والأسر التي تتضمن أعضاء من كبار السن وكذلك الجهات والمؤسسات الطبية والصحية بكل التخصصات وأولها المعنية بالرعاية الصحية وتأهيل المسنين نضيف إلى هذه القائمة كل الجهات المؤسسية التي يلزم أن تساهم في الاستعداد لمرحلة الشيخوخة للعاملين فيها…
إن الهدف من المناسبات الأممية يبقى اعتبارياً بروتوكوليا حيث تدفع المناسبات والأعياد لمزيد لفت نظر واهتمام يتناسب وحجم القضية. ولربما كان من أهدف اليوم العالمي لكبار السن توجيه النظر إلى إعداد خطط تنموية بما يتضمن فقرات مخصوصة بهذه الفئة العمرية.. وتلك الفقرات تشتمل على أشكال الرعاية الوقائية والعلاجية المتخصصة وإزالة العقبات والأعباء عن هذه الفئة التي ساهمت في مسيرة البناء والتنمية بمراحلها العمرية السابقة. كما تشتمل على ما يساعد في توفير التكنولوجيا والإمكانات المناسبة للتأهيل وخدمة كبار السن. فضلا عن افتتاح أقسام دراسية ودورات تدريبية تعد الموظفين المتخصصين برعاية من دخل سنّ الشيخوخة بحسب ترتيبات كل بلد. من جهة أخرى يلزم الاتساع بحجم دور المسنين وإزالة تسمية (العجزة) عنها وتزويدها بالأمور الخدمية الملائمة هذا إلى جانب توسيع التثقيف بأشكال الرعاية والتعامل مع كبار السن والأساليب السليمة صحيا نفسيا اجتماعيا…
عراقياً، فإنّ انتشار الخراب المؤسسي الشامل أودى بالأمور إلى حال كارثي مأساوي. ودفع بحجم غير قليل من كبار السن لحياة بائسة معدمة بمزيد المعاناة.. ولا توجد إحصاءات دقيقة بل تقديرية بجميع أحوالها بسبب من تأخر إجراء الإحصاءات عراقيا ولربما كانت نسبتهم اليوم بحدود 3% ممن تجاوز الـ 65 عاما، وفي ضوء التقديرات الإحصائية فقد يصل حجم المسنين الآن عالميا حوالي 900 مليون ويوجد افتراضيا أكثر من 70% منهم في الدول النامية.. وبالعودة إلى الأرقام المحلية عراقياً، فإنهم في هام 2008 كانت نسبتهم بحدود 4.3% بانخفاض عن 2003 عندما وا بنسبة أكبر من 4.5% وعما سبقه عندما كانت النسبة قريبا من 5% لكن حال الانهيار الصحي وحجم الضحايا أدى إلى تلك النتيجة. وتجدر الإشارة إلى الحروب العبثية وطول مداها وظروفها أفضت إلى أن تكون النساء اللواتي تصل سن الشيخوخة أكثر من الرجال بحوالي 1% في هذه الفئة ومعدل العمر بعامة عراقياً انخفض في العقود الأخيرة من 63 عاما إلى 58عاما وربما هو بتدهور مستمر مع الإشارة للتذبذب في المعدل لأسباب كثيرة.
ما نريد استذكاره اليوم بشأن هذه الفئة قراءة ظروفهم النفسية من جهة طابع العزلة وطابع التغير القيمي الحاد في المجتمع ما زاد بل فاقم الانفصام مع المجتمع الجديد فضلا عن قضايا أخرى تخص الصراع الجيلي والمعاناة السايكو سوسيولوجية.. ضف إلى ذلك هجرة الشبيبة بنسبة مميزة إلى خارج البلاد وتدمير فرص العمل مع هزال فرص العملي التعاوني أي فشل ضمهم للعمل المجتمعي العام خلا بعض أنشطة أسرية بيتية كرعاية الأطفال أو الحديقة المنزلية فيما تقريبا بقيت المؤسسات الحكومية والأهلية الستة الخاصة بالرعاية بين عزوف عنها وضعف في طاقتها الاستيعابية بحسب المحافظة وظروفها منذ مطلع القرن الماضي…
الرواتب التقاعدية لم تعد تستطيع مطاردة الظروف المحيطة وحالات التشرد في الشوارع و شبه انعدام للخدمات التي تضمن ظروفهم النفسية والاجتماعية بخاصة في أجواء تتناقض فيها بنى المؤسسات الراعية وطابع المجتمع العراقي…
المجتمع المشنغل بالحرب لا يمكنه أن ينشغل بمن لا يستطيع المشاركة فيها.. والأسر التي تنشغل في همين أحدهما تهريب الأبناء من جيل الشباب إلى المهجر أو دفعهم إلى أتون تلك الحروب العبثية بستار أو عطاء من القدسية الذي يضفي على الأبناء تسمية قرابين الله وقدسية الطائفة والدفاع عن الطائفية فيما يطحنهم بمطحنة الميليشيات المصطرهة بمختلف مسمياتها… في أجواء كهذه تتنحى قضية رعاية الشيخوخة والمسنين نساء ورجالا!
لسنا هنا أمام موقف سهل في معالجة القضية، بوجود أوضاع شاذة تتحكم بها قوى عنفية تعدم حيوات الناس ونريد نحن رعاية الأحياء!!
كيف يمكننا معالجة ظاهرة مهمة وخطيرة من دون وجود إحصاءات دقيقة ما اضطر كاتب النص للتقدير الافتراضي في ضوء الأرقام المنثورة هنا وهناك…
لسنا ندري كيف ندعو لعيد ولا حتى لمناسبة احتفالية للتذكير بقضية أو أخرى في أجواء كالأجواء العراقية التي لا قيمة فيها للإنسان وحقوقه إلا بمخيلة مريضة إيهامية تضليلية لما يختفي وراءها من جرائم همجية..
ما ندريه ونحن نحمل لواء الدفاع عن حقوق الإنسان، أننا بواجب طرح القضايا وعرضها بحجمها الحقيقي كي نستعيد بها وعي المواطن ونعبئه بثقافة إنسانية حقوقية سليمة قد تعترض الانهيار القيمي ومنه الحقوقي وتعيد قطار الإنسان إلى سكته الصحيحة…
فهلا تنبهنا إلى هذا الموضوع باهتمام حقوقي مناسب.. إنني أدعو المنظمات الحقوقية وتلك المعنية لرفع الصوت عاليا بالمنسابة وطبعا الجهات الإعلامية كي ترقى بالمهمة وتعيد الأمور لمنطق صحي سليم في بلاد تكاد تغادر بكل موضوع السلامة والصواب حتى ننتهي من ثلاثي الوباء الذي يكاد يشل كل شيء، بقصد ثلاثي: “طائفية، فساد وإرهاب”…
ومن قبل ومن بعد، لا عزاء للمسنين في عراق غادر احترام شيبة الكهولة والشيخوخة مثلما غادر به الغادرون كل حق للإنسان…
ولا عزاء للعراقية والعراقي وهما يوضعان على تسلسل مطحنة الآلة الجهنمية متي تنهي معاناتهما بطحنهما ونثرهما في ريح صرصر عاتية بلا أثر حتى لقبور!!!
إنها ماساة لن ينهيها إلا العراقيات والعراقيين يوم يخرجون للتصدي لمهامهم في كل قضية وميدان…
وكل عام وأنتما أيتها المسنة العراقية وأيها المسنس العراقي بخير وسلامة برعاية وجودكما بكامل الحقوق يوم يسترجع العراقيون قيما بنيتموها بتضحيات قدمتموها طوال مرحلة البناء والعمل والإنتاج من أعماركم…
وتحية للمسنين في العالم حيث معدل الأعمار يصل إلى حوالي 85 عاما من المسرة والمتعة والوجود الإنساني مستثمرا اهتمام المجتمع والبيئة العامة والدولة فيما العراقي لا يكاد يعبر الستين حتى ينتهي معدل وجوده منهكا من أبشع استغلال في أتون محارق مشعلي الحروب من طاغية الأمس إلى طغاة اليوم.. والعبرة في انتفاض الناس لوجودهم وخيارهم دروب السلام والبناء والتنمية والاهتمام بأنسنة الوجود وتقديس الحقوق لا الأوهام والغيبيات الخبيثة التي لم يأتِ (بها) دينٌ ولا فلسفة وفكر إلا فكر مصادرة البشرية غنيمة استعباد بلا مقابل حتى للقمة أو كسرة خبز…
فلنطالب اليوم بهذه المناسبة بالآتي:
- رعاية صحية شاملة بضمنها موضوع الأمراض المزمنة التي باتت تنتشر في المراحل العمرية منذ وقت مبكر للعراقية والعراقي. وايضا توفير الرعاية النفسية بشكل طبي متخصص..
- وفي وقت لا نتحدث عن نسبة الفقر الكلية ولكن فقط عن الفقر المدقع، فإن المطلب الملح العاجل هنا يدعو إلى خفض نسبة الفقر المدقع ولــ سد رمق من يحيا جائعاً ونخفضه من نسبة تقترب من خُمْس سكان البلاد إلى نسب مقبولة يمكن تلافي نتائجها بالرعاية المتبناة مجتمعيا…
- إنهاء أزمة السكن ومعالجة الموضوع للعوائل الجديدة بما يخدم حل المشكلة لكبار السن القاطنين مع أسرهم، وهنا لابد من حل جوهري ونهائي لمشكلات العشوائيات والأكواخ والعيش في العراء التي طاولت كبار السن بشكل رئيس وكذلك إنهاء مشكلات الإيجار التي باتت تؤرق كواهل الناس بخاصة كبار السن ممن انخفضت مداخيلهم فعليا…
- العمل على توفير الخدمات الرئيسة للأحياء بخاصة الفقيرة من كهرباء وماء صالح للشرب وللاستعمال اليومي الصحي السليم…
- حل مشكلات الريف الذي وصلت ظروف الفقر فيه إلى ما نسبته حوالي 90% (ريف السماوة مثالا).. ومعالجة حالات التصحر والجفاف وتراجع الثروة الزراعية بما ترك كبار السن بالخصوص عرضة لأبشع معاناة..
- وقبل أن نختتم نشير إلى ملايين النازحات والنازحين وطالبي اللجوء حيث يوجد بينهم نسبة كبيرة من كبار السن ومعاناتهم لا توصف في ظل السحق اليومي والعسف الجاري بسبب ظواهر الإهمال، الفساد، العنف وغيره
- وهل بعد ذلك سنجد اهتمام الدراسات البحثية بهذه الفئة بمختلف ميادين التخصصات والعلوم، في مراكز البحث العلمي والجامعات العراقية؟ تلك قضية متروكة لاهتمام أصحاب العقل العلمي بالموضوعات الحيوية وضرورة تناولها بشكل جدي مسؤول كجزء من مسيرة لا يمكننا التخلي عن معالجتها لحين الانعتاق مما شخصناه من ظرف عام للنظام الكليبتوقراطي الطائفي بل يلزم متابعة الجهود التخصصية كي لا نجد أنفسنا بحال تأخر يوم ننعتق ونضاعف الآلام والعقبات….