هذه هي الحلقة الرابعة من تغطيات ألواح سومرية معاصرة لمساهمة خيمة طريق الشعب في مهرجان الإنساني الأممي \ اللومانيتيه في باريس. وهي المشاركة التي تحظى بحضور شعبي من بنات وأبناء الجالية العراقية والعربية وجمهور غفير من الأوروبيين.. حيث جملة أنشطة استعرضناها في لقاءات مع ناشطات وناشطين من المساهمين والحضور.. والحلقات مستمرة بلقاءات مع الفنانين والمنظمين أيضا.. هذه حلقة مع أحد المنظمين الرواد الفاعلين
خيمة طريق الشعب علامة مهمة سواء وسط مهرجان اللومانيتيه أم وسط الجاليات العراقية في المهجر. فلقد باتت عيداً يؤمه آلاف الزوار من مختلف بلدان المهجر الأوروبي؛ يلتقون ليجسدوا هوية الوطن والناس، إنسانية الطابع والمعنى، عراقية الراية، خفاقة بوصفها هوية لممثلي أبناء شعبنا من مختلف أطيافه واتجاهاته وتياراته المدنية الديموقراطية.
هذه الخيمة بأمتارها المعدودة، صارت خيمة عراقية زاهية بألوان الطيف العراقي تسمو بأنشطتهم التراثية المجسدة لتقاليد العراقيين وقيمهم الثقافية السياسية بتنوعات حواراتهم ومشهدية تضامنية مميزة تبني جسور العلاقة بين المهجر والوطن وتفتح النوافذ على ممثلي الشعوب بهذا العيد الأممي الكبير..
يقف وراء بناء الخيمة وإعداد التحضيرات منظمة الحزب الشيوعي العراقي رفاقاً وأصدقاءً، ومعهم رفاق وأصدقاء من مختلف بلدان المهجر الأوروبي، كل بمساهمته، لكن الخيمة تنفتح على كل قوى اليسار الديموقراطي، وعلى تنوعات التيار المدني العلماني بوطنيته المتسعة لألوان الطيف العراقي بلا استثناءات.. إنها خيمة التنويريين بسطوع منجزها لإزاحة الغمة والظلمة من وجه الوطن المكتسي أسى وحزناً؛ مما يجري له اليوم.
من أجل تسليط الضوء على هذه الخيمة وأنشطتها ومن يقف وراءها من جنود مجهولين، التقت (ألواح سومرية معاصرة) بأعمدة شامخة للخيمة ممن رافق مسيرتها منذ عقود، ومازالت تلك الشخصيات التي تتحمل وزر العمل والتحضير وتفاصيل الإعدادات في يومنا هذا.. في هذه الحلقة من تغطيات ألواح سومرية معاصرة نقدم لكم تفاعلات الشخصية الناشطة المعروفة، السيد عدنان أحمد…
توجهنا بالسؤال إلى السيد عدنان أحمد، ليحدثنا عن كيفية التحضير السنوي للخيمة منذ أول تسجيلها حتى نصبها قبيل أيام العيد؟
الحقيقة أنّ التحضيرات تبدأ منذ الشهر الخامس من كل عام؛ أي اتخاذ القرارات النهائية. مثلا حسم موضوع مساحة الخيمة حتى يمكننا على أساسها وضع مخطط للأنشطة المختلفة وتوزيعها على مساحة الخيمة. كذلك إجراء الاتصالات مع الفرق الفنية وخصوصاً القادمة من العراق لأنها تحتاج إلى إجراءات فيها نوع من الصعوبات والتعقيد وحجز الفنادق وووو إلخ.
وفي الشهر السادس من المفترض أن تكون الأمور أكثر وضوحا لانه علينا أن نقدم إلى منظمي المهرجان قبل نهاية الشهر ملفاً كاملاً يتضمن خصوصا حجز الأرض وحجز الخيمة والتوقيع على بعض الالتزامات وخصوصا ما يتعلق بالسلامة التامة.
طبعا تعقد اللجنة التحضيرية حوالي ثلاثة أو أربعة اجتماعات وهي تضم رفاقاً وأصدقاءً بعضوية اللجنة؛ نتدارس ونقرر ما تتضمنه الخيمة من محاور أساسية في الجانب السياسي والإعلامي ونقاط البيع وتوزيع المهام، إلخ…
في الشهر الثامن يكون الرفيق خالد قد وضع التصميم النهائي لديكور الخيمة الداخلي.. وعند جاهزيته نتصل بمعمل الخشب لتجهيزه، في أسبوع قبل الافتتاح. وهنا يبدأ العد التنازلي وخلال ثلاثة أيام وبمساعدة بعض الأصدقاء مشكورين وكذلك طبعا عدد من الرفاق، نكون قد أنجزنا 80 بالمئة من العمل التحضيري.. طبعا يجب أن أنوِّه إلى أن هذا العام شارك معنا عدد من الشبيبة ووجودهم كان له أثر إيجابي في إنجاز العمل بصورة النهائية الكاملة.
عدنان أحمد أحد المنظمين يشتغل ليل نهار لإتمام تنفيذ بناء الخيمةمخاطر عمل لغير المتخصصين ولكنها جزء من المتاعب
وفي سؤالنا الموجه للسيد عدنان أحمد: عن أبرز العقبات التي جابهتهم في الإعداد والتحضير؟ وكيف تم ويتم التغلب عليها؟ أجاب
دائما في أيّ نشاط ضخم من هذا النوع، تحصل عقبات ومشاكل.. بالنسبة لنا هو أن عددنا ؛ وبالتالي يتطلب منا جهوداً مضاعفةً في التهيئة والإعداد. واحدة من المشاكل التي واجهناها هذا العام أنّ الفرقة القادمة من بغداد لم نتأكد من قدومها إلا قبل أيام من المهرجان، بسبب مشاكل الڤيزا. تصور كيف تحل المشكلة في ثلاثة أو أربعة أيام في حالة استحالة وصولها. أنا باعتقادي للتغلب على المعوقات يجب دائما وضع خطة أخرى بديلة كاحتياط لمثل تلك المفاجآت. في حالة فشل الخطة الأولى. الحقيقة نحن كرفاق وأصدقاء في فرنسا لدينا نوع من الانسجام والاتفاق على كثير من الأمور المفصلية وهذا شئ مهم مما يساعدنا لإيجاد حلول سريعة. باستمرار.. لهذا لا نرى في العقبات شيئاً غريبا أو مما يمكن أن يوقف جهدنا الرئيس..
عدنان أحمد أحد المنظمين بنفسه يشتغل ليل نهار لإتمام تنفيذ بناء الخيمة
أما بشأن أبرز العلامات التي سجلتها الخيمة من منجز تضامني فمتى كانت وكيف؟ وما الذي جرى أو أدته الخيمة؟ فقال السيد أحمد:
بدون مبالغة إذا قلت أن خيمتنا هي الأبرز والأكثر حيويةً ونشاطاً وحركةً في القرية العالمية.. وأيضاً من ناحية التنظيم… ولكن نحن نطمح دائما للأحسن ولهذا تلاحظ دائما هناك تغيير في الخيمة من سنة إلى أخرى. الجانب التضامني ينعكس في جوانب وأنشطة متعددة ومن الصعب علينا بإمكانياتنا المحدودة عمل فعاليات تضامنية عديدة في ثلاثة أيام.. لكن أعتقد التظاهرة النسوية كانت أبرز نشاط قمنا به كنشاط تضامني ولكنه يحتاج الى تهيئة وإعداد مسبق لتطويره، وأعتقد أن الجميع متفق معي بالخصوص. ولا ننسى الأعداد الكبيرة من الفرنسيين والأجانب الذين زاروا الخيمة وهذا بحد ذاته مظهر من مظاهر التضامن وقد لمست أنا شخصيا ذلك من خلال أسئلتهم عن الوضع في الداخل ووضع الحزب وغيرها من الأسئلة.
السيد عدنان أحمد كادر جامعي وأحد ناشطي المجتمع المدني وسط الجالية العراقية في فرنسا
أما بشأن مشاركة الفئات الاجتماعية فسألنا السيد عدنان أحمد عن دور كل من النساء والشبيبة في هذا الجهد وكيف يقيمه؟ وهل كان حضورا نوعيا في السنة الأخيرة؟ ما الذي ميز هذا الحضور؟ ومن هم أبرز المشاركين والمشاركات؟
هذا العام أعتقد الحصيلة كانت جدا إيجابية وعلى جميع المستويات وحتى الجو كان لطيفا معنا. أعتقد الجميع استفاد من تجارب السنوات السابقة ليس فقط رفاقنا وأصدقاؤنا من فرنسا وإنما أيضا من الرفاق والأصدقاء القادمين من بلدان أاخرى الذين جميعهم وبدون استثناء قد بذلوا جهودا جبارة في نجاحنا هذا العام.. وهذا ما لمسناه من خلال الاّراء على مواقع التواصل الاجتماعي وفي هذه المناسبة أعبر شخصيا عن سعادتي بالنتائج الإيجابية التي حصلنا عليها وكل هذا بفضل شبابنا ونسائنا ورجالنا أيضا. الكل شارك والكل عمل وبدون استثناء.
أية ملاحظات تود إضافتها؟ قال السيد أحمد:
بالنسبه الى سبب المشاركة ومواصلتها في هذا الكرنفال الأممي الكبير، فبالتأكيد هي فرصه للحصول على دعم تضامني لقضايانا من رأي عام مهم وواسع وهو الرأي العام الفرنسي هنا فضلا عن المشاركين من مختلف الشعوب وممثليها.. أذكر الحملات التي قمنا بها سابقا ضد النظام الدكتاتوري البائد والتي فضحنا فيها سياسات القمع والإرهاب التي كان يمارسها النظام ضد شعبنا وطبعا أنتم تعرفون مدى العلاقات المتينة التي كانت تربط العراق وفرنسا في ذلك العهد والدعم الذي كان يتلقاه أقول بأنشطتنا التي كنا نقوم بها ومن ضمنها مهرجان اللومانيتيه أستطعنا أن نكسب نسبة لا بأس بها من الرأي العام الفرنسي الى جانبنا وخصوصا اليسار الفرنسي . بصراحة أعتقد الآن أنّ مشاركاتنا في هكذا مهرجانات في العالم الغربي أصبحت جد ضروريةي لإيصال صوت شعبنا الذي يعاني من الإرهاب والقهر منذ أكثر من عشرة أعوام بسبب النظام الطائفي والأثني الذي فرض على شعبنا ولا ننسى دوامة الفساد المالي والإداري وأخيرا لا ننسى بأن الحزب يعاني من وضع مالي صعب وما يأتي من أنشطته المتنوعة مثل المشاركة في اللومانيتيه يساهم ولو قليلا في دعمه ماليا
بالنسبة الى توسيع الخيمة فسيتم إقراره في الاجتماع القادم للجنة التحضيرية ومن المفترض ستكون 150 متر مربع أي بزيادة 50 مترا مربعا عن هذه السنة وذلك لأسباب تتعلق بسهولة حركة العاملين داخلها وأيضا لتوسع نشاطاتنا طبعا التوسيع سيزيد من الأعباء المالية ولكن هناك أولويات
موضوع الديكور متروك الى رفيقي أبو الوليد حسب ما ذكرت وأعتقد لديه أفكار جديدة في حال إذا ما توسعت الخيمة العام القادم ولكن موضوع التفكير في تحسين ديكور الخيمة ليأخذ طابع أو مسحة حضارية وتراثيه فهذا أنا أثني عليه
نقطة أخيرة تتعلق بالتحضيرات للعام القادم وهو أن نفكر بشكل جدي ومن الآن بالعمل على تذليل بعض الإشكاليات التي واجهتنا هذا العام وللتذكير لدينا حصيلة تجمعت من مقترحات بدأت تصلنا منذ الآن.
***
تجد ألواح سومرية معاصرة أن مجمل الإجابات أكدت أن محدودية الإمكانات لم تمنع من التقدم بمساحات جديدة للخيمة سواء بالفضاء المحيط أم بخيمة أكبر وأنّ آفاق التطوير مفتوحة وقيد الدراسة باستمرار.
كما أن مهمة تحسين ديكور الخيمة جار سنة بعد أخرى ولربما جرى البحث عن إمكانات تساعد على تلبية مقترحات التعبير عن رموز الحضارة العراقية بوسائل تشكيلية تشير إلى بوابة عشتار وكذلك إلى رمز النخلة العراقية وإلى أمور بنيوية داخلية تخص المسرح والأرضية…
إن اللجنة المنظمة تبحث دائما عن الصورة الأمثل ولهذا تتلقى المقترحات وتتفاعل معها في ضوء الظرف المتاح.. ومع توافر فرص بعينها ستعمد إلى استطلاع رأي في القابل من الكرنفالات.
شكرنا السيد عدنان أحمد ليس لتفاعله الإيجابي المميز مع أسئلة الألواح حسب بل لتضحياته وجهوده الدائبة سواء في المهرجان أم في أنشطة الجالية وتنظيمها ودفعه المستمر باتجاه هوية عراقية إنسانية متفتحة.. إنه بحق أحد أنجم الجالية العراقية في فرسنا بحيويته وأريحيته.. وإلى لقاءات متجددة مشرقة بالتنوير.