صوت المرأة العراقية في المهجر ورسالتها الحية إلى أختها في داخل الوطن
واحدة من التغطيات العديدة التي تأتي استكمالا لجهود خيمة طريق الشعب التي تبقى مثار إعجاب لما قدمته وتقدمه من قدرات جذب تضامني مع شعبنا العراقي في محنته وظروفه الاستثنائية.. إنها خيمة السلام والتقدم خيمة عراقية أصيلة تحمل تجسيدا لقيم الأصالة والهوية الإنسانية التنويرية لمحو غبار الجريمة والمجرم من وجه الوطن والناس.. هذه التغطية هي بقعة ضوء صغيرة عبر نافذة وإطلالة لشاهدة عيان من أجواء أنشطة الخيمة في كرنفال الإنسانية لجريدة اللومانيتيه الفرنسية.
انعقد في ضواحي باريس بفرنسا على مدار ثلاثة أيام، مهرجانٌ كان حضوره أممياً. وفي ثنايا هذا العيد؛ الذي يحتضن عشرات ممثلي الصحف اليسارية والتقدمية من مختلف أنحاء العالم شاركت جريدة طريق الشعب العراقية كعهدها سنويا… ولأهمية اللقاء وما يدور فيه ولحجمه النوعي وصدى تبادل الرؤى والتجاريب بين ممثلي صحف اليسار والديموقراطية فإن تسليط الضوء عليه سيبقى بحاجة لبروجكترات عديدة كيما تصل الرسالة الحقيقية له. ولهذه الغاية ومساهمة من ألواح سومرية معاصرة أجرينا هذا اللقاء مع شاهدة عيان من المشاركات وكانت النتيجة المتحصلة من الإجابات ما نلخصه في الآتي:
السيدة ابتسام، أم إيفان، هي شاهدة العيان التي أجابتنا عن عدد من أسئلتنا، وهي صاحبة الخيال الإبداعي بتجربة كتابتها القصة القصيرة، حيث شاركت هذا العام في خيمة الطريق بوصفها ناشطة في عدد من المفردات والفعاليات التي تمّ تنظيمها مثل مظاهرة النساء التي جابت المخيم رافعة شعاراً ضد العنف الذي تتعرض له المرأة وكذلك في اجتهاد مميز بالعمل اليومي الدائب في الخيمة، وخدماتها المتنوعة لجمهور الكرنفال الذي يتجول مستطلعا ثقافات الشعوب ومنجزات تراثياتها وتقاليدها …
سألت ألواح سومرية معاصرة عن بعض القضايا التي دارت هناك، لأخذ الصورة من زوايا جديدة.. ربما التي لم تنقلها الكاميرا التي سجلت الحدث مباشرة في هذا العام، بمبادرة مميزة من ضيف الخيمة الدكتور جاسم الحلفي ولا بعض الكتابات الأخرى التي تظل معالجاتها مميزة مهمة ولكن حجم الأنشطة يتطلب تغطيات عديدة ومن زوايا مختلفة. وكان السؤال الأول حول المشاركة المتميزة للمرأة في أنشطة الخيمة؟
ولتسليط الضوء على ذياك التميز للناشطات ذكرتْ السيدة ابتسام نماذج مشرقة منهنّ؛ قائلةً: تميز الحضور بعمومه، بالترابط العائلي وروح الصداقة والرفقة بدروب نضالية تتمسك بقيم سامية وبالهوية العراقية الأصيلة. وقد كان للمنظمين الأثر البالغ في تحريك الأجواء وليس في إعداد الخيمة فقط. وصحيح أنّ الجميع كان له مساهمته المهمة صغيرة وكبيرة، بحسب الإمكانات إلا أنّ المرأة كان لها وجودها المميز. وللتفصيل، أذكر هنا السيدة باسمة أم فرح رئيسة رابطة المرأة العراقية في هولندا التي كعهدها سنويا كانت لولب حراك وأتحفت الخيمة بداية بأجواء العائلة العراقية بعشاء ليلة الجمعة الذي بات تقليداً ثابتا في الخيمة، حيث يعقب المحاضرة، تناول الأكلات الشعبية المعروفة.. أما في المظاهرة، فبرزت السيدة باسمة بهتافها عالي الصوت من أجل قضايا الوطن والناس. وإلى جانب هذه السيدة كانت السيدة سوسن الحيوية المعطاء كبيرة التأثير في إضفاء البسمة والروح المعنوي العالي وسط المتاعب اليومية. فلقد تنقلت بين مختلف أنشطة الخيمة دفقاً مميزاً بعطائه. وكذلك السيدات القادمات من مختلف بلدان المهجر الأوروبي، فقد كنَّ المحور الآخر الناشط في فريق العمل اليومي.. فجاء وجودهن ليكون مثار حيوية وحراك، وكان لمساهمتهنّ في المظاهرة أثره عالي الصوت المميز؛ وطبعا هنا نذكر باهتمام مساهمات النسوة الفاعلة، مثل: السيدة روناك البهية بتواضعها وبساطتها وبحيويتها والمثابرات المعطاءات بسمو الأداء السيدة ياسمين أم أسل والسيدة رفاه والسيدة بشرى والسيدة ريم وأخريات كثيرات ينبغي إبرازهن حيث كنّ كواكب ساطعة في هذا العام إلى جانب أخوتهن ورفاق الدرب من أجل حرية الوطن وسعادة الشعب. ونلتقط هنا شخصية نسوية تميزت في تنظيم المظاهرة وتوجيهها هي السيدة بشرى التي كان لدورها أبلغ الأثر في الظهور الغني رمزياً بدلالاته، عندما استخدمت التشكيل البصري بتلك الأزياء المحمَّلة بعبق إشاراتها إلى عراقٍ يزهو بوحدته وعمقه الحضاري وإلى ثورته المجيدة في العصر الحديث بشعار ثورة تموز. ويشار إلى أنَّ كلا من السيدتين ابتسام ولقاء قد تقدمتا التظاهرة بمشاركة تحمل معانيها المضمونية عبر رسالتين بصريتين حيث ارتداء ملابس تقليدية عراقية مرسوم عليها ((خارطة العراق وشعار ثورة 14تموز)) وهي لافتة أخرى للمشاركات في التظاهرة، بصيغة جمالية، تذكيرا بالوجود الوطني العراقي وتعريفا به وبالمشاركات وهتافهن، فيما راحت الأكف والأياديّ من جهة ثانية توزع بياناتٍ عن الأوضاع العراقية الراهنة باللغة الفرنسية على جمهور المخيم الذي جابته التظاهرة. ولابد من توكيد حقيقة أنّ أغلب المشاركات كنّ فاعلات في تحريك الأجواء ونقل السمات والقيم العراقية الأثيرة إلى فضاء الخيمة التي ينبغي أن نؤكد على أنها كانت منظَّمة تنظيماً استثنائيا ومميزاً وهي بعهدة السيد عدنان أحمد الذي كان لولبا ومكوكا بلا استراحة سواء في التحضيرات قبل أشهر أم في التنفيذ قبل أيام من الافتتاح وطوال أيام المهرجان..
وفي إجابتها عن أسباب مشاركة المرأة العراقية في المهجر بهذا الكرنفال الأممي عبر وجودها في خيمة طريق الشعب؟
قالت السيدة أم إيفان: إنّ المرأة العراقية في داخل الوطن بل مجمل المواطنين العراقيين في الداخل باتوا في ظل الأجواء غير المستقرة وفرض قيم قوى الظلام والتخلف، باتوا يفتقدون جميعاً لمثل هذه المساهمات وللروح العائلي في العلاقة الأخوية بين المرأة والرجل من جهة وفي إبراز دور المرأة الاجتماعي وقدرتها على المساهمة الفاعلة في الأنشطة الاجتماعية والسياسية على خلفية مبدأ المساواة من جهة وإدراكها لمهامها وواجباتها في مسيرة التغيير وفي ممارسة دورها بحرية التعبير وحمل رسائل التنوير المجتمعي. حيث كان إطلاق رسالة تظاهرتها ومساهمتها بكل الفعاليات داخل خيمة الطريق وخارجها دلالة على وعي متقدم بها وبأدوارها.
وبشأن مشاركة الفرق الفنية الغناسيقية التي كان للمرأة وجود ملموس فيها، قالت السيدة ابتسام: كان للمساهمة العراقية من داخل الوطن أثرها البالغ في إيصال رسالة فنية جميلة إلى جمهور كثيف مع مساهمة طيبة للفرقة التي جاءت من الدنمارك وبرز أيضا بشكل مستقل عازف الإيقاع الفنان ستار الساعدي الذي دفع الحضور إلى مشهد احتفالي راقص بتراثيات بهية.
أما بشأن تظاهرة الأزياء وعرضها الباهر فقد جاءت مساهمة جدية كونها أخذت طابع هوية عراقية بخاصة في ظهور نقوش ورموز الحضارة العراقية وتراثنا الثرّ وطبعا لا يمكن هنا إلا أن نشيد بتلك اللمسة الجمالية التي لم تأتِ مجرد تشكيلات جميلة للناظر بل جاءت غنية بعمق تعبيرها ومضامين دلالاتها، نهنئ بشأنها مبدعتها المتألقة وفاء.
وبسؤال الألواح عن رأيها في كيف ربط هذا الكرنفال بما يجري في الوطن؟
قالت: إن الخيمة جسدت وجود العراق المصغر (أذكِّر هنا بوجود المرأة العربية والكوردية والكلدانية الآشورية والمسلمة والمسيحية والأيزيدية والصابئية وبلا تعداد من مختلف الانتماءات القومية والانحدارات الدينية والمذهبية ولكنها تجتمع باسم خيمة عراقية بروح أممي نبيل متسام لا يقبل التمييز بأي أساس أو خلفية) والجميع هنا يمثلون قوى التنوير العراقية الحية وأدوارها التي تمثل الشعب وثقافته الحقة. وخاصة هنا عندما تكلم الأستاذ جاسم الحلفي بلقاء ليلة الجمعة حيث نقل الحضور إلى أجواء ساحة التحرير وظروف الحراك الجماهيري المدني وتحدياته. فيما كانت التظاهرة النسوية قد تحدثت عن العنف الواقع على المرأة كونه أحد مظاهر التخلف التي تريد العودة بالعراقيات إلى زمن العبودية والاستغلال الأبشع، فنقلت موقف المرأة العراقية إلى الجمهور الأممي الذي تجمع في المهرجان.
وعن رسالتها إلى منظمي الخيمة قالت: مع اطلاعي على توجه المنظمين إلى توسيع المساحة فإنني أؤكد أن دخول جمهور كبير لحضور الأنشطة في الخيمة يتطلب توسيعاً مؤملا فيها لتلبية مثل هذا الطلب بخاصة أن هذا الزخم لم تستوعبه الخيمة. ومن جهة أخرى سيكون تنويع ضيوف الخيمة وتفعيل الاهتمام بندواتهم وجذب جمهور الشبيبة والنساء علامة مهمة في جهود التظاهرة الكرنفالية الكبيرة.. وختاما هذي مباركة لكل تلك الجهود التي أداها الجميع رجالا ونساء، شيبا وشبيبة بنكران ذات وتضحية من أجل جذب أفضل النتائج لصالح الوطن والناس ونقل صوتهم عبر خيمة الطريق وتقديم النموذج الحي للحراك المدني عبر تضامن المهجر وربطه بهموم الشعب ومسيرته.