أطالع بهاء رائدة الفن الملتزم فنانة الشعب شوقية العطار وإطلالاتها في أعمالها الفنية وهي حريصة كل الحرص على تجسيد جذور الحضارة وثقافة تحترم التراث كما تجسد ذائقة جمالية مميزة ليومنا، وكثيرا ما كانت تجمع بين البساطة والعمق والغنى الأمر الملفت حتى في ملتقياتها بأماسي الثقافة وخطابها ومسيرتها.. وبهذا فهي ليست بحاجة للفوتو شوب لأنها تتعمد خياراتها بذكاء وسلامة ذوق وروعة تجسيد لما تحمله من ثراء النفس وغنى الروح وفخامة ثقافتها.. هذه القراءة تدين البهرجة ورخيص العروض التي تخرب الذائقة وتُعلي من روعة الخيارات لفنانات هن النموذج والفخر والمعلم افيقونة البهية. بهنّ ينتشر الفن الصادق
فنان الشعب لقب لا يحصل عليه إلا أولئك الذين واللواتي بذلن جهداً استثنائياً وقدموا وقدمنَّ عطاءً مميزاً في المنجز الجمالي، طبعاً مع التزام بقضايا الناس والوطن والتضحية بكثير من البهرجة الإعلامية التي عادة يحظى بها بعض البهلوانات من فارغي المضامين ممن ليس لهم سوى اعتماد التزويقات الفارغة للإبهار أو لتجارة بالجماليات…
فنانات الشعب وفنانوه هم اصحاب سيرة إبداعية حملت هموم الفقراء وقيم الإنسان فوضعتها في الضمير وفي الفؤاد بما جسدها من منجز ليس من بوابة التباكي بل من بوابة الحياة العامرة بجماليات وجودنا، عبر أنسنة الجماليات وجعلها الأقرب في تعبيرها عن حقيقة الإنسان، جوهره، معدنه وتطلعاته وقيمه الإيجابية…
فمن يحاول طمس منجز فنان الشعب؟ إن الإجابة لا تتطلب كثير عناء بقدر ما تتطلب الالتفات إلى خوف قوى الاستغلال من أن يكون منجز هؤلاء منتشراً وسط الجمهور لأنه سيكون شمساً تضيء فضاء الناس، عقولهم وسبباً في صحوة الضمائر وفي قرع نواقيس إنهاء الإعوجاج وكل انحراف وتعارض مع وجود الإنسان وقيمه…
إنّ هوية أجهزة إعلام قوى الفساد تتركز على دعم توجهات تخضع للحزبية الأحادية وأخرى تركز على الخواء التزويقي مما ينظر إلى الجمال المفرغ من كل معنى ودلالة، والمتجه إلى التسطيح والتجريد المعزول عن أنسنة قيمية سليمة. وبهذا لا نجد عبرها سوى الطبول الفارغة عالية القرع…
وفي وقت تكون عناية فناني الفراغ الروحي القيمي بالشكليات وبالبهرجة في اللبس والأكسسوارات والإبهار السينوغرافي وطابع الأضواء المشحون بالألوان على طريقة الزرق ورق والبهلوانات.. نجد فناني الشعب بمظاهر بسيطة ولكنها ذات دلالة غنية ثرية روحياً عبر منجز لا يعْبُر على ظهر الألوان المبهرجة ولكن المنجز يعبر من القلوب إلى القلوب.. حيث دفء الأفئدة وسلامتها وروعة سمفونياتها.
لم نجد ميريام (ماما أفريقيا) الفنانة الإنسانية الشامخة كثيرة التزويق ولكنها ترتدي المألوف مع الذائقة التي تصل أوسع جموع الشعوب المناضلة من أجل الحرية.. كم كانت جميلة في (أنا حرة في الجزائر).. ليست فنانات الشعب بحاجة للمسات التشكيل الفني تزويقاً فهنّ يسكنّ ضمائر الناس والروح المتسامي للشعوب..
البساطة هي رمزية من رموز الإيحاء والعرض ومن طريقة عيش يجلّها الناس ويقدسها الفقراء.. مثالنا في فنانة الشعب العراقي، فنانة الأغنية الثورية والوطنية وأغنية التراث العراقي الأصيل ومقاماته الفنانة الرائدة شوقية العطار، إنها نموذج فنانة الشعب في المنجز الباقي في الذاكرة والحي حتى يومنا، في مسيرة عطائها المستمرة المتجددة، إطلالتها بهية كونها النخلة العراقية البصرية الرائعة…
إطلالتها تجمع البساطة والفخامة فهي كلاسيك الأغنية الملتزمة قضايا العمال والفلاحين، قضايا المقهورين من الفقراء والعاطلين عن العمل، قضايا المنتفضين من أجل بناء حياة حرة كريمة، وقضايا صنع جماليات حيواتنا بصورة لا تفارق الجماليات الشعبية من جهة وسياقات المسيرة المستمدة من تراث حي الأثر حي الجماليات…
من الطبيعي أن نجد لفنانة الشعب (شوقية) اعتزازاً من نخبة الفكر والسياسة والثقافة وفخراً بأن يظهروا بصور تؤكد إخائها مع أساطين النضال الوطني والإنساني وتؤكد رعايتها لأنشطة الثقافة والأدب والفن ووجودها يمثل التكريم لتلك الملتقيات.. وبهاء ذاك الحضور يمتاح من البساطة أناقته وإطلالته..
من تلك الصورة الساطعة لشخصية شوقية الفنانة والإنسانة يستمد كثيرون حيوية ضد لحظات الانسحاب والانكسار والاحباط. إنها شحنات معنوية ملأى بالطاقة.. وباقة ورد من يد فنانة الشعب هي سطوع لمعاني الدعم والدفع بالمعنويات، ولطالما أدتها فنانتنا الرائدة بأريحية وبلا تعقيدات ومن دون جيش اصطناع نجوم من هذا الزمن اللاهث خلف تجارة الفن وفن التجارة…
دائما، أغبطك فنانة الشعب الرائدة شوقية العطار على الجمع بين البساطة والعظمة وذلك توكيد لمعاني الالتزام ولدرب نضالي شاركك فيه فنان الشعب رفيق دربك الموسيقار الدكتور حميد البصري.. وهكذا أنجبتما أيضا عائلة فن تتمسك بالإنسان، تتمسك بالقيم السامية النبيلة.. فيا لروعة ما أنجبتما من درر بهية إلى جانب منجزات هي كشموس الأغنية العراقية الإنسانية الجوهر…
تحايا تتجدد، واحترام يتعالى وإجلال يتسامى لك فنانة الشعب شوقية العطار وأنت الرمز البهي الشامخ ليس عراقيا حسب بل بعموم من ردد الأغاني والأهازيج والترانيم الثورية والوطنية والشعبية التراثية والأغنية الحديثة المعاصرة، بمساحة من نلقاها في كل بلدان المنطقة والعالم.
من سيوصل أغنيتك هو حنجرتك والأغنية نفسها واثرها في أنفس الناس التي سريعا ما تنتشر على الرغم من حصارات القنوات التجارية ومن تعبر عنهم… من سيوصل أغنيتك هو بساطة تقديمها وعرضها وعظمة أدائها وجلال منجزها…
ولعل ذلك ليس بحاجة لكثير شرح وعرض وها هي أغنية الشعب يرددها الشعب بهية وتبقين النخلة الأعلى والأبهى. دمت فخرنا درة الأغنية الملتزمة في كل دول الشرق الأوسط ومساحة من يترنم بها على وجه كوكبنا… دمت نموذجا للمرأة في العراق وبمنطقتنا وفي العالم.. دمت الأنشودة الأجمل تنتصرين للفن والفنانات وللفنانين يتخذون من نهجك طريقاً يمضون فيه إلى نجاحات وتألق، كما أنت بالأمس واليوم وغداً
فلننشد معك ونردد البهاء في أغنية بهية تقول:
كل الأغاني انتهت إلا أغاني الناس
والصوت لو يُشترى ما تشتريه الناس
وذلكم خير رمز وخير دلالة