ليس أجمل من إدامة العلاقات الإنسانية وجسورها الودية بمفاهيم تملأ الأنفس راحة واستقرارا بديلا عما يثيره أيّ احتقان أو توتر يتسبب فيه، أسلوبُ الضغائن والحساسيات وغيرهما مما تعتمل به الأنفس بخاصة في لحظات غضب أو تشوش سببه التباس في فهم الآخر؛ بخاصة وزمننا كثرت فيه المعاجم في اللغة الواحدة بعد أن تولدت جزر منعزلة بين الإنسان والآخر يحيط بها بحار ومحيطات من العوائق لفهم الآخر والتفاهم معه..
فلنكن على قدر مسؤولية أنسنة وجودنا وقيمنا عير طريق الإخاء وسلوك التسامح وقيمه السامية النبيلة.. وفي ندائي هذا لكل من يقرأ هذه الكلمات الموجزة، أوجه تحايا لكل من تبنى طريقاً اتسم بـ: المحبة، المودة، الصداقة، أو على أقل تقدير العيش خارج محابس التحسس من الآخر لأي سبب كان، ومن ثمّ تأويل خطابه وأنشطته بما يشوه ذاك الآخر من دون أنْ يدري ما يجري فيُفاجأ بمواقف لا يمكنه تفسيرها.. وهنا تبدأ تفاعلات الانفصام بين طرفين على خلفية لا تلغي كونهما وجوداً بشرياً ولكنها تتسبب في تجريح وسائل أنسنة وجودهما…
إنّ اعتماد تأويلاتنا وظهور التباسات فهم خطاب الآخر، سيشوهنا وعلاقاتنا بذاك الآخر أيا كان الآخر الذي نتحدث عنه… وهكذا فإنّ ما نثق به من كوننا كما نحن ليس صحيحاً فلقد ارتكبنا تجاه أنفسنا ما وضعها بتوصيف أقرب للتوحش ولسلوك ما يوقعنا بخطاب التعادي والاختلاف وحتى إثارة الخلافات المرضية..
فلماذا لا نقاوم ما تدفعنا إليه أنفسنا أحيانا من تأويلات ومواقف؟ ولماذا نستسهل إصدار الأحكام على الآخر؟ ولماذا نحن آلهة أصحاب الصواب المطلق؟ لماذا لا نتمسك بأن رأيين أفضل من واحد؟ وبأن تفاعلنا مع الآخر وحوارنا معه أسلم وانجع لأنسنة وجودنا؟ لماذا لا نجد باتساع علاقاتنا صحة وصوابا؟ لماذا نجد صوابا في تمترسنا خلف ثقة مزيفة لا تستند للحكمة والحلم والموضوعية، وهو بحقيقته ليس أكثر من وهم!؟
ألا نجد الراحة والاستقرار مع وجود الألفة مع محيطنا وبيئتنا؟ ألا نجد السكينة والطمأنينة عندما نطمن محيطنا لعلاقة ود وتبادل احترام؟ أم أننا نسمح لأنفسنا أن تبرر لعدوانيتها بمفاهيم الثأر من وهم اصطناع عدو من آخر شوهنا صورته في أنفسنا وهو لا يدري عن تلك الصورة ولا يمثلها قيد أنملة؟
إذن، فلنراجع باستمرار أنفسنا وحين لا نجد فرصة لعلاقة إيجابية تتبنى التسامح طريقا وسلوكا محمودا فلنجد ما يوفر قطع طريق الالتباشس في تفاهماتنا وفي تشويه علاقاتنا ولنجعل من وجودنا وسط بيئتنا وجودا وديا أو مأمون الجانب لا عدائية فيه على اقل تقدير…
ومن قبل ومن بعد، ماذا ينفعنا إذا ربحنا العالم وخسرنا أنفسنا لنزعة في دواخلنا أو بسبب تلك التأويلات المعوجة أو الأحادية الاتجاه؟ ماذا يفيد إذا لم نوجد أنفسنا وهويتها الإنسانية من خلال الاعتراف بالآخر وإن لم نجد إليه جسرا لعلاقة مباشرة؟ تذكروا أننا موجودون بوصفنا بشراً أنسنوا وجودهم فقط لأننا نحيا وسط الآخرين وليس بعيدا عنهم وإلا فحيوات الكهوف وهمجيتها هي التي تصلح لمن يختار طريق العداء، أو التقاطع أو التشويه أو التضليل بحق الآخرين فلننصف أنفسنا بإنصاف بيئتنا ممثلة بالآخر إنسانا نحيا معه
ودمتم للتسامح سلوكا نبيلا ساميا وطبتم أنفسا كريمة تمتلئ بهذه القيم الإنسانية المشرقة