نداء إلى العراقيات والعراقيين في الوطن والمهجر
ندائي ليس كلمة عابرة، أيتها العراقيات، ايها العراقيون بل ها أنا ذا أرى مثلما أنتم تبصرون ولا أقول ترون كي تكون الأمور بمشاهدة البصيرة والبصر معاً لمجريات وتداعيات من الخطورة بمكان أن تستمر.. لا يورطنَّكم طرف أو اندفاع أو أمل في انزلاق غير محمود العواقب ولا محسوبها. ففي الأفق القريب مصائب إذا ما استمرت الأمور بهذا التسارع يوجهها قادة أجنحة الطائفية كل ردح من الجرائم والمصائب بقيادة أحدهم. اليوم احسموا أمركم وكونوا مع أنفسكم عراقيين ففي عراقيتكم منجاكم وكل خطاب طائفي ليس إلا ضربة فاس أخرى في بئر يحفرونه للعراق ووجوده ويوم ينهدم البيت يكون أهله في العراء معرضين لكل شيء! أرجوكم لنقرأ ونعِ ونتدبر وكل منا مسؤول عن مهمة ونداء مخصوص لتلك المهمة وأعلاها وأبرزها نداء لضبط النفس ولجم الانزلاق إلى هاوية التمزق ونداء لمشروع إنقاذ وطني ليس بغيره منجاة لنا جميعاً
تتداعى سريعاً أحداث ووقائع خطيرة في داخل الوطن. حيث تتفاقم الأعمال الإرهابية التي تتقصد مزيد الضغط للضرب على وتر الطائفية واختلاق الاحتقان بين مكونات المجتمع؛ ووضع الشعب تحت مطرقة العنف وضغوطه مثلما هو تحت وطأة اتساع ظواهر الفقر والبطالة ومشكلات النزوح والتهجير القسري فضلا عن جملة معضلات الواقع ومصاعبه الجمة. كما تنزلق إلى هوة جديدة، تلك الصراعات السياسية بين قوى الطائفية المهيمنة على الوضع العام بمستوى حكومي وبمستوى الشارع السياسي. وبات أيضاً، جلياً اندفاع بعض أطراف الاحتجاج باتجاه خطوات غير محسوبة العواقب، ولا تخدم سوى التداعيات السلبية وصرا قوى الطائفية.
في مثل هذه الظروف المعقدة، يتحتم على جميع القوى السياسية والحراك الاحتجاجي المدني السلمي أن يضبط إيقاعه بدقة بعيداً عن الانجرار في أعمال لا تخضع لمنطق الحراك الشعبي ومستهدفاته في التغيير المنشود بدءاً من إنهاء الطائفية وما يتصل بها وليس انتهاء بمطاردة الفساد والمفسدين بل بإنهاء الإرهاب وجرائمه واستعادة السلم الأهلي وتوفير الأمن والأمان وإطلاق عمليات البناء ومسيرة التقدم وتوفير الحاجات والمطالب الحيوية لعيش كريم يليق بالشعب وتطلعاته.
إنّ هذا النداء يتطلع إلى ضبط النفس من جميع الأطراف، وإلى دعوة مواطناتنا ومواطنينا للانسحاب من كل تشكيل (ميليشياوي) مسلح وعدم الانجرار وراء معارك إذا اندلع سعيرها فلن تنطفئ نيرانها قبل أن تحرق الأخضر بسعر اليابس. يا شبيبة العراق، كونوا حماة السلم بتمسككم به. وليس طريق السلام أي حرب بين العراقي والعراقي مما يراد قيادتكم ودفعكم إليها.
إن أشكال مخططاتٍ تدار اليوم خلف الأكمة، منتهزة هذه التعقيدات، لتذكي نيران الاحتراب والاقتتال الطائفي؛ ولتمزق الشعب وتمعن في ظاهرة التشظي والتشرذم مع دفع الجميع نحو ضغط الاحتقان الذي لن يليه سوى التفجر بما يأتي على الجميع إبادة واستعباداً. ومن الواضح أنّ قوى محلية معروفة وأخرى إقليمية مفضوحة تتدخل لتصب الزيت على النار.. فهلّا وعينا المجريات وأدركناها!؟
لا ترتدوا ألبسة الحرب، لا تلتحقوا بقوى الحرب ولا تنتسبوا إلى ميليشيات الموت الأسود القادم إليكم من كل صوب. من يريد حمل السلاح، فليكن في جيش وطني عراقي ببنية دولته لا بقوة تتعارض ومنطق وجود الدولة. من يريد حمل السلاح دفاعا عن الكرامة والحقوق والحريات فليكن دفاعا عن بنى الدولة لا معاداة وهجوما عليها يفككها ويمحوها فيرتكب أفدح الجرائم بحق الشعب…
احموا وجود هويتكم الوطنية ولا تتشرذموا بين كانتونات لن تحمي فيها حتى المجموعة التي تنتمون إليها بل ستكون وبالا على الجميع بلا استثناء.. ستكون الكانتونات محرقة تبيد الزرع والضرع: فهل هذا ما يريده عاقل حكيم صاحب ضمير وإنسانية، يخشى على نفسه وأهله وانتمائه الوطني الإنساني؟
لا تورطكم في حروب لا ناقة لكم فيها ولا جمل لا صرخات الهمجية ولا نداءات التضليل. لا يخدعنكم طرف بأنه صاحب العصا السحرية؛ وأنه المنقذ، إذا انقضضتم معه على الآخر.. فورطة استبدال فاسد بآخر وطائفي بآخر تعني انحداراً من سيء إلى أسوأ..
بديلكم وبديل الشعب العراقي هو دفاعه عن بنى دولته مدنية لا طائفية، بمؤسسات تعمل بقوانين العصر والحداثة ومنطق العقل وفكر التنوير والتقدم. وهذا لن يمر عبر الاصطفاف مع قوى كانت ومازالت في بنية حكومة الطائفية ونهجها..
الحذر، الحذر.. وابتعدوا عن التصعيد اليوم في هذه اللحظة الحرجة، فأبناؤنا في ميادين المعارك مع قوى الإرهاب وآخرين يسوقهم قادة الطائفية إلى معارك الميليشيات وتجييش الناس خلف متاريس حروب الطائفية الأخطر ليس على وحدة البلاد والعباد حسب بل الأخطر على مصائركم جميعا…
أيتها العراقيات .. ايها العراقيون
كونوا كما أنتم دائما الأكثر وعياً والأكثر إدراكاً للمجريات ولا تشاركوا في إبادة وجودكم الوطني ودولتكم لتدخلوا أقفاص العبودية والاستبداد ممثلة في أقاليم وكانتونات حدودها متاريس الاقتتال حتى الفناء ومن يتبقى لا يحيا إلا عبد قادة الهمجية الظلاميين من كل ادعاء ولون؛ سواء من يدعي شنيته أم من يدعي شيعيته فجميعهم فرقٌ محتربة لا مصلحة لكم عند أحدهم…
واصلوا الضغط بحراك مدني سلمي مستقل لتأمين حكومة تتحمل مسؤولية إدارة الوضع بعيدا عن ألاعيب اقتسامكم بين زعامات الجريمة الطائفية.. ولكن احذروا أن تكونوا وقود حروبهم.. يا أهلنا لن يبقى عراقي في انتماء لميليشيا أو فصيل مسلح إلا وسيكون ضحية ووقودا وكذلك قاتلا لنفسه ولأخيه في الوطن والإنسانية وربما حتى أخيه في الدين والمذهب والفكر فالتقتيل واقع متجذر في ظل استمرار نهج الطائفيين المستشرس اليوم دفاعا عن وجودهم وهيمنتهم وحكمهم الأفسد والأكثر إجراما بتاريخ البلاد وبمسيرة شعوب المعمورة قاطبة.
انتبهوا أيها السادة أيها العراقيون مما يبيَّت لكم على أعتاب غدكم الأقرب! تمسكوا بسلمية حراككم، بمحددات خطاه وبهوية مستهدفاته، ابحثوا عن قادة الحراك بأحزاب ومنظمات وشخصيات وطنية عركتها التجاريب وعرفتموها وخبرتموها ولا تفصموا عرى العلاقة الوطيدة مع قيادة وطنية خبيرة هي منجاة في إدارة دفة الحراك فحراك بلا راس بهذه الظروف لن يكتفي بورطة الفشل والخيبة بل سيتسبب بتوريط أفدح، يخدم الجريمة والمجرم بما هو أكبر مما يستطيعه المجرمون.
أيها الرائعون أبطال الحراك الشعبي المدني، تمسكوا بوحدتكم وبتآخيكم وبقيم التسامح وبالترفع على أوبئة يريدونها تتفشى بينكم وفيكم، وكونوا الأقدر على رفض الانجرار لما يراد توريطكم فيه.. أنتم الأكثر وعيا وحكمة فتصدوا جميعاً بالحكمة والهدوء وبتنويرية الخطى وتمسكها بمشروع تبنّي الدولة المدنية والشروع بإشادتها في أول خطاكم حيث تتصدون فيها لأخطر ما جابهكم أنتم الشعب العراقي وحراكه وسمو تطلعاته وليكن الحوار ثم الحوار والروح السلمي والتمسك بالإخاء وبوحدة الصف سبيلا للوصول إلى بر الأمان…
العراق بلد مدجج بالسلاح لهذا اللجوء الى العنف يعني اشتعال حرب اهلية لها اول وليس لها اخر