في مراسلة شخصية مع عدد من الصديقات والأصدقاء أحلت نص رؤية مقترحة، عالجتُ فيها موضوع ((دعم أتباع الديانات والمذاهب)) في حقوقهم الثابتة في القوانين والمواثيق الوطنية والدولية.. وذلك بمناسبة ورود بيان مجموعة أعلنت وجودها وحقها في ممارسة طقوس معتقدها؛ هم أتباع الديانة الزرادشتية بكوردستان. وإذا كان الدفاع عن حرية المعتقد هو جزء لا يتجزأ من التمسك بمفردات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإن تسجيل موقف تجاه أية مجموعة لأتباع أي دين أو مذهب في العراق هو أداء منتظر منا جميعا كيما نحمي التعددية والتنوع في بلاد الحضارة وثراء تنوع مكوناتها وأطيافها.. أضع هنا مراسلتي ونص معالجتي بين أيديكم. مع الاعتزاز والتقدير لكم ولكل تفاعلاتكم اللموضوعية الكريمة.
الصديقات الفاضلات العزيزات.. الأصدقاء الأفاضل الأعزاء كافة، تحية طيبة وبعد
وددت أن أجدد عميق التحايا لكم وثقتي برسوخ العلاقات بيننا وبمتانة جسور الصلات الأخوية القائمة على أسس إنسانية مكينة؛ كما أنها علاقات أخوية قائمة على ذكركم أيها الصحب الكريم، بجميل المشاعر والاحتفاظ لكم بالاحترام والتقدير وكبير الامتنان لجهودكم ولوقفاتكم المشهودة في الشأنين العام والخاص..
وفي إطار وجودي بجامعة ابن رشد في هولندا وبمنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية أجد أن إدامة علاقاتنا هي ينبوع الانتصار للقيم الإنسانية السامية ولقيم التمدن والتحضر والانتصار لحقوق الشعوب في تقرير مصيرها وفي الدفاع عن حقوق الإنسان الفرد والجماعة ومن ذلك ضمان حرية المعتقد والدفاع عن حقوق ممارسة الطقوس بما لا يتقاطع مع الآخر.
أرجو هنا تفضلكم بالاطلاع على رسالتي بمناسبة إعلان مجموعة كوردستانية العمل العلني في إطار التعبير عن حقوقهم في المعتقد وفي ممارسة طقوسه، بالإشارة إلى بيان أتباع الزرادشتية.. واسمحوا لي هنا بهذه المناسبة أن أؤكد الحرص على الدفاع عن الحقوق والحريات بالتعاضد مع جميع محبي السلم الأهلي وإشادة الوجود الإنساني المحاط برعاية الإخاء والوحدة في إطار احترام قدسية التنوع والاختلاف.
دمتم جميعاً
د. تيسير عبدالجبار الآلوسي
رسالة توكيد لحرية المعتقد في إطار التعددية والتنوع والالتزام بالمصالح العليا للشعب
نداء لرعاية حقوق أتباع الزرادشتية وحماية ممارسة الطقوس في بيئة ثقافة السلم والتسامح واحترام الآخر
وردنا بيان تأسيس الحركة الزرادشتية في كوردستان الذي أكد على ما تتعرض له شعوب المنطقة من هزات راديكالية أودت إلى سفك الدماء والاعتداء على حقوق أبنائها وعلى حرياتهم. ونحن نتفق في أن قوى الشر الهمجية حملت في حروبها أفكاراً ظلامية جاءت بعواصف هوجاء وصلت حد ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية لمجرد انتماء الإنسان لدين.. ومن ثمّ فنحن نرى بدءاً واجب اتحاد البشرية جمعاء ضد أفكار التطرف والأحادية وفلسفة الشوفينية والاستبداد والاعتداء على الآخر أو إلغائه؛ الأمر الذي يتطلب مزيداً من جهود نشر قيم التسامح والإخاء واحترام الآخر وقدسية التنوع في الانتماءات فكرياً دينياً مذهبياً. وهذا التوجه هو طريقنا جميعاً نحو إنهاء استخدام العنف وجرائمه المعادية لوجودنا الإنساني المتمدن. ونحن نتفق مع الرؤية التي أوردها البيان والتي تحذر من مخاطر تتهدد كوردستان وشعبها في إطار استباحة همجية لقوى الإرهاب الظلامية للمنطقة.. ومن هنا نؤكد تضامننا الثابت مع كل مجموعة دينية ومذهبية مسالمة، في حقها في اعتناق عقيدتها وفي حريتها في ممارسة طقوسها بإطار احترام القانون وبنى الدولة المدنية ورعاية قيم الإخاء والتسامح.
لقد تعايشت شعوب المنطقة بسلام وإخاء وحماية الحريات الدينية بروح السلم الأهلي الأمر الذي يجب استعادته وترسيخه وعزل كل تلك القوى الشاذة التي كانت ومازالت استثناء تتقاطع ومصالح الشعوب وحقوقها وحرياتها.. وننادي أن يشمل هذا التعايش السلمي والرعاية والحماية جميع الديانات والمعتقدات بلا استثناء أو تمييز.
إننا نرحب برعاية كوردستان لحقوق أتباع الديانات ومنهم هنا أتباع الديانة الزرادشتية، الذين عانوا على مدى ردح زمني طويل من قمع قوى متشددة ظلامية.. ونؤكد أهمية وأولوية الحرص على دعم حقوق أتباع الزرادشتية في حرية اعتقادهم وخيارهم الديني وفي ممارسة طقوسهم أسوة بجميع أتباع الديانات الأخرى وعلى أساس من المساواة والإنصاف كما كفلته ونصّت عليه القوانين المدنية الوطنية والأممية وما أكدته وتؤكده إعلانات حقوق الإنسان والاتفاقات والمواثيق الدولية المعنية..
إنّ كفالة حقوق أتباع الزرادشتية وحقهم في الاعتداد بهويتهم وتقاليدهم وإرثهم الثقافي، يبقى أمراً ذا طابع قانوني تحميه الدولة المدنية وبناها القائمة في كوردستان الحديثة. ومن هنا لابد من العمل الحقوقي الثابت لمنع أيّة محاولة للمس بكرامة أو لتهميش و\أو الانتقاص من معتنقي أية ديانة ومنها الزرادشتية. نثق بأن أتباع هذه الديانة سيكونوا أيضا المبادرين للتمسك بالقيم الإنسانية المدنية العادلة وبأن تتضمن مهام إحياء ثقافتهم توجهاً منهم نحو أعلى حالات التمسك بالتنوير الفكري وبرفض مفاهيم العنصرية والانغلاق والتشدد وأن يستثمروا من فلسفة الزرادشتية ومعتقدها قيم الإيجاب في الوجود الإنساني وثراء تنوعه الرحب القائم على جسور الإخاء والتسامح والالتزام بقيم أنسنة الحياة؛ مشيدين هنا بشعار أتباع الزرادشتية في العمل دائما بمنطق: (الأفكار الجيدة، الكلام الطيب والعمل الصالح)، نحييكم ونتمنى لكم أفقاً إنسانياً منتجاً مثمراً لكل ما فيه خير وجودنا الإنساني المشترك.
د. تيسير عبدالجبار الآلوسي