تستحق فناناتنا المغتربات اللواتي يعشن في المهجر، أن يجري تسليط الضوء عليهن بما يفيهنّ حقهن بخاصة أمام قامات شابة مميزة في منجزها. إحدى القنوات الفضائية العربية \الميادين بشخص المعد والمقدم لبرنامج بيت القصيد الأستاذ زاهي وهبي، التقى فنانة مهمة بمنجزها هي الفنانة بيدر البصري. وها أنا ذا أقرأ جانبا من طابع اللقاء ببقعة ضوء صغيرة ولكنها ربما البذرة التي ستشير إلى زوايا أخرى بخاصة أن معدّ ومقدم البرنامج أحاط بثقافته واسئلته الحية الفنانة بطريقة غنية ثرة.. قدمت حمامة البصرة إجاباتها الذكية اللماحة بروح من الألفة وجسورالانتماء إلى الأغنية العربية وعائلتها الأكبر
في لقاء مع الفنانة بيدر البصري تميز بالشمول وبغنى التنوع في موضوعاته جاءت إجابات الفنانة الشابة متقصدة بذكاء اختيار البساطة والحديث مع أسئلة تميزت بعمقها الثقافي بروح تمسك بتقديم الفنانة لنفسها وهي تتحدث مع جمهور بالملايين وكأنها تجلس مع عائلتها.. إنّ اختيارها إجابات بسيطة كان مقصودا منه توكيد الألفة مع هذا الجمهور والانتماء إليه بشكل روحي ثقافي وبعمق قيمي سلوكي إجرائي مباشر. فتراها تتحدث عن علاقتها بعائلتها الصغيرة بوالديها وتأثيرهم فيها ودورهم الحياتي وتوجيهاتهم ووصاياهم لها حتى يومنا وهي الشخصية المستقلة صاحبة الكلمة في مسارها لمن يعرفها عن كثب. وطبعاً ذلك ليس ادعاءً بل توكيداً لطابع العلاقة بين قيم العائلة وتمسكها بتقاليد تنويرية أثيرة وبين قيم فكرية فلسفية عليا لمضامين الإبداع الفني المنتخب لأداء أعضاء العائلة من قامتين نخلتين مثمرتين هما: الموسيقار الدكتور حميد البصري وفنانة الشعب الرائدة شوقية العطار إلى كل أعضاء العائلة وإبداعاتهم وحجم مساهمتهم في ثقافة التنوير الفكري السياسي والاجتماعي منذ سبعينات القرن الماضي.
أحيي هذه الفنانة وهي تعلن بتحدٍ إنساني وفني تمسكها بالفن الملتزم بقضايا الوطن والناس وقضايا وموضوعات إنسانية سامية كما في اهتمامها المميز بأغنية السلام والتعايش بين الشعوب وجسور الصداقة في تلاقح الثقافات، أقول التحدي لأنها تتحدث في وسط من حالات تنافس يدخل فيه المرضي الذي يحاول تشويه الإبداع بأعمال سطحية وأخرى سيئة كما نراه في كثرة من الإنتاجات الرديئة، التي تحظى بالدعم المالي من أطراف معلومة. أما حمامة البصرة فنانتنا حاملة رمز وطنها الأول العراق فإنها تحمل السعفة وحفيفها في موسيقاها وأداء أغانيها بكل معاني رمزيتها..
بيدر البصري تقلدت جوائز وشهادات مهمة من كبار النقاد والمبدعات والمبدعين ولكنها مازالت بمئات أعمالها هنا على أهم المسارح الأوروبية بخاصة تلك النخبوية التي قدمت تراث الشعوب وتطلعها للسلام في باريس وفيينا ولاهاي وغيرها من العواصم وأوركستراها..
وهي إذ تحدثت بإطلالتها الجميلة، بروح البساطة والمفردات العائلية الحميم إنما أرادت أن تذكّر أوساط الأغنية العربية أنها موجودة وقريبة تتنفس أنسام هويتها ولغتها مثلهم ومعهم بمحبة؛ صحيح أنها مقلة في إجراء المقابلات، إلا أن ذلك يأتي لكونها تحسب لكل لقاء مكانه ومكانته واتصاله بالجمهور عبر منجزها الفني المتمسك بالقيم السامية وبرائع منجز الأغنية العراقية والعربية أي بانتمائها إلى هذا الوسط الذي أنجبها.
يبقى أن نسجل لها أنها لم تتفاجأ ببعض الأسئلة التي تقصدوا مفاجأتها بها ولكنها أرادت بدبلوماسية تجنب الإجابة، أو تركها لمن يعنيه الأمر أن يجيب ومنهم جمهورها الذي كان أصغى لحنجرتها السومرية البصرية وطاقاتها المميزة، وهي بهذا تركت لصوتها أن يكون بين يدي الجمهور والمتخصصين الغناسيقيين فيما مدت جسور صداقتها بوفاء انتماء إلى الجمهور بلغة العائلة والعلاقة الحميم كما أسلفتُ هنا، تاركة الإشارة المفصلة بشأن أنشطتها الفنية الأخرى التي أهلتها لها دراستها السينمائية مثلا لمناسبة أخرى.
تمنيات لك بالتوفيق دوماً ولتبقي سفيرة أغنية السلام العراقية بأوروبا التي تقيمين بها فيما تمدين وشائج العلاقة المكينة المتينة بالبصرة وبالعراق وبشعوب العربية وفنونها الثرة الغنية وقيمها التي تحملين.