بين زيّ المرأة السومرية وما جسّده من تحضر وتمدن وما يُراد للعراقية اليوم أن تُحجب به لمزيد استغلال لها

كانت السومرية مفكرة فاعلة ويريدون للعراقية أن تكون معطلة مشلولة

السومرية كانت حرة تتعلم وتختار وتعمل، فيما يريدون أسْر العراقية لا في سجن من حيطان البيت حسب بل بسجن من قطع قماش معتمة سوداء خشنة لا تنظر من خلالها ولا تتصل بعالمها الممنوع من الوصول إليه ولا التفاعل الانساني معها.. إنها محرومة من كل حقوقها المدنية الإنسانية متهمة منذ ولادتها بجريمة كونها أنثى..

((فلنقرأ ببصيرة العقل لا ببصر الأعين  والنظرات العابرة بلا تفكر))

وليس في هذه المعالجة ما يطعن اختيارا إلا عندما يصير أداة وسلاحا للاستغلال والابتزاز وانتهاك الحقوق عندها يُنظر إليه ببصيرة على أنه ليس خيارا بل فرضا قهريا بمقاصد ونيات مسيئة تجاه من يحيا في عصرنا من نساء ورجال والعبرة ليست بتبرير رؤية بقدر ما نجدها في البحث عما يسوغها وبين التبرير وذرائعيته والتسويغ وسببيته بون وعدم التقاء 

المرأة السومرية كان هذا زيّها

womensumerian

 

 

ويريدون للعراقية أن يكفنوها بشوال فيصير هذا زيّها

muneqqeba

 

إنَّ العراقية اليوم، عند من يفرض عليها ما يسميه الحجاب، مجرد جسد بلا عقل، كينونة للمتعة الخاصة، وهي ليست سوى شيئاً من مقتنيات الفرد المتخلف..

ظاهرة الحجاب وسواده كليلٍ غاب فيه قمر عشاق الحياة والحرية والكرامة الإنسانية.. وهي ظاهرة لعالمِ التخلف والجبن والكراهية والانحطاط وكل قيم الجهل ومساوئها.. تلك هي حقيقة ما يرمز إليه بَرقعة المرأة بالأسود الخشن؛ الأمر الذي يجسد بحقيقته وجوهره، تبرقع عقل الرجل بحواجز التخلف والجهل..

بين آلاف السنين والأعوام من الحضارة والعطاء والتضحية وظواهر التفتح التي نمت وسط مجتمع حضارة المدينة ودولتها الوليدة آنذاك وبين يومنا المعتم بعقول لا دين لها ولا منطق مجتمعٍ متمدن لا يوجد غير هوّةٍ سحيقةٍ تتجمع فيها المياه الآسنة لما تطرحه قوى التخلف والبلادة وتعطل الفكر…

القضية هنا، لا تنصبّ على قدسية الجسد وحرمته على الإذلال والانتهاك وحق كل إنسان امرأةً أو رجلاً في التصرف الأمثل بجسده، بل تنصبّ على تجسيد حجاب عقل المتخلف وتعطله وشلله في فرض حجاب العتمة والتخلف وتعطيل نصف المجتمع وفي محاولة إشاعة الظلمة بوجود المرأة وتحويلها إلى شوال لمتعة الجهلة والخنوع لرغائبهم المريضة!

إن العمل بمبدأ المساواة وتفعيل العقل وتحرره من منطق الرغبة الشهوة المرضية وتفعيل أدوار وجهي المجتمع المرأة والرجل عبر تعليمهما وتثقيفهما وتحريك آليات اشتغال دماغيهما، إنّ ذلك هو الطريق لاحترام الجسد من الانتهاك، فلن تمنع خرقة قماش لا سوداء ولا من أي لون انتهاك جسد المرأة بعد أن انتهكوا حقها في أن تكون إنساناً كامل الحقوق..

كما أننا نرصد يوميا ملايين حالات الاغتصاب والاعتداء والتحرش ونسبة جد خطيرة تقع تجاه المحجبة المنقبة سواء في داخل بيتها أم ببيوت الأقرباء ورجال الدين المزيفين منهم وفي أيّ مكان كانت بل إنها تُنتهك بسهولة أكبر بسبب جهلها وتعطيل فرص تعليمها وتنوّرها..

لقد حانت اللحظة الفاصلة للمرأة العراقية، كي تنزل إلى ميادين الاحتجاج والتحدي من أجل إنسانيتها، كرامتها، عِرضها، شرفها، حقها في تشغيل عقلها بالتعليم والتثقيف وفي ممارسة الأعمال المنتجة أسوة بأخيها لا بمغتصب حقوقها..

لقد ولّى زمن تعبئة النساء في شوالات القمامة! لا يمكن للمرأة العراقية أن تتراجع من ظروف السومرية وظروف نسوة ثورة 14 تموز ونسوة السبعينات والثمانينات اللواتي كنّ بقمة المسؤولية القيادية وكنّ في رائع تشغيل العقل دراسة وتعليما وعملا بمختلف الميادين أقول لا يمكن أن تتراجع النسوة إلى حيث إعادتهن طوعاً وخنوعاً لشوالات الاستعباد باية حجة كانت!!

womenindemonstration1959

لسن قاذورات ولا مكبات لنفاية المتخلفين الجهلة كما يجري معاملتهن! لن يخضعن لرغبات ونزوات ليتركن على قارعة الطريق أو محابس قهرية ولا إلى حيث يرمين من أعلى تلة أو جبل أو ليحرقن أو يُغرقن عمدا وقسراً كما تفعل وحشية يومنا مع بعضهن!!

إن المرأة العراقية مازالت على صلة بما اكتسبته بالأمس القريب وللتو ومنذ أعوام بسيطة كنّ يملأن الحياة فعلا ومنجزاً وعطاءً بلا حدود..

اخرجن إلى ميادين التظاهر.. انتفضن للكرامة.. اخلعن شوالات العبودية وهي شوالات نفايات البشرية.. انزلن إلى شوارع التحدي فليس من يحرر المجتمع برمته سوى ثورة تكوننّ أنتنّ العماد فيها..

ستكسرن سلبية المحبطين الذين استسهلوا الخنوع لرجالات الفساد الذين ارتدوا أعمة القدسية وألبسوا نساء البلاد شوالات حجزهن بالترتيب للاغتصاب الخاص ثم رميهن إلى مصائر الاستغلال والإذلال!!!

أيتها العراقيات القضية لم تكن ولن تكون قضية شوالات البرقعة وتعليبكن بها لمصلحة السوقة أراذل المجتمع

أجسادكن بهذه اللفائف والخرق هي الممر لاستلابكن كل شيء.. فلا تخشين شيئاً بعد أن لم يبقَ لكُنَّ من شيء تخشين عليه!!؟

إنها لحظة الثورة.. ألن تثرن لوجودكن وإنسانيتكن!؟

هل من عمر بشر ما يكفي لإضاعته لمصلحة نزوات رجال يتعاقبون عليكن باسم المقدس والمقدس منهم براء!!!؟

كفى استلابا واغتصابا ولتكنّ في الميادين شعلة للحرية ولعالم يمتلئ بحمايتكن وإنسانيتكن.

ها أنتن بقيتن بلا معيل!!! بلا زوج!!! بلا أخ!!! بلا زميل ولا صديق ولا صلات رحم!!! ألم تختل نسبة من بقي من النسوة لمن بقي من الرجال؟ ألا ترين كيف يديرون عقائرهم!!!؟

إذن كفى ومن يريد أنسنة الحياة فليبدأ بأقرب امرأة ويساند حقها في الاحتجاج على ما يجري من انتهاك بات المجرمون حتى لا يدفعون له أجر غانية دفعوها قهرا للرذيلة!!!

تلكم صورتا المرأة السومرية والمرأة العراقية وثقتي وطيدة بالمرأة اليوم أنها مازالت الشعلة وتاج الوطن والناس وصاحبة الإرادة وانها قادرة على ان تقرر وتحسم .. والميدان صاحب الكلمة الفصل.

...

تعليق واحد على “بين زيّ المرأة السومرية وما جسّده من تحضر وتمدن وما يُراد للعراقية اليوم أن تُحجب به لمزيد استغلال لها”

  1. شكرا أخي الفاضل على هذا الموضوع والتحليل الفكري الذي يزدهر بروحية وعقلية المتنور والمتقصي للحقائق التأريخيه وما سيعى اليه الظلاميون في طمس حقيقة المرأه تأريخيا واجتماعيا ومكانتها في الحضارات السومريه والبابليه — شكرا لكم لهذا السرد العلمي والموضوعي في استنهاض المرأه واعادتها الى عالم وجوديتها ومكانتها الانسانيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *