تتوارد الأنباء من كوردستان حاملة معها نُذُر التصعيد والاتجاه نحو حال من التشنجات والاتجاه نحو خطاب تحتدم فيه الأمور إلى الدرجة التي نزلت فيها بعض القوى في استعراضات مسلحة أثارت القلق الشديد في الوسط الشعبي. وإذا كان سليما إصدار مؤسسة الرئاسة منعاً لمثل تلك الاستعراضات فإنه من الصحيح والسليم أيضا أن ينظر الجميع إلى حقيقة التدهور العام بالوضع الأمر الذي يرشح احتمالات جد مقلقة من الانشطارات والتمترس العنفي خلف خنادق الأمس وصراعاته المأساوية الدامية.
وينبغي في هذا الإطار عدم حصر الأمور وتداعيات المواقف بموضوع من سيكون رئيساً وما صلاحياته؛ ونسيان ما يجري من مخاطر وتهديدات على المستويين الاقتصادي والسياسي أو المجتمعي بصورة شاملة. إذ من المعروف أن عراقيل جمة باتت تظهر بوجه الحركة الاقتصادية ودوران عجلتها؛ ليس أسهلها موضوع المرتبات وأرزاق الناس وظروفهم المعاشية فضلا عن أمور مثل ما يخص المحروقات والطاقة وما فيها من بعض مشكلات.. هذا إلى جانب التهديدات الأمنية الخارجية والداخلية سواء منها ما يتعلق بداعش الإرهاب أم بجهات إقليمية وما تمارسه من اعتداءات سافرة مدانة. أما في الصُعُد السياسية فإن مسار الحكومة باتت تقف بوجهه حال من الاختلافات وربما الخلافات التي يجري مفاقمتها ولا يرحب بها سوى أعداء كوردستان.
ولأن الدورة الانتخابية ما زال أمامها حوالي السنتين، ولأنّ المصالح العليا لكوردستان وشعبها هي ما ينبغي أن يكون في الأولوية، فإنَّ من السليم بل من الواجب وقف التصعيد في الخطاب السياسي وما يطفو من مزيادة في الخطاب الإعلامي والنظر بشمولية إلى كل ما يجابه كوردستان بخاصة في خطر الانقسام والتمزق والدخول بحرب لا يوجد فيها رابح، فالجميع سيكون خاسراً وأولهم شعب كوردستان.
إنّ نداء التجمع العربي لنصرة القضية الكوردية، بآلاف أعضائه من نخبة الثقافة والحركة التضامنية العربية الكوردية، تطالب جميع الأطراف الارتقاء لمستوى المسؤولية التاريخية وحزم الموقف وحسمه باتجاه منح الحوارات الموضوعية الهادئة وأفق علاقات الإخاء والتعايش في إطار القانون الجامع والامتناع عن التركيز على نقاط الخلاف، ما يفضي لمزيد توتر وشحن وانقسام بل المطلوب البناء على القواسم المشتركة أولا ومنح فرص التفاعل والحوار سقفا زمنيا أطول والعودة إلى استفتاء رأي الشارع الكوردستاني عند الضرورة وتحريم نهائي وقطعي للغة التهديد والتشنج والعنف.
ومن أجل ذلك وفي الظرف الكوردستاني الراهن ندعو لتفعيل الالتزام بما ينص عليه القانون من استمرار الرئيس بممارسة المهام حتى الدورة الانتخابية التالية والهدف من هذا ليس الميل لطرف أو آخر بل إيجاد أرضية لاستمرار مفاوضات صياغة دستور مدني واختيار شكل نظام الحكم الديموقراطي بما يفي من وقت حتى تصل الأطراف جميعا إلى مرحلة الحل والانتهاء إلى اتفاق يتناسب وإرادة شعب كوردستان وخياراته قبل أية خيارات أخرى.
تحية لنضالات شعوب الأمة الكوردية بمختلف أقسام كوردستان، وتحية لحركة تحررها القومي وقواها الديموقراطية المناضلة من أجل وجود مؤسسي مدني ديموقراطي، يخدم حسم قضية تقرير المصير ويستجيب لكل مطالب شعوب كوردستان وتوجهها نحو الاستقرار والشروع بمسيرة التنمية والتقدم وصناعة فرص التعايش السلمي مع جيرانها..
وتحايا للقوى الكوردستانية، تتمسك بمصالح شعب كوردستان وتتجنب خطاب التوتر والعنف وتوحد الجهود لتجاوز المصاعب والتعقيدات المهولة التي تجابهها كوردستان اليوم وتؤكد الحرص على المصالح العليا للشعب حتى يتحقق النصر للكورد في مسيرة انعتاقهم وتحررهم بجميع أقسام كوردستان.
الأمانة العامة للتجمع العربي لنصرة القضية الكوردية
14 آب أغسطس 2015