يواصل العراقيون حربهم ضد ميليشيات الدواعش الإرهابية ويقارعون مرتزقتها ومَن يسندهم من خلف الحدود وفي داخل الوطن أيضا.. ومن هنا فإنّ معركة العراقيات والعراقيين تتسع باتساع ميادينها. فقوى الظلام والجريمة ممثلة بثالوث الطائفية، الفساد والإرهاب.. ولهذا الثالوث عناصره العنفية المسلحة ليست مخفية الوجود؛ فهي تتجسد بالعصابات المافيوية المنظمة وبالميليشيات وبحجم غير صغير من الأتباع في بنية المؤسستين الأمنية والعسكرية وفي إدارة الدولة سواء المحلية أم الاتحادية..
في مثل هذه الأجواء المعقدة الملبدة بغيوم سوداوية، بات مسلسل الجرائم بتفاقم يوماً فآخر.. وباتت السياسة القمعية لنظام كليبتوقراطي طائفيّ أكثر إسفاراً عن وجهها الكالح ونهجها المرضي التعسفي. إذ تفشى نهج جرائم الاختطاف والابتزاز والاغتيال والتقتيل، تتعاور في تنفيذ تلك الجرائم أجنحة الطائفية وميليشياتها المسلحة وقوى الإرهاب ومرتزقتها وانتحاريوها، فضلا عن الانتهاكات التي مارستها وتمارسها قوى وتشكيلات مؤسسية أمنية وعسكرية بمبررات لا ترقى لمنطق!
إنّ أبرز علامات الطغيان والدكتاتورية التي تخدم خطى تشكيل نظام كليبتوقراطي طائفي ممعن في الجريمة هي جرائم حرمان فئات الشعب من حقوقها وقمع الحريات العامة والخاصة وارتكاب كل الأفعال العنفية الهمجية بحق المطالبين بها والمدافعين عن كرامة العراقية والعراقي إلى حد ارتكاب الجرائم الدموية البشعة.
ولعل منع أيّ شكل للاحتفالات والأفراح سواء منها احتفالات الطلبة بتخرجهم أم الشبيبة بمناسباتهم العامة والخاصة هي صورة من تلك الممارسات القمعية المقصود منها إشاعة مظاهر اليأس والاحباط وسيادة مشاعر الحزن والأسى لغرس أسس الانكسار في الأنفس والقنوط وإرباك المجتمع وإخضاعه لسلطة تعيد زمن العبودية والرق…
إن مشهد إغلاق المحال والمنتديات الاجتماعية الترفيهية والتذرع بحجة الإجازات والرخص ومداهمة الفنادق والأندية ومباني الاتحادات الثقافية في خيمة ذات التبرير الساذج هو خرق للحقوق العامة منها والخاصة وكل ما يتم استصداره من قرارات حكومية، لدعم هذا النهج القمعي الذي يصادر الحياة الإنسانية ويمعن في إهانة المواطنات والمواطنين، هو جريمة تتقاطع وما نصَّ عليه الدستور العراقي واللوائح والقوانين الدولية المعنية، ولا يمكن أن يتم قبول أية ممارسة تجري في ظلاله…
لقد طوردت المرأة العراقية وتمّ مصادرة حقها في خياراتها الإنسانية عندما تمّ رفض معاملاتها الرسمية لمجرد أنها تضع صورة غير ملفوفة بالحجاب على وفق توصيفات القوى التي تريد إدارة الدولة بمنطقها الأخرق الذي لا ينتمي إلى دين ولا مذهب.. ومُنِعت من ممارسة الأنشطة وتم مضايقتها والاعتداء السافر المبيت والمبرمج عليها في الشوارع والميادين العامة وأمام أنظار الجهات الأمنية المسؤولة.. ويجري تحقيرها من أطراف وأجنحة الطائفية إلى درجة اجترار سوق النخاسة وإعادة استيلادها على طرفي الصراع سواء عند إرهابيي الدواعش أم عند قوى تستعيد الفصلية والنهية وتزويج القاصرات كرها وما إلى ذلك من مبررات.
وحوصرت الشبيبة والطلبة وقُمِعت أنشطتهم وتم الاعتداء عليهم في داخل الحرم الجامعي ومورست أعمال البلطجة حتى على الأساتذة الجامعيين.. وحُظِرت كل الأعمال والأنشطة المدنية الاجتماعية.. ويجري استغلال القوانين وكراسي السلطة لحجب الإجازات عن تلك الأنشطة مثلما يجري تهديد منظميها وتحديد حراكهم واتصالاتهم المجتمعية..
إنّ الأمور تتكرر بلا محاسبة وفي كل مرة تمارس سلطة أحزاب الطائفية توزيع الأدوار طرف يرتكب الجريمة وآخر يمارس المداهنة لتمريرها بلا حساب عبر اعتذارات شكلية وقرارات لا ترقى لمستوى محاسبة جنحة فما بالنا وما يجري هو جريمة متكاملة الأركان!؟
وتوكيداً للتضامن الوطني بين أبناء شعبنا ينبغي التصدي لكل تلك الجرائم وإدانة التغطية التي تمارسها أحزاب السلطة ودهاقنتها سواء في خطاب إعلامي سياسي مضلل أم في استصدار قرارات وفتاوى ساندة لجرائم القمع والابتزاز وتجريم تلك الأفعال بوصفها شريكاً مباشراً في الجريمة.
لقد استشهد بالأمس القريب شابان من بصرة الخير، منبع ثروة الوطن؛ بلا مبرر سوى نزعات القمع الهمجية السادية عند بعض عناصر السلطة المخترقة حتى قمتها… وإذا صمتنا هذه المرة مثلما سابقاتها، وإذا قبلنا مبررات الساسة وخطابهم وما يتذرعون به من أقاويل وفتاوى وقرارات متقاطعة وجوهر القانون والدستور فإننا قريبا سنشهد الإعلان الرسمي لمرحلة العبيد في بلادنا بعد أن كانت بلادنا عبر تاريخها تنتصر بفكرها التنويري وبثقافتها وخطابها المتمدن الحضاري!!
قولوا كفى استغلالا وابتزازا للمواطن العراقي..
قولوا كفى للجريمة بحق العراقية والعراقي..
قولوا كفى قمعاً وجرائم سادية..
قولوا لن نرضخ للجريمة بعد اليوم…
إنّ احترام الدولة لا يتجسد بقبول إذلال من يتربع على كرسي السلطة فيها ولا يتجسد في الاستكانة والرضوخ للجرائم التي ترتكبها سلطة الفساد ولا تنضوي تحت جناح انتظار التبرير والتعكز على ذرائع واهية لا ترقى لمنطق.. إن احترام الدولة والعقد الاجتماعي فيها يكمن في التصدي لكل علامات النخر والتسوس والفساد التي تخترق مؤسساتها وتتعارض مع دستورها.. ومن الحكمة أن يدافع الشعب عن صوته بوصفه الصوت صاحب السلطة الأسمى فوق كل من يمسك بكرسي الإدارة أو السلطة.. وخلا ذلك يُعد انهزاماً أمام قوى ظلامية إجرامية واستعادة لنظم الاستغلال والقمع وفاشيتها الدموية..
من الخطورة بمكان استمرار التعاطي مع سلطة تتحول علنا وبشكل سافر إلى الضفة القمعية الاستغلالية لأنها في الحقيقة لا تمثل سوى الجناح الآخر لاستغلال الناس وإبادهم بعد استلاب حقوقهم وحرياتهم وإرادتهم..
فهل سيقبل أحدنا باستكانة العبيد وخنوعهم؟
بالتأكيد سيصرخ الحر كلا…
فليتحول رفضنا جرائم ثالوث (الطائفية الفساد الإرهاب) إلى موقف فاعل يتصدى للجريمة ويعيد المسيرة نحو خيارنا طريق السلم الأهلي والتقدم الاجتماعي.
ولنؤكد معاً وسوياً، بروح سلمي وبنضالات سلمية، قوة كفاحنا الشعبي ونلبي صوت إرادتنا الوطنية في تحقيق مطالبنا العادلة… ونعيد مسيرة العراق الجديد لتكون مسيرة بناء دولة مدنية بروح المواطنة والوطنية تحترم حقوق العراقيات والعراقيين ومكوناتهم القومية والدينية وتقوم على أسس التنمية والتقدم الاجتماعي بإزالة الفقر والبطالة والمعضلات التي نالت من جموع الشعب ولنبني عراقا ديموقراطيا فديراليا جديدا بمعنى المصطلح وجوهره لا كينونة تخدم سادة الفساد الطائفيين وبلطجتهم الإرهابية.
إنّ كلمتنا المتواضعة هذه تناشد كل ضمير حي ليكون مع أنشطة الحياة الحرة الكريمة وفعاليات التصدي للجريمة وأن نكون إيجابيين لنحيا كما مجموع الشعوب الحرة…