بمناسبة المؤتمر العام السابع للمنظمة العراقية لحقوق الإنسان في هولندا
الموقف من الهجمات التصفوية الدموية ضد المجموعات القومية والدينية في العراق
يتعرض العراق وشعبه لهجمة مركبة من قوى الإرهاب الدولية ومن مجموعة من المافيات والميليشيات وقوى التطرف الديني الإسلاموي… ولكنَّ الأمر يمتد أبعد في مخاطره عندما يتعلق الأمر بالمجموعات الدينية والقومية التي مثلت العراقيين الأوائل من بُناة حضارته، ماضيه المجيد العريق منذ سومر وبابل وآشور ومنذ الميديين والكلدان وما زالت تمثل اليوم جوهر العراق الحديث عبر تمثيل هويته القائمة على تنوعه الأثني القومي الديني…
فلا وجود لعراق من دون نسيجه الاجتماعي القائم على التنوع الثقافي وعلى التعددية في التركيبة (القومية والدينية). حيث العربي مع الكوردي والتركماني والكلداني الآشوري السرياني والصابئي والأرمني وحيث المسلم السني والشيعي مع المسيحي الكاثوليكي والبروتستانتي والأرثدوكسي والمندائي والأيزيدي واليهودي؛ وحيث كل فسيفساء الوجود المذهبي الديني والقومي بكل اللغات والخطابات الإنسانية التي تجمع العراقيين في وحدة وطنية صار عمرها اليوم عمر تراث الإنسانية وحضارتها في العشرة آلاف عام خلَت…
من هنا فإنَّ خطط قوى التطرف والفكر الديني الطائفي من سلفية وإرهابية وغيرهما، تلك التي تتقصد تركيز الاعتداءات على المسيحي وعلى المندائي وعلى الأيزيدي إنَّما هي محاولة لضرب جوهر الوجود العراقي القائم على التنوع والتعددية ومن ثمَّ فهي تمثل عدوانا على هذه الحقيقة وعدوانا على العراق بتمام شعبه الأمر الذي يستدعي أعمق وحدة وتفاعل في التصدي لهذه الهجمات الإرهابية الدموية التصفوية…
إنَّ الدفاع عن المسيحي والمندائي والأيزيدي لا تقف عند حدود مهمة الدفاع عن حقوق أيّ منهم بل تتعدى إلى حيث الدفاع عن القيم الحضارية الثقافية التي ترسخت في وجدان مجتمعنا العراقي وهو دفاع عن القيم الإنسانية في التآخي والمساواة وحق تقرير المصير فضلا عن تطبيق حقوق الإنسان بتفاصيلها وجوهرها…
والمشكل في تشخيص الجريمة التي تجري في العراق هو في اعتقاد بعضهم أنها جريمة عابرة أو أنها تقع في سياق ما يجري للعراق عامة وهو أمر غير دقيق، إذ الصحيح في الأمر أن يجري تشخيص الجريمة في كونها على مستويات نوعية وقانونية محددة وكالآتي:
- فهي أولا جرائم إبادة جماعية [جينوسايد] كونها تطاول المجموعة الدينية أو القومية المعيّنة المحددة بطريقة إيقاع القتل الجماعي المتصل المستمر مذ خمس سنوات تحديدا في تلك المجموعات بتخطيط وسبق ترصد!
- جرائم التهجير القسري سواء منه الخارجي مثلما فعلت سلطة القوى الإرهابية المسلحة بدفع أبناء المجموعات الدينية والقومية إلى ترك الوطن والهجرة إلى خارج البلاد، أو بدفعهم للهجرة القسرية الداخلية أو النزوح تحت سيف الإكراه كما في جريمة التغيير الديموغرافي للمدن والمحافظات العراقية كما في التعرض المباشر للمسيحيين وإخلاء أكبر محافظة بعد العاصمة بغداد [البصرة] من سكانها من المسيحيين وكما في إخلاء محافظة مهمة كـ[العمارة] من المندائيين وهي عمليات القصد من ورائها أسلمة تلك المناطق وإخضاعها لقوانين السلفية والتطرف والطائفية، وما تزال تلك الجرائم تجري اليوم بطريقة صراعات قد تودي تداعياتها لمشكلات خطيرة إن لم يجرِ معالجتها بحكمة وموضوعية..
- جرائم ضد الإنسانية ممثلة في السحق النفسي والحرب ضد الهويتين القومية والدينية\المذهبية ومحاولة تغيير هويات المجموعات الدينية والقومية إلى العربية تحديدا وأسلمتها بإخضاعها للفكر الديني الطائفي والمتشدد والتكفيري وهي سياسة ثابتة للقوى السياسية التي تتحكم بالشارع السياسي العراقي اليوم… ولقد طاولت هذه الجريمة العراقيين من الكلدان الآشوريين السريان والأرمن والصابئة المندائيين والأيزيديين بشكل مباشر ومخطط له.. وهذه الجريمة في الحقيقة تندرج فيما يشخصه القانون الدولي جريمة إبادة الجنس البشري ومظاهرها في الإبادة أو التصفية الجسدية وفي الإبادة البيولوجية من تعقيم الرجال وإجهاض النساء مثلما حصل بالأمس مع الكورد وتحديدا منهم البارزانيين وهناك الإبادة الثقافية من اعتداء على الثقافة القومية وتقف عملية منع التعامل بلغة المجموعة في رأس الاعتداءات بالخصوص.. والاعتداء على الهوية المخصوصة.. وهكذا فقد وقعت الإبادة الماديةبالقتل والاعتداء الجسماني وإعاقة التناسل أو حتى بطريقة بشعة رزلة أخرى كما في عمليات الاغتصاب الهمجية وتوابعها، كما يجري اليوم في كثير من المدن العراقية من دون أن يتم التعرض لها بوضوح وهو ما يلزم لنا وللمجتمع الدولي الالتفات إليه بدراسة مقارنة للجريمة بغية منع مواصلتها والاستمرار فيها.. ووقعت الإبادة المعنوية كالاعتداء النفسي والإخضاع لظروف العيش المهينة والنقل لظروف معيشة مختلفة لغة وتقاليدا كما يمكن هنا الإشارة لجريمة بشعة تتمثل في استعباد عوائل وأفرادها والاتجار بهم في سابقة الرقيق الأبيض في عصرنا بوصفها وصمة عار في جبين زمننا حتى يجري الانتهاء من المحاكمات العادلة وضبط الأوضاع العامة ما قد يقدم بعضا من الحل ويقدم شيئا من الإنصاف للضحايا إذ لن يعوض الضحايا بحق ما سُرِق منهم ومن حيواتهم الإنسانية…
إنني هنا أهيب بزميلاتي وزملائي في المنظمة العراقية لحقوق الإنسان وهي تعقد على هامش مؤتمرها العام السابع جلساتها المخصوصة بالتضامن مع عراقيينا من المسيحيين والمندائيين والأيزيديين أن تشخص نمط الجريمة ومسمياتها القانونية كيما تقدم توضيحها المدروس لحجم الجريمة وتضعه بين يدي المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان فضلا عن تقديم قراءتها للجريمة بطريقة تسطيع معها تقديم الحلول الناجعة لها في ضوء القراءة الصحيحة قانونيا وحقوقيا… وأن ترتقي بمهمتها التضامنية بتشكيل لجنة صياغة لبيان تضامني وصبه في مذكرة وحملة تواقيع وطنية ودولية توجّه للجهات والمنظمات الدولية مع اقتراح إجراءات محددة بالخصوص لتنفيذها ووضعها في ميدان أو أرضية الواقع… كما ينبغي المطالبة القضائية بتقديم نتائج التحقيقات بكل الجرائم المرتكبة ومن بينها ما وقع مؤخرا من جريمة بحق المطران فرج رحو… فمن دون إعلان النتائج الفعلية وبحفظ التحقيقات وقيدها ضد مجهول لن تقف جرائم الإبادة ومسلسلها… ولابد بالتأكيد من التوجه لإشاعة ثقافة متنورة جديدة تلغي استخدام مصطلح أقليات المستغل لجهة تهميش أبناء الوطن وبُناة حضارته الأصليين، وكل ذلك عبر إشاعة ثقافة حقوق الإنسان والتعريف بالقوانين الثابتة على الصعيدين العالمي والمحلي بالخصوص..
وفي إطار أعمال المنظمة ذاتها، أنتظر التعاطي مع أهمية انتخاب هيأة جديدة لإدارة المنظمة تتشكل بممثلين عن المجموعات القومية والدينية ومنحهم حق المشاركة الفعلية في قيادة أعمال المنظمة مثلما أتطلع لوجود حقيقي للمرأة في الهيأة الإدارية الجديدة مع التزام أكيد بانتخاب أصحاب الأعمال المأثورة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والخبرة مع تقديم المتخصصين في القانون والمجال الحقوقي في هذه الانتخابات من دون أن يعني ذلك انتقاصا من جهد زميلة أو زميل في مرحلة سابقة…
وسيكون مفيدا إعادة صياغة برامج المنظمة على وفق المستجدات والمتغيرات في الأوضاع العراقية إذ يلزم القول بووح إن تأييد العملية السياسية ليس قرينا لتأييد أخطاء أغلب وزارات الحكومة وتقصيرها في التعاطي مع حقوق الإنسان وأخص بالذكر هنا الوزارات التي تقف على تماس مباشر مع هذه المهمة…
فمن المهم تفعيل وزارة حقوق الإنسان وتفعيل وزارة المرأة وتفعيل الوزارات الخدمية وبرامجها في التعاطي مع حقوق الإنسان الثابتة في حق التعليم والصحة وغيرهما… كما ينبغي التأكد من سلامة ما يجري في أروقة وزارة الداخلية وممارسات الشرطة العراقية ومنع اغلاختراقات الأجنبية والانحرافات المحلية في التعاطي مع حقوق الناس ومصالحهم…
ويلزم التحدث بوضوح عن دستورية القوانين وعن قانونية الإجراءات المتخذة وعن صواب الممارسات الحكومية وغيرها وعن درجة الاهتمام بالمرافق التي تعنى بمنظمات المجتمع المدني العراقية الممثلة للمجموعات القومية والدينية..
ولابد هنا من التوكيد على أهمية مطلب تشكيل البرلمان الوطني العراقي من هيأتين هما المجلس الوطني والمجلس الاتحادي حيث يُنتخب الأول مباشرة وعلى الصعيد الوطني فيما يمثل المجلس الاتحادي المجموعات القومية والدينية بشكل متساو وأن توجد وزارة للقوميات تتابع قضية المجموعات القومية والدينية في العراق الديموقراطي الفديالي الجديد…
وإذا كانت هذه العجالة تتقدم بمثل هذه النقاط العاجلة فإنها تتطلع لبحوث ومشاركات جدية مسؤولة وفاعلة تتحدث عن موقف واضح ودقيق في شؤون:
- الموقف من ظاهرة التهجير القسري…
- الموقف من ظاهرة النزوح الجماعي…
- الموقف من ظاهرة اغتيالات الأساتذة والعلماء..
- الموقف من ظاهرة فرض أزياء بعينها بالإكراه (الحجاب الإيراني مثالا)…
- الموقف من ظواهر التفجيرات والتصفيات العشوائية..
- الموقف من انتشار سطوة الميلشيات والمافيات ومنع الحريات العامة بوساطة أنشطتها…
- الموقف من الاعتداءات المتكررة المتفاقمة على المجموعات الدينية المكونة للنسيج العراقي..
- الموقف من الحقوق المهضومة المستباحة للمرأة..
- الموقف من حقوق الرعاية الصحية، العمل، التعليم..
- الموقف من حقوق الطفل وظواهر الاستغلال الجنسي والتشغيل القهري القسري لهم والحرمانات المتنوعة لهم فضلا عن إجبارهم على سلوك الطرق الإجرامية عبر العصابات المنظمة وغيرها..
- الموقف من استباحة اللاجئ العراقي في دول الجوار وبلدان الشتات القصية… مع إفراد مهمة لدراسة المصطلح القانوني للنازح والشتيت والمهاجر والمنفي في العراق لأهمية التحديد الدقيق وتشخيص الحقوق والمعالجات…
- تقرير الاستجابة لمطالب الجالية في هولندا وحاجاتها ( إشكالية القرارات وتغيراتها وما يقع من حيف بسبب ذلك، إلى جانب العلاقة مع البلديات وحقوق العمل والتعليم وفرصه وآليات الاستجابة لتلك الحقوق علما أن منظمة الـ VVN تنهض بأغلب المهام الميدانية ولا وجود لدور يعاضدها من طرف منظمتنا…
(((((((((((((((الأيتام والأرامل!!!!!!!!!!!!!!!)))))))))))))))))))))
هذه مشكلة خطيرة أخرى نحن بحاجة للتعاطي معها بجدية لحجمها الكمي والنوعي حيث ملايين من العراقيات والعراقيين يخضعون لنتائج سلبية للمشكلة…
* هناك مستجدات تتعلق بخطأ توجهات حكومية رسمية عراقية بتوقيعها على قبول إعادة اللاجئين العراقيين ما يفسح للدول المضيفة فرصا لإبعاد مجموعات عراقية بطريقة ستمثل إضافة مخاطر تتهدد هؤلاء من جهة وحيواتهم ومستقبلهم وتضيف كذلك مشاكل جمة للوضع العراقي غير قابل لإضافة مشكلات أخرى جديدة…
إنَّ أشكال المقترحات تغتني بالمناقشة والانفتاح الحقيقي على الأعضاء وعلى الحديث الحر الصريح الذي يجري خارج اللقاءات الرسمية وبعيدا عن قاعات المؤتمرات ونحن أجدر بأن نتحمل العبء الحقيقي ونلج فسحة حرة حقيقة ونشجع التعاطي على نقل الرؤى إلى حيث قاعات مؤتمراتنا بتفعيل حقيقي…