حكومة المحاصصة والفوز بفرض أكثر ما يمكن من المستهدفات الفئوية الحزبية والشخصية فشلت في تسيير دفة الأمور الوطنية العامة وكل ما ارتبط بحقوق المواطنين بشرا يستحقون الحياة الحرة الآمنة الكريمة.. ومن بين ما فشلت في أداء مهمة بشأنه تغيير العلم الذي ظل عند غالبية العراقيين رمزا لمطحنة الشر الدموية للطاغية وزمن الأشقياء الذين تحت ذاك الرمز قاموا بأبشع ما يكون تجاه شعبنا العراقي الجريح..
ومن الطبيعي أن تفشل في تغيير العلم مثل هكذا حكومة لأنها في الحقيقة بين أمرين الأول توجه برامجها نحو أمور أخرى غير تمثيل إرادة الشعب العراقي وتطلعاته وآماله؛ والأمر الآخر يكمن في تلحّف هذا العلم على دلالات تتستر بها تزلفا بالتقية الدينية وبالورع والالتزام الديني غطاء لفلسفة الأحزاب الطائفية (الدينية) الصبغة…
وبأيّ حال من الأحوال نجدنا اليوم في الوقت الذي نطالب بشدة للعمل على تغيير تلك الرموز الدالة على أمرين الأول وضع الرموز الدينية تزييفا لحقيقةِ ِ من جهة وانتهاكا لمعطيات التعددية وفلسفة بناء الدولة العصرية ومسيرة الحداثة والعلمنة ومنطق ذلك في الابتعاد عن الرموز المثيرة للحساسيات والاختلافات على مستوى الوطن والناس.. فيما الأمر الآخر المتضمن يعلن عن نفسه في كون ذاك العَلم وليد انقلاب دموي ومجزرة كبرى أو هولوكست آخر في العراق الحديث ومخادعة تضليلية تحدثت عن وحدة وطعنتها في الصميم، مثلما يمثل مسيرة مضافة لحروب عبثية ومجازر وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية..
ولذلك لم يعد من المبرَّر ولا نقول المسوّغ بقاء هذا الرمز… وحالة التمسك به تعطي انطباعا بأن من يفرضه مجددا على شعبنا يريد بشعبنا الفرقة والانقسام ويريد باستهجان مقيت مجددا السخرية من شعبنا ومن آلامه وجراحه وتضحياته وفي الوقت الذي يتم تحدي إرادة الغالبية يجري الإصرار على المضي قدما في تمزيق ما قرره شعبنا في دستوره من رفض كل ما يمتّ إلى نظام الطاغية والجريمة وكل ما من شأنه الإيقاع بشعبنا وبالشعوب التي أُضيرت من حَمَلَة ذاك العلم…
عليه أوجه الدعوة أولا إلى مثقفينا وإلى فنانينا ذوي المكانة والسمعة الوطنية والإنسانية إلى التصدي للأمر عبر لجنة تتشكل في ظلال مؤسسات المجتمع المدني العراقية للبحث في فلسفة العلم الوطني العراقي وتنفيذه فنيا وبعدد من الأشكال والصيغ التي تُعرَض لاحقا في استفتاء مدني على شعبنا ليحصد التوقيعات والإمضاءات الكافية لفرضه على البرلمان والحكومة ووضعه موضع التنفيذ بعد استكمال الإجراءات القانونية اللازمة..
وبوصفي مواطنا عراقيا أدعو المحكمة الدستورية الاتحادية لبحث أحقية ومشروعية إصرار الحكومة الحالية على رفع علم النظام السابق على الرغم من وجود قرارات شعبية ورسمية بتغييره مثلما جرى للنشيد الوطني والشعار الذي نتطلع إلى الاستقرار على ما اُتُخِذ بشأنه…
وأجدني باختزال مشيرا إلى محاولات منع العراقيين من الاحتفالات الوطنية ومن الظهور المشرِّف في المناسبات الرسمية والشعبية بشكل موحد أو يقبل للذات الوطني حمل رمزه المتوافق عليه من جميع أطياف الشعب وقواه بلا ذكريات الألم الممضة التي ما زالت تحيا بيننا بآثارها متحدية مشاعر أهالي ضحايا الجريمة ورمزها المرتفع يوميا كرمح يطاعن في قلوب العراقيين بدلا من رفع اسمهم عاليا بكل شموخ وبروح من الفرح الغامر والاعتزاز بالرمز العلم…
ولتنفيذ الفكرة أدعو المؤسسات الثقافية العراقية للمبادرة بلقاء مخصوص واقتراح أسماء أعضاء اللجنة ومباشرة عملها الفوري العاجل والاستقرار على آليات التنفيذ ومن ثم عرض النتائج في الصحف الوطنية والفضائيات التي تدعم الفكرة وللتوجه إلى أوسع حملة وطنية للتوقيع على النماذج المقترحة واختيار أحدها وتقديمه للبرلمان والحكومة لاستكمال الإجراءات على وفق فتح ملف بقضية العلم وتلكؤ بل تقصير الحكومة واحتمال تعمدها في توجيه نتائج إصرارها لكسر العلاقة بين المواطن وهويته الوطنية العراقية…
وتحية لكل وطني غيور يضع يده بيد الإرادة الشعبية وتطلعاتها لإزالة آثار الماضي الدموي ورموزه التي تنتصب بصلافة قبيحة أمام الضحايا وأهاليهم الملوعين المكتوين بنيران ما تمَّ في ظلال رمز الحروب والجرائم بحق شعبنا ودول الجوار والبشرية.. فلنقلْ كفى ونحن نمتلك من المفكرين والفنانين ومن الرموز التراثية الممثلة لأطياف شعبنا ما يكفي ويفيض لإبداع علم يمثل رمزنا الوطني وهويتنا تاريخا مجيدا وحاضرا من التحدي والإباء ومستقبلا ينعم باحتفاليات في ظلال رموز تنتمي لشعبنا ولإرادته وهويته وقراره الوطني الشجاع لا تستهجنه وستخر منه كما يجري في ظلال جريمة التمسك برموز آذت شعبنا واكتوى بلوعاتها وآلامها…
وحتى تتحقق الفكرة لا نسكتنَّ عن كل مشروع يعزز قيمنا الوطنية ويُعلي مبادئ عراقنا الجديد العراق الديموقراطي التعددي الفديرالي الموحد…