في لقاء مع محطة فضائية روز الكردية ستكون الحلقات الثلاث من برنامج “مساحة حوار” منصبة على مناقشة أوضاع العراق الراهنة ومستقبل التطورات فيه مع تركيز على قضيتي الكرد في تركيا وتأثير قيام الفديرالية على مستقبل الاستقرار في المنطقة وعلى حل القضية الكردية عامة, نجد هنا عرضا للحلقة الأولى من اللقاءات التي ستُبَث حلقتاها الثانية والثالثة في مواعيد البرنامج كل أربعاء…
وقد حاور السيد طارق حمو معدّ البرنامج ومقدمه الدكتور تيسير الآلوسي الذي قدّم الأربعاء الماضي في حلقة البرنامج الأولى تصورات وتحليلات تخص الوضع العراقي القائم قائلا: إنَّ أية قراءة للوضع العراقي تتطلب إزالة حالات خلط الأوراق والتشويش من أجل اسجلاء الحقائق الأساس في هذا الوضع. إذ ينبغي التأكيد على تحرر العراق من سلطة طاغية دكتاتور مستبد سامَ العرقيين أشد أنواع العذابات وهدد المنطقة والعالم بمخاطر كبيرة فضلا عن إدخال بلادنا والمنطقة في حروب كارثية النتائج.
أما النقطة المهمة الأخرى التي تنجلي بعيدا عن تشويشات الإعلام المطبِّل للعنف فهي تطلـّع العراقيين إلى ممارسات الحريات التي تنسموها مع إزالة النظام من خلال اندفاع جدي نحو تشكيل مؤسسات مجتمعهم المدني من أحزاب ومنظمات مهنية ونقابات ومن مؤسسات إعلام وصحافة حرة على الرغم من كل ما تمّ افتعاله من أزمات خطيرة في عراقنا الجديد…
وبخصوص محاولات إضفاء الشرعنة على الأعمال العنفية المسلحة من قبل “إعلام عربي” يمثل “بعض” جهات السياسة الرسمية العربية شدد ضيف البرنامج على أنَّ قراءة تفاصيل تاريخ وقائع الأحداث طوال سنة خلت لا يسجل إلا وقائع دموية مقيتة سادية في ما أحدثته من أضرار خطيرة في الوضع العراقي من تخريب واسع النطاق على صعيد اقتصاد البلاد وبناه الأساس والأنكى من ذلك نتائج كارثية على صعيد التقتيل الفردي والجماعي عبر التفجيرات الإجرامية وعمليات الذبح والقتل والاغتصاب والخطف التي أوقفت محاولات إعادة الإعمار ومسيرة بناء الديموقراطية والسلام في بلادنا..
ولا يمكن الحديث بعد ذلك عن ردود الفعل الحماسية التي تحصل من عراقيين ضد أخطاء تـُرتكب بحقهم من قوات الاحتلال وهو يحصل حتى من مستويات متقدمة في تلك القوات ولكنها بالجملة تقوم بدور نحتاجه اليوم في استتباب الأمن والاستقرار بعد أنْ لم يعُدْ لنا من قوات كافية لحماية حدودنا المنفلتة وأوضاعنا الداخلية التي سادتها فوضى سطوة عصابات القتلة والاختطاف وفرق الموت السوداء التي تحاول لا إشاعة الفوضى حسب بل الذهاب إلى أبعد من ذلك وأخطر, حيث إبقاء العراق تحت سطوتها ممزقا تابعا لسياسات لا تعود على عراقي بأي قدر من النفع!
وهكذا فتسمية مقاومة وطنية لا يمكن أن تطلق على فرق الموت الأسود التي تعيث بمصير البلاد وأوضاعها فسادا.. ولم تعد مصادر الإعلام المطبلة للمقاومة نكران هذه الحقائق المزرية الخطيرة ولكنها تتحدث عن مقاومة خلف دخان الجريمة ولكن أين تلك المقاومة هل هي في مقتل جندي في حادث طريق عابر؟!! إنَّ الأعمال الصبيانية الفردية ليست “ولن تكون” يوما مقاومة وطنية… فالمقاومة الوطنية حركة شعبية تقودها القوى الوطنية ولها أرضيتها الفكرية والسياسية وأهدافها المباشرة وهو ما ليس في عمليات التخريب والتقتيل التي نشهدها..
ويمكن التذكير بأعمال رخيصة من نمط ضرب الحسينيات والجوامع والكنائس ما يحاولون من ورائه زرع الفرقة والشقاق بين قوانا الوطنية ومكونات شعبنا علَّ ذلك يحقق لهم اختراق لا الوحدة الوطنية بل الموقف الصلب من شعبنا تجاه فعالياتهم بغاية واضحة قد يكسبون من ورائها جهة داعمة سياسيا ولم يحصل بفضل وعي عميق لشعبنا..
وفي سؤال محطة روز عن الموقف من العفو العام الذي صدر مؤخرا أجاب د. الآلوسي قائلا: إنَّ الشرعية التي أشار إليها المحاوِر والتي يمكن أنْ تضفيها وسائل إعلام عربية غير موضوعية وغير صحيحة فالشرعية تنبع من موقف أبناء شعبنا العراقي من مقاومة وطنية منتظرة في فلسفة أجمعت عليها أغلب قوى حركة التحرر الوطني العراقي وهي بعيدة تماما بل الطرف النقيض لأعمال العنف المطبَّل لها باسم المقاومة تشويشا على مقاومة شعبنا وحركاته السياسية في العمل من أجل المستهدفات الرئيسة المرجوة…
وبخصوص العفو فهو مفردة من مفردات عملية التصالح والتسامج .. طبعا هنا المصالحة الوطنية التي لا تعني إعفاء المجرمين القتلة من العقاب المنتظر من قضاء عراقي مستقل في ظل عراق ديموقراطي مؤسساتي وانتخابات يعلن فيها الشعب خياراته بوضوح يفضي إلى فضح مزاعم الكذب والتشويش التي تطلقها قوى من خارج بلادنا..كما إن قرار العفو يسحب البساط من تحت أقدام قوى العنف والدم..
وفي تساؤل مقدِّم البرنامج عن إمكان استغلال تلك القوى العنفية للعفو للاندساس قال د. الآلوسي: إنَّ العراق مخترق منذ الشهور الأولى لسقوط الطاغية سواء على مستوى الدولة ومؤسساتها أم على صعيد الحركات السياسية بعامةولكن ليس من مفر من مزيد من سياسة تعزز الاتجاه السلمي لمسار الأحداثفكلما اتجهنا إلى العمل السلمي المؤسساتي ولعبت مؤسسات المجتمع المدني دورها حققنا انتصارا يؤهلنا لإزالة الاختراقات..
من جهة أخرى فإننا ننظر إلى كون الاستجابة لعمليات العفو لا تتم إلا بتخلي الفرد عن فرق الموت ومن ثم خضوعه للقوانين السلمية في فلسفتها وليس بمجئ تلك الفرق السوداء لتدخل في جسم الدولة فضلا عن كون المرء لا يستطيع الحوار مع تلك القوى على أساس من وجودها وفلسفتها الدموية المعادية للسلام والاستقرار كما أشار المحاوِر في تساؤله ..
أما بخصوص تصريحات وزير الدفاع الأخيرة فقد أجاب الدكتور الآلوسي قائل لكل مسؤول اعتباراته الخاصة في إطار السياسة العامة للحكومة المؤقتة كما ينبغي النظر إلى هذه المسألة من منظار طبيعة المهام المنتظرة من وزير دفاع أو وزير داخلية حيث لا يمكن أن ننتظر منهما على سبيل المثال الحديث عن دبلوماسية الخارجية وافتراضات الإعلام فهما مسؤولان عن ضبط الأمن الداخلي والخارجي ما يتطلب منهما حزما واضحا في خطابهما تجاه القوى الأجنبية وتدخلاتها التي صارت مفضوحة مكشوفة ولكننا بالتأكيد نبقى مع دبلوماسية جدية إيجابية تأخذ بعين الاعتبار مصالح العراق الآنية والبعيدة وفلسفته الجديدة في الجوار والتعايش السلمي بعيدا عن الحروب والتهديدات …ولكن الدبلوماسية السلمية لا تعني بالمرة الخضوع والتبعية وتجنب فضح ما يجري من جرائم عبر الحدود وأنا بالتأكيد مع مثل هذا التوجه السلمي في جوهر دعوته والقوي الشديد في لهجته بخصوص مصالح شعبنا العراقي..
وبخصوص المطلوب من دول الجوار نحن لا نملي على أحد ما ينبغي أنْ يفعله ولكننا نقول من مصلحة كل دول الجوار أن يكون العراق مستقرا بعيد عن فوضى وتمزيق وقلاقل تمنع استقراره ولتلك الدول وخطابها الرسمي أن يحدد خياره تجاه استقرار بلادنا ونحن لنا خيارنا في التعامل مع تلك الردود بمزيد من محاولات حل المشكلات بالحوار السلمي..
هذا وستكون الحلقة القادمة حول القضية الكردية بخاصة في تركيا وتفاعلاتها مع الشأن العراق والإقليمي والدولي وبعدها حلقة عن الفديرالية .. تُبَث حلقات البرنامج من محطة روز كل أربعاء على تمام الساعة الثالثة والنصف بتوقيت كرينيج.. يُذكر أن البرنامج يستضيف الشخصيات الوطنية العربية والكردية لمتابعة أحداث الساعة ولتقديم تصورات الشارع السياسي والثقافي العربي بخاصة منه في الموقف من القضية الكردية وتفاعلاتها وتأثيراتها على الوحدة الوطنية العراقية..