عمود الثقافة في مجلة البلاتفورم
تتكاثف سحب الحرب وتتزايد أسئلتها الاضطرارية في أجواء عراق محاصرٌ شعبه من الداخل والخارج .. فداخل مثخن بجراح أنشبتها منايا الدكتاتورية الدموية الغاشمة وأوصاب حصار دولي طاول الأطفال ومصائرهم والشيوخ وحيواتهم وأصاب الشبيبة في مقتل وعطَّل شؤون الحياة بكل تفاصيلها فخلق كل ما من شأنه عرقلة صنع الحياة وحضارتها .. فكان الشر الذي ابتليَّ به أبناء البلاد جميعا إلا نفر من محيط الطاغية ..
فهل في مثل هكذا حال يمكن للثقافة والمثقفين أن ينتعشا ويزدهرا؟! لا مناص من القول إن خطابا ثقافيا يحتاج للاستقرار ولأجواء الديموقراطية كيما يكون وينمو ويفعل فعله في محيطه ومنه تفاعله مع الخطاب السياسي الذي يُبرّز اليوم ليس لتقدمه على خطاب الفكر والثقافة ولكن لطبيعة الصراع واشتعال الحياة العامة وانشغالها في أمور مصيرية لاتسمح بسفسطة أيهما أسبق البيضة أم الدجاجة.. ولكنها تحتم على خطاب الثقافة اليوم أن يرتقي لمستوى الحدث ؛ ومثقفونا أحق بتسيّد اللحظة القائمة وتقديم مساهمتهم التاريخية النابضة بقوة التأثير في المحيط الذي يتفاعلون معه بخاصة في غربة المنافي القسرية حيث يكون (لسلاح الثقافة) غلبة على (ثقافة السلاح والحرب) فأجدى بصانعي الحضارة تعزيز هذه الحقيقة وتفعيلها لا اعتمادا على جدل الأسبقية والتقاذف مع السياسي بالباطل ومن ثمَّ خدمة القوى المسببة لدمار الحضارة والثقافة بل اعتمادا على مبادئ الثقافة وأصولها في الدفاع عن السلام وفضح الوجه الكالح للحروب ولجرائم الدكتاتورية والمشاركة الجدية المؤثرة في وقفها وإبعاد شبحها عن سماء بلادنا ورسم الطريق الصحيح من أجل غدنا الديموقراطي , غد السلام وعودة مسار البناء الحضاري وإبداع الثقافة الإنسانية المشرقة بالضد من تسيّد السياسي المستبد ومن أجل إعلاء شأن الثقافي الذي لا يتقاطع مع السياسي المتنور المتحرر… فأعلوا شأن الكلمة الفعل وليلتحم الخطابين في مسار اسمه عراق النور والحرية والحياة…
أكاديمي عراقي