في ضجيج الإعلام وعجيجه تولد فضائية عراقية تحدَّث عنها ولها كثير من إعلاميي العراق ومثقفيه ومبدعيه متطلعين إلى دورها المنتظر في لجج الصراعات السياسية والإعلامية الراهنة. ولا نستبعد أنْ يتحدَّث عليها أو ضدها فصيل من أصحاب المصالح المعاكسة تخريبا ومعاداة وتثبيطا للعزائم والهمم..
لقد توقفت أبواق الدعاية والتطبيل واضمحلت حيث ليس مَنْ يدفع أثمان الأصوات مدفوعة الأجر.. وحيث ولَّى زمن أسياد الظلام ودعاته. ويسعد العراقيون بهذا الحدث حيث زال من أمام نواظرهم تعبيرات الصور الكريهة التي فرِضت عليهم طويلا. ويسعدون أكثر بولادة أدوات التعبير التي تعود إليهم موظـّفِـينها في خدمة مصالح مجموع الناس بحرية ومن دون قيود سلطة الظلام المنهارة..
ولكن كيف للفضائية الوليدة المنتظرة أنْ تكون عراقية وأنْ تختلف عن سوابق نقيضة؟ في الحقيقة نحن نتطلّع أولا للحصول على أفضل التقنيات العالمية المعاصرة ونتطلع إلى إدارة متخصصة وإلى مركز دراسات إعلامي يشخِّص التوجهات والمحاور الرئيسة وآليات العمل ومفرداته بما يخدم أوسع حريات التعبير وأفضليات في تقديم الخدمة المحترفة من جهة وفي المصداقية التامة من جهة أخرى..
وليس بخافِ ِ على المسؤولين اليوم ما للعراق من خزين كبير من المتخصصين المنتشرين في أنحاء العالم ومن عقول تحليلية وكوادر إعلامية راقية يمكن الركون إليها في الانطلاقة الأولى لكي تكون انطلاقة جدية تكسب جمهورها وتمنحهم فرصتهم للقاء الجودة والرقي..
ولا تقتصر حاجة الفضائية على البحث عن إعلامي متخصص ولكنها في الحقيقة وعاء أو آلة وأداة لتعبير الإبداع العراقي نفسه بعد أنْ كان في قمقم الشيطان وسجنه الذي طال وامتدّ كثيرا.. وهي بهذا الوصف بحاجة للمبدع العراقي لكي تتمثل قيمه الحضارية الراقية السامية فيها ..
فلنا من وجوه فنون الموسيقا والغناء عشرات المبدعين العالميين الكبار الذين يُشار إليهم بالبنان, أمثال الرومانسي وكتلة الأحلام كوكب حمزة والمبدع الخالق لتلوينات لم يسبقه إليها سابق الجميل نصير شمة وشيخ اللحن البصري وتهاديات مويجات الخليج المبدع حميد البصري وسنذكر قلب الغناء وروحه الرائع فؤاد سالم وسنذكر طالب غالي وذات الصوت الصادح إنشادا باسم الوطن وهوية العراقيين شوقية ولن يتوقف القلم عن تسجيل مسلسل الأسماء الأكثر إبداعا في عالمنا..
ولنا من الكتّاب والصحفيين والتشكيليين وغيرهم كثرة من نوعية راقية وكلهم يمكن أنْ يكون روح القناة وشريانها الحيوي .. لكن الأمر نحن فيه بحاجة إلى اتصال ووصول إلى هؤلاء وعلى الطرفين أنْ يذهبا في البحث عن بعضهما بجدية ومتابعة وإصرار .. ولكنَّ سعي الفضائية والقائمين عليها ينبغي أنْ يكون على وفق تخطيط يبدأ اليوم ومبدعونا ليسوا تائهين فكلهم بعناوين واضحة ومعلومة وبعضهم يجذب الآخر ويقدّمه للفضائية ويصلهم ببعض …
ليس من الصائب الانتظار طويلا في مسألة الاتصال.. فمهمة الفضائية لكي يكون أداؤها نوعيا هو في الاتصال بالجميع وتقديم فسيفساء التنوع العراقي بكل عمقه وسعته وقيمه السامية.. ومن جهة المشرفين على الفضائية يمكن لهم أنْ يرسموا تصوراتهم للتكليفات التي يريدونها من المبدعين من جهة الإطار والمحاور وتترك لهؤلاء فرص الحرية في تقديم إبداعهم الخاص … بغير وصاية ومصادرة أو ما شابه.. وليست دعوتي هذه هي لصنع لقاءات فنية سريعة ولكن لإدماج الجموع في أعمال الفضائية وأنشطتها..
فالبرنامج السياسي والآخر الثقافي وغيره المنوع وغير هذا وذاك كل البرامج بحاجة إلى مساهمات جادة ودراسات راسخة ولعلي أقول هذه الكلمات وأنا على اطلاع لبحث عدد من كبار فنانينا عن الفضائية وكيفية الاتصال وما المطلوب منهم؟ ولذا أدعو هنا (مؤكدا على دعوتي مرات) لسرعة التواصل والبحث عن أرضية العمل المشترك. من خلال الاتصال المباشر أو من خلال الإعلان في مواقع الإنترنت العراقية ومجالات الصحف والفضائيات وغيرها..
وبعد ذلك سيكون لنا وقفات تقويم ومراجعة من المتابعين والمتخصصين ومن المتلقين أيضا وعسانا نجد الفضائية واقعا حيويا في حمى الحركة المبدعة كما هو دأب العراقيين وشعلتهم الحضارية..