تظلّ الثقافة الأداة الأنجع لتعميق القناعات الشعبية بالحلول الاجتماعية والسياسية الراهنية.. لأنَّ الثقافة تمتد بجذورها باتجاه تجاريب الماضي وتذهب بأفقها نحو المستقبل البعيد وهي حالة من الدراسة المتأنية القائمة على الموضوعية وعلى شمولية التعاطي مع المفردة وعدم الاستجابة للمستعجل والطارئ والزائل بل للراكز الثابت الراسخ…
ولذا كانت مساهمة الثقافة في التعاطي مع مجريات الحدث الراهني السياسي بخاصة ما يجري اليوم من مداولات وحوارات بخصوص عملية تشكيل التحالف الديموقراطي, مهمة حيوية في معالجة الموضوع ودفعه إلى الأمام…
وعليه كان من الأهمية بمكان أنْ تتجه عناصر الثقافة وشخصياتها الناهضة بمهماتها لقراءة الوقائع ودعمها ليس بوصف ذلك ردّ فعل للسياسي بمقدار ما هو فعل الثقافة نفسها ومساهمتها الجدية الفاعلة..
ولأنَّ من بديهيات التحالف أنْ يتمَّ إعلان برنامج عمل متكامل يوضِّح طبيعة المرحلة ويقدِّم تصورات التحالف لطبيعة الوضع والخطوات الضرورية الملائمة للسير بجماهيره نحوها, كان على مثقفينا أنْ ينهضوا بقراءة واقعنا قراءة موضوعية تخصّ المثقف والثقافة وعدم التوقف عند الطارئ الزائل بمعنى وضع البرنامج الأكثر صوابا لمساعدة السياسي في تلك القراءة ..
وينبغي بعد ذلك للقوى الديموقراطية أنْ تؤكد ولا تهمل تلك الطاقات والكوادر الكبيرة من مثقفينا في مهماتهم وسيكون منبر الثقافة هو الرد على منابر الظلام الدعية المتظاهرة الزاعقة بتمثيلها أوامر إلهية فوق قراءات الساسة.. وردّ الساسة المتنورين هو توظيف منارات الثقافة وأعلامها وهم مرجعيات شعبنا الحقيقية..
ويقع على القوى المتحدة في التيار الديموقراطي الجديد أنْ تتذكر أنَّها في أول الطريق وعليها تعزيز موقعها بوصفها تيارا مهددا أمام متغيرات الشارع العراقي بكل ما جرى له من تشويهات .. وأنْ نتذكر حقيقة التعقيدات التي أصابت استجابة جمهور واسع لأهداف التيار الديموقراطي.. سواء بفعل عقود الطغيان من جهة أم بفعل دعم القوى الإقليمية لقوى معينة حتى منها قوى تابعة للنظام السابق أو تصب في مصلحته.. وطبيعة ما تدفع به كارثية الوضع من محاولة تغييب الوعي الوطني وثقافته [ولاهوتية] الحلول أمام العجز والقمع والإحباط الذي يحاولون نشره في الشارع السياسي اليوم ..
وممّا يوفر أرضية النجاح خوض معركة التنوير الثقافي ضد قوى الظلام وخفافيشه وفضح تلك القوى وفرزها ووضع صورتها الجلية أمام جماهيرنا.. كما علينا منع فرض سلطان الجهل بقوة البلطجة والتضليل.. فإذا تمَّ تطهير الساحة من قوى الظلام توصلنا إلى أهم خطوة نجاح في نضالنا الوطني الديموقراطي..
ولدى التيار خيرة مثقفي البلاد وكوادرها ولديه أرضية جمهور متعطش للمعرفة التي حُرِم منها طويلا وللديموقراطية وحرية التعبير بعد زمن الكبت والقمع والمصادرة والاستلاب..
ولـْـيقرأ مثقفونا برامجنا وخططنا وتصوراتنا ومستهدفاتنا مع بسطاء الناس من حاجاتهم لقنينة الغاز ورغيف الخبز وكسوة الشتاء وبيت يأويهم ومدرسة تعلّم أبناءهم وتحميهم من شياطين الزمن الجدد إلى حاجاتهم للسير بأمان وسلام في الشارع والساحة والمدينة والصحراء وإلى مستشفى وحتى نصل إلأى حاجاتهم للفكر وغذاء الروح والثقافة وأنشطتها. وحكماؤنا ومثقفونا أقدر على تحقيق كلّ ذلك لأنَّهم يملكون الأدوات الجوهرية للوصول بالناس إلى الخير والسلام والديموقراطية والعدل..