مذكرة بشأن مضمون قانون الانتخابات العراقي الجديد

الواجب الوطني المنتظر لتعديل المادتين الأولى والثالثة بما يكفل دستوريتهما وتلبيتهما لحقوق العراقيين بالعدل والمساواة

 فخامة رئيس الجمهورية العراقية الموقر مام جلال طالباني المحترم

أصحاب الفخامة أعضاء مجلس الرئاسة المحترمين

تحية طيبة         وبعد

 

لقد جرت مناقشات وحوارات مطولة بشأن إقرار قانون جديد للانتخابات العراقية، يكفل التقدم بالعملية الانتخابية إلى أمام بما يستجيب للمطالب الشعبية التي برزت في ضوء التجاريب السابقة وتعديلا للثغرات التي جيّرت أصوات ملايين الناخبين للأحزاب الفائزة ما ولّد احباطا بيِّنا في الوسط الشعبي العام. ومع مساهمة القوى الوطنية والديموقراطية في الجدل الدائر لتنضيج القانون وتشريعه إلا أنها جوبهت بتمرير صيغة سلبية للمادتين الأولى والثالثة من القانون الجديد.

لقد أدت الصياغات الجديدة لا إلى التعارض مع تطلعات القوى الوطنية الديموقراطية والمجتمع المدني بأوسع فئاته بل إلى التعارض مع روح الدستور ونصوصه في عدد من مواده ومنها المادتان  14 و 49 اللتان تنصان على المساواة بين العراقيين - وفي الحال التي نحن بصدد اقتراح معالجتها - على تمثيل مقعد لكل 100ألف صوت(م49).  فلقد صدر القانون الجديد، بدلا من النص الأصلي المقترح بـ 45 مقعدا تعويضيا بالرقم التهميشي 15 مقعدا؛ منها سبعة أو ثمانية مقاعد فقط لعراقيي الخارج! أي باختزال نسبة الثلثين من حقهم في المقاعد، أو ما يسمى هنا المقاعد التعويضية.

وبدلا من تحمل البرلمان مسؤوليته في تشريع يستكمل بنية الهيأة التشريعية كما نصَّ عليه الدستور كفالة لحقوق المجموعات القومية والدينية والمكوِّنات العراقية كافة بعدالة ومساواة؛ وضمانا لحماية النظام الديموقراطي والفديرالية ومنع الانجراف بعيدا عن العملية السياسية أو الانقلاب عليها، ذهب إقرار عاجل للقانون الجديد، أبعد من ذلك (في المادة الأولى من القانون) بتقليص عدد المقاعد التعويضية... وهذا ما يسجل [مجددا] تراجعا يسيء للمكونات القومية والدينية بتحجيمها وتهميشها في أقلية (8 مقاعد فقط لا غير!) وهو ما لا يرقى لنسبة وجود هذي المجموعات وطنيا ولا لمنطق التآخي والمساواة المنشودين في عراقنا الجديد!

إنَّ إقرار صيغة القانون الحالية ستمعن في احتكار السلطات، وتلغي عمليا حال التعددية وتمثيل التنوع الذي يعبر عن الطيف العراقي، وسيتمّ من جهة أخرى تكرار منح المقاعد الشاغرة للقوائم الفائزة الرئيسة بالاستيلاء على ملايين الأصوات الشعبية وإحالتها عمدا لقوى لا تمثلها ولم تنتخبها أو تصوِّت لها تلك الملايين؟! وبخلاف مبادئ الديموقراطية وبالتعارض مع إرادة الناخب ومع أشكال الاحتجاج الشعبي وفي تجاوز فاضح على روح الدستور ونصوص مواده إذا ما تمّ تمرير هذه المادة التي تنتزع آخر المقاعد التي يحظى بها جمهور الناخبين في ظل قانون انتخابي مفصّل بطريقة تحرمهم فعليا من إمكان إيصال ممثليهم إلى البرلمان...

إنَّ سجل السنوات المنصرمة على وفق منطق القائمة المغلقة واستغلال تدخلات غير قانونية تشير إلى حال استبداد [الأغلبية] البرلمانية في بغداد وإلى خروقاتها للدستور وانتقائيتها في سنّ التشريعات والقوانين ومنع استكمال الهيئات التشريعية التي تعبر عن المكونات العراقية القومية والدينية وحرمان الطبقات والفئات الاجتماعية العريضة من إمكانات المشاركة الفعلية الكاملة والتضييق على تشكيل تنظيماتها وتعطيل المواد الدستورية واجبة التنفيذ في أسقف زمنية معروفة ومحددة وحتى تهديد الفديرالية والمسيرة السلمية ومبادئ الديموقراطية ما يعرقل العملية السياسية ويمنع تطورها وتقدمها.. وقد جرى في ظل ذلك أيضا، تحجيم دور المحكمة الدستورية وتجاهل قرارات قضائية ومحاولة تجيير القضاء في بعض حالات؛ هذا فضلا عن سياسة المحاصصة في التعيينات وشغل مناصب الأجهزة التنفيذية بعيدا عن مبدأ الكفاءة والوطنية ومشاركة أطياف المجتمع وكل هذا وذاك مهد ويمهد لمخاطر عودة المركزية والاستبداد بأشكال قمعية لا تيشر بخير.

وستكون القوى الديموقراطية المدنية من العمال والطبقة المتوسطة ومن النساء والشبيبة وهم الأغلبية الحقيقية لمجتمعنا محجوبة الإمكانات عن دفع ممثليها إلى  (نصف الهيأة التشريعية التي سيجري انتخابها) فيما القسم الآخر الذي يمثلهم مباشرة ما زال بلا إقرار لقانون يُشرَع في تنفيذه لاستكمال الهيأة التشريعية كما نصّ عليها الدستور.. وهكذا يحرم الشعب العراقي من التعبير عن تركيبته المدنية المعاصرة ويجري حصر التمثيل في قوى فوقية مفروضة تعبر عن تمثيل مشوّه لتركيبة طائفية تشطيرية مرفوضة شعبيا وغير متناسبة أساسا مع طبيعة الدولة المعاصرة ومع منطق الدستور المدني لعراق ديموقراطي فديرالي  متطلع إليه...

إنَّ إجراء الانتخابات بظل هكذا قانون وبأقلية ضئيلة من الناخبين لن يبقى بحدود الإجراء الشكلي الفوقي فقط، ولكنه سيفضي إلى تداعيات أخطر من عزوف الناخب عن التصويت وتشكيل مجلس نواب بعيد عن التمثيل الصادق لإرادة الشعب. ومن هنا فإنّنا ندعو فخامتكم ومجلس الرئاسة الموقر لرد القانون بغية إجراء التعديلات المناسبة المنتظرة من أجل صياغته بما يكفل الانسجام مع الدستور والصدقية والإتيان بتمثيل حقيقي سليم للتعددية والتنوع وما ينسجم وتركيبة المجتمع العراقي المدنية المعاصرة وما يعزز من مسيرة عراق ديموقراطي تعددي فديرالي؛ آملين ألا يتطلب الأمر التوجه بهذا الطلب الرسمي إلى المحكمة الاتحادية لحسم الموضوع وإقرار الحقوق المشروعة ما يؤخر فرص الاستعداد المؤاتي السليم للانتخابات في مواعيدها المقررة..

إننا نثق بأنكم ستتحملوا مسؤولياتكم التاريخية للوقوف مع قوى الخير والديموقراطية والإرادة الوطنية الشعبية ومطالبنا القانونية المستندة للمواد الدستور ولقوانين الديموقراطية ومبادئها المقرة في الشرعة الدولية وفي دستور العراق الفديرالي الجديد... واثقين من أنكم تبقون جزءا حيا فاعلا من القيادات التحررية الوطنية والديموقراطية المدنية التي ستتلاحم لتعالج الموقف بالحكمة والسداد والروح القانوني الدستوري وبما يوجه الحلول لخدمة مصالح الشعب والوطن...

 

الموقعون على المذكرة: الشخصيات والمنظمات والحركات الوطنية والديموقراطية العراقية

 

البرلمان الثقافي العراقي في المهجر
رابطة الكتّاب والفنانين الديموقراطيين العراقيين في هولندا
لجنة الأكاديميين العراقيين في المهجر
منظمة الدفاع عن المجموعات القومية والدينية القديمة في العراق
التجمع العربي لنصرة القضية الكوردية
 أ.د. كاظم حبيب       أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

tayseer54@hotmail.com

 

 

لتوقيع المذكرة يمكنكم ذلك عبر دخول الرابط  الآتي:

http://www.ahewar.org/camp/i.asp?id=179