من يقودنا شخصيات أم أحزاب وحركات؟ الحل في حكومة إنقاذ بديلة

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

23آب2007

tayseer54@hotmail.com E-MAIL: 

 

 

[1للحديث بقية إن سُمِح لنا وما خاننا الدهر]

 

تتفاعل الأزمة العراقية وتمضي بمركب طوارئ معقدة متصاعدة الوتيرة ، مركـَّبتها.. وما الذي يجري خلف جدران الاجتماعات؟ ليس معقدا تبيّن ما يجري إذا ما قرأنا نتائج ماراثون الحوارات والمخاصمات والمقاطعات؛ وإذا ما قرأنا نتيجة توكيد فلسفة المحاصصة سيئة الصيت ولكنها هذه المرة لا على صعيد طائفي يتسع لأبناء الطائفة وأحزابها بل على صعيد الشخصيات والقيادات العليا بشكل بيِّن واضح!!

لنقرأ التحالف الرباعي الذي اختزل الأمور في قضيتين لا ثالث لهما: الأولى تمثلت في حصر العملية السياسية في دائرة الحكومة فقط لا غير والأخرى في حصرها في أحزاب حاكمة وفي بعض قياداتها تحديدا. *

وبهذه القراءة نكون في انفصال خطير بين قيادة العملية السياسية الحالية من جهة وبين جموع الذين صوتوا لصالح العملية السياسية ودمقرطة الحياة والتأسيس لبنية دولة عراقية مختلفة نوعيا...

وهذا الاختلاف النوعي يستمد وجوده من سلطة صوت الناخب وتحقق إرادته وتطلعاته؛ فيما نحن لا نرى هذه الإرادة في مجمل مسيرة الحكومة وإجراءاتها والبرلمان وأنشطته بل لا نرى حتى حماية لوجود هذا المبتلى بالإرهاب الدموي  يوميا وليس من مغيث!؟

إنَّ القضية عبرت خطها الأحمر الأول في أن الحكومة لم تؤدِّ مهامها المنوطة  ليس بسبب تركيبتها حسب وإنَّما حتى في برامجها وإجراءاتها وجملة ما قامت به طوال السنوات المنصرمة.. وأكثر من ذلك أنها عبرت الخطوط الحمر الأخيرة لها إذ لم تحقق حتى لوجودها الأمن الكافي لحماية منتسبيها وفوق ذلك لم توفر لوجودها الاستقرار الوظيفي حتى أنها اليوم في انشطارات بخروج 17 وزيرا وبشلل في حركتها لم تسعفه الحلول المستعجلة في تكوين تحالف الإنقاذ الرباعي الذي سرعان ما شعر أعضاؤه بخطورة توجههم الرباعي ليس على جملة العملية السياسية ومسيرتها ولا على الحكومة وإجراءاتها حسب بل وعلى وجود الرباعي الحزبي والحركي وعلى مصداقية التوجه وهو الأمر الذي دفع لإعادة النظر في قراءة الإجراءات المتخذة من مربع الصفر ولكن هذه المرة بوجود شرخ مضاف آخر يجرح درجة الثقة المهزوزة أصلا...

إنَّ الوضع الحالي لا يمكنه تقبل حالات ترقيع وإصلاحات جزئية مصطنعة.. وإذا كان هذا ممكنا في بداية الأمر فإنه لم يعد ممكنا ولا متاحا اليوم.. وبين الجهل السياسي وتعمد الاستمرار في التعاطي مع المصالح الفئوية الحزبية الضيقة سيكون مقتل الوجود الوطني العراقي..

ولابد لنا اليوم وبعيدا عن إشكالية الثقة المهتزة بين القوى الفاعلة بمسيرة العملية السياسية، أقول لابد من بل يجب فورا النزول عن حكاية المطالب الفئوية والتوقف عند الإجراء المصيري الحاسم بمعالجة الأزمة أو العقدة الحكومية التي تمثل كبريات العقد في العملية السياسية وفي إدارتها باتجاه صحيح صائب..

والحل يكمن في حارطة عاجلة تتمثل في:

تعديل المجلس السياسي للأمن الوطني ببنيته الداخلية وشموله الطيف العراقي الواسع وفي أدائه من جهة الصلاحيات التي يمتلكها في إدارة العملية السياسية نفسها..

تعديل صلاحيات الرئاسة ومجلسها وصلاحيات رئاسة الوزارة ومجلسها وأداء المجلس الوزاري ونظام عمله وآليات اتخاذ قراراته بما يتلاءم والعمل الجمعي المشترك مع الأخذ بأهمية وخصوصية صوت الرئاسة ودورها في حسم حالات الاختلاف في ضوء البرنامج وليس في ضوء الرؤى الشخصية...

تفعيل البرلمان العراقي بالدعوة لتشكيل مجلس القوميات والمجموعات العراقية بنسب متعادلة متكافئة ليمثل ذلك الشطر الثاني من البرلمان وليتركب البرلمان الوطني من المجلس الوطني المنتخب مباشرة الموجود حاليا ومن مجلس القوميات مع مزيد من الصلاحيات الفاعلة المؤثرة..

[وبالطبع لابد من عائدية الصوت البرلماني للناخب الشعبي لا إلى الرأي الحزبي الضيق وتلك مهمة تحسمها آليات العمل داخل البرلمان ومقدار صلاحيات الأعضاء فضلا عن دورات التطوير وعن تفعيل اللجان البرلمانية التخصصية وأدائها...]

تشكيل حكومة وحدة وطنية في بنية الوزارة عامة مع اعتماد أسس التعاطي مع تشكيلة من التكنوقراط وبالجمع بين المرجعية السياسية للأحزاب البرلمانية ووزرائها وعامل التخصص العلمي وحركة الوزير بوصفه تكنوقراطا في أدائه سيكون المخرج المنتظر..

فأما المرجعية السياسية فتُعنى بمناصب رئاسة الوزارة والنواب ووزارات سيادية محددة فيما بقية الطاقم يكون معتمدا بناء على تخصصه وليس فئته أو طائفته أو ما شابه من التوزيعات المرضية والمحاصصات المقيتة..

إنَّ الشعب ينتظر اليوم من البرلمان أن يبرر بقية مسؤولية أنيطت به بالدعوة لجلسة ثقة خاصة بالحكومة الحالية وأن يمارس صلاحياته التشريعية الدستورية لا انتظار أوامر القيادات الحزبية التي تتحكم اليوم بالوضع العراقي وتحاصره في قبضة مطالبها الخاصة..

ولن يبدأ التحرر من هذه القبضة طالما أحال البرلمانيون القضية لجلسات الحوار المغلقة بين القيادات.. كما لن ننتهي على خير في ظل الأزمة الحالية ونتائج العقد المختلقة التي تولد في كل خطوة محاصصة وإجراء قيادي ..

وسيكون من باب أولى ولصالح النيات الطيبة للقيادات ولصالح إخراجهم من دائرة محدودية أطراف الحوار التوجه للبرلمان بجلسة ثقة تستبدل الحكومة في حزمة اتفاق على جملة الإجراءات المؤملة التي أشرنا إليها في موضع سابق من هذه القراءة..

وليس القصد من الحلول الموضوعية مصادرة موقع قيادي أو التعرض له لا إنسانيا ولا وظيفيا في مكانته ومكانه ومسوؤليته.. كما أنه ليس من المقاصد التي تلتفت إليها حركة الحلول أن نوجد شروخا بين القوى الحزبية بقدر ما يدعونا الواقع للتعاطي مع مخاطره الكارثية..

وإذا كانت كل قيادة حزبية تمتلك تلك الإرادة الوطنية وإذا كانت كل قيادة حزبية تمتلك الجرأة لدمقرطة حياة الحزب وألا تكتفي بالإيمان بالمبدأ الديموقراطي وإنما أن تعلن بشفافية مرجعيتها لإرادة القيادة الحزبية والقاعدة الحزبية وأن تعمل على وفق برنامج حزبي محدد معلن وموثق، فإنه من المفيد اليوم قبل الغد أن نبدأ مرحلة جديدة نوعيا في العمل السياسي الوطني..

وبخلاف ذلك فإننا سنجد أنفسنا في مقبرة النفق المظلم وفي مهب ريح لا تعصف بنا بوصفنا عراقيين بل ستعصف بنا بوصفنا شراذم  منشطرة بين هويات ودويلات متصارعة تابعة خاضعة بالمطلق لجهات لن تعطي نفرا منا ولا فتات موائدها!!؟

هل من صحوة بعيدة عن إعلانات التحذير وبعيدة عن المراجعات الجزئية والوقفات العجلى مع تداعيات الموقف المأزوم المتفجر؟ هل من موقف نبيل يعود لمصالح عراق للعراقيين جميعا ولمصالحهم تستمد صحتها من شمولية الحل وجذريته؟

لا تنتظروا أيها الساسة الحزبيون حلولا  تمطرها السماء حتى ولا في الخيال. مسؤوليتنا جميعا أن نبدأ الفعل المنتظر..يومها ستتعمد مكانة القيادات الوطنية وتتعمد مصالح الأطياف العراقية جميعا وتتعمد مسيرة العملية السياسية بإعادتها لمن صوّت لها خيارا استراتيجيا متطلعا لبناء مؤسسة الدولة العراقية الجديدة دولة الديموقراطية والفديرالية...

 

لنمضي سويا من أجل هذا الغد... وما خلف هذه الأسطر ولم تتحدث عنه كلنا يدريه ويدري أن للعراقي لا حق الذهاب للمحكمة الدستورية بشأن الحكومة بل وقد تظهر بدائل لن يكون لطرف بعدها حديث عن معالجة حيث يكون الوقت أزف بل مضى وانقضى!!!!

وهذه دعوة لأعضاء الحركات والأحزاب السياسية لتقول كلمتها في زمن الكل يزعم فيه ديموقراطية نهجه وفلسفته وأدائه.. إذن هل الشعب وأعضاء الحركات وهل المفكرون والمثقفون والمتخصصون والأكاديميون هم الجهلة وهم الكسالى عن التصدي لمسؤولياتهم وتركها بيد قيادات تتحمل وزر أمور أكبر منها ومنهم؟

أين حركة مؤسسات المجتمع المدني أما زالت مريضة بأزماتها؟؟ لتبدأ حركة التفعيل من هنا من بيننا نحن ضحايا الأزممة الطاحنة ولن يكون من حل إلا مع الحركة الشعبية الواسعة وبالتحديد داخل الحركات والأحزاب والمؤسسات الاجتماعية والسياسية.. فماذا نحن فاعلون؟

يُنتظر منا أن نطالب القيادات بلقاءات مباشرة للقرار وليس للتشاور حسب وأن توضع البرامج كل في مجاله.. فماذا تنتظرون؟؟ وبعد الخشارة القادمة ليس للعراقي أن يقول عن نفسه إنه عراقي بل له أن يقول إنه عبد فلان: عبدإيران أو عبدتركيا أو أو عبدسورية عبد السودان أو عبد الصومال حتى.. ويومها ليس من عراق ولا من عراقي إلا في ذاكرة عبيد لا صوت لهم حتى بينهم وبين أنفسهم ....

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*هل تمثل هذه الأحزاب من زعمت تمثيلهم هل يمثل المجلس الإسلامي الأعلى كل الشيعة؟ هل يمثل حزب المالكي كل الشيعة بل هل يمثل كل أحزاب الدعوة المنشطرة؟ لا جدال أن أمر التمثيل مختزل على المستوى الحزبي وحتى على مستوى الزعامات..

* الأمر الآخر حصر العمل السياسي في أفراد وشخوص حتى أن الحركة أو الحزب لا يرسل من يمثله بل الشخصية القائدة هي التي تبعث من يمثلها وهكذا يرسل الأب ابنه ووريثه في أملاكه الشخصية العائلية ليمثله لا باسمه وباسم حركته بل باسم الشعب وسبحان الله في أننا إذا قبلنا أن يكون الأب قائدا فما علاقة الأمر بالابن وهل ملَّكناه علينا ليرثنا بين أملاكه ويرسل ابنه.. أليس هذا ما حصل في إرسال عبدالعزيز لابنه عمار.. وقد جف العراق عن أن يعطي قادة ومفكرين لنقف عند أبناء من امتلكوا قيادنا ومقدراتنا!!!!!!!!!!!؟؟