فديراليات تنفيذ مخططات إقليمية لا مصلحة للشعب العراقي فيها
"إنَّها ليست أكثر من مشروع سراكيل العهود البائدة بأيدي المعممين والجهلة ممن أفرزهم زمن الرداءة المهزوم وليس هدف ذاك المشروع سوى تقسيمنا على إقطاعيات ولكن هذه المرة لخدمة جهات إقليمية أولها ملالي إيران فتساهم في مزيد من إدامة استغلال شعوب إيران الصديقة مثلما تحلم بتشطير العراقيين وتقسيمهم وتشظيتهم منتظرة المزيد من محاولات إذلال العراقي واستعباده ونهبه واغتياله"
الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2005  08\ \20

E-MAIL:  tayseer54@hotmail.com

 

يقترحُ بعضُ الساسةِ اليوم في خضم مناقشاتِ صياغةِ الدستور مشروعاتِ ِ يعدُّها بعضُهم شكلا من أشكالِ المناورة السياسية لجني مزيدِ ِ من الحصص المَنـْوي تقسيم عراقنا الجديد عليها..  فيُسيِّرون مظاهرات  [الكتل السوداء] النسوية لتطالب بإلغاء حقوقهن!!! ولإعادتهنَّ إلى عصر الحريم ومقابر البيوت!!! ويحاولون احتلاب الثروة الوطنية وتوزيعها مصاريف جيب على أتباعهم باسم الاحتفاظ بها لمحافظات بعينها... وليس أخيرا ما نسمعه من مطالب في (الفديرالية) المزعوم حلها أو تمثيلها لمظلومية (شعب الجنوب)...

وفي الوقت الذي سجلنا ملاحظاتنا في موضوع نهب الثروة الوطنية أو بعثرتها بطريقة تهدد مستقبل البلاد ومصالح كل أبناء الشعب العراقي؛ نناقش هنا تلك الدعوة لما يفترضونه (الفديرالية) التي تمثل في حقيقتها نظاما من الحكم يفيد في توزيع المسؤوليات والمهام والسلطات بين الجهات الإقليمية والمركزية بطريقة تستجيب لمصالح المجموع مثلما تحقق مصالح المجموعات ذات الخصوصية المميزة وهي أي الفديرالية لا تقوم إلا  لسبب موضوعي بعينه...

فما الخصوصية التي تدعو زعامة سياسية للدعوة إلى الفديرالية في إقليم الجنوب والوسط الذي تزعم تمثيله؟ وبخلاف المناطق العراقية كافة؛ فقد توافق العراقيون على خصوصية منطقة كردستان وعلى ضرورة إقامة فديرالية كردستان منذ زمن بعيد..  ولم تأتِ مسألة الحكم الذاتي وخصوصية المنطقة الكردية من فراغ بل كانت وتبقى قائمة على أسس واضحة ومثبتة في القوانين الدولية منذ معاهدات سيفر ولوزان الخاصة بالقضية الكردية ومرورا بعدد من القرارات الأممية التي تناولت مصالح شعب كردستان وظروفه المخصوصة...

ولكنَّ التعامل مع الطروحات السياسية المحورية في حياة الشعب العراقي على أساس من استخدامها للمناورات الحزبية الضيقة أمر لا يعد جهلا سياسيا حسب بل وإيقاعا بالعراقيين في مزالق خطيرة عن عمد أو جهل كما نقرأ في واحدة من الاحتمالات، وهو أمر ممكن في ظروف صعود عناصر مجهولة وأخرى جاهلة سياسيا ومعرفيا إلى مواقع المسؤولية في مؤسسات الدولة وزعامة عدد من أحزاب الواجهة لأسباب طارئة في الوضع العراقي...

إنَّ أولئك يقدمون مشروعهم الفديرالي بغير دراية حقيقية ولا أية قراءة منصفة للوضع السياسي القائم في بلادنا بما تتضمنه الأوضاع من تهديدات إقليمية سافرة وصاروا يتحدثون عنها علنا؛ فضلا عن عمليات التسليح الجارية لقوات [بدر] بل وتسليح عدد من العصابات التي يجري تهيئتها ليل نهار في مناطق العراق المختلفة.. والاستهانة بتلك الأخبار التي جرى فضحها إعلاميا عن مجريات التسليح أمر لا يمرّ عن جهالة هذه المرة بل يمرّ ومعه عميق الاتكال على القوى الداعمة إقليميا لممهدات تشطير العراق وتفتيته وليست الخطوة التالية سوى الإجهاز على بقية مطامح شعب الجنوب وعلى كل مصالح الشعب العراقي وحقوقه في الحياة الحرة الكريمة وفي امتلاك ثرواته وسيادته الوطنية...

إنَّ العراق في ظل التهديدات الراهنة يحتاج لحكومة مركزية تستند إلى فاعليات القوى الشعبية ومؤسسات المجتمع المدنية.. وإلى وحدة متينة بين كل مكونات شعبنا تتصدى من منطلق القرار الحر المستقل لتلك التهديدات والمخاطر التي تكمن وراءها.. وبالتأكيد ليست الدعوة هنا لا إلى قوانين طوارئ ولا إلى استلاب الحريات والحقوق الإنسانية الكاملة لكل المواطنين العراقيين ولا إلى نيابة حكومة دكتاتورية عن الجموع الشعبية ولا إلى تقويتها بتلك المركزية الخارجة عن مصالح الناس بل الدعوة هنا تكمن في حكومة وحدة وطنية تستند إلى الحكم الديموقراطي البرلماني التعددي التداولي...

وسيكون توصيف الحكومة قائما على اختيارها بالانتخابات الوطنية الحرة النزيهة، وعلى أساس احترام تام لحقوق الإنسان العراقي على أساس تقديم المواطنة على كل المفاهيم الأخرى التي لن يجري تحييدها سلبيا أو استبعادها وتنحيتها بل سيتم احترامها والارتقاء بها إلى المصاف المناسب بها.. حيث تُحترَم الحقوق القومية والدينية على أساس من المساواة بين كل المجموعات وحمايتها من استبداد [أغلبية] أو تهميش [أقلية] وسيجري استبعاد مصطلح الأقلية هذا الذي طالما اُستُخدِم لتهميش مكونات الشعب العراقي وإثارة الشقاق ونعرات الاحتكاك السلبي ...

وبالعودة إلى أمر فديرالية الجنوب والوسط سنجد حجة دعاتها تقوم على ادعاء تمثيل مظلومية أهل الجنوب ومفردة مظلومية هذه نفسها بحاجة لمراجعة حيث يضع دعاة تمثيل (الشيعة)، السنّة في خندق واحد مع نظام الطاغية الدموي ويحيلون [مظلومية] الشيعة إلى مقاتل أهل السنّة؟!!! بالقول إن صدام استخدم السنة لضرب الشيعة وشخصيا أضع أكثر من علامة تعجب واستفهام واستغراب بل واستهجان لهذه العبارة المتخلفة بكل المقاييس.. إذ لا أعرف كيف تم استخدامي أنا بهوية عائلتي السنية لأحارب زوجتي بهوية عائلتها الشيعية مثلي مثل عشرات ألوف العراقيين وملايينهم؟!!؟ وأستخدمُ عبارة هوية عائلة لأنني وزوجتي لا نستخدم الهوية السنية ولا الشيعية في مخاطباتنا وفي تصوراتنا لقراءة هويتنا العراقية الإنسانية المتفتحة مثلما يستخدمها أغلب عراقيينا في داخل الوطن وخارجه بهذا الروح المتفتح والعقل المتنور...

إنَّ الحكاية المزعومة لخوف الشيعة من السنة هي حكاية أو حديث خرافة يراد بها تقسيم العراقيين طائفيا بشكل مرضي وفضلا عن ذلك يجري إغفال جميع مكونات عراقنا في ماضيه وحاضره إذ العراق عند أولئك أقصد الطائفيين الذين يزعمون عراقيتهم  هو عراق من شيعة وسنة فقط أما المسيحيون والمندائيون والأيزيديون والشبك واليهود وكل مكونات شعبنا فلا وجود لهم في مخيلة أولئك!

والأمر أبعد من هذه المقاييس فالعراق هو صفوة مختارة من الطائفيين الدخلاء على عراقنا الجديد في غفلة من زمن الأزمة لهم حرية النهب والسلب والتحكم والتعبير بمعنى إصدار أحكام التكفير والتعزير والتقرير والباقي هم  عبيد طغيان تلك القلة المارقة المجرمة المتخفية بمبدأ التقية وغيره عبيد ممثلي ملالي ومشايخ بعض دول الجوار من وكلاء مالكي الشركات متعددة الجنسية؛ وممثلي مافيات عصرنا التي تتبرقع بظلال حكومات ديموقراطية مُدّعاة مزعومة في موضع وملائية دينية في موضع آخر من عالمنا المعاصر!!

وعلى أية حال فإنَّنا لسنا في موضع تقويم تلك الفئة التي تحكمت في أكبر أمل للعراقيين وهي الانتخابات الوطنية بوساطة ميليشيات الموت والتقتيل ومافيات العنف ولكل طرف لونه من عسكرة الحياة العراقية وقمع الصوت الحر فيها.. ولكننا بصدد فديرالية مزعومة صاروا يطبلون لها بوصفخا المطلب الشعبي ولست أدري كيف صارت فديرالية الجنوب والوسط فجأة مطلبا شعبيا وكأن شعب الجنوب والوسط كان نائما ليصحو على هذا المطلب!!!

ولست أعرف من أين جاءت فرق الإحصاء لدى هؤلاء لقرروا مطالب الأغلبية!! ولكنني أدري أنني أنتمي إلى هذا الشعب وأملك علاقاتي الوطيدة بأهلي هناك وأعرف أننا سويا لم نفكر يوما وليس فينا من يفكر اليوم بالتحديد في ظروفنا القائمة أن يقسم العراق أشلاء ويشظيه هباء منثورا بين الدخلاء من أبناء الأعاجم ولا أقول هنا العجم لمن لا يعرف قراءة العربية ولغة العراقيين وفصاحة ألسنتهم..

أملك أن أقول أن الذين يتحدثون عن مجالس عليا للفديرالية ويصدِّر اسم أحد أبناء شيوخ الناصرية (آل حجام) فإنَّما يضع اسما لا يعرف من القراءة والكتابة سوى أحرفها الأبجدية وهو لم يكتب ولا يكتب لنفسه مقالا وأطالب بتقديمه في مناظرة بالخصوص أمام العراقيين وهو يتزعم مشاريع خطيرة باسم شعبنا!! فليس كل من كان أبوه شيخ عشيرة مجاهد كآل ريسان يمكنه التصدي لمشكلات البلاد والعباد ويخطط فنتبعه صاغرين بكل علمائنا ومفكرينا وأساتذتنا وشعبنا الواعي المتنور؟!!!

أيها السادة لا تذهبوا بعيدا وتحققوا من كل تلك الأسماء الدخيلة القادمة إلينا؟ وتيقنوا من كل اسم وتاريخه فإنما الفتى من قال ها أنا ذا وليس الفتى من قال كان أبي.. وليس صائبا أن نترك الأمور بيد جهلة ليقودونا .. ولنتذكر جميعا أن الجاهل صدام الذي لم يقرأ ويكتب ولم يحمل شهادة إلا بالأوامر العسكرية لأفراد احتلوا مؤسسات ليمنحوه تلك الألقاب الأكاديمية كذبا وزورا وتخلص من كل معلميه الذي عرفوا مستواه الحقيقي ووضعه الدراسي. وها هم أشباهه يزعمون ما ادّعاه من النسب الشريف والإيمان والتقوى وتمثيل الله على الأرض ويزعمون ما ادّعاه من التخطيط لمسيرة العراقيين والنيابة عنهم ليقول هو فيقول خلفه العراق واليوم يقول الأشقياء الدعاة الجهلة ويريدونا نقول خلفهم ما يقولون!!!!!!!!!

ها هم يقولون إنَّ الفديرالية مطلب شعبي وعلينا أن نصدق ويقولون أن [شعب] الجنوب يخشى السنّة ومقاتلهم ويريد الانفصال ويريدوننا أن نصدقهم ونتبعهم!!! ويقولون أن العراقيين يتقاتلون وأن السنّة ذبحوا الشيعة لحساب صدام ويريدوننا أن نصدقهم!!!! ويريدوننا أن نصدقهم أن السنّة يستضيفون الإرهابيين وسوقة بقايا صدام الهمجي ونحن الذين نُذبح يوميا و [التقية] الطائفية تتقنع وتتبرقع بما يخفي الجريمة الأكثر هولا بحق العراق والعراقيين بلا سنة ولا شيعة ولا كردا ولا تركمانا ولا كلدانا ولا ولا ولا بل كل العراقيين....

هذه هي بعض جريمة التقسيم والتشظي لكي يسهل ضم العراق لدول الشرق وغيرها وليبيعوا العراقيين في سوق نخاسة الملالي من معممي الزمن الردئ.. أقول بعض الجريمة وليس كلها وهذه هي الفديرالية المزعومة أما من يريدني أتحدث عن الفديرالية فليقرأ لي ما كتبته فيها وما هي حقا وصدقا واين يمكننا أن نطبقها وكيف؟

أما هنا وأنا أتحدث عن مسمى فديرالية المنطوق بألسنة غريبة عجيبة هجينة فلا يمكنني إلا أن أتحدث عن حقوق العراقيين في وحدتهم الوطنية وفي الدفاع عن وجودهم وهويتهم الحقة وفي الدفاع عن ثرواتهم وكيان دولتهم وأخشى ما أخشاه أن يخضع عراقنا الجديد كما حصل يوما في تاريخه يوم خضع للسلطة الغاشمة العسكرتارية وطغيان الدكتاتورية المقيتة ولمن ينسى فإن شعبنا لم يخضع لا عقلا ولا فكرا ولا حضارة على الرغم من كل ما تمَّ ممارسته بحقع من عنف وعسف وإذا حصل ونكب شعبنا فلن يستطيعوا محو هويته وحضارته وقيمه وهو ما نستند إليه لكي نقول إن العبرة في الخاتمة ..

ولكن لِمَ نتركهم يسطون علينا أيها الشعب الأبي لنعلن بصوت واحد ما نريده حقا رفضا لمشاريع قتلنا واغتيال عراقنا في شرذمته ومحاصصته الطائفية الدخيلة علينا ولنقلْ إننا مع وحدة العراق ومع رفض مشاريع فدرلة جنوبه ووسطه بطريقة مذلة تشطيرية تضعفنا وتمهد لمحو وجودنا العراقي!!!!!!!