مشاريع أكاديمية جدية وأخرى مجرد أوهام تجارية!

حول الرصانة والأمانة العلميتين والكفاءة العلمية للنهوض بالمسؤولية الأكاديمية؟

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

08 2005/06/

E-MAIL:  tayseer541@hotmail.com

 

لقد قلنا في قراءة سابقة حول ظهور مشروع الجامعة العربية المفتوحة في الدانمارك وتحولها إلى واقع حال بطبيعتها الأكاديمية والعلمية البحتة: إنَّ مشكلات موضوعية تعترض تلك التجربة الفريدة ولكنّها في النهاية مسألة متوقعة ومؤمَّل معالجتها بقدرات المشرفين على الجامعة وتحملهم مسؤوليات مجابهة تلك العقبات.. ولكنَّ أمورا أخرى تظهر بمجابهة الجامعة تكمن خطورتها فيما يستتر خلف تلك الأمور من خفايا مُلبِسة ومشوِّشة؟

ومن ذلك بدء الحرب على أيّ مشروع وطني يُعنى بالعراقيين ويريد تقديم الخدمة التي تلبي حاجات العراق الروحية الثقافية والعلمية ما يحافظ على وجهه المشرق عبر تاريخه الحضاري القديم والحديث. أما دوافع التخريب وذرائعها فهي بين أقنعة تتخفى وراءها وحقائق خطيرة مرّة  تقبع في خلفية أية حرب على المشاريع الوطنية النزيهة للعراقيين...

وما يؤسف أن يتعرض عمل أكاديمي علمي صرف لكلِّ تلك الهجمات وهو ما زال في موضع بداية خدماته للأساتذة والعلماء العراقيين وللطلبة الدارسين بالعربية  سواء من عراقنا الذي يوجد مئات ألوف من أبنائه في أصقاع الشتات والمهاجر ومن بقية الجاليات العربية.. على الرغم من أنَّه ليس بوارد الأمور عند القائمين على مشروع الجامعة العربية المفتوحة في الدانمارك أنْ يضعوا جامعتهم في خانة حزبية أو حركية سياسية أو مذهبية دينية بعينها.

إلا أنَّ ما يتعرض له مشروع الجامعة من ضغوط هي مسألة جدية بسبب ممن يقفون خلف أعمال التخريب المقصودة. وكان من ذلك دفع أموال سحت لأفراد لينهضوا بزعم افتتاح "جامعة حرة" على الإنترنت!؟؟  في هذه اللحظة بالذات أي لحظة انطلاق الجامعة العربية في الدانمارك وهو أمر مقصود منه التخريب على أبناء الجالية العراقية بالتحديد وسحبهم بعيدا عن جامعتهم المعترف بها رسميا والتي تمتلك الكفاءات العلمية الكبيرة وذات التاريخ الأكاديمي المهم...

وليس مهما لمن يهاجم مشروعا وطنيا صادقا يلتزم هموم الطلبة والعلماء والأساتذة على حد سواء، ليس مهما عند المخربين من حاملي الشهادات المشبوهة أو المشكوك بها أن يُؤذوا الناس في الصميم ولكن المهم عندهم هو المتاجرة المادية الرخيصة وتحقيق أهدافهم التخريبية حيث يواصلون مطاردة الأستاذ العراقي؟؟؟

فكما يعرف المتابع أن الأساتذة العراقيين تعرضوا  لمطاردة عنفية دموية حيث التصفيات الجسدية وعمليات الاغتيال التي طالتهم داخل الوطن حتى وصل عدد الاغتيالات إلى حوالي  الــ 1600 عالما وأستاذا جامعيا..

أما مطاردتهم هنا في المهاجر القصية فتتشكل من عمليات التخريب عليهم في مشاريعهم الوطنية بالتحديد الأكاديمية العلمية المحضة منها  كما هو مشروعهم في الجامعة العربية المفتوحة في الدانمارك. ويمكننا توقع مزيدا من أنشطة التخريب المرضية؛ ولكننا في الوقت ذاته نثق بعمق، برصانة المشروع وآفاق تطوره وترسخه في حياتنا فضلا عن الأمانة العلمية والأكاديمية المتوافرة في عشرات الأساتذة والعلماء الذين ينهضون بمسؤولية الجامعة بصورة تطوعية تعاضدية فيما بينهم..

هذا طبعا غير الدعم الجدي المسؤول وإن كان ذياك الدعم الأدبي المعنوي المتأتي من عدد كبير من الشخصيات العراقية المعروفة ومن المنظمات الوطنية العراقية الصادقة وبالتأكيد الدعم الكامل من مجموع العراقيين في الداخل والخارج وبالخصوص منهم طلبتنا المتطلعين بشغف نحو التحصيل العلمي الحقيقي وهو ما يجدونه مع حالة الجامعة العربية المفتوحة حيث الثقة والرصانة والأمانة بحسب الشخصيات الأكاديمية المسؤولة في الجامعة وتاريخها المعروف والموثَّق لدى قطاعات واسعة جدا من المتخصصين..

ينبغي هنا أن نذكر بحقيقة صلات العلاقات الودية واتفاقات التوأمة التي جرت بين الجامعة وعدد من جامعاتنا العراقية والعربية والعالمية العريقة.. كل ذلك ما يطمن حاجات المتجهين للجامعة بمقابل حالات الغش والتضليل والضعف الموجودة في مشاريع تحاول الظهور بوساطة دعم مادي مشبوه وبمقاصد تخريبية على الجامعة من جهة والأخطر على طلبتنا المتطلعين للمعرفة حقا وصدقا..

ومن هنا يأتي تنبيهنا على ما يجري في محيطنا اليوم ليس بما يخص الجامعة العربية المفتوحة في الدانمارك التي تسير بثقة وامتلاء ورسوخ تجربة وعلم ولكن بما يخص طلبتنا وأهلنا ويفيدهم لتوضيح الصورة ومجريات ما يدور خلف الستار من جهة وخلف أقنعة وبراقع من المؤكد أن أعزاءنا يمكنهم الالتفات إلى الحقيقة حيث يسألون عن السير الذاتية وعن التاريخ الحقيقي للشخصيات التي تقف وراء الفعل المباشر للأعمال المنافسة منافسة مرضية أو مُبيَّتةِ الدوافع حيث الادعاء بفتح مؤسسة أكاديمية لمن لا يملك تجربتها ومسؤولياتها وحيث الحقيقة في الأموال المدفوعة من عناصر ارتبطت بنظام قمع العراقيين وحقوق الناس ليس في العلم وحده بل في الحياة الحرة الكريمة وها هم يطلون علينا من بوابات جديدة ليطاردوا أحلام العراقيين مرة أخرى ولكننا نثق بألمعية  طلبتنا وأساتذتنا وفطنتهم ما يمنح الثقة بتوفيق مسيرة الجميع وصحتها ونجاحها...

اي بفرض الضوابط التي تُلزِم من يتقدم للعمل بشروطه أو التنحي بعيدا وهنا القصد الشروط الأكاديمية التي ترضي وتطمِّن الحاجات العلمية بصحة ودقة.. ذلك أن أي إخلال بالمؤسسة الأكاديمية يعني الإخلال بالعقل الذي يخطط ويؤسس لبناء على أرضية صلبة. فهل هذا مما يفيد عراقنا الجديد؟

وإننا هنا نتمنى للجميع من الذين يبادرون بمصداقية أن يوفّقوا في مساعيهم حيثما صدقت وحيثما ارتقت إلى مستوى المسؤولية مثلما نتمنى على الجميع أن يتجنبوا تلك المشاريع التي لا تستهدف أكثر من المنافسات رخيصة الأهداف أو التخريبية بخاصة الموجهة ضد مشاريع إعادة إعمار الذات المخربة لأسباب معروفة عند الجميع...

إننا نقدم بإصرار مشروعنا المتمثل في الجامعة العربية المفتوحة بوصفه مشروعا عراقيا صميما وبالتحديد بوصفه مشروعا أكاديميا يرتبط بهموم أساتذتنا وعلمائنا وطلبتنا بعيدا عن شوشرة صبيان بلا شهادة صحيحة حيث يفتتحون جامعات لا ترقى لمحلات بيع [الفلافل] بالعودة إلى خبرات من يقف وراءها وهو أمر سيستهجنه بالتأكيد أبناؤنا الطلية وهم أعرف بكيفية التعامل معه بما لا يضللهم ولا يخدعهم وهو ما يجعلنا ننبه هنا إلى الأمر لخطورة ما يدور خلف الأستار..

أما الجامعة التي نحن بصددها جامعة العلم والمعارف وخدمة التغيير الوطني العراقي فهي بين أيدي كل المتطلعين بشغف وعقل رصين لغد متطور ولاكتساب المعارف بحق وصدق.. فلنكن مع تلك الجامعة وهي تعمِّد خطواتها بالتسجيل الرسمي والتوأمة مع الجامعات المعتبرة والتعاون مع المنظمات الدولية المتخصصة ولنكن في طريق نور العلم وقيمه الأخلاقية أيضا.. لنكن مع الجامعة العربية المفتوحة ولنعِ ما يجري حولنا من أنشطة أحيانا تخريبية إلى حد يصيبنا ويصيب تطلعاتنا وأهدافنا في الصميم وهو ما لا نتمناه لطرف يملك شيئا من المصداقية..