تهديد مبطن رخيص وتطاول وقح

على الشخصية الوطنية العراقية الدكتور كاظم حبيب

لنتحول بحملة التضامن معه إلى حملة وطنية شاملة للدفاع عن الشخصيات الوطنية العراقية

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2004\  02 \ 11

E-MAIL:  TAYSEER1954@naseej.com

 

والروض ليس يضيره ما قد يطنطن من ذبابه.. ويبقى الدكتور كاظم حبيب شخصية وطنية نزيهة لا تطالها الكلمات الهابطة والتخرصات التي يعرف القاصي والداني أبعاد إطلاقها وحقيقة مروِّجيها. بهذي الكلمات يمكن تلخيص وقائع مسار الحدث الأخير بوصفه جزءا من حركة الواقع الذي يؤشِّر اندفاع القوى التي ناصرت النظام البائد في حملة من الشتائم والاتهامات الرخيصة في محاولة لتشويه الشخصيات الوطنية العراقية ومن ثمَّ عرقلة مسيرة التغيير التي انطلقت من عقالها وحبستها التي امتد زمنها طويلا في ظل نظام صادر كل الحريات والحقوق وحتى الحياة...

والنظام المنهار دأب على وسيلة التشويه وتأليف التهم واختلاقها ومحاولة إلصاقها بأنزه قوى شعبنا وشخصياتها الوطنية. وهو ما تعلَّمه منه أتباعه ويمارسونه اليوم بغية التعتيم على حقائقهم وجوهر سياساتهم وتاريخهم المتصل بجرائم ذاك الدكتاتور المهزوم. كما أنَّ مثل هذه الأفعال تستمر في إطار طمس الحقائق وخلط الأوراق وتضييع معالم المسارات والتستر على استمرار الجريمة وبالتضليل بما يحاول إخفاء المجرمين ومخابئهم...

ثم يستهدف هؤلاء بروح الانتقام الإجرامية التي عُرِفوا بها وسـَجَّلـَه تاريخـُهم, يستهدف القوى والشخصيات الوطنية من أجل منع التقدم بالوضع العراقي الجديد نحو التهدئة والاستقرار لأنَّ عودة الشخصيات الوطنية بصلاتها العميقة الوطيدة بالناس يعني مزيدا من تطور الوضع وتحسنه ومزيدا من الفضح للجريمة والمجرمين وأتباعهم وذيولهم...

وفي خضم أجواء الصراع وأفعال التوتر والشدّ والجذب التي تثيرها عناصر معروفة بدعمها لنظام المقابر الجماعية وعدو الشعب, يصبح لزاما ألا نتوقف عند حالة من الدفاع عن حقيقة شخصياتنا الوطنية ونزاهتها؛ لأنَّ الدفاع في اللحظة الراهنة هو تراجع عن مقدار التغيير وحجم التطور الكبير من جهة إزاحة الطاغية وكشف أوراقه كافة على الملأ وكذلك كشف أوراق أتباعه ومناصريه..

ما ينبغي لنا اليوم في لحظة الانتصار هو تعزيز حالة التقدم والتطور, حالة الهجوم التي هُزِم بها نظام الدكتاتورية وبقيت عملية تصفية بقاياه وجيوبه من العناصر التي اعتاشت على ثروات جاءت من امتصاص دماء العراقيين. وتصفية هؤلاء ليست على طريقتهم الدموية الإجرامية لكنَّها على طريقة أبناء الوطن من سياسة راسخة في الروح السلمي وروح البناء وإعادة إعمار القيم الإنسانية السامية التي جرى تخريبها طويلا..

هنا لابد من حملة وطنية شاملة تقدِّم شخصياتنا الوطنية وتعرِّف بهم وبتاريخهم الوطني المشرِّف بعد أنْ دام التعتيم عليهم مدى بعيدا والسنين العجاف  من الزمن, فيما نمتلك الفرصة اليوم لعملية لقاء واسعة عميقة أكيدة مع جماهير شعبنا...

وفي الإطار لابد من اتفاق على النهوض بحملة وطنية شاملة متكاملة مستمرة للدفاع عن الشخصيات الوطنية العراقية التي تتعرض لهجمات مختلفة من أطراف محلية وعربية ودولية.. حيث هناك سياسة ثابتة في الهجوم مقصود منها القول لشعبنا بأنَّه لايملك ثروة من المفكرين والعلماء والوجهاء ومن كبار الشخصيات ذات اليد الطولى في الخبرات المتنوعة الغنية في شؤون الحياة..

ولابد من مواصلة الحملة لتسجيل تاريخنا المشرق من جهة ومن أجل الالتفاف حول وجوه شخصيات العراق المبدعة من مفكرين وكتّاب وساسة وقادة إدارة واقتصاد ومجتمع.. وعلينا في إطار هذه الحملة تسليط الضوء ليس على حالات الإبداع المتفردة بوصفها حالات معدودة بل لابد من الالتفات إلى السيرة الذاتية لهؤلاء وتقديمها بأيادي بيضاء للناس كافة ...

وأول مَن ينهض بهذه المهمة هو إعلامنا الوطني من صحف ودوريات وإذاعة وتلفزة هذا فضلا عن دعم مشاركة تلك الشخصيات في المحافل الإعلامية والبحثية المحلية والإقليمية والدولية بمستوى يتناسب وأحجامهم وارتفاع قاماتهم وعلو كعب مساهماتهم الحضارية... ومن ذلك ألا نستصغر مهمة مواقع الإنترنت بوصفها جهة اتصال وميدان ارتباطات وثيقة بالحياة العامة كما نذكّر هنا بمهمات الفضائية العراقية في تناول الشخصية العراقية ومتابعة أنشطتها المتنوعة..

من هنا كان على تلك الجهات الإعلامية ومنها مواقع الإنترنت المتكاثرة اليوم والتي يزداد اتصالها بأبناء شعبنا يوما بعد آخر كان عليها وضع ميزة خاصة للشخصية الوطنية والعمل الجدي لإيصالها إلى المتلقي بالصيغ والأطر الملائمة والمؤثرة وعلى تلك المواقع دراسة الكيفيات التي يُشار إليها هنا بالخصوص لتطوير الذات بما يرتقي إلى مستوى المسؤولية..

كما إنَّ من مهمات منظمات المجتمع المدني العراقية الجوهرية الأساس أنْ تنهض بمهمة تعريفية من جهة وداعمة لمشروعات التمدن والتحضر والتقدم في كل الميادين مما يقدمه أبناء وادي الرافدين ومفكروه.. وعلى الأحزاب السياسية الصادقة في علاقتها بمنهج التعاطي مع القيم الحضارية أنْ تلتفت إلى اهتمام جدي بالشخصيات الوطنية مزيلة غبار الخلافات الفردية الضيقة بما كانت تصبه في الطعن والهدم والتخريب بجسم الفكر العراقي الوطني عبر الضرب في جسد الشخصية الوطنية العراقية..

وكثرما نجد هذا الهبش والتطاول على القامات العالية بمختلف المقاصد والأهداف بخاصة في حياتنا العراقية "المنصرمة" التي فرضتها بالإكراه تشويهات أيام الحكم الأسود وطغيانه. لأنَّ ذلك كان يخدم وجوده وفلسفته الاستغلالية وهو يخدم القوى التي دارت في فلكه بالأمس وهي تحارب اليوم من أجل إدامة أطول لصلاحية وجودها في الحياة العامة بعد أنْ هُزِم سيدها لغير رجعة...

إنَّنا في الوقت الذي نسجل هنا عميق الإدانة والشجب لمحاولات التطاول والتشويه الموجهة إلى الشخصية الوطنية العراقية (الدكتور كاظم حبيب) نسجِّل أيضا بدء حملة وطنية شاملة تقرأ واقعنا بشكل صحيح وصائب لتنطلق إلى آفاق متنورة جديدة في العلاقة بين الشخصية الوطنية والشعب الذي يمنحها فرص الإدارة والإبداع وخدمة الوطن والشعب..

وليكن هذا الدرس منطلقنا نحو مثل هكذا حملة وطنية تشترك بها جميع المواقع الإعلامية والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني كافة.

 

خاص بصوت العراق           www.sotaliraq.com

 

 

 

1