فَلْنَجْمَعْ ما يكتبُهُ العراقيون بشأنِ الدستور

الدكتور تيسير الآلوسي

 

                           تتصاعد وتائر العمل من أجل صياغة دستورنا الدائم. وتعمل القوى الشريفة في هذا المسار كلَّ جهودها من أجل تحقيق الهدف المنشود في أفضل صورة. وإذا كنّا نعوِّل على أولئك المتخصصين في عملية الصياغة, فإنَّنا لا نجانب الصواب في أنَّ النظر في جهود جميع الذين يدلون برؤاهم بهذا الشأن ستكون إضافة جدية مهمة تسهِّل عمل اللجنة المشرفة على الصياغة, وسيكون الأخذ بجواهر تلك الرؤى عملا حيويا صائبا يعزِّز المشاركة الشعبية في الصياغة من جهة ويدعِّم شمولية الدستور ويضمِّنه تعددية مبتغاة تحمل في إطارها التعبير عن أطياف عراقية تمثل مكونات شعبنا...

                          وليكن مع هذه اللجنة (لجنة الصياغة) عناصر تساعد على جمع ما يُكتب بهذا الخصوص وتلخّص ما يرد ويتوافق مع المبادئ التي يُجمَع على صحتها وصوابها في تناول إشكالية أو قضية دستورية ما. وقد تساعد إدارات مواقع الإنترنت الحزبية وغيرها والصحف العراقية في الداخل والخارج بخاصة منها المتخصصة, قد تساعد هذه الإدارات على جمع الموضوعات التي نُشِرَت فيها أو تلخِّص ما جاء فيها وتضعها بين يدي اللجان العاملة على الصياغة.

                         ويمكن لعدد من الجمعيات العراقية سواء منها الحقوقية أم المتخصصة القريبة من الشأن القانوني مثل جمعيات حقوق الإنسان والجمعيات الأكاديمية والثقافية, يمكن لهذه الجمعيات المساهمة بجزء يسير في صياغة الدستور عبر جمع الرؤى والدراسات وتوحيدها لوضعها في أيدي المعنيين في بلادنا اليوم.

                        إنَّ الاكتفاء بطرح التصور في صحيفة أو ندوة أو موقع إنترنت والتوقف عند انتقاد هذه التجربة أو تلك سيظل أمرا ناقصا ومعيبا بحق جهودنا الفاعلة إذا ما ظلت بعيدة عن دعمِ ِ حقيقي مباشر يصل المعنيين جاهزا للتداول والمناقشة ولوضع ما يُتفَق بشأنه في نص الدستور المقترح..

                        ولابد لنا من مسابقة الزمن في إشكالية مبادئ دستورنا. من مثل هل نريد دولة علمانية تشمل جميع مواطنيها بالعدالة والمساواة ومنع التمييز ومنع وضع أسبقية لهذه القومية على تلك ولتمييز هذه الأغلبية على تلك الأقلية أي بفرض لامساواة بين مواطن وآخر لمجرد كون أحدهما من الأكثرية والآخر من الأقلية؟ أو هكذا أقدِّم فهم العلمانية وقد تكون هناك رؤى أخرى مغايرة وما يصح ويتم التوافق عليه هو المهم.. لكن من أين يأتي التوافق إنْ لم نوصِل آراءنا إلى مَنْ كُلِّفوا بصاغة الدستور؟

                         ولا تقف المسألة عند مسابقة الزمن في إيصال الرؤى والتصورات ولكن في تحشيد قوانا اليوم وجهودنا فتعاضدنا اليوم يوفر لنا في الغد فرصا ليس  للّقاء فحسب بل لاختزال جهودنا المشتركة ولتعزيز وحدتنا في إطار توافق جدي مشروع  قائم على مناقشة مستفيضة تكون قد أخذت ما تستحقه من وقت وجهد وفاعلية واهتمام وإلا فسرعان ما سنجد أنفسنا أمام مستحقات جديدة تكرهنا على مناقشات في غير وقتها وظرفها لتغيير دستور دائم أو لمجابهة إشكاليات دستورية معقدة عبر جدلية الحياة وما تتطلبه من منطق تشريعي قضائي وقوانين أساسية ضرورية؟‍! ولات ساعة مندم.

                             وسيكون من بين مهمات هذه الفعالية التي تجمع ما يُكتَب عملية تثقيف وتعبئة شعبية للصياغة الأمثل وهذا ما يوفّر لنا جهد الاختلاف ويمنع التقاطع والتعارض عبر تعزيز الاتفاق واللقاء. إذنْ فهذه دعوة لجميع القوى والأطياف العراقية للتنادي اليوم في مسار التعاضد والتعاون من أجل صياغة أشمل وأثبت قواعد قانونية لدستورنا ومن أجل التوافق على مبادئه وخطوطه العامة اللازمة لتكون أرضية لجميع مكونات شعبنا ولكي لا نؤسس على وضع فيه حالة من الاستثناء السلبي أو التجاوز على وضع أو قيمة أو حقيقة دستورية لازمة وواجبة... فاليوم وليس الغد هي فرصة الحوار والمناقشة الموضوعيين ولن يكون التأجيل إلا حالة من وضع قنابل موقوتة في دستورنا وفي غدنا المباشر القادم سريعا بإشكالاته...   

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان    

                     2003\ 10  \ 12 

E-MAIL:  TAYSEER1954@naseej.com

Website :   www.geocities.com/Modern_Somerian_Slates

 

 

                                     

1